الرئيسية / الملف السياسي / العالم / كورونا أو زمن الأساطير

كورونا أو زمن الأساطير

6/3/2020
ادريس هاني
لا شك أن كورونا بلاء يستوجب البحث عن لقاح لكن ما هو أخطر من اللّقاح هو البحث عن نشأته المعدّلة وهل نحن بصدد تحضير لمعركة بيولوجية، ففرضيتي قديمة، قديمة لأنّني دائما اعتبرت أنّ المالتوسية المسكوت عنها لها حضور قلق في قلب المخطط الإمبريالي، وأنّ إدارة الديمغرافيا العالمية بات شأنا لها، وبأنّه في زمن التوازنات التي تمنع من سهولة الدخول في الحروب كان لا بدّ من التفكير في حروب بيولوجية صامتة تطيح بالملايين.

ستكون كورونا هي مثال متسرب أو في طور التجريب لحرب بيولوجيا تستهدف الآخر وربما المناطق الأكثر كثافة، ولا شك أن الصين في المخطط الإمبريالي هي معضلة، ولا مجال للتصرف حيال هذه المعضلة بالترسانة النووية ولا بأي تدبير لأنّ الصين تتحرك كعملاق واثق الخطى ويبتلع الأسواق ويضع له في كل ناحية نقاط متاجرة ومراقبة. فالصين هي البديل المطروح اليوم، غير أنّ التعامل مع الصين في الدوائر الإمبريالية ظلّ محفوفا بالمخاطرة.

أمامنا إحالات كثيرة تنحو منحى نظرية المؤامرة، ووثائق مقنعة من حيث نسقها التفسيري، لكننا لسنا في وارد التسامح في الاستنتاج وسنتركها جانبا في انتظار الأدلة القاطعة، فالعام متسمم سياسيا وإيكولوجيا، ومصانع الشّر لها في كل ناحية مركز وغرفة عمليات، والحرب البيولوجيا واردة ولكنها ستكون شكلا من تدبير الديمغرافيا وتحيينا للمالتوسية وتنزيلا لمخرجاتها. الفرضية التي أنطلق منها منذ أكثر من ثلاثة عقود هي أن ننتظر شيئا يتهدد الديمغرافيا في الصين، وأن تكون هناك وسيلة غير الحرب تقضّ من مضاجع الساكنة. وبأنّ الأمر لا يتعلق بكورونا بل بتجربة، ولا شكّ إن صحت الفرضية فإنّ اللقاح موجود على كل حال في الدوائر التي أنتجته. نعم الفيروس هش وضعيف وجبان لكن خطورته في جبنه وقدرته في التكيّف، فهو معرض للإبادة أيضا وعدد الموتى منه يعد بالملايين لكنه عنيد وخبيث وهو يهتدي كل مرة لتعديل نفسه واكتسابه لياقة في الاختراق، هو ضعيف من حيث لا يملك أن يعيش بعيدا عن الخلية التي يستعمل مكوناتها في بلوغ مراده، أو لنقل قدرته الفائقة على إعادة برمجة الخلية لصالح أهدافه.

ولا شكّ أنّ الصين ماضية في هذه الأبحاث، وأنها ومعها إيران – التي يعول على كفاءة باحثيها في هذا المجال – معنيان بهذه المعركة والكشف عن مصدر الفيروس. وكلكم يعلم أنّ الفيروس بطبيعته هشّ وجبان ولكنه غادر، إنّه مثل الطفيلي لا يستطيع الحياة من دون اختراق المجال الداخلي للخلية، إن الحرب الإمبريالية تقوم على التحكم من بعيد واستعمال الإرهابيين في الحروب العسكرية والفيروس في الحروب الميكروبية، هذا الأخير من شأنه أن يشلّ الجسد والاقتصاد والنسيج الاجتماعي والثقافة، أصبح العالم مهيّئا لوجبة هوليودية وصور نمطية عن “الزومبي”، سنتحدّث عن تدبير النفايا البشرية بوسائل ميكروبيولوجية، الموت الجماعي والانقلابات الجينية، إذانا بدخول الجيل الجديد من الحروب الميكروبيولوجية، كورونا مجرد بروفا لتحسس الهلع المتوقع أو الحدّ من المرح الكوني في زمن انكفاء الإمبريالية وتلويحها من بعيد بأنها تملك شكلا آخر من لعبة الأمم، التحدّي اليوم مختبري، والحروب القادمة ستفتك بالعلاقات العامة وتفرق بين المرء وزوجه. إنّنا على رأس كل انكفاء إمبريالية ننتظر آفة من الآفات، وفي كل لحظة نواجه ظواهر تتسم بالغرابة والجدّة وكأننا نعيش زمن الأساطير.

عن Amal

شاهد أيضاً

إعلام إسرائيلي: كيف شارك كبار ضباط الجيش في إخفاق 7 أكتوبر؟

شباط 23 2024 صحيفة “معاريف” تتطرق إلى دور ضباط خدموا في مناصب عليا في الجهازين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *