الرئيسية / الملف السياسي / العالم / ثلاث رؤساء وثلاث سياسات أمريكية

ثلاث رؤساء وثلاث سياسات أمريكية


ادريس هاني

تتكرر مشاهد الثلاثة: الطيب والقبيح والشرير تماما كما هي وقائع الفيلم الذي يحمل العنوان نفسه من بطولة كلينت ايستود..هذه المرة لا يتعلق الأمر بصراع بيني بل يتعلق بثلاثة أدوار في تمثيل سياسات يتحكم بها مخرج يقبع خلف الواجهة..منذ سقوط الاتحاد السوفياتي وأمريكا تواجه المجهول الذي وضعها فيه كونها القطب الوحيد الذي لا زال يعاني من تراجع حظوظه في الهيمنة على العالم..بوش الشّرير في هذه التمثيلية مثال كوبوي مولع بالنّار، إنه مثّل دور القوة الصلبة(Hard Power)..منطق من ليس معنا فهو ضدّنا..سياسة الشّرير التي انتهت بالفشل وجلب الكراهية لأمريكا..أنهى بوش عهده بسؤال: لماذا يكرهوننا؟ والحقيقة أنه أجاب ولم يسأل، أي أنه قوّض كل عناصر الجذب الأمريكي من خلال سياسة القوة والغزو..ظهرت أفكار وأطاريح عديدة لترشيد السياسة الأمريكية ما بعد انهيار المعسكر الشّرقي، بعضها تحريضي يتناغم مع القوة الصلبة وبعضها تحذيري يفضل القوة الناعمة(Soft Power)، الفكرة التي طورها حوزيف ناي، وسوف يمثلها أوباما: الطيب الذي يسعى لمحو أثر الشرير..لنتذكر أننا كنّا أمام تمثيلية تتعلق بنماذج وسياسات وليس بنوايا..تدبير السياسة الخارجية بالجذب والتأثير..لكن خلال عامين قدم تقرير لمصلحة الجيش الأمريكي صدر كتابا من مؤسسة راند الموصولة بالبانتاغون، وهو وثيقة تقع في 52 صفحة، يتعلق الأمر بمفهوم ثالث : قوة الإرغام(Power to Coerce)، حسب التقرير الذي قدمه ديفد س.غومبرت، أي ممارسة الضغط بوسائل غير الحرب لكن مع الإضرار بالعدو أو إرغامه على تغيير سياساته..تتيح هذه السياسة الفرصة لعرض ممثل دور القبيح: ترامب..قبل معالجة هذه الوثيقة ومناقشتها في ضوء المفاهيم الثلاثة أحب أن أشير إلى أننا أمام أدوار محبوكة بتقنية هوليودية متينة..ثلاث وجوه..ثلاث سياسات..ثلاث أدوار..والهدف واحد: الإخضاع..
لا تختلف السياسة في الولايات المتحدة عن فنّ الإخراج والتمثيل..وقد أهدر الكثيرون الطّاقة في ربط السياسة الأمريكية بشخص الرئيس..وتبدو هذه الطريقة أشبه بمن يحلل مضمون الفيلم من خلال إرادة الممثل الذي لا يفعل سوى أن يلتزم بالدور المنوط به وسيناريوهات يضعها المخرج والسيناريست..رؤساء البيت الأبيض هم ممثلون ككل نجوم هوليود..لا يخرجون عن النّص..والمخرج يختار الشخصية المناسبة لكل دور..لا قيمة لأحكام القيمة على الممثلين..والنقد يجب أن يتّجه إلى قدرات الممثل وحضوره وتفننه في الدور..اليوم نحن أمام سيناريو قوة الإرغام..في مثل هذه الحالة وجب التمييز بين التحليل الاستراتيجي وبين التحليل السينمائي..إن الحديث عن أي من أدوار الرؤساء في الولايات المتحدة الأمريكية يدخل في نظري في مهام الناقذ السينمائي..وفي مثل هذه الحالة سيتجه النقد والتحليل إلى تشخيص الإمكانات والقدرات التمثيلية للرؤساء..وهنا وجب الاعتراف بأنهم أتقنوا أدوارهم وقلّما خرجوا عن النّص..أمّا التحليل الاستراتيجي فهو يتجه نحو مضمون السياسات ويترصّد فصول السيناريوهات وأبعادها..إننا أمام مسلسل أمريكي يسلك بالتوازي ويتكامل مع هوليود تجري وقائعه في البيت الأبيض..ففي تحليل السياسات يجب أن ننسى قفشات الرّئيس ونقبض على المضمون……يتبع
ادريس هاني:

عن prizm

شاهد أيضاً

انهيار اقتصادي عالمي في 2024 أو انقلاب بالولايات المتحدة في 2025

8 كانون أول 2023 *ألكسندر نازاروف بلغ دين الولايات المتحدة حينما دخلت الحرب العالمية الأولى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *