الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / العدوان على سوريا يكشف عن هويته الحقيقية

العدوان على سوريا يكشف عن هويته الحقيقية


ادريس هاني

لا جديد في العدوان الإسرائيلي على مناطق بريف دمشق، واستهداف مركز البحوث العلمية ومواقع عسكرية تابعة للجيش العربي السوري..فالحرب منذ البداية على سوريا تتكامل مع الأهداف الإرغامية ضدّ سوريا لكي تدخل في مفاوضات مع إسرائيل وتخضع لشروطها..ولم تكن ثماني سنوات من الحرب بالوكالة على سوريا تحت عناوين خادعة نشط فيها طابور الميديا الخامس لتغيير العناوين وتزوير أهداف الحرب، لم تكن كافية لتحقيق سياسة الإرغام..فالذي تخشاه إسرائيل تحديدا هو انتصار سوريا من دون أن توقّع على أي مشروع..ولقد تزامن التدخل الاسرائيلي مع تقدّم القوات السورية باتجاه إدلب لتحريرها من التنظيمات الإرهابية العميلة..إنه شكل من الإلهاء الذي كان متوقّعا لعرقلة سير القوات المسلحة السورية لممارسة سيادتها الوطنية على الأرض..ليس الموضوع اليوم عن الإرهاب في سوريا هو وجود تنظيمات متطرفة تمّ تمكينها من السلاح المتطوّر، بل الأمر يتعلّق بسيناريو مكتمل وبأنّ ما يسمّيه إعلام العملاء بالمعارضة المسلّحة هي الوكيل الحصري لتنفيذ أجندة إسرائيل في سوريا..استطاع الصمود السوري أن يكشف عن طبيعة التنسيق بين خصوم سوريا..لقد أجبرتهم سوريا على أن يكشفوا عن الأقنعة المزيفة..إنّها الحرب بالوكالة عن إسرائيل، وهذه الأخيرة تقصف في ريف العاصمة في محاولة لإشغال سوريا عن الإرهابيين في إدلب..وبما أنّ الحرب باتت أوضح من كل وقت مضى، وبعد أن ابتلع الإعلام المضلّل لسانه أمام التطورات الجديدة فإنّ ما سيأتي سيكون أكبر من العملاء والوكلاء، لأنّ المواجهة مع إسرائيل باتت خيارا محتوما في ظلّ الهزيمة المنكرة للجماعات المقاتلة ومن يدعمها..وحيث لم يعد بمستطاع أحد من المحاور الإمبريالية أن يفرض الحرب من جانب واحد فإنّ الضربات الأخيرة ليست سوى آخر ما تبقى من وسائل الإرغام..استطاعت سوريا أن تخرج إسرائيل من خلف الستار لتظهر كطرف في الحرب على سوريا، تلك الحرب التي وضعوا لها مساحيق لإغواء الأغبياء على امتداد مساحة العالم العربي: عدوان إمبريالي بماكياج ثورجي فرض عليه الصمود السوري أن يكشف عن أنيابه الإرهابية..هناك محاولة لربح مزيد من الوقت لإنجاز سيناريوهات جديدة من أجل مزيد من الإلهاء..ويظهر اليوم أنّ الأمريكيين في حاجة إلى مزيد من الوقت لاستعمال الأزمة في الشرق الأوسط فزاعة لمزيد من حلب البقرة..أما إسرائيل فهي في وضع حرج لأنها تعيش تحت ضغط الزمن واختناق الجغرافيا..لقد جاءت الضربة كردّ على التوافقات والاجتماعات والتحضيرات التي عرفها المحور عبر لقاءات مكوكية..وتحسبا لأي مفاجأة جاءت الضربة للتشويش..إن الحرب في سوريا لا يمكنها أن تكون أبعد مما تتحمله المنطقة..فأي مبادرة للحرب ستفتح المنطقة على مقدمات حرب عالمية حقيقية..فلو كانوا قادرين على خوض هذه الحرب لكانوا فعلوا ذلك قبل ثماني سنوات وقد كانت كلفتها أقل من الآن..الكبار وحدهم يدركون أن توازن الرعب في المنطق مانع من قيام حرب أكبر من هذه..غير أن الصغار والعملاء لا زالوا ينتظرون قرار الغزو الأمريكي لسوريا، وهو غزو سيكلفهم أكثر مما كلفهم في فيتنام..إنّ دفاعات محو المقاومة تشكل تهديدا كبيرا لكل مغامرة بالحرب..لقد انتهى زمن التفرد بالسيادة على الجو..
ستبقى القضية وصمة عار في جبين الموقف العربي الرسمي الذي لاذ بالصمت..جامعة الدول العربية التي أعلنت عن إفلاس كبير..الإعلام العربي الذي يبحث عن اللغة المناسبة لتحريف دلالة الحدث كالحديث عن أن اسرائيل تستهدف مواقع إيرانية أو تابعة لحزب الله، فهذا العدوان هو واقع على الأرض السورية التي تخاض فيها أكبر الحروب ضد الإرهاب، وهي أرض سيادية بموجب القانون الدولي..
ويبقى محور المقاومة في كامل الجهوزية لخوض هذه الحرب ، وسوف تنتهي كل المواويل البليدة التي تحدثت مرارا عن الجولان، ذلك لأنّ قواعد الاشتباك تشهد تغييرات متصاعدة..خصوم سوريا الكبار في حيرة أمام هذا الصمود..سوريا تجردهم من الأقنعة ليخوضوا المعركة مباشرة، وهم عاجون عن ذلك..ويبدو أن أمام سوريا فرصة الرد ليس فقط بالمضادات التي استهدفت طائرات العدوان بل الرد عبر اكتساح إدلب والضرب بيد من حديد لأن ذلك من شأنه أن يوجع خصوم سوريا..اليوم حرب إدلب هي محور التحدي القادم..لقد حاولوا افتعال مسرحية جديدة حول الكيماوي، ثم حاولوا هذه المرة عبر العدوان الإسرائيلي..مثل هذا قيل حول معركة حلب وحمص والغوطة، فإدلب على الطريق، ولم يعد أمام النصرة سوى أن تغير العنوان لتنجو من الملاحقة ولتظهر بعنوان جديد مضلل..الإرهاب في سوريا يعمل وفق كان وأخواتها..وسوف يقهر كما قهر في مناطق أخرى..إدلب ستتحرر..
بين التلويح بالحرب والعجز الاستراتيجي عن خوضها تكمن الفصول الأخيرة لانتصار سوريّ على العالم أن يستعدّ له قريبا بقليل من الحقد وكثير من الشجاعة للاعتراف بنذالة هذه الحرب….
ادريس هاني:

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *