الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / الإمارات تستنسخ دورشركة الهندالشرقية في اليمن وتنتهك القرار 2216

الإمارات تستنسخ دورشركة الهندالشرقية في اليمن وتنتهك القرار 2216

علي محسن حميد

شارك الملك السعودي الراحل عبد الله في عام 2010 عندما كان وليا للعهد اليمن احتفالاته بعيد الثورة اليمنية في ميدان السبعين الذي يذكر اليمنيين برمزيته النضالية وبحرب الثمان سنوات السعودية ضد الجمهورية وبخاصة حرب السبعين يوما 1967-68  للقضاء المبرم على ثورة سبتمبرالتي لم توقفها السعودية إلا في مايو 1970. جلس الأمير على يمين الرئيس الراحل صالح بينما جلس الرئيس السوداني على يساره في خرق بروتوكولي يؤكد أن الجفن السعودي لايعلوعليه أي حاجب.  لاحظ ولي العهد  بقلق ضخامة ونوعية العتاد العسكري ومهارة العرض الذي لا مثيل له في السعودية في اليوم الوحيد في العام الذي كان صالح يمارس فيه مسؤليته كرئيس دولة وصفت بالفاشلة وتؤوي الإرهابيين وينعدم فيها حكم القانون وتعاني من أزمات وتحديات لاحصر لها منها الفقرين المائي والديمقراطي.وعند عودته قررت السعودية أن تضع حدا لهذا التسليح الذي لاتسمح به مهما تكن تبعية رئيس اليمن لها وكانت البداية غاراتها في 26 مارس 2015 لتدمير مخازن تلك الأسلحة.قبل ذلك بسنوات حدثني زميل كانت صلاته بأجهزةالسلطة متشعبة بأن اليمن يملك أكبر جيش في الجزيرة العربية. وفي عام 2011نشبت الثورة الحقيقية الوحيدة في اليمن لشباب وشابات ملوا من البطالة والعوزوالاحباط وعافوا الفساد  واستمرارهيمنة أسرة  واحدة على مفاصل الدولة ومقدراتها الاقتصادية لم تُبق من الجمهورية إلا إسمها وعلمها وخاب أملهم في الوحدة  التي وأدها صالح عام 1994 وكانوا يتطلعون إليها  كمفتاح  للتغييرولتحقيق العدالة الاجتماعية . تلك الثورة أجّلت ماكانت السعودية تخطط لتنفيذه وعلى العكس رأت  أن مصالحها  هي مد صالح بالسلاح عن طريق ميناء عدن للقضاء على ثورة الشباب.انتهت الثورة إلى حوار ترعاه الأمم المتحدة ومن ورائها السعودية لتحقيق الهدف الاستراتيجي السعودي وهو تمييع  مطالب شباب الثورة في التغيير تمهيدا لانهائها بطرق أخرى. وعاش اليمن فترة انتقالية سامجة وارتدادية عن مطالب ثورة الشباب  من عام 2012 إلى عام 2014و في اغسطس وسبتمبر2014 سيطر”أنصار الله” وصالح على صنعاء  ثم انقلبا على اتفاق السلم والشراكة الذي أصبح من مرجعيات الحوار الوطني برعاية الأمم المتحدة. وفي اكتوبر بدأ استعداد السعودية لخوض الحرب وانتظرت الذريعة التي منحها تحالف الضدان عندما أعلنا انفتاحا مفاجئا على إيران لم يكن ذو أولوية وطنية وتزامن  مع تصريحات صبيانية تُذكّر بتصريحات مماثلة لنائب رئيس الجمهورية الراحل  د.عبد الرحمن البيضاني، الهندي الأصل والمصري الأم والمولد،عام 1962 بنقل المعركة إلى قصور الرياض. في العادة لاتعتبر  التصريحات الاستفزازية مهما يكن تطرفها أو الانفتاح على خصم مبررلشن الحرب وهاهي امريكا تجري مناورات على حدود روسيا  تهدد أمنها وكلما تفعله روسيا هو المراقبة والجاهزية العسكرية . وللتهيئة للحرب بدأ إعلام السعودية بشيطنة إيران كما شيطنت امريكا العراق في أكذوبة أسلحة الدمار الشامل بحجة التمدد المذهبي وهي نفسها المتمدد المذهبي الأكبر على مستوى العالم الإسلامي  كله و اتهامها بأنها تهدد الأمن القومي العربي وهي التي أحبطت في القمة العربية في مصر في 29مارس 2015 مسعى مصريا لإنشاء قوات عربية مشتركة للحفاظ على هذا الأمن لأن العمل العربي المشترك يحبط طموحها لقيادة المنطقة العربية منفردة . قبل  شن الحرب ضد اليمن كانت الكلمة ففي 13 نوفمبر2014 كتب الأسبقان  رئيس وزراء لبنان  فؤاد السنيورة وعمرو موسى أمين الجامعة العربية مقالا مشتركا  نشر في صحف سعودية وفي صحيفة الأهرام بعنوان “تفكك اليمن والخطر على الأمن القومي العربي” حذرا فيه من تفكك اليمن ومن دور إيران وخطرها على الأمن القومي العربي في البحر الأحمر وباب المندب وقد رديت عليهما في الأهرام في حينه ولكني لم أدرك إلا بعد العاصفة  مرامي السعودية من المقال. عبر المقال عن موقف سعودي  وليس عن موقف الكاتبان اللذان لم يكتباه  ولم يسبق لهما الكتابة الصحفية المشتركة ولايكتبه إلامُلّم بشؤن اليمن . كان المقال الذي استخدمت فيه شخصيتان عربيتان عامتان يشي بما تنوي السعودية فعله في اليمن تحت غطاء مايسمى ب”التحالف العربي”الذي تم خارج جامعة الدول العربية وضم دولا عربية بدون التشاور المسبق معها  ودولاغربية واحدة منها تعادي قضية فلسطين عداء مفتوحا مما يضعف  من هو يته العربية.

الإمارات تستنسخ دور شركة الهند الشرقية في اليمن:

 أضفت شركة الهند الشرقية( البريطانية) شرعية على نشاطها التجاري في شبه القارة الهندية بحصولها عام 1599 على صك  من الملكة اليزابث الأولى لتصدير البهارات والشاي من الهند إليها وإلى اوربا. ولأن التاريخ يعيد نفسه أحيانا فبعد تأسيس الحركة الصهيونية الاشكنازية عام 1897 لم تتوقف مساعي مؤسسها تيودور هرتزل عن البحث عن صك يشرعن استعمار فلسطين من الخلافة العثمانية أولا ثم من المانيا وبريطانيا وامريكا،أماعن “التحالف” في اليمن فقد استغنى عن الصك من الشرعية التي يحارب بإسمها لثلاث سنوات ونيِّف وشن حربه بدونه. أنشأت الشركة أول مليشيا مسلحة في التاريخ  تقاتل الدولة الوطنية وتُفَكّكها لصالح قوة أجنبية وهونفس ماتفعله دولة الإمارات في اليمن بموافقة سعودية وضد إرادة الشرعية. أنشأت الإمارات مليشيات تحمل اسم  النخبتين الشبوانية(نسبة لمحافظة شبوه) والحضرمية و”حزاما أمنيا” في عدن تعمل ضدالشرعية كسلطة معترف بها دوليا ويزعم “التحالف”أنه يحارب بدعوة منها ولصالحها. وكما برهنت الممارسات فإن ولاءهذه المليشيات هو لمن أنشأها ودربها ويمولها ويوجهها ويغذي فكرها الانفصالي مما يعد انتهاكاإماراتيا – سعوديا متعمدا  لجميع قرارات مجلس الأمن العديدة  ومنها 2216 الفقرة 14 التي أكدت على وحدة اليمن واستقلاله واستقراره وسيادته.وفوق ذلك تسلح الإمارات قوى سلفية تمارس الإرهاب في محافظة تعزيقودها محمد عبده فارع(أبوالعباس)ارتكبت مجازرعديدة فيها باسم المقاومة ، وفي الحديدة تحارب الإمارات بقوى سلفية انفصالية جنوبية يقودها مدنيون أسمتها “قوات العمالقة “في انتهاك آخر للشرعية الوطنية ولسيادة اليمنيين على وطنهم.وتتصرف الإمارات في الجنوب كدولة داخل الدولة كما كانت تفعل شركة الهند الشرقية التي كانت تتصرف كامبراطورية داخل امبراطورية للسيطرة بالتدريج على الهند بإنشاء جيوش من الهنود تتبعها سميت بالسيبويز   Sepoys وهي المعادلة اليوم للمليشيات الإماراتية في اليمن.أسهم السيبويز بالإطاحة بملوك وبأمراء وفي عام 1765 نفت الشركة الامبراطور المغولي شاه عَلَم  وفي عام 1862 نفت آخر شاه مغولي إلى بورما(ماينمار اليوم). الإمارات نفت الرئيس هادي نفيا مؤقتا خارج وطنه بعدم السماح له في الهبوط بعدن عاصمة اليمن المؤقتة  ولم تسمح له بالعودة إلا بعد غياب عنها لأكثر من عام بوساطة سعودية وكانت مليشيات الإمارات هي من نفذ أوامرها.وخلال أزمة جزيرة سقطرى في مايو قالت مسؤلة إماراتية بوضوح  بأن الإمارات تعترف فقط بشرعية نائب الرئيس السابق خالد بحاح الذي أخطأ هادي في إقالته لأن شرعيتهمالاتتجزأ وفي حينه نبهه الراحل د.كتورعبد الكريم الإرياني وسفراء غربيين من خطورة الإقدام على هذه الخطوة ولكنه لم ينصت لأحد.وكما  أصبحت شركة  الهند الشرقية الحاكم الفعلي للهند أصبحت الإمارات هي الدولة ذات السيادة في اليمن. وكما تهاوت الامبراطورية المغولية على أيدي أبناء البلد، “السيبويز”أخشى أن تواجة جمهوريتنا نفس المصيروأن يواجه هادي نفس  مصير بهادور شاه السالف الذكروأن يكون آخر رئيس لليمن الموحد لأن اليمن الواحد مهما يكن نظامه السياسي شوكة في حلق كثيرين. الإمارات كدولة فتية وغنية تتصرف برعونة وبغطرسة وتتعامل مع اليمنيين باستعلاء ومع أرضهم كمستعمرة مرشحة. في هذا السياق اتهمتها منظمات حقوقية دولية ووسائل إعلام غربية بإدارة سجون سرية وانتهاك حقوق الإنسان والاغتصاب  واعتقال مدنيين وإخفائهم وآخرهم اعتقال الصحفي فتحي بن لزرق في عدن التي تخضع مع سجونها في الجنوب كله لإدارتها ولمليشياتها وتفتيشها للواء ناصر النوبة بطريقة مهينة واستدعائه كما لو كان مواطنا في مستعمرة وممثلها في عدن هو المندوب السامي. وفي هذا السياق  تضمن  تقرير للأمم المتحدةعن جوانب من انتهاك الإمارات للسيادة اليمنية قبل أن تصبح هذه الانتهاكات سياسة يومية وأمر واقع. كان من أهداف استخدام شركة الهند الشرقية  للسيبويز تحقيق أهدافا توسعية جيو- سياسية بدأت بالبنغال ومدراس ومومبي ولهذا الغرض  أنشأت ثلاثة جيوش من مرتزقة ومنبوذين وهندوس من الطبقات العليا وملاك أراض مسلمين وأصبح هؤلاء أدوات بيدها وفي الجنوب حذت الإمارات حذو الشركة وطبقت نفس الممارسة. وفي  الداخل البريطاني كانت الشركة سخية مع البرلمانيين ممثلي الشعب لشراء أصواتهم ليدافعوا عن مصالحها،ومقارنة بالحالة اليمنية فقد استقبل ولي العهد السعودي في اغسطس 2017 برلمانيين يمنيين. كان اللقاء ضد روح تفويضهم كمسؤلين أمام ناخبيهم وحدهم الذين  لم يجهلواأنهم لم يغادروا الاجتماع وجيوبهم خاوية. ولأن الاحتلال يخدم مصالح وطنية فقد أنشأت شركة الهند الشرقية  أربعة مراكز تجارية في سورات ومدراس ومومبي وكلكتا وهو مايتوقع أن  تفعله الإمارات الشرهة على السيطرة على موانئ البحر الأحمرفي أربعة موانئ يمنية هي عدن وحضرموت والمخاء وسقطرى.سقطرى كانت شاهدا على الأطماع التوسعية الإماراتية في الماء وقبل التخلي المؤقت عنها استنكرت تواجد رئيس الوزراء  اليمني/ الشرعي فيها واستخفت بحديثه عن السيادة اليمنية عليها وقال قائل منهاساخرا وقدكان قبل خلجنة العروبة  قوميا عربيا حريصا على نجاح الوحدة اليمنية حتى بعد موقف صالح من احتلال الكويت  “استيقظوا متأخرين على سقطرى الأمر محسوم منذ زمن بعيد” وهو ماينذر بأن للإمارات استراتيجية احتلالية محددة الأهداف سابقة على الحرب. إن ماتعمله الإمارات في اليمن ينتهك قرار مجلس الأمن 2216 الذي يدعو إلى الامتناع عن أي أعمال تضر بوحدة وسيادة واستقلال ووحدة اليمن وشرعية رئيس اليمن،ضعوا خطا أحمرا على الكلمات الثلاث الأخيرة.أما الفقرة 14 من القرار2216 التي خصصت لحظر السلاح وعدم دعم المرتزقة حتى ولو كانوا من مواطني  البلد الأصلي  whether or not originating in their territories فتدعو الدول الأعضاء  ودول “التحالف” هنا ليست مستثناة  لمنع المد المباشر أو غير المباشر والبيع أو النقل لعلي عبد الله صالح ،عبد الله يحي الحاكم، عبد الخالق الحوثي ومن يعمل نيابة عنهم. الفقرة 14 منتهكة غيرمقرؤة من الجميع وسيتم تناول هذا الموضوع  في مقال تال.

كاتب يمني وسفير سابق

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *