توني بلير، مندوب الرباعية في المناطق المحتلة
مثقفون أم اقفية
يرتعدون لانتصار الثورة ويحرِّضون على سقوط المقاومة
5 آذار 2011
عادل سمارة
لكل أمة ولكل ثورة وجه وقفا. وهذا عكس العملة، فللعملة وجهين كليهما قفاً. لأن العملة اساساً حدث لا إنساني خُلقت من أجل الملكية الخاصة، اي من اجل السحر الذي بقدر ما تنجب الأرض بشراً طيبين بقدر ما تستهلكهم وتستغرقهم وتذبحهم الملكية الخاصة، المصالح وبالطبع قلعتها الولايات المتحدة اليوم والكيان الصهيوني.
نحن اليوم في عصر الثورة العربية، كانت الفرنسية في القرن الثامن عشر وكانت البلشفية والصينية في القرن العشرين، وهذا دورنا في التاريخ.
للثورة العربية وجهها من الشباب والطبقات الشعبية، وتحت سنابك خيلها تتهاوى الطبقات والشرائح العميلة، وبين هذا القطب وذاك يقف فريق ليمثل موقف وموقع قفا الثورة.
وليست الإشكالية في موقع القفا بل في موقفه.
في لحظات خوفنا على الثورة، في لحظات سرورنا الداخلي الحزين القلق على الثوريين، نرى جميعاً كيف تُلقي الإمبريالية بقضها وقضيضها في هذا الوطن لاغتصاب واختطاف ووأد الثورة. بين هؤلاء نجد أولاد هيلاري واقفية الثورة.
مثقفون/ات يندسون إلى السفارات الغربية والبلاط الصهيوني وبلاطات الأنظمة التي لم تتساقط بعد تحت جُنح ليل الأحذية، كي يُشحنوا هناك بالمال والتعليمات كي يكتبوا ما يُحبط، وكي يذهبوا بعيدا عن طريق الثورة ضمن المخطط الأميركي/الصهيوني الذي يضع امام الثورات العراقيل والأفخاخ النووية مثل البرادعي، مستخدماً قوى الأنطمة المنهارة وقيادات جيوشها كي يُهددوا ويُناوروا، ويرسموا التكتيكات، يتقدمون ويتراجعون طبقا للحظات القوة .
ولكن، لماذا تكتب الأقفية بكل هذا السُعار الآن؟
إنه الحقد على الثورة من ناحية، ومن ناحية أخرى إن سياط اسيادهم تلسع اقفيتهم حتى يسيل منها الدم:
كيف دسسناكم ايها لأوغاد في كل بيت وفي كل كتاب وفي دفتر كل طفل، وفي الفيس يوك وحتى فيس تُ فيس، ولم تبصروا ما يحصل ولم تنبهونا؟
لذا، يستلحم هؤلاء اليوم لتعويض تقصيرهم. يرتعبون لانتصار الثورة في مصر ويحلمون بسقوط المقاومة والممانعة. يا إلهي؟ هل تصل الخيانة هذا الدرك؟ لكن هذا تقسيم العمل الإمبريالي الصهيوني. ببعديه:
* البعد الأول: محاصرة الثورة في نطاق تغيير الأفراد والإبقاء على النظام السياسي الاقتصادي بمكوناته من التبعية والتفريط القومي وتجريف الثروة وتجويف الوعي .
* والبعد الثاني: مع محاصرة الثورة وخصيها، إن نجحوا في ذلك، ياتي رد الموجة الثورية لتصبح ثورة مضادة تسحق المقاومة والممانعة من طهران إلى دمشق إلى الضاحية الجنوبية إلى قطاع غزة.
بهذا تُعاد تهيئة الوطن العربي لكارثة الشرق الأوسط الكبير أو الجديد بل العميل.
لا نتحدث هنا عن نفر قليل، ولا عن تخصص محدود. نتحدث عن شبكات تعشش في الجامعات وفي حركات سياسية ربما باكملها، وعن شعراء وكتاب في “الأدب”، وعن متساقطي أحزاب، وعن نخب سياسية وموظفي حكومات، ومتقاعدين وطنياً وأخلاقياً…الخ قائمة تطول ولا تنتهي. وهذا ما يوجب الحذر الثوري من جهة والتصدي لهم من جهة ثانية.
يحرضون ضد غزة رغم المذبحة، ويكرهون حزب الله لأنه انتصر، ويسعون لهزيمة المقاومة والممانعة لأنهم يرفضون رؤية اللحظة ومتطلباتها واستثناءاتها. يكرهون المقاومة لأنهم خذلوها، ويكرهون العروبة لأنهم قُطريون، ويعترفون بالكيان الصهيوني والتفاوض معه لأنهم ربائب الولايات المتحدة ومتعيشون في الكيبوتسات والمستوطنات الصهيونية! هل تتخيلون فلسطينياً يعيش في الكيبوتس مع الصهاينة وفي المستوطنات الصهيونية في ضواحي القدس؟ أو عربياً يهرول إلى البيت الأبيض يخلع قطعة قطعة أمام بوش كي يغزو العراق، وفلسطينيين بعد ان استقبلوا توني بلير ورنخوا في التسوية ووقعوا بيان أل 55 الذي يشجب العمليات الاستشهادية، يطالبون اليوم، اليوم، وليس منذ أول لحظة جرت فيها مكافئة بلير، يطالبون بعدم استقباله. هم لا يهمهم كم ذبح في العراق. أما الكيان فرد على تذللهم وتزلفهم بالعدوان المهزوم على لبنان وبمذبحة غزة! هل فهموا هل اتعظوا، بالطبع لا، لأنهم أدوات التخارج للأجنبي.
لم تدخل أية ثورة في جبهة واحدة، فأعداء الثورة يفتحون نار جهنم، فلا أقل من أن نتصدى لجبهة عملاء القلم عملاء الثقافة الذين يحلمون بالهزائم وتثبيط العزائم.
لهذا تحديداً لن تكو ثورة ما لم تقتلع النخب والطبقات المالكة/الحاكمة وفي اذيالها اقفية الثورة، ألغام الوعي.