الرئيسية / ضد التطبيع / لمن فقدوا التاريخ والذاكرة

لمن فقدوا التاريخ والذاكرة


علي بن مسعود المعشني
مقالات كثيرة تتساقط علينا اليوم تحمل تبريرية سطحية ومليئة بالأضداد والمتناقضات للأسف الشديد.. ولا تحمل موقف واضح أو فهم عميق وصريح للقضية الفلسطينية. .فالوجود الصهيوني في فلسطين وجودآ غاصبآ ومجففآ للشعب الأصلي بالقتل والتهجير والمنافي وبمباركة من قوى الإستعمار وتمكين ودعم من الحركة الصهيونية العالمية بقصد إعاقة أي مشروع وحدوي أو نهضوي للأمة العربية.. فالوجود الصهيوني على أرض فلسطين أبعد بكثير من احتلال وتهجير وأعمق بكثير من تطبيع وسلام. ومن المعيب جدا شرعا وقانونا واخلاقا تبرير احتلاله واغتصابة لأرض عربية وتهجير شعبها كسابقة تاريخية والعبث بهويتها وتزييف تاريخها بزعم الواقعية والقبول بالأمر الواقع بزعم أن الكيان الصهيوني كيان معترف به من قبل أغلب دول العالم وأن الدم الفلسطيني يهرق كل يوم ويتمتع بالقوة ودعم القوى الغربية الكبرى.. فدولة عربية كالجزائر أحتلتها قوة غاشمة في عصرها تسمى فرنسا وتتمتع بكل قوة ودعم حلف الناتو ومعترف بها من دول العالم ولها عضوية دائمة وحق النقض بمجلس الأمن.. وقتلت فرنسا مليون ونصف شهيد جزائري خلال ثورة نوفمبر المجيدة فقط من 57 — 1962م بينما قتلت فرنسا 8. 5 ثمانية ملايين ونصف شهيد جزائري في الثورات السابقة كثورة الشيخ أبوعمامة وعبدالقادر الجزائري وغيرها ليبلغ جملة شهداء الجزائر 10 ملايين شهيد خلال حقبة الإستعمار الفرنسي 132 عامآ.. وبعد كل هذه التضحيات والفضاعات والمجازر تحقق الاستقلال للجزائر في 5 يوليو 1962م ولو سألت أي جزائري اليوم عن حجم تلك التضحيات لقال لك إنها ثمن طبيعي للحرية واسترداد الكرامة ولأبدى استعداده لمضاعفة الرقم من الشهداء لو تطلب الأمر ذلك.. فضاعات فرنسا واحتلالاتها القذرة(والتي أوردها الجنرال اليهودي الفرنسي ديفيد جالولا في كتابه الحرب القذرة )تفوق مايفعله الكيان الصهيوني في فلسطين اليوم بمراحل من حيث التدمير الممنهج للمدن والقرى والأحياء ووحشية السجون والمعتقلات بل ووحشية التعذيب واخضاع الجزائريين كفئران تجارب لأسلحتها التقليدية والدمار الشامل كقنابل البلوتونيوم المشع بمنطقة رقان أقصى جنوب الجزائر.. والمراد من هذا الموجز أن تبرير التطبيع مع كيان العدو بزعم حقن دماء الأشقاء بفلسطين أو إطالة عمر الصراع مع العدو بلا حسم.. فهذه ترهات وهراء تصدر عن عقول مهترئة خاوية لاتقرأ التاريخ ولاتقيم أي وزن للكرامة التضحيات من أجل الوطن.. وحماية الهوية والثوابت.. فمن عجز عن تحرير فلسطين أونصرة شعبها فعليه ألا يسارع في تعميق جراح أبناءها ويسفه بتضحياتهم ويمكن كيان العدو المتهالك المتصدع على الأرض بزعم قوة الأمر الواقع.. فعليه أن يدرس فقط قضية الثورة الجزائرية وتضحيات أبناؤها ليدرك بأن الحق ابلج وأن كرامة الوطن أغلى بكثير من الأنفس والدماء والحصارات فهذه جميعها من مسلمات أي نضال عبر التاريخ..

عن prizm

شاهد أيضاً

الحرب على قطاع غزة أمام لحظة فارقة…

21 شباط 2024 أنطوان شلحت ليس من المبالغة القول إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *