الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / من يملك أن يضع شروطا لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية؟

من يملك أن يضع شروطا لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية؟


ادريس هاني

هل تملك جامعة الدول العربية أن تضع شروطا لسوريا للعودة إليها؟ من يملك أن يضع شرطا لمن انتصر على الإمبريالية في غياب تضامن عربي رسمي مقنع بل في ظل تواطئ عربي أغلبي؟ ويبدو أن المبدأ يقضي بأن تضع سوريا شروطا للعودة إلى حضن جامعة كانت هي البيئة الحاضنة للعدوان ضدّ سوريا، لكن منطق السياسة يقتضي أن تكون العودة وفق الأمر الواقع..وثمّة محاذير يجب أن تسبق الحضور السوري في القمة العربية القادمة مراعاة للبروتوكول، وذلك بأن لا يتمّ تجاهل هذا الحدث بل يجب أن يكون عنوانا بارزا للقمّة: قمّة سوريا..إنّ مسار أيّ ممن يقع عليه اختيار تمثيل سوريا في هذه القمّة أن يمشي منتصب القامة على السجاد الأحمر ليؤكّد أنّ سوريا هي القلب النابض لكل حدث عربي، وبأنّ العرب إن أحسنا الحد الأدنى من القول كانوا باصطفافهم ضدّ سوريا خاطئين: هل يملك العرب أن يقدّموا اعتذارا لسوريا؟
ماذا يعني انتصار سوريا بالنسبة للعرب؟ لا شكّ أنّ هناك الكثير من الأطراف تبكي حظّها العاثر نظرا للانتصارات التي حققتها سوريا عسكريا وديبلوماسيا سواء على الإرهاب أو مجمل المؤامرة الدولية والإقليمية، لكن هناك تقديرا استراتيجيا لهذه الدول يتجلّى _ إذا ما تفادينا الحديث عن ارتدادات الموقف وتوجه الإرهاب إلى ساحات جديدة_ في كونه انتصارا معنويّا أعاد الإحساس للعرب بأنّهم قادرون على مواجهة الهيمنة الإمبريالية حينما يصممون على اتباع طريق الصمود والكفاح..عودة الهيبة والكرامة العربية..ثم لا شكّ أن سقوط سوريا كما كان متوقعا لها في الدوائر الإمبريالية كان سيكون مقدّمة لتقسيم الوطن العربي دويلات على أسس عرقية وطائفية أي الإجهاز على الدولة في العالم العربي وتحويل الأمة إلى بيئة للصراع والحرب الأهلية المؤبّدة..انتصار سوريا بهذا المعنى ليس انتصارا لها وحدها بل انتصار لكل العرب بمن فيهم أولئك الذين راهنوا على سقوطها..وسيخلد التاريخ الانتصار السوري بوصفه انتصارا لكلّ العرب..
ولا شكّ أيضا أن التغيير الذي يطرأ اليوم على المنطقة سينعكس على المسوغات الديماغوجية التي استعملت في استنفار الرأي العام العربي ضدّ سوريا، سينتهي الوقت المخوّل للبراباغاندا الإخوانية في كلّ هذا التشويه الإعلامي اللاّمهني لسوريا وهي في أوج الحرب..وسيكون الانتصار السوري هو أيضا انتصار للحقيقة على الزيف، انتصار للياسمين على أشواك التآمر والتخريب..لقد تحرّش الإخوان بسوريا في مناسبتين وفي كلتيهما خسرا الرهان، واليوم يعتبر انتصار سوريا بداية تأبين مشروع الإخوان وهو ما جعل بعض فروعهم يلوذون في براغماتية بشعة إلى إصدار بيان يدعون فيه سوريا إلى المصالحة الشاملة بعد أن عملوا طيلة ثماني سنوات على دعم الجهود الرامية إلى إسقاط سوريا _أعني حركة النهضة التونسية _ إنّه تعلّق بما تبقّى من الحياة بالنسبة لتنظيمات أفلست أيديولوجيا وأظهرت أنّها جماعات وظيفية قابلة للاستعمال من قبل الإمبريالية..الإخوان هم “حمار” طروادة في الحرب الإمبريالية على قلب العروبة النّابض، ولقد عبّروا بما فيه الكفاية عن مشروعهم وعن التقاء أهدافهم مع المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة..بتعبير آخر هم صهاينة في الحرب على سوريا..فالحكومات التي مُنحوا رئاستها بوصفهم حمار طروادة في المشروع الإمبريالي ستُنتزع منهم ليعودوا إلى وضعهم الأوّل كجماعة منبوذة ليس أيديولوجيا فقط بل وأخلاقيا أيضا..
إنّ خطاب أي مسؤول سوري في القمة العربية القادمة سيكون حدثا بارزا، ومحطّة في الرّمق الأخير من تاريخ العرب..سيكون إحياء وبعثا للعرب من حالة الجمود والهزيمة والتشرذم..لن تنتظر دمشق طويلا لتضمّد جراحها بل ستكون ملهما للعرب ليستعيدوا صحتهم، ففي ظنّي إنّ الجرج الحقيقي هو جرح الهزيمة، وسوريا بهذه المعركة التاريخية ضمّدت جراح الهزيمة..كفارس يمشي شامخا بجرحه..هذا وضع لن يستوعبه إلاّ من أدركوا قيم الفرسان التي أحياها الانتصار السّوري..
ادريس هاني:

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *