الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / زعران الليبرالية في العالم العربي

زعران الليبرالية في العالم العربي

الطيران الحربي الفرنسي يحلق فوق ليبيا

زعران الليبرالية في العالم العربي
أحمد حسين

في هذا العصر الليبرالي الأزعر عليك أن تكون مع أمريكا ضد نفسك أولا، بأن تتخلى عن رأيك، لصالح الرأي الآخر، الذي يؤكد أنه لا يوجد إشكال في الحياة أكبر من إشكال الإنسان المثقل بالقيم التافهة ومفاهيم الكرامة والمبدأ والإلتزام والمساواة. وعلى المستهلكين من مدمني هذه القيم أن يتظاهروا بها فقط، وربما أن يستخدموها أيضا عند الحاجة لتمرير الهدف. أما أن يلتزموا بها عقليا أو وجدانيا وتتحكم بسلوكهم، فهذا إرهاب.

وثانيا، عليه أن يكون مع أمريكا ضد شعبه، لصالح شعبه. فما دامت أمريكا هي التي على حق، فلماذا لا يحفظ سلام عقله ووجدانه السياسي ويكون مع الحق؟ ا

لإنسان هو مواطن أمريكي في هذا العالم، خاضع للدستور الأمريكي الذي أول بنوده لا شعوب بعد اليوم. كل الناس جماعة واحدة من أفراد يتحركون صعودا وهبوطا، في منافسات الكدح، داخل دورة الفقر والغنى التي تديرها أمريكا التي تسعى لاستقرار العالم الليبرالي بالقوة.

ميزة الليبرالي أنه يؤمن بالحرية وبأمريكا. أي أنه يمارس كل أنواع الخيارات بحماية أمنية أمريكية دستورية. يستطيع أن يخون، ويسرق، ويقتل أعداءه، ويخل بالنظام، ويكتب ما يشاء وينبح بما يشاء، ويعض من يشاء، ويمارس الكذب والمغالطة، وتدييث وعي الناس، ويشجب، ويندد، ويتآمر، ويحرض، ويدس، ويتسبب في قتل الملايين ولا يخشى شيئا. سوف تلحقه الأيادي الناعمة للعدالة، وحقوق الإنسان، وحرية الرأي، إلى داخل السجن وتستله كما تستل الشعرة من العجين.

ومن مهام الليبرالي أن يطارد غير الليبرالي، في عمله، وفي أمنه الغذائي والصحي والجسدي، وأن يفتري عليه. وإذا دافع غير الليبرالي عن نفسه، هبت حثالات التكليف الليبرالي من فئة ديوث مصنف شعبيا، فما فوق ذلك لملاحقته.

ومن مزايا الكائن الليبرالي أنه صالح لكل المهام وأشكال الإستخدام. فترى معلق عسكري ليبرالي على شاشة الليبراليين، يشهق ويغنج ويتشاهق إلى أسفل، ليصبح بوقا سياسيا برتبة مذيعة، يدعو إلى مهاجمة ليبيا، ويرشد ” الثوار ” عسكريا. وعلى ذات الشاشة ترى بدعا ليبرالية من كل الرتب تحرض أمريكا على شعوبها. لا بأس فلهم كامل الحق في التحريض على النساء والأطفال والعجزة أيضا لأنهم ليبراليين. أي لأنهم يدينون بالولاء لليبرالية الجريمة في أوطانهم.

من يصدق أن أمريكا تفكر في دماء العرب، ما عليه لو مشى في الشارع عاريا؟ لذلك فإن الليبراليين يعرفون الحقيقة مثلهم مثل كل الناس في هذا العالم، وأن أمريكا مصابة بكراهية العرب سياسيا وسيكيولوجيا وإعلاميا، إضافة إلى جشعها الإمبريالي. ولهذا السبب بالذات اعتنقوا الليبرالية، كارتزاق مشروع وآمن ومضمون وبأرباح خيالية. أليست تجارة المخدرات في العصر الأمريكي، تجارة مشروعة مثل تجارة الجنس، لأنها تسهم في تدمير حياة الشعوب وتذريرها لتتحول إلى قطعان رعوية في النظام الأمريكي المعولم؟

باختصار، لا مستقبل للشعوب في التاريخ الأمريكي الجديد. وأمريكا لا تخفي ذلك لأن القوة تؤمن بالمباشرة كأقصر الطرق إلى الهدف. وقد قالت أمريكا للشعوب العربية بكل وسائل الإقناع العسكري والسياسي والإعلامي. إعقدوا معنا صفقة التسليم بما نريد، أو الحرب! فإذا قررت الشعوب العربية مواجهة استبداد أمريكا عليها أن تعرف سلفا أنها حرب موت أو انتصار. لا يوجد بين الموت أو الإنتصار مسافة ملم واحد للمناورة. أمريكا حزمت أمرها على خيارها الأوحد. فإذا لم يحزم العرب أمرهم على خيارهم الأوحد، الحرية أو أمريكا، فليعودوا إلى بيوتهم وليدخلوا في التاريخ الجديد من أوطأ أبوابه. باب العبودية. عليهم ألا يحلموا بربع استسلام أو نصفه. فقط حرية التحرر التام والشامل من أمريكا، لتصبح مجرد زبون للنفط العربي، وليست مالكة له وللمصير العربي.

لقد أصبحت معركة المصير في ليبيا. وعلى أنظار الشباب العربي أن تتجه الآن إلى هناك. لا تستمعوا إلى ما يقوله الإعلام الليبرالي المنحط عن القذافي. نحن الآن في معركة مع أمريكا، ولسنا في معركة مع القذافي، سيحاكمه الشعب العربي فيما بعد إذا شاء. وإذا كان الليبراليون يريدون خداعنا فقد فشلوا في ذلك. أرادوا أن يوهموا الشعب العربي أن الحرب في ليبيا هي بين الشعب الليبي والقذافي، فكشف لنا تهالكهم الأرعن وأسلوبهم المكشوف وغباءهم أن الحرب هي بين أمريكا والقذافي منذ بدايتها. أي أن الحرب بدأت بكتائب الأخوان والمرتزقة والعملاء كطليعة لغزو ليبيا أمريكيا ودوليا. وأن القذافي اختار أن يدافع عن ليبيا ضد أمريكا. فمع من نكون؟ لقد كنتم ضحية لوهمكم أن أحدا يجهل حقيقتكم أو حقيقة أمريكا. استخففتم بتجربة الشعب العربي وحسه العفوي بالسياق، فسقطتم في رعونتكم الإعلامية الملفوظة والمرئية التي دفعكم إليها ابتذال الوسائل فانكشفتم. منطقكم الشيطاني المعتمد على الوسوسة، وأصوات المرتزقة من المدمنيين وعلوج العمالة والتضليل، معتمدين على ذكائكم وغباء الشعب، هو الذي قال للناس من أنتم.

تريدون احتكار التحريض لكم وحدكم. حرضوا! فهذه مهنتكم المدفوعة الثمن. فإذا كنتم تحرضون أمريكا على شعوبكم، فستجدون الكثيرين ممن يفضحون ألاعيبكم ليحموا الوعي من مكركم. وهذا ليس تحريضا. إنه دفاع عن الإلتزام والشرف. وإذا كنتم تريدون التحريض على من يخالفكم الرأي، فهذا غباء ليبرالي إضافي. إن أولئك لا يعملون بأجر. إنهم يقفون في صف شعبهم الذين تقفون ضده. وسيقولون لكم كما قال القذافي لليبراليي الجامعة العربية.

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *