الخوف للجميع؟!
9 ديسمبر 2010
محمد سيف الدولة
ماذا يحدث لمجتمع يعيش شعبه بالكامل في حالة خوف دائم؟ فيصبح هو المحرك الرئيسي للناس والمتحكم في مواقفهم والمسيطر على ضمائرهم. ويكون مطلوبا من أصحاب الحقوق والصادقين منهم أن يكونوا فدائيين، أن هم أرادوا فقط أن يطالبوا بحقوقهم، لا أن يحصلوا عليها. فما الذي يمكن أن يترتب على ذلك؟
* * *
• فعندما يخاف المواطن البسيط على قوته وقوت عياله.
• ويرتعب من البطالة والعوز وضيق ذات اليد ومن المرض العضال، ولا يأمن على مستقبل أولاده.
• ويشعر بالعجز والقهر بسبب قلة دخله أو معاشه.
• ويخاف اشد الخوف من الحكومة ومن اصغر موظف فيها.
• ويتجنب اى احتكاك مع اى من مصالحه.
• ويحمل ألف هم ان اضطر يوما الى إنهاء إجراءات بطاقة او رخصة او فيش وتشبيه.
* * *
• وعندما يخاف الموظف العام من التعسف والنقل والاضطهاد.
• ويخاف العاملون بالقطاع الخاص من الفصل وقطع العيش والتشرد.
• ويخاف الموظف الكبير من عدم التجديد.
• ويخاف الوزير من الإقالة بجرة قلم من الرئيس.
***
• وعندما يخاف الخريج من البطالة، فيُجبَر على الاستسلام لإذلال سوق العمل وأربابه، و يُرَوض على الاستكانة والخنوع والرضا بأقل القليل.
* * *
• وعندما يخاف الشباب فى الأحياء الشعبية من البوكس الأزرق، الذى يلملمهم من الشوارع ويشحنهم الى أقسام الشرطة فى رحلة من المرمطة والإهانة والإذلال.
• ويخاف أهل القرى والنجوع اشد الخوف من ضابط المباحث ومن الحجز فى التخشيبة بسبب وبدون سبب.
• ويخاف المواطن فى الشارع من جبروت رجال الشرطة، فحياته قد تنقلب فى لحظة بتهمة ملفقة او علقة ساخنة أو تعذيب قاتل.
* * *
• وعندما يخاف الطالب من حرس الجامعة ومن الفصل ومجالس التأديب والحرمان من الامتحانات ومن الشطب فى الانتخابات.
• او يخاف من اضطهاد أستاذ متعسف بلا معقب من قانون او لائحة.
• ثم يخاف الأستاذ من عميده.
• والعميد من رئيس الجامعة.
• ورئيس الجامعة من تقارير امن الدولة.
* * *
• وعندما يخاف القضاة من تحرشات السلطة التنفيذية كما حدث لزميل لهم في ابريل 2006.
• أو يخافون من النقل أو ضياع منصب رفيع أو ترقية مستحقة.
• أو يخافون من تضييقات وزير العدل على ناديهم أن هم انتخبوا قائمة الاستقلال.
* * *
• عندما يدفع الخوف القائمين على القانون الى انتهاك القانون ومخالفته.
* * *
وعندما يخاف المهنيون من وضع نقاباتهم تحت الحراسة.
• و يخاف الحزب المعارض من غضب الدولة وإلغاء رخصته أو تجميده أو شقه.
• أو يخاف رئيسه أن تنقلب عليه الحكومة، فتأتى بغيره في عشر دقائق بموافقة لجنة الأحزاب.
* * *
• وعندما يخاف الناس من السياسة خوفهم من الاعتقال.
• ويخافون من الاعتقال بسبب الضرب والتعذيب والإذلال، والرمي فى الزنازين لسنوات وسنوات بدون جريمة وبلا سند من القانون وبلا وسيلة للتظلم.
• وعندما تخاف المعارضة الجادة من تلفيق القضايا والمحاكم العسكرية والحبس والسجن لأشرف مناضليها بدون جريمة يعاقب عليها القانون.
• او يخاف المثقفون الوطنيون من ضياع حياتهم هباء فى معارك الإصلاح والتغيير بلا جدوى ولا نتيجة ولا أمل.
• ويخاف النشطاء السياسيون من إهانات الشرطة فى الوقفات والمسيرات السلمية.
• ويخاف الشباب الوطني من عصا الأمن المركزي وفرق الكاراتيه.
• وعندما يخاف الجميع من قانون الطوارئ.
* * *
• وعندما يخاف رئيس التحرير من العزل أوالحبس.
• ويخاف الكاتب والصحفي من المنع من الكتابة.
• و يخاف مالك الجريدة من منع الإعلانات او المصادرة والاغلاق.
• حتى كتاب الصحف القومية يرتعشون رعبا من فقد مناصبهم ورواتبهم الجنونية وباقي امتيازاتهم، أن هم حاولوا أحيانا أن يكونوا موضوعيين.
* * *
• وعندما تخاف القنوات الفضائية من الإيقاف أو الغلق.
• والمذيعون من المنع.
• ويخاف أصحاب الرأي من الحجب الإعلامي والقوائم السوداء أن تخطوا الخطوط الحمراء.
* * *
• وعندما يخاف المرشحون من التزوير.
• والأنصار من الاعتقال.
• والمندوبون من الضرب والطرد.
• والناخبون من البلطجية والأمن.
• وعندما يخاف النواب الشرفاء من ثأر الحكومة وانتقامها بإسقاط العضوية أو رفع الحصانة أو المنع من حضور الجلسات أو الإسقاط في الانتخابات القادمة، أو المطاردة والاعتقال بعد زوال الحصانة.
• حتى النواب الموالون يخشون استبعادهم فى الدورات القادمة أن منعتهم ضمائرهم مرة من التصويت للحكومة.
***
• وعندما يضطر الشرفاء من رجال الأعمال لموالاة الحكومة خوفا من بطشها و من خراب البيوت.
• ويخاف المنافقون من انقلاب الحكومة عليهم والركن على الرف.
• حتى الكبير منهم، يدرك أن مكالمة تليفون من أي مسئول مهم يمكن أن تعصف به وتغير مصيره وتفتح عليه أبواب جهنم.
• وهذا المهم يخاف هو الآخر من المسئولين الأهم.
• وكلهم بنظامهم وحكومتهم وكبارهم وصغارهم يخشون الأمريكان ويرتعبون منهم:
• وهكذا…
• في دائرة جهنمية من الخوف الذي لا ينتهي.
عندما تكون هذه هي حياتنا، فإنها تكون حياة مستحيلة، لا يمكن أن تستمر. عندئذ يصبح لمعظم الناس مصلحة مؤكدة في إسقاط هذا النظام المخيف. وعاجلا أم آجلا سيجدون طريقهم إلى ذلك.
*كاتب مصري
عن نداء العربي