الرئيسية / Uncategorized / مفارقة ما بين تفجيرين

مفارقة ما بين تفجيرين

ليلة أمس لم أرغب بمتابعة عملية تفجير منزل عائلة الشهيد ” عمر أبو ليلى ” على التلفاز ، فقررت البحث عن فيلمٍ ترفيهي لأغيّر من خلاله خط سير أفكاري المتجهة نحو كارثة محققة ستقع على كاهل شعبنا الفلسطيني قريباً . ومن بين قائمة الأفلام التي ظهرت أمامي لم يجتذبني غير فيلم ” المتبقي ” وهو مأخوذ عن رواية ” عائد إلى حيفا ” للكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني ، مع إعادة صياغة درامية وإخراجية للأحداث والأسماء .

وما بين فيلم فيه طيف غسان كنفاني … وفيلم إخباري فيه طيف عمر أبو ليلى ، أمضيت سهرتي التي اختنقت بالواقع الموجود في كل مكان سواء خلف كاميرات السينما أو خلف شبابيك المنازل .

“فما هو الوطن ” ؟ سؤال س . سعيد إلى صفية الذي أُسقط من سيناريو الفيلم كما أسقطت قضية “خلدون” والذي كان مصيره في رواية غسان كما هو مصير ” حيفا ” تماماً … منهوباً من أهله وتاريخه ومسيّراً لخدمة أهداف الناهبين .

ولكن الفيلم لا يخلوا من إيحائات مثقلة بالأسئلة على شاكلة ” ما هو الوطن ” ؟

وللتأكيد على جواب غسان كنفاني الذي قدم لنا الأجوبة على أسئلة كان قد تنبأ بانبثاقها بين ضلوع مستقبل شعبنا ونموها بالقدر الذي لا بد لها وأن تستدل إلى ما ترك لنا من إرث أدبي يلخص القضية ،
للتأكيد على جوابه بأن ” الوطن هو أن لا يحدث هذا كله ” … كان الواقع الراهن ما يزال يبرهن على ذلك .

فكم هي المسافة الزمنية ما بين غسان وعمر ؟ وكم هو الفاصل المكاني ما بين تفجير جسد غسان وتفجير رأس ومن ثم بيت عمر ؟
وكم ” حدث هذا كله ” لآلاف من أبناء فلسطين ؟

فهل سيدرك العدو يوماً بأننا لا نموت هكذا عبر التفجير ؟ بل هل سيدرك بأن التفجير سينير السماء لمن أغفلتهم عتمة العيش العاديّ عن شعلة الطريق ؟

وهل سيدرك العدو بأنه حين يتحول الإنسان إلى ” قضية ” فالأرض أيضا تتحول إلى قضية … وحجارة البيوت تصبح قضية ؟ .
إنهم يسابقون الزمن على ابتلاعنا بل وابتلاع الأعضاء الحيوية المسروقة من أجساد شهدائنا ، وكل هذا لا بد وأن يضعهم على النقيض لأننا نتحول داخلهم إلى قضية ستنفجر بهم حتماً .

هل سيدركون أننا لن نترك أماكننا بلا متبقي منا ؟

هل سيدركون بأننا نموت بسهولة لأننا لا نتقن فعل الموت … وإنما نستبسل بفعل الحياة ؟

 

ريتا طه

عن Amal

شاهد أيضاً

أمريكا وخدعة الجهاد في سبيل الله…

ملاحظة: نشر هذا المقال في موقع المنظار في 10 تشرين ثاني 2022 ولأهمية ما جاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *