معسكر شبابي فلسطيني إسرائيلي في أحضان النمسا
معسكرات التطبيع مع الإسرائيليين من المسئول؟
محمد أبو علان
المكان مدينة “ريخنتز” في النمسا، الحدث معسكر شبابي فلسطيني إسرائيلي بمشاركة نمساوية مجرية، ثمانية فلسطينيين من رام الله في الضفة الغربية وثمانية إسرائيليين من حيفا في شمال إسرائيل يشاركون في الدورة الثانية من مخيم “الحوار من اجل المستقبل”، مع ثمانية مجريين وثلاث نمساويين، والهدف من اجل الحوار ومعرفة الآخر.
كل هذه المعسكرات الترفيهية في مظهرها والتطبيعية في جوهرها تهدف لتجميل صورة الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه في نظر الفلسطينيين أو بعضهم على الأقل عبر مثل هذه الأنشطة، فالشعب الفلسطيني ليس بحاجة لمعسكرات صيفية وحفلات رقص ومباريات رياضية لكي يعرف الاحتلال، الاحتلال الذي باتوا يطلقون عليه “الآخر”.
نحن نعرف الاحتلال من ممارسته اليومية وجرائمه النوعية ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدراته، لسنا بحاجة لمخيم “ريخنتز” النمساوي لمعرفة الآخر ألا وهو الاحتلال، فنحن نعرف الاحتلال في مخيم بلاطه ومخيم جنين ومخيم جباليا، كما عرفناه في نابلس وجنين وطوباس، مخيماتنا ومدننا وقرانا هي التي عرفنا الاحتلال من خلالها، وهي التي أعطتنا الصورة الحقيقية والواقعية للاحتلال.
بالتالي لن تنطلي علينا عمليات التجميل التي تنفذها جهات أوروبية بشراكة فلسطينية فردية كانت أو مؤسساتية، فالاحتلال سيبقى الاحتلال مهما حاولوا إطلاق مسميات جديدة فهذا لن يغير لا من مظهرة ولا من جوهرة أي شيء.
عمليات التطبيع وعمليات التجميل للاحتلال تتم في نظر وتفكير البعض من شبابنا وشاباتنا بهدوء وبعيداً عن مسرح الجريمة (فلسطين المحتلة) في الوقت الذي تتطاحن فيه فصائلنا وكوادر الوطن السياسية على بقايا سلطة ولا شيء من الوطن.
من المسئول فلسطينياً على معسكرات ومهرجانات التطبيع هذه؟، ولماذا الصمت المطبق عنها من المؤسسات الرسمية والشعبية والأهلية الفلسطينية؟، أم أن هذا الصمت جزء من الضمانات والاشتراطات الأوروبية لبقاء التمويل لبارونات العمل الأهلي الفلسطيني وللمؤسسة الرسمية الفلسطينية؟.
أسئلة واستفسارات عديدة تدور في ذهني وأنا أقراء عن هذه النشاطات والمعسكرات التطبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي بألوانه وأشكاله المختلفة دون أن أتمكن من معرفة الجواب عليها، بالتالي مطلوب من الجهات الرسمية والأهلية تحديد موقفها من مثل هذه النشاطات التي لا تعود بالفائدة إلا على الاحتلال الإسرائيلي ومؤسساته المتنوعة.
أين فصائل العمل الوطني والإسلامي من مثل هذه النشاطات، أم أن الانقسام والتطاحن الفلسطيني الداخلي بات همكم وشغلكم الشاغل، ولم يعد للوطن وهمه متسع لديكم؟.
أين الكُتاب والإعلاميين الفلسطينيين الذين أفردوا أيام وشهور لا بل سنوات للتطبيل والتزمير لحرصهم على القضية الوطنية من حفلات ولقاءات التطبيع مع الاحتلال؟.
أين الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومسئوليتها تجاه من يلتقي بالإسرائيليين بعيداً عن أرض الوطن المحتل، وبعيداً عن عيون المؤسسات الشعبية والرسمية أو عن أعين جزء منها على الأقل؟.
قضية يجب على الجميع التوقف عندها، وعدم ترك الحبل على الغارب للمؤسسات والأفراد الذين جعلوا الاسترزاق على حساب قضيتهم الوطنية من مثل هذه الأنشطة التطبيعية دون حسيب أو رقيب.
نشرة كنعان 5 آب 2009