سياسيو الصدفة يحكمون العراق!
6 تشرين ثاني 2010
جمال محمد تقي
هناك صنفان من سياسيي الصدفة في العراق، الصنف الاول ينحدر من بعض افرازات الهجرة القسرية من العراق اومن هرب منه خشية على نفسه من لهيب حرب الثمان سنوات، فتلقفته مخابرات دول الجوار او من يسير بفلكها من التنظيمات العراقية التي كانت تقايض القادم اليها بين بعض تسهيلات الاقامة في المهاجر وبين ولائه لها، والصنف الثاني هو من جيل الفوضى الخلاقة الامريكية داخل العراق بعد احتلاله عام 2003 والتي جعلت من شذاذ الافاق والقتلة ومقتنصي الفرص ومن مزوري الشهادات العليا ومن بعض الانتهازيين الذين كانوا خدما للنظام السابق ومن المتسكعين على ابوابه، في مقدمة الطبقة السياسية الجديدة، وذلك لتعميق جذور تلك الفوضى وتسييدها لتكون ضلا خادما للمحتلين حتى بعد رحيل قواتهم!
لم يخطر على بال بعضهم ان يكونوا من الحزبيين، ولم يكن في وارد تفكير البعض الاخر منهم ان يكونوا اعضاءا قياديين في احزاب فاعلة او حاكمة، ولم يكن يدر في خلد اغلبهم، حتى ولا في الاحلام بأن يكونوا اعضاءا لبرلمان او وزراء، فاغلبهم كان مستعدا لتقبيل ايادي صدام حسين ليقبل بمجرد رجعتهم تائبين طائعين وراضين برضاه عليهم، وخاصة بعد نهاية الحرب العراقية الايرانية في عام 1988وما جسدته تلك النهاية من خطل المراهنة على انكسار عراقي كبير لا يتحمله الجيش فينفك عقده مما يؤدي بالتالي الى انقلاب عسكري او ثورة شعبية بتحريض ايراني.
كان لدخول الجيش العراقي الكويت واحتلاله لها عام 1990 ومن ثم اندلاع حرب الخليج الثانية، قد فرض واقعا جديدا ووفر حيزا من الامل للجماعات العراقية المرتبطة بدول الجوار وتلك المرتبطة مباشرة باجهزة المخابرات الدولية.
انتعشت امال اوكار المعارضات العراقية في الخارج واخذت تقلب احتمالات المواجهة الشاملة بين امريكا والعراق وبدأ بعضها بالاستجابة للغزل المخابراتي الامريكي الذي ترافق مع افول القطب السوفياتي، وكان لصدور قانون تحرير العراق من قبل الكونغرس الامريكي عام 1996 قوة دفع تعكس البعد الاستراتيجي للاجندة الامريكية المتعاشقة مع الاجندة الاسرائيلية في منطقة الشرق الاوسط، فمنذ مؤتمر بيروت 1991 الى مؤتمر فيينا الى مؤتمر لندن ومن ثم صلاح الدين اخذت اشكال الارتزاق السياسي للجماعات السياسية في الخارج ابعادا جديدة متعددة الجنسيات، فكانت جماعة لندن المكونة اساسا من بعض الافراد المرتبطين بتنظيم سعد صالح جبر والملكية الدستورية ومن ثم بجماعة اياد علاوي ذات العلاقة التنافسية مع جماعة احمد الجلبي في واشنطن، نلحظ هنا بروز وجوه صدفية كثيرة من مثل انتفاض قنبر ومثال الالوسي وحسن الموسوي الى جانب انخراط مجاميع من النخب المثقفة التي ارادت ان يكون لها دور يتناسب مع امكانياتها من امثال كنعان مكية وغسان العطية وفالح عبد الجبار وعصام الخفاجي وليث كبة.
كان لكل تيار حاشية من عناصر الصدفة وشخوصها، فالتيار الاسلامي الطائفي بشقيه له من الصدفيين وكذا الحال بالنسبة للتيار الشيوعي الانتهازي والعنصري الكردي، هذا وقد انفلت عقال المصادفات وتلاقيها بعد احتلال العراق واختلال الموازين فيه.
اسماء مثل غازي الياور وعلي الدباغ والشهرستاني وابراهيم بحر العلوم وحميد الكفائي وصفية السهيل وبختيار امين وموفق الربيعي ومفيد الجزائري والزرفي وجلال الدين الصغير وغيرهم الكثير من حواشي المكونات من الذين تولوا مناصب المسؤولية، تعترف بنفسها بانها جاءت بالصدفة لاغير!
في لقاء تلفزيوني بث من احدى القنوات العراقية اعترف فيه كل من بهاء الاعرجي ومثال الالوسي بان اغلب السياسيين العراقيين في المرحلة الراهنة، اي منذ احتلاله وحتى الان هم من سياسيي الصدفة الذين لا يملكون مقومات تؤهلهم لتأدية المهام المعلنة، فكيف اذا كان الامر يتعلق بقيادة تيار بات صمام امان لاستقرار العملية السياسية في العراق؟
مقتدى الصدر نفسه واحد من اهم رموز الصدفة السياسية التي تجافي الضرورة في الكثير من الاحيان، اما صدفيات ما تنتجه الانساب والصلات العائلية والقبلية في مرابع العملية السياسية في العراق، فالغلبة التي لا تضاهيها اي غلبة اخرى كانت وتكون لها كل المئالات، فتيان مثل عمار الحكيم وسرورالبارزاني وقباد الطالباني واحمد المالكي، سيكون لهم الشأن الاول بعد غياب اولياء امورهم عن مراكزهم التي حجزت مبكرا للاولاد والاحفاد!
عن كنعان الألكترونية