الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / ماذا حدث في مصر منذ «البيان رقم 1» إلى سقوط مبارك؟

ماذا حدث في مصر منذ «البيان رقم 1» إلى سقوط مبارك؟

ثوار يقفون بوجه الجنود الذين أتوا إلى ميدان التحرير لإخلائه أمس (أ ب أ)

تراجع 3 مرّات عن التنحّي بعد اتفاق مع الجيش

ماذا حدث في مصر منذ «البيان رقم 1» إلى سقوط مبارك؟

13 شباط 2011

اميرة هويدي ­-القاهرة

بدأت كتظاهرة، ثم تظاهرات، ثم ثورة، ثم شبه عصيان مدني، حتى كادت الدولة تفقد السيطرة، على الدولة. عند هذه اللحظة، فقط، رفع الرئيس السابق حسني مبارك الراية البيضاء، وذهب. لكن كيف؟
حتى الآن، لا توجد معلومات قاطعة بما حدث. لكن المؤكد هو انه مع تصعيد التظاهرات المليونية ودخولها الاسبوع الثالث ودخول محافظات في كل انحاء مصر على خط الثورة، الى ان وصلت الامور في الثالثة عصراً يوم الاربعاء 9 شباط الحالي الى بدايات عصيان مدني بعد ان توالت الاضرابات في عشرات الهيئات الحكومية في الوقت نفسه. ومع تصعيد الاضرابات وتضخم التظاهرات عبر شمال، وجنوب وشمال شرق مصر، وخاصة في قلب القاهرة، يوم الخميس 11 شباط الحالي، بدا ان خروج مبارك كان قد حُسم بالفعل، حسب ما قالته مصادر مطلعة لـ«السفير».
ورغم وضوح تفجّر الوضع في مصر، جاء خبر انعقاد المجلس الاعلى للقوات المسلحة بشكل «دائم» ما بعد الخامسة عصراً الخميس الماضي، مفاجئاً جداً، خاصة بعد ان بث التلفزيون المصري هذا الخبر مع لقطات للاجتماع، وكان واضحاً غياب مبارك ـ وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة ـ ونائبه اللواء عمر سليمان، فيها. وعقب اذاعة «البيان رقم واحد»، المكون من اربعة سطور، والذي اعلنت فيه القوات المسلحة التزامها «بحماية الشعب» ووصفت فيه مطالب «الشعب» بـ«المشروعة»، انطلقت التكهنات والتفسيرات حتى وصلت للمتظاهرين في ميدان التحرير على أنها مؤشرات لحسم الموقف لمصلحتهم. في الوقت نفسه، بدا المشهد، في مطلعه، وكأن القوات المسلحة تنقلب على مبارك. فالرجل غائب عن الاجتماع، والبيان يصف الثورة التي تطالب برحيله، بالـ«المشروعة».
الا ان فكرة «الانقلاب» تراجعت بعض الشيء عندما اعلن التلفزيون ان مبارك سيلقي خطاباً مهماً «بعد قليل». هنا، تطور الانطباع السائد بان الامور تسير في اتجاه التنحّي، بضغط من الجيش، في اطار ما وصف آنذاك بالـ«الشرعية الثورية». وكلما طال الانتظار، استمرت التوقعات بهذه النهاية، ولا شيء غيرها، خاصة ان الجيش اعلن عن نيته اصدار «البيان الثاني» في اليوم ذاته. وعزز ذلك، كما يقول ضياء رشوان، المحلل السياسي في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، تصريحات الامين العام للحزب الوطني الحاكم حسام بدراوي، بأن مبارك سيتنحّى، تلاها كلام لرئيس الوزراء بالمعنى ذاته، وهو ايضاً ما اعلنته مصادر في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي ايه».
إلا أن خطاب مبارك الذي بثّ في وقت متأخر من مساء الخميس الماضي، جاء بعكس ذلك تماماً، مع إصراره على الاستمرار وتفويضه صلاحياته لسليمان. هنا، تحولت الثورة الى اعلان غاضب ورافض حال دون ان تنام مصر في هذا اليوم، مع تصعيد جديد وخطير، للتظاهرات والإضرابات صباح الجمعة 11 شباط، رغم انتظار الجميع البيان رقم 2، الذي ظلت القوات المسلحة تعلن، عبر الرسائل النصية عبر الهاتف المحمول، أنه آتٍ.
وعندما أُعلن بالفعل ظهر الجمعة الماضي، جاء هو الآخر مخيّباً للآمال، بتعزيزه الوضع الراهن الذي رسمه مبارك مساء الخميس، رغم تعهد الجيش بإنهاء حالة الطوارئ واجراء تعديلات دستورية وانتخابات نزيهة وعدم ملاحقة المتظاهرين. فتعالى صوت التظاهرات في كل انحاء مصر، متمسكة بآخر أمل في ازاحة مبارك، الذي بدا وكأنه أمر مستحيل، مهما تظاهروا، ومهما احتجّوا.
في هذه اللحظة، ما بين اليأس والإصرار وغموض موقف الجيش، بل ما وصفه رشوان بـ«الارتباك»، خرج سليمان ليعلن بوجه متجهّم، تنحّي مبارك وتكليفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد، وذلك في حوالى السادسة مساء.
يقول رشوان، ان عكس التكهنات السائدة، لم يجبر القوات المسلّحة مبارك على التنحي. «القرار كان قد اتخذ بالفعل، بالاتفاق بين مبارك والجيش الذي يدين له بولاء شديد»، يقول رشوان لـ«السفير».
وأيّد هذا التفسير، اللواء اركان حرب متقاعد طلعت مسلم، الذي قال إن هناك اتفاقاً بين الطرفين بأن تقوم القوات المسلحة بتولي مسؤولية ادارة البلاد «في حال خرجت الأمور عن السيطرة». وقال لـ«السفير» إن ما يبدو انه كان انقلاباً عقب الإعلان عصر الخميس الماضي عن البيان رقم واحد، وانعقاد المجلس الاعلى للقوات المسلحة في غياب مبارك ونائبه، لم يكن كذلك، وانما كان تصرفاً طبيعياً للقوات المسلحة التي كانت تقوم بإدارة الامور حسب الاتفاق السالف الذكر. وأضاف ان الحاصل بين الرئاسة والقوات المسلحة كان «اختلافاً» أكثر منه «انقساماً».
الا ان مصادر مطلعة قالت لـ«السفير» أن أحداث الخميس الماضي التي جاءت برسائل متناقضة، كانت بسبب اتفاق «الجميع» على تنحي مبارك «مرتين من قبل، لكنه كان يتراجع في آخر لحظة». واضاف المصدر ان القوات المسلحة خرجت بالبيان رقم 1 على اساس ان مبارك وافق، بعد انفلات الامور لدرجة كادت ان تخرج عن السيطرة، ان يتنحّى. الا ان مبارك تراجع، «للمرة الثالثة».
ويفيد المصدر بأن ضغوطاً «داخل القصر» كانت السبب في تراجع مبارك عن الرحيل، كل مرة، الا ان «الجميع» اقتنع، بعد الغضب الذي قوبل به خطاب مبارك مساء الخميس، وما تلاه من تضخم التظاهرات صباح الجمعة، بأن التنحي أمر واقع. حتى ان القوات المسلحة «سمحت»، بحسب المصدر، بتقدم المتظاهرين الى مبنى الاذاعة والتلفزيون في وسط القاهرة، وقصر الرئاسة في مصر الجديدة في شمال القاهرة. ويفسر رشوان البيان رقم 2، الذي حاولت القوات المسلحة ان تجعله يساهم في تهدئة الموقف، دون جدوى، بأنه كان لشراء الوقت فقط وان قرار «التنحي كان قد اتخذ بشكل نهائي أثناء صدور البيان».
و حسب الواشنطن بوست امس السبت، علمت واشنطن ان قرار التنحى اتخذ مساء الاربعاء بالفعل. لكن رواية الصحيفة، حسب مصدر امريكى حكومى، انه بعد تراجع مبارك عن القرار، قامت القوات المسلحة بتهديده: اما ان يرحل بارادته او يُنحى. الا ان المقال افاد بان الاتصالات بين واشنطن و القاهرة لم تكن مستمرة طوال الاسبوع الماضى بسبب غضب مبارك من الضغط الامريكي عليه، الا انّ «قيادات بالجيش» اعادت الاتصال بالمخابرات الامريكية لتطلعها على خطة خروج مبارك.
لم تاتى «الواشنطن بوست» بجديد خارج ما تقوله الان المصادر المصرية، الا ان تسريب معلومة اتصال قيادات الجيش بواشنطن، ان صحت، هى التى ستثير الكثير و الكثير من التكهنات فى مصر، التى تعج الان باعباء ما بعد الثورة.

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *