خطاب مبارك (نيروني) إرهابي
نضال حمد
يخوض الشعب المصري العظيم هذه الأيام معركة تحديد مصير مستقبل الشرق الأوسط والأمة العربية، لان تحديد هذا الأمر لا يتم إلا في مصر، فهي أكبر بلاد العرب على الإطلاق. مصر هي الثورة والمقاومة والملايين المنتفضة ، الملايين التي خرجت بعد انكسار الجيش المصري في حرب النكسة حزيران/ يونيو 1967 لتطالب الزعيم جمال عبد الناصر بعدم التنحي والعودة عن استقالته. الآن أحفاد هؤلاء وأبناءهم يخرجون بعد أقل من 45 سنة من خروج ذويهم وأجدادهم كذلك بالملايين للمطالبة بإسقاط نظام حسني مبارك ، الذي أذل الشعب وأفقر الأمة واخرج مصر من العروبة وجعلها مكاناً آمناً للصهاينة وأعداء العرب.
خطاب مبارك ليلة الأمس الثلاثاء ينم عن عنجهيته وغطرسته،كأنه لم يتعظ من قيام الشعب الروماني بإعدام الدكتاتور تشاوشيسكو، ولا من تجربة تونس الطازجة ، التي ألهمت ملايين مصر بالثورة ، وكيف أجبر الشعب التونسي الدكتاتور زين العابدين بن علي على الفرار من البلاد .. ولا كيف أسقطت الشعوب حكامها الدكتاتوريين وحكوماتها المرفوضة .. ولا كيف هدمت الجماهير الألمانية جدار برلين وأعادت توحيد البلاد.. ولا كيف تمت تصفية رفيقه السادات على أيدي أحرار مصر وجيشها العربي القومي.
خطاب حسني مبارك (نيروني) إرهابي ينم عن نيته إحراق مصر على من فيها ، في حال صمم الشعب المصري على إزاحته وإسقاطه وتنحيته قبل نهاية ولايته. وهذا ما يصر عليه المتظاهرون حتى هذه اللحظة. ومن الطبيعي أن يصروا عليه حتى الرمق الأخير، لأنها الفرصة التي لن تتكرر في مصر.. فقد انتظرت هذه الملايين عشرات السنين اندلاع هذه الثورة المبشرة بالنصر المبين.
خطاب الطلقة الأخيرة لمبارك يوضح أنه يريد حرق مصر كلها قبل الرحيل.. لقد كان واضحاً مبارك حين خيّر الشعب بينه وبين الفوضى وهذا هو الخيار النيروني ، فالامبرطور الروماني نيرون الشهير بجرائمه وعنفه وهمجيته اختار إحراق روما على من فيها قبل أن يسقط ويذهب إلى الجحيم .. أما قول مبارك كذلك انه قاتل في مصر حربا وسلاما وأنه سيموت في مصر فهو تأكيد إضافي على خياره المذكور. هذا الكلام لمبارك يفسر على أنه إعلان حرب على الشعب والأمة وعلى مصر كلها ، لذا الآن على الجيش اتخاذ موقف وطني ينقذ مصر من غطرسة وعنجهية وخطط مبارك لإحراق البلاد على من فيها. وإذا لم يتحرك الجيش لفعل ذلك بأسرع وقت ممكن عبر الزحف إلى قصر أو وكر مبارك واقتحامه واحتلاله وإعلان عزله وإسقاطه وتعيين قيادة مؤقتة للبلاد بمشاركة الجيش والمعارضة وجيل الشباب المنتفض ، قائد الثورة الحالية ووقودها الأساسي. وبدون مشاركة أو وجود أي رمز من رموز نظام مبارك فهذا هو شرط نجاح الثورة المصرية.
على أركان نظام حسني مبارك ، وقادة الجيش المصري المخلصين والأوفياء لبلدهم وأمتهم أن يستمعوا جيداً لصرخات وهتافات الملايين المصرية في ميدان التحرير وفي كل الميادين المصرية ، الملايين التي رددت بوضوح بعد خطاب مبارك : يسقط يسقط حسني مبارك .. يسقط يسقط حسني مبارك … كذلك … غــــــور غـــــور إرحــــل غــــور .. مــش عايزينـك إرحــــل غـــور ..
انها هتافات واضحة جداً نادت بضرورة سقوط الرئيس المصري المرفوض ،سمعناها مباشرة ليلة الأمس بعد الخطاب ،وسمعنا أيضا ردود أفعال المتظاهرين مباشرة من ميدان التحرير ، حيث هتفت حناجر الملايين الغاضبة ضد مبارك وخطابه وطالبته بالرحيل. في حين أكد النشطاء المعلقين على خطاب الفرعون مبارك من الميدان مباشرة ،أن خطابه جاء بمثابة إعلان حرب على الشعب المصري، وطالبوا بضرورة محاسبته ومحاكمته ، وقالوا أنهم بعد هذا الخطاب لن يسمحوا له بالفرار والرحيل بل سيطلبون محاكمته على كل الجرائم التي ارتكبها نظامه بحق مصر والشعب المصري والأمة العربية. وأضاف هؤلاء أن الرئيس كذب حين قال أنه لم يكن ينوي الترشح لولاية جديدة لأنه كان ينوي الترشح وأعلن ذلك في وقت سابق.وكان طوال الوقت يرفض الطعون المقدمة بالانتخابات البرلمانية الأخيرة وكان أيضا يرفض تعديل المادتين 76 و77 من الدستور كي يضمن بقائه رئيسا مدى الحياة أو كي يورث أولاده.
نحن نرى أن إطالة أمد الأزمة واستمرار مبارك في الرئاسة والحكم هو وأركانه سوف يعود بالضرر على مصالح المتظاهرين ، كما وسوف يكسبه مزيد من الوقت لتجميع أزلامه وزبانيته للانقضاض على الثورة مستغلاً الأوضاع الأمنية والمعيشية الصعبة التي تمر فيها وتعيشها الآن مصر الثائرة. فقد تمت فوراً ترجمة ماجاء في خطابه على الأرض ، إذ تحركت قطعان البلطجية والشرطة السرية فور انتهاء مبارك من إلقاء خطابه لتهاجم المتظاهرين وتعتدي عليهم في الإسكندرية. وكذلك حاولت مجموعات أخرى منهم اقتحام ميدان التحرير لنشر الفوضى والبلبلة بين المعتصمين والمتظاهرين هناك. فهذه ترجمة فورية وعملية لكلام مبارك وخطابه الذي خيّر الشعب بين استمراره رئيساً أو أن تعم الفوضى البلاد. فالفوضى هي من تدبيره وتخطيطه وليست عابرة أو قادمة من خلف البحار والحدود.
على الملايين الثائرة في مصر أن تعي جيداً أن إسقاط النظام غير الديمقراطي والمخابراتي في مصر يجب أن يكون مطلبهم الأساسي إذ لا فرق بين حسني مبارك وعمر سليمان.. فالأخير كان ومازال من أهم رؤوس النظام وعقوله التي رسمت وترسم سياساته الداخلية والخارجية. فقد كان حتى قبل أيام قليلة رئيساً للمخابرات المصرية واليد اليمنى للرئيس المصري حسني مبارك. وتعيينه نائبا للرئيس تحت ضغط التظاهرات التي هزت عرش الدكتاتور يعني أن مبارك يريد المحافظة على نظامه وأركان ذلك النظام للالتفاف على الثورة. أما عمر سليمان فهو المرشح الأقوى لخلافة مبارك في النظام المترهل والآيل إلى السقوط. فهو مطلب أمريكي صهيوني وغربي ورجعي عربي للحفاظ على بقاء مصر في الحلف الأمريكي الصهيوني .. لذا أيها الشعب العربي المصري الثائر ، أيها الشباب المصري المنتفض والمحتشد في الميادين لا تقبلوا بغير إسقاط النظام كاملاً
مدير موقع الصفصاف- السويد
http://www.safsaf.org/word/2011/feb/2nh.htm