الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / “الدعم الاميركي السري لقيادات الثوار” في مصر وليبيا

“الدعم الاميركي السري لقيادات الثوار” في مصر وليبيا

“الدعم الاميركي السري لقيادات الثوار” في مصر وليبيا

جعفر الجعفري*

بداية، هذا العنوان ليس من عندنا، وان كنا سنرشحه كعنوان لمقالتنا هذه، بل جاء على لسان مجلة “نيوزويك” الاميركية الرصينة، عدد 1 شباط / فبراير 2011، لتلقي الضوء عن حقيقة الترتيبات الاميركية لـ “القيام بثورة” في المنطقة العربية منذ عدة اعوام. ولا نهدف من وراء المعلومات المتضمنة الى النيل من الثورات الشعبية التي اطاحت بأحد أهم الدكتاتوريات العربية، نظام مبارك، بل للوقوف عند بعض الحقائق وتفحص المعلن عنه من مخططات اميركية تعد لوطننا.

وفي عدد “نيوزويك” المذكور، اميط اللثام عن لقاء عقد في جامعة كولومبيا بنيويورك في شهر ديسمبر 2007، استضاف عدد من الافراد الذين تعوّل عليهم الولايات المتحدة لتنفيذ اجندتها، ومن بينهم مسؤول “حركة 6 أبريل،” احمد ماهر، الى جانب شباب آخرين من بلدان اسيوية واميركا اللاتينية. وجاء في بيان الدعوة المعلن آنذاك، والذي لم يحظى باهتمام اعلامي ملموس، ان احد الاهداف الاساسية لعقده هو البحث في وسائل “القيام بالثورة” (هكذا) باستخدام ما توفره الشبكات الاعلامية الاجتماعية المتعددة.

ومن المفيد ان الجهة الداعية للمؤتمر “تحالف حركة الشباب” تعترف علنا بانها تتلقى مساعدات مالية مباشرة من وزارة الخارجية الاميركية. وقالت رئيسة “التحالف،” ستيفاني رودات، ان الهدف من النقاش هو تحديد عناصر القوة الكامنة في الشبكات الاعلامية الاجتماعية والرسائل النصية SMS والذهاب الى ما هو ابعد من اجندة سياسية محددة لاستخدامها في “التصدي للقمع والظلم والعنف الصادر عن المتشددين.”

وجدير بالذكر ان المؤتمر عقد بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أتت بباراك اوباما رئيسا، لكن اللافت انه اوعز لثلاثة من مساعديه الرئيسيين في حملته الانتخابية لحضور المؤتمر والتحدث فيه. كما حضره مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش من اجل البحث في “القيام بثورة” بالاعتماد على خصائص الشبكات الاعلامية الاجتماعية. وهنا بيت القصيد، اذ تمت دعوة مسؤول “حركة 6 أبريل” للمشاركة في المؤتمر وهو الذي كان مصنفا بانه ممنوع من السفر خارج مصر سابقا. وسيأتي على لسانه لاحقا طبيعة تحركاته والجهات التي اتصل بها واعدته للمهمة.

وقبل هذا التاريخ ببضعة اسابيع، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الشهيرة في عددها الصادر يوم 19 تشرين 2/نوفمبر2007، اعلان الخارجية الاميركية عن “تشكيل طاقم مهني اعلامي من ثلاثة افراد للتواصل الالكتروني مع العالم العربي وكتابة تعليقات على المواقع العربية المؤثرة” لنشر اهداف السياسة الاميركية ومن اجل “تعزيز الاراء المعتدلة بين الشباب المسلم ودفعه لنبذ الارهاب.” واوضح المسؤول عن البرنامج المذكور في وزارة الخارجية، وفق تقرير الصحيفة، دنكان ماك إينيس، ان المدير المسؤول عن حملة التدوين “هو شخصية رفيعة في وزارة الخارجية، وخدم سابقا في العراق، ووظيفته هي ادارة عملية التدوين والاشراف عليها ومناقشة كل المواد المعدة للنشر قبل الموافقة عليها.”

واسعفنا التقرير عن تحليل الدوافع لاهتمام وزارة الخارجية الاميركية بما “يدردش” به العرب بين بعضهم البعض، اذ ان وزارة الخارجية تولي اهمية عالية لجهد الانضمام لتلك النقاشات ودخول غرف الدردشة الخاصة منها والعامة، والتحلي باساليب جذابة لاضفاء صبغة الصدقية عليها، ومنها استخدام الشعر العربي في التواصل لمعرفتهم بولع العرب بالشعر. فهل يدرك شبابنا اهمية نقاشاتهم البريئة وامكانية استخدامها في “تجنيد” او ترشيح بعضهم للعمل في هذا الاطار.

لكن الأمر لا يقتصر على اهتمام وزارة الخارجية بالمدونات والتدوين فحسب، بل تشاركها وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، في حملة موازية للتأثير على سقف النقاشات المطروحة على الشبكات الاعلامية – وبالطبع يأتي الفيس بوك وتويتر في المقدمة.

وتورد صحيفة “واشنطن بوست،” في عددها المذكور، ان لدى القيادة المركزية للبنتاغون طاقم من المدونين الاخصائيين يتخذون من وزارة الدفاع مقرا لهم. ومن بين نشاطاتهم نشر “دليل للمدونين” حول الآليات والتوجهات المطلوب اتباعها. وقال مسؤول الاعلام المشترك، هال بيتمان، حسب الصحيفة، ان البنتاغون يستعين بعدد من الاختصاصيين في اللغة العربية خاصة ويتم التعاقد معهم كمستشارين حتى لا تستزنف موارد البنتاغون البشرية المحدودة في تلك المهمة. واضاف بيتمان ان “رسالتنا هي تحديد عناصر مستقبل واعد بديلا عن مسقبل كئيب ينادي به الارهابيون.”

اذن، نحن امام حملة منظمة ومدروسة تقوم بها اهم وزارتين في الحكومة الاميركية تستهدف الجيل المتعلم من العرب للتأثير على بلورة اراء مؤيدة، او على الاقل ايجابية، للسياسة الاميركية الخارجية.

وعودة الى ندوة جامعة كولومبيا، التي عقدت في كلية الحقوق هناك، لخص صاحب فكرة اللقاء، جيمس غلاسمان – نائب وزير الخارجية لشؤون الديبلوماسية العامة ابان ادارة جورج بوش – الاهداف المنوي تحقيقها بانها في “ابتداع آلية تتحكم بحركة التغيير وتوجهها للعزوف عن استخدام العنف عبر العالم.” واضاف غلاسمان ان ما دفعه لتوجيه الدعوة لمسؤولي “حركة 6 ابريل” المصرية هو موقفها المعلن المناهض للحكومة المصرية والتي تدعمها الادارة الاميركية بقوة. مستطردا ان “التناقض الظاهري” في هذه المعادلة (دعم النظام ومناوئية في آن واحد) ما هو الا ليتم توظيفه في خدمة الاستراتيجة الاميركية الشاملة فيما يخص مصر وتشجيع الشعب لارساء الديموقراطية.

اما مسؤول الحركة، احمد ماهر، فعلق على مشاركته في المؤتمر بالقول ان اهميته تكمن ليس في طبيعة المادة المطروحة للنقاش فحسب، بل بمركزية اقامة شبكة من العلاقات مع الآخرين والوافدين من الدول الاخرى. وحتى لا يترك ماهر اي مجال للاستنتاج، التقى مع مسؤولين في الخارجية الاميركية وبعض معاوني النواب في الكونغرس، بعد انفضاض المؤتمر، وفور عودته للقاهرة التقى مع السفارة الاميركية هناك.

وفيما يخص الثورة المصرية، تم طرح بعض الملاحظات والتي لا زالت قائمة حول بطء المجلس العسكري الاعلى في تلبية اهداف الثورة، كما وزج الولايات المتحدة بالبرادعي واحمد زويل في الحراك الشعبي وهما لا يملكون منه شيئا. ومن شأن هذه المعلومات اعلاه ان تلقي الضوء حول حقيقة تحرك، او عدمه، لبعض القوى المصرية التي تدعي مناهضة حكم مبارك، ومنها عمرو موسى على سبيل المثال. ويبقى السؤال برسم صناع الثورة الحقيقيين: ماذا انتم فاعلين بحركات وتجمعات مرتبطة بالولايات المتحدة بوضوح.

وعليه، لا يمكن استبعاد الدور الاميركي في ما يجري في ليبيا وارسال اشارات مؤيدة لـ “الثوار” هناك، خاصة وان بعضها طالب علنا بتدخل عسكري اميركي وأطلسي مباشر لاسقاط نظام القذافي (وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل.) كما لا يجوز اغفال حقيقة الهدف من وراء رفع العلم الليبي منذ 14 شباط / فبراير وهو الذي يمثل العهد الملكي البائد. اما العلم الليبي الحقيقي فقد مر بثلاث مراحل منذ اسقاط الملكية هناك: علم الجمهورية العربية الليبية بالوانه الثلاثة (الاحمر والابيض والاسود) وتم التعامل معه منذ عام 1969 الى 1971. وفي عام 1972، ابان فورة المطالبة بالوحدة مع مصر، اضيف النسر العربي ليتوسط العلم بالوانه الثلاثة المذكورة، وظل العمل ساريا به لحين 1977، حينما اعلن القذافي عن قيام “الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية” واضيفت العظمى لاحقا، والتي كان اللون الاخضر وحده رمزا لها. اذن، فان علم الجمهورية العربية الليبية (1969-1971) هو علم الاستقلال الحقيقي الذي تم تحت رايته تأميم النفط. ولعله ليس صدفة ان ينشط نجل ولي العهد الليبي المقيم في لندن والادلاء بدلوه في بداية الاحداث، وكأن المخابرات البريطانية تلوّح بخيار عودة الملكية التي ثار ضدها الشعب الليبي بكامل مكوناته.

ان الموقف من احداث ليبيا يتطلب ادراكا عميقا لكافة القوى العاملة، والوقوف بحزم ضد اي تدخل اجنبي مهما سوّغ له، عربيا ام دوليا، وان مصير ليبيا يبنيه ابناؤها بانفسهم. وعلى ثوار تونس ومصر اتخاذ زمام المبادرة، بحكم الموقع والتأثير، لمنع اي تدخل اجنبي هناك، لا سيما وان الولايات المتحدة طلبت من السعودية تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. كما وان المجلس العسكري الاعلى تقاعس عن انقاذ العمال المصريين الهاربين من شبح الحرب وترك الامر لسفن اجنبية وطائرات النقل الاميركية العملاقة، C-130، لترحيلهم من ميناء جزيرة جربه في تونس. فهل يعقل ان مصر لا تملك الامكانيات لانقاذ رعاياها، بينما تسخر القوى الغربية قواتها الجوية والبحرية لدخول الاراضي الليبية دون اذن منتهكة سيادتها بذلك.

*عربي مقيم في الولايات المتحدةبداية، هذا العنوان ليس من عندنا، وان كنا سنرشحه كعنوان لمقالتنا هذه، بل جاء على لسان مجلة “نيوزويك” الاميركية الرصينة، عدد 1 شباط / فبراير 2011، لتلقي الضوء عن حقيقة الترتيبات الاميركية لـ “القيام بثورة” في المنطقة العربية منذ عدة اعوام. ولا نهدف من وراء المعلومات المتضمنة الى النيل من الثورات الشعبية التي اطاحت بأحد أهم الدكتاتوريات العربية، نظام مبارك، بل للوقوف عند بعض الحقائق وتفحص المعلن عنه من مخططات اميركية تعد لوطننا.

وفي عدد “نيوزويك” المذكور، اميط اللثام عن لقاء عقد في جامعة كولومبيا بنيويورك في شهر ديسمبر 2007، استضاف عدد من الافراد الذين تعوّل عليهم الولايات المتحدة لتنفيذ اجندتها، ومن بينهم مسؤول “حركة 6 أبريل،” احمد ماهر، الى جانب شباب آخرين من بلدان اسيوية واميركا اللاتينية. وجاء في بيان الدعوة المعلن آنذاك، والذي لم يحظى باهتمام اعلامي ملموس، ان احد الاهداف الاساسية لعقده هو البحث في وسائل “القيام بالثورة” (هكذا) باستخدام ما توفره الشبكات الاعلامية الاجتماعية المتعددة.

ومن المفيد ان الجهة الداعية للمؤتمر “تحالف حركة الشباب” تعترف علنا بانها تتلقى مساعدات مالية مباشرة من وزارة الخارجية الاميركية. وقالت رئيسة “التحالف،” ستيفاني رودات، ان الهدف من النقاش هو تحديد عناصر القوة الكامنة في الشبكات الاعلامية الاجتماعية والرسائل النصية SMS والذهاب الى ما هو ابعد من اجندة سياسية محددة لاستخدامها في “التصدي للقمع والظلم والعنف الصادر عن المتشددين.”

وجدير بالذكر ان المؤتمر عقد بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أتت بباراك اوباما رئيسا، لكن اللافت انه اوعز لثلاثة من مساعديه الرئيسيين في حملته الانتخابية لحضور المؤتمر والتحدث فيه. كما حضره مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش من اجل البحث في “القيام بثورة” بالاعتماد على خصائص الشبكات الاعلامية الاجتماعية. وهنا بيت القصيد، اذ تمت دعوة مسؤول “حركة 6 أبريل” للمشاركة في المؤتمر وهو الذي كان مصنفا بانه ممنوع من السفر خارج مصر سابقا. وسيأتي على لسانه لاحقا طبيعة تحركاته والجهات التي اتصل بها واعدته للمهمة.

وقبل هذا التاريخ ببضعة اسابيع، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الشهيرة في عددها الصادر يوم 19 تشرين 2/نوفمبر2007، اعلان الخارجية الاميركية عن “تشكيل طاقم مهني اعلامي من ثلاثة افراد للتواصل الالكتروني مع العالم العربي وكتابة تعليقات على المواقع العربية المؤثرة” لنشر اهداف السياسة الاميركية ومن اجل “تعزيز الاراء المعتدلة بين الشباب المسلم ودفعه لنبذ الارهاب.” واوضح المسؤول عن البرنامج المذكور في وزارة الخارجية، وفق تقرير الصحيفة، دنكان ماك إينيس، ان المدير المسؤول عن حملة التدوين “هو شخصية رفيعة في وزارة الخارجية، وخدم سابقا في العراق، ووظيفته هي ادارة عملية التدوين والاشراف عليها ومناقشة كل المواد المعدة للنشر قبل الموافقة عليها.”

واسعفنا التقرير عن تحليل الدوافع لاهتمام وزارة الخارجية الاميركية بما “يدردش” به العرب بين بعضهم البعض، اذ ان وزارة الخارجية تولي اهمية عالية لجهد الانضمام لتلك النقاشات ودخول غرف الدردشة الخاصة منها والعامة، والتحلي باساليب جذابة لاضفاء صبغة الصدقية عليها، ومنها استخدام الشعر العربي في التواصل لمعرفتهم بولع العرب بالشعر. فهل يدرك شبابنا اهمية نقاشاتهم البريئة وامكانية استخدامها في “تجنيد” او ترشيح بعضهم للعمل في هذا الاطار.

لكن الأمر لا يقتصر على اهتمام وزارة الخارجية بالمدونات والتدوين فحسب، بل تشاركها وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، في حملة موازية للتأثير على سقف النقاشات المطروحة على الشبكات الاعلامية – وبالطبع يأتي الفيس بوك وتويتر في المقدمة.

وتورد صحيفة “واشنطن بوست،” في عددها المذكور، ان لدى القيادة المركزية للبنتاغون طاقم من المدونين الاخصائيين يتخذون من وزارة الدفاع مقرا لهم. ومن بين نشاطاتهم نشر “دليل للمدونين” حول الآليات والتوجهات المطلوب اتباعها. وقال مسؤول الاعلام المشترك، هال بيتمان، حسب الصحيفة، ان البنتاغون يستعين بعدد من الاختصاصيين في اللغة العربية خاصة ويتم التعاقد معهم كمستشارين حتى لا تستزنف موارد البنتاغون البشرية المحدودة في تلك المهمة. واضاف بيتمان ان “رسالتنا هي تحديد عناصر مستقبل واعد بديلا عن مسقبل كئيب ينادي به الارهابيون.”

اذن، نحن امام حملة منظمة ومدروسة تقوم بها اهم وزارتين في الحكومة الاميركية تستهدف الجيل المتعلم من العرب للتأثير على بلورة اراء مؤيدة، او على الاقل ايجابية، للسياسة الاميركية الخارجية.

وعودة الى ندوة جامعة كولومبيا، التي عقدت في كلية الحقوق هناك، لخص صاحب فكرة اللقاء، جيمس غلاسمان – نائب وزير الخارجية لشؤون الديبلوماسية العامة ابان ادارة جورج بوش – الاهداف المنوي تحقيقها بانها في “ابتداع آلية تتحكم بحركة التغيير وتوجهها للعزوف عن استخدام العنف عبر العالم.” واضاف غلاسمان ان ما دفعه لتوجيه الدعوة لمسؤولي “حركة 6 ابريل” المصرية هو موقفها المعلن المناهض للحكومة المصرية والتي تدعمها الادارة الاميركية بقوة. مستطردا ان “التناقض الظاهري” في هذه المعادلة (دعم النظام ومناوئية في آن واحد) ما هو الا ليتم توظيفه في خدمة الاستراتيجة الاميركية الشاملة فيما يخص مصر وتشجيع الشعب لارساء الديموقراطية.

اما مسؤول الحركة، احمد ماهر، فعلق على مشاركته في المؤتمر بالقول ان اهميته تكمن ليس في طبيعة المادة المطروحة للنقاش فحسب، بل بمركزية اقامة شبكة من العلاقات مع الآخرين والوافدين من الدول الاخرى. وحتى لا يترك ماهر اي مجال للاستنتاج، التقى مع مسؤولين في الخارجية الاميركية وبعض معاوني النواب في الكونغرس، بعد انفضاض المؤتمر، وفور عودته للقاهرة التقى مع السفارة الاميركية هناك.

وفيما يخص الثورة المصرية، تم طرح بعض الملاحظات والتي لا زالت قائمة حول بطء المجلس العسكري الاعلى في تلبية اهداف الثورة، كما وزج الولايات المتحدة بالبرادعي واحمد زويل في الحراك الشعبي وهما لا يملكون منه شيئا. ومن شأن هذه المعلومات اعلاه ان تلقي الضوء حول حقيقة تحرك، او عدمه، لبعض القوى المصرية التي تدعي مناهضة حكم مبارك، ومنها عمرو موسى على سبيل المثال. ويبقى السؤال برسم صناع الثورة الحقيقيين: ماذا انتم فاعلين بحركات وتجمعات مرتبطة بالولايات المتحدة بوضوح.

وعليه، لا يمكن استبعاد الدور الاميركي في ما يجري في ليبيا وارسال اشارات مؤيدة لـ “الثوار” هناك، خاصة وان بعضها طالب علنا بتدخل عسكري اميركي وأطلسي مباشر لاسقاط نظام القذافي (وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل.) كما لا يجوز اغفال حقيقة الهدف من وراء رفع العلم الليبي منذ 14 شباط / فبراير وهو الذي يمثل العهد الملكي البائد. اما العلم الليبي الحقيقي فقد مر بثلاث مراحل منذ اسقاط الملكية هناك: علم الجمهورية العربية الليبية بالوانه الثلاثة (الاحمر والابيض والاسود) وتم التعامل معه منذ عام 1969 الى 1971. وفي عام 1972، ابان فورة المطالبة بالوحدة مع مصر، اضيف النسر العربي ليتوسط العلم بالوانه الثلاثة المذكورة، وظل العمل ساريا به لحين 1977، حينما اعلن القذافي عن قيام “الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية” واضيفت العظمى لاحقا، والتي كان اللون الاخضر وحده رمزا لها. اذن، فان علم الجمهورية العربية الليبية (1969-1971) هو علم الاستقلال الحقيقي الذي تم تحت رايته تأميم النفط. ولعله ليس صدفة ان ينشط نجل ولي العهد الليبي المقيم في لندن والادلاء بدلوه في بداية الاحداث، وكأن المخابرات البريطانية تلوّح بخيار عودة الملكية التي ثار ضدها الشعب الليبي بكامل مكوناته.

ان الموقف من احداث ليبيا يتطلب ادراكا عميقا لكافة القوى العاملة، والوقوف بحزم ضد اي تدخل اجنبي مهما سوّغ له، عربيا ام دوليا، وان مصير ليبيا يبنيه ابناؤها بانفسهم. وعلى ثوار تونس ومصر اتخاذ زمام المبادرة، بحكم الموقع والتأثير، لمنع اي تدخل اجنبي هناك، لا سيما وان الولايات المتحدة طلبت من السعودية تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. كما وان المجلس العسكري الاعلى تقاعس عن انقاذ العمال المصريين الهاربين من شبح الحرب وترك الامر لسفن اجنبية وطائرات النقل الاميركية العملاقة، C-130، لترحيلهم من ميناء جزيرة جربه في تونس. فهل يعقل ان مصر لا تملك الامكانيات لانقاذ رعاياها، بينما تسخر القوى الغربية قواتها الجوية والبحرية لدخول الاراضي الليبية دون اذن منتهكة سيادتها بذلك.

*عربي مقيم في الولايات المتحدةبداية، هذا العنوان ليس من عندنا، وان كنا سنرشحه كعنوان لمقالتنا هذه، بل جاء على لسان مجلة “نيوزويك” الاميركية الرصينة، عدد 1 شباط / فبراير 2011، لتلقي الضوء عن حقيقة الترتيبات الاميركية لـ “القيام بثورة” في المنطقة العربية منذ عدة اعوام. ولا نهدف من وراء المعلومات المتضمنة الى النيل من الثورات الشعبية التي اطاحت بأحد أهم الدكتاتوريات العربية، نظام مبارك، بل للوقوف عند بعض الحقائق وتفحص المعلن عنه من مخططات اميركية تعد لوطننا.

وفي عدد “نيوزويك” المذكور، اميط اللثام عن لقاء عقد في جامعة كولومبيا بنيويورك في شهر ديسمبر 2007، استضاف عدد من الافراد الذين تعوّل عليهم الولايات المتحدة لتنفيذ اجندتها، ومن بينهم مسؤول “حركة 6 أبريل،” احمد ماهر، الى جانب شباب آخرين من بلدان اسيوية واميركا اللاتينية. وجاء في بيان الدعوة المعلن آنذاك، والذي لم يحظى باهتمام اعلامي ملموس، ان احد الاهداف الاساسية لعقده هو البحث في وسائل “القيام بالثورة” (هكذا) باستخدام ما توفره الشبكات الاعلامية الاجتماعية المتعددة.

ومن المفيد ان الجهة الداعية للمؤتمر “تحالف حركة الشباب” تعترف علنا بانها تتلقى مساعدات مالية مباشرة من وزارة الخارجية الاميركية. وقالت رئيسة “التحالف،” ستيفاني رودات، ان الهدف من النقاش هو تحديد عناصر القوة الكامنة في الشبكات الاعلامية الاجتماعية والرسائل النصية SMS والذهاب الى ما هو ابعد من اجندة سياسية محددة لاستخدامها في “التصدي للقمع والظلم والعنف الصادر عن المتشددين.”

وجدير بالذكر ان المؤتمر عقد بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أتت بباراك اوباما رئيسا، لكن اللافت انه اوعز لثلاثة من مساعديه الرئيسيين في حملته الانتخابية لحضور المؤتمر والتحدث فيه. كما حضره مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش من اجل البحث في “القيام بثورة” بالاعتماد على خصائص الشبكات الاعلامية الاجتماعية. وهنا بيت القصيد، اذ تمت دعوة مسؤول “حركة 6 أبريل” للمشاركة في المؤتمر وهو الذي كان مصنفا بانه ممنوع من السفر خارج مصر سابقا. وسيأتي على لسانه لاحقا طبيعة تحركاته والجهات التي اتصل بها واعدته للمهمة.

وقبل هذا التاريخ ببضعة اسابيع، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الشهيرة في عددها الصادر يوم 19 تشرين 2/نوفمبر2007، اعلان الخارجية الاميركية عن “تشكيل طاقم مهني اعلامي من ثلاثة افراد للتواصل الالكتروني مع العالم العربي وكتابة تعليقات على المواقع العربية المؤثرة” لنشر اهداف السياسة الاميركية ومن اجل “تعزيز الاراء المعتدلة بين الشباب المسلم ودفعه لنبذ الارهاب.” واوضح المسؤول عن البرنامج المذكور في وزارة الخارجية، وفق تقرير الصحيفة، دنكان ماك إينيس، ان المدير المسؤول عن حملة التدوين “هو شخصية رفيعة في وزارة الخارجية، وخدم سابقا في العراق، ووظيفته هي ادارة عملية التدوين والاشراف عليها ومناقشة كل المواد المعدة للنشر قبل الموافقة عليها.”

واسعفنا التقرير عن تحليل الدوافع لاهتمام وزارة الخارجية الاميركية بما “يدردش” به العرب بين بعضهم البعض، اذ ان وزارة الخارجية تولي اهمية عالية لجهد الانضمام لتلك النقاشات ودخول غرف الدردشة الخاصة منها والعامة، والتحلي باساليب جذابة لاضفاء صبغة الصدقية عليها، ومنها استخدام الشعر العربي في التواصل لمعرفتهم بولع العرب بالشعر. فهل يدرك شبابنا اهمية نقاشاتهم البريئة وامكانية استخدامها في “تجنيد” او ترشيح بعضهم للعمل في هذا الاطار.

لكن الأمر لا يقتصر على اهتمام وزارة الخارجية بالمدونات والتدوين فحسب، بل تشاركها وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، في حملة موازية للتأثير على سقف النقاشات المطروحة على الشبكات الاعلامية – وبالطبع يأتي الفيس بوك وتويتر في المقدمة.

وتورد صحيفة “واشنطن بوست،” في عددها المذكور، ان لدى القيادة المركزية للبنتاغون طاقم من المدونين الاخصائيين يتخذون من وزارة الدفاع مقرا لهم. ومن بين نشاطاتهم نشر “دليل للمدونين” حول الآليات والتوجهات المطلوب اتباعها. وقال مسؤول الاعلام المشترك، هال بيتمان، حسب الصحيفة، ان البنتاغون يستعين بعدد من الاختصاصيين في اللغة العربية خاصة ويتم التعاقد معهم كمستشارين حتى لا تستزنف موارد البنتاغون البشرية المحدودة في تلك المهمة. واضاف بيتمان ان “رسالتنا هي تحديد عناصر مستقبل واعد بديلا عن مسقبل كئيب ينادي به الارهابيون.”

اذن، نحن امام حملة منظمة ومدروسة تقوم بها اهم وزارتين في الحكومة الاميركية تستهدف الجيل المتعلم من العرب للتأثير على بلورة اراء مؤيدة، او على الاقل ايجابية، للسياسة الاميركية الخارجية.

وعودة الى ندوة جامعة كولومبيا، التي عقدت في كلية الحقوق هناك، لخص صاحب فكرة اللقاء، جيمس غلاسمان – نائب وزير الخارجية لشؤون الديبلوماسية العامة ابان ادارة جورج بوش – الاهداف المنوي تحقيقها بانها في “ابتداع آلية تتحكم بحركة التغيير وتوجهها للعزوف عن استخدام العنف عبر العالم.” واضاف غلاسمان ان ما دفعه لتوجيه الدعوة لمسؤولي “حركة 6 ابريل” المصرية هو موقفها المعلن المناهض للحكومة المصرية والتي تدعمها الادارة الاميركية بقوة. مستطردا ان “التناقض الظاهري” في هذه المعادلة (دعم النظام ومناوئية في آن واحد) ما هو الا ليتم توظيفه في خدمة الاستراتيجة الاميركية الشاملة فيما يخص مصر وتشجيع الشعب لارساء الديموقراطية.

اما مسؤول الحركة، احمد ماهر، فعلق على مشاركته في المؤتمر بالقول ان اهميته تكمن ليس في طبيعة المادة المطروحة للنقاش فحسب، بل بمركزية اقامة شبكة من العلاقات مع الآخرين والوافدين من الدول الاخرى. وحتى لا يترك ماهر اي مجال للاستنتاج، التقى مع مسؤولين في الخارجية الاميركية وبعض معاوني النواب في الكونغرس، بعد انفضاض المؤتمر، وفور عودته للقاهرة التقى مع السفارة الاميركية هناك.

وفيما يخص الثورة المصرية، تم طرح بعض الملاحظات والتي لا زالت قائمة حول بطء المجلس العسكري الاعلى في تلبية اهداف الثورة، كما وزج الولايات المتحدة بالبرادعي واحمد زويل في الحراك الشعبي وهما لا يملكون منه شيئا. ومن شأن هذه المعلومات اعلاه ان تلقي الضوء حول حقيقة تحرك، او عدمه، لبعض القوى المصرية التي تدعي مناهضة حكم مبارك، ومنها عمرو موسى على سبيل المثال. ويبقى السؤال برسم صناع الثورة الحقيقيين: ماذا انتم فاعلين بحركات وتجمعات مرتبطة بالولايات المتحدة بوضوح.

وعليه، لا يمكن استبعاد الدور الاميركي في ما يجري في ليبيا وارسال اشارات مؤيدة لـ “الثوار” هناك، خاصة وان بعضها طالب علنا بتدخل عسكري اميركي وأطلسي مباشر لاسقاط نظام القذافي (وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل.) كما لا يجوز اغفال حقيقة الهدف من وراء رفع العلم الليبي منذ 14 شباط / فبراير وهو الذي يمثل العهد الملكي البائد. اما العلم الليبي الحقيقي فقد مر بثلاث مراحل منذ اسقاط الملكية هناك: علم الجمهورية العربية الليبية بالوانه الثلاثة (الاحمر والابيض والاسود) وتم التعامل معه منذ عام 1969 الى 1971. وفي عام 1972، ابان فورة المطالبة بالوحدة مع مصر، اضيف النسر العربي ليتوسط العلم بالوانه الثلاثة المذكورة، وظل العمل ساريا به لحين 1977، حينما اعلن القذافي عن قيام “الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية” واضيفت العظمى لاحقا، والتي كان اللون الاخضر وحده رمزا لها. اذن، فان علم الجمهورية العربية الليبية (1969-1971) هو علم الاستقلال الحقيقي الذي تم تحت رايته تأميم النفط. ولعله ليس صدفة ان ينشط نجل ولي العهد الليبي المقيم في لندن والادلاء بدلوه في بداية الاحداث، وكأن المخابرات البريطانية تلوّح بخيار عودة الملكية التي ثار ضدها الشعب الليبي بكامل مكوناته.

ان الموقف من احداث ليبيا يتطلب ادراكا عميقا لكافة القوى العاملة، والوقوف بحزم ضد اي تدخل اجنبي مهما سوّغ له، عربيا ام دوليا، وان مصير ليبيا يبنيه ابناؤها بانفسهم. وعلى ثوار تونس ومصر اتخاذ زمام المبادرة، بحكم الموقع والتأثير، لمنع اي تدخل اجنبي هناك، لا سيما وان الولايات المتحدة طلبت من السعودية تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. كما وان المجلس العسكري الاعلى تقاعس عن انقاذ العمال المصريين الهاربين من شبح الحرب وترك الامر لسفن اجنبية وطائرات النقل الاميركية العملاقة، C-130، لترحيلهم من ميناء جزيرة جربه في تونس. فهل يعقل ان مصر لا تملك الامكانيات لانقاذ رعاياها، بينما تسخر القوى الغربية قواتها الجوية والبحرية لدخول الاراضي الليبية دون اذن منتهكة سيادتها بذلك.

*عربي مقيم في الولايات المتحدةبداية، هذا العنوان ليس من عندنا، وان كنا سنرشحه كعنوان لمقالتنا هذه، بل جاء على لسان مجلة “نيوزويك” الاميركية الرصينة، عدد 1 شباط / فبراير 2011، لتلقي الضوء عن حقيقة الترتيبات الاميركية لـ “القيام بثورة” في المنطقة العربية منذ عدة اعوام. ولا نهدف من وراء المعلومات المتضمنة الى النيل من الثورات الشعبية التي اطاحت بأحد أهم الدكتاتوريات العربية، نظام مبارك، بل للوقوف عند بعض الحقائق وتفحص المعلن عنه من مخططات اميركية تعد لوطننا.

وفي عدد “نيوزويك” المذكور، اميط اللثام عن لقاء عقد في جامعة كولومبيا بنيويورك في شهر ديسمبر 2007، استضاف عدد من الافراد الذين تعوّل عليهم الولايات المتحدة لتنفيذ اجندتها، ومن بينهم مسؤول “حركة 6 أبريل،” احمد ماهر، الى جانب شباب آخرين من بلدان اسيوية واميركا اللاتينية. وجاء في بيان الدعوة المعلن آنذاك، والذي لم يحظى باهتمام اعلامي ملموس، ان احد الاهداف الاساسية لعقده هو البحث في وسائل “القيام بالثورة” (هكذا) باستخدام ما توفره الشبكات الاعلامية الاجتماعية المتعددة.

ومن المفيد ان الجهة الداعية للمؤتمر “تحالف حركة الشباب” تعترف علنا بانها تتلقى مساعدات مالية مباشرة من وزارة الخارجية الاميركية. وقالت رئيسة “التحالف،” ستيفاني رودات، ان الهدف من النقاش هو تحديد عناصر القوة الكامنة في الشبكات الاعلامية الاجتماعية والرسائل النصية SMS والذهاب الى ما هو ابعد من اجندة سياسية محددة لاستخدامها في “التصدي للقمع والظلم والعنف الصادر عن المتشددين.”

وجدير بالذكر ان المؤتمر عقد بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أتت بباراك اوباما رئيسا، لكن اللافت انه اوعز لثلاثة من مساعديه الرئيسيين في حملته الانتخابية لحضور المؤتمر والتحدث فيه. كما حضره مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش من اجل البحث في “القيام بثورة” بالاعتماد على خصائص الشبكات الاعلامية الاجتماعية. وهنا بيت القصيد، اذ تمت دعوة مسؤول “حركة 6 أبريل” للمشاركة في المؤتمر وهو الذي كان مصنفا بانه ممنوع من السفر خارج مصر سابقا. وسيأتي على لسانه لاحقا طبيعة تحركاته والجهات التي اتصل بها واعدته للمهمة.

وقبل هذا التاريخ ببضعة اسابيع، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الشهيرة في عددها الصادر يوم 19 تشرين 2/نوفمبر2007، اعلان الخارجية الاميركية عن “تشكيل طاقم مهني اعلامي من ثلاثة افراد للتواصل الالكتروني مع العالم العربي وكتابة تعليقات على المواقع العربية المؤثرة” لنشر اهداف السياسة الاميركية ومن اجل “تعزيز الاراء المعتدلة بين الشباب المسلم ودفعه لنبذ الارهاب.” واوضح المسؤول عن البرنامج المذكور في وزارة الخارجية، وفق تقرير الصحيفة، دنكان ماك إينيس، ان المدير المسؤول عن حملة التدوين “هو شخصية رفيعة في وزارة الخارجية، وخدم سابقا في العراق، ووظيفته هي ادارة عملية التدوين والاشراف عليها ومناقشة كل المواد المعدة للنشر قبل الموافقة عليها.”

واسعفنا التقرير عن تحليل الدوافع لاهتمام وزارة الخارجية الاميركية بما “يدردش” به العرب بين بعضهم البعض، اذ ان وزارة الخارجية تولي اهمية عالية لجهد الانضمام لتلك النقاشات ودخول غرف الدردشة الخاصة منها والعامة، والتحلي باساليب جذابة لاضفاء صبغة الصدقية عليها، ومنها استخدام الشعر العربي في التواصل لمعرفتهم بولع العرب بالشعر. فهل يدرك شبابنا اهمية نقاشاتهم البريئة وامكانية استخدامها في “تجنيد” او ترشيح بعضهم للعمل في هذا الاطار.

لكن الأمر لا يقتصر على اهتمام وزارة الخارجية بالمدونات والتدوين فحسب، بل تشاركها وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، في حملة موازية للتأثير على سقف النقاشات المطروحة على الشبكات الاعلامية – وبالطبع يأتي الفيس بوك وتويتر في المقدمة.

وتورد صحيفة “واشنطن بوست،” في عددها المذكور، ان لدى القيادة المركزية للبنتاغون طاقم من المدونين الاخصائيين يتخذون من وزارة الدفاع مقرا لهم. ومن بين نشاطاتهم نشر “دليل للمدونين” حول الآليات والتوجهات المطلوب اتباعها. وقال مسؤول الاعلام المشترك، هال بيتمان، حسب الصحيفة، ان البنتاغون يستعين بعدد من الاختصاصيين في اللغة العربية خاصة ويتم التعاقد معهم كمستشارين حتى لا تستزنف موارد البنتاغون البشرية المحدودة في تلك المهمة. واضاف بيتمان ان “رسالتنا هي تحديد عناصر مستقبل واعد بديلا عن مسقبل كئيب ينادي به الارهابيون.”

اذن، نحن امام حملة منظمة ومدروسة تقوم بها اهم وزارتين في الحكومة الاميركية تستهدف الجيل المتعلم من العرب للتأثير على بلورة اراء مؤيدة، او على الاقل ايجابية، للسياسة الاميركية الخارجية.

وعودة الى ندوة جامعة كولومبيا، التي عقدت في كلية الحقوق هناك، لخص صاحب فكرة اللقاء، جيمس غلاسمان – نائب وزير الخارجية لشؤون الديبلوماسية العامة ابان ادارة جورج بوش – الاهداف المنوي تحقيقها بانها في “ابتداع آلية تتحكم بحركة التغيير وتوجهها للعزوف عن استخدام العنف عبر العالم.” واضاف غلاسمان ان ما دفعه لتوجيه الدعوة لمسؤولي “حركة 6 ابريل” المصرية هو موقفها المعلن المناهض للحكومة المصرية والتي تدعمها الادارة الاميركية بقوة. مستطردا ان “التناقض الظاهري” في هذه المعادلة (دعم النظام ومناوئية في آن واحد) ما هو الا ليتم توظيفه في خدمة الاستراتيجة الاميركية الشاملة فيما يخص مصر وتشجيع الشعب لارساء الديموقراطية.

اما مسؤول الحركة، احمد ماهر، فعلق على مشاركته في المؤتمر بالقول ان اهميته تكمن ليس في طبيعة المادة المطروحة للنقاش فحسب، بل بمركزية اقامة شبكة من العلاقات مع الآخرين والوافدين من الدول الاخرى. وحتى لا يترك ماهر اي مجال للاستنتاج، التقى مع مسؤولين في الخارجية الاميركية وبعض معاوني النواب في الكونغرس، بعد انفضاض المؤتمر، وفور عودته للقاهرة التقى مع السفارة الاميركية هناك.

وفيما يخص الثورة المصرية، تم طرح بعض الملاحظات والتي لا زالت قائمة حول بطء المجلس العسكري الاعلى في تلبية اهداف الثورة، كما وزج الولايات المتحدة بالبرادعي واحمد زويل في الحراك الشعبي وهما لا يملكون منه شيئا. ومن شأن هذه المعلومات اعلاه ان تلقي الضوء حول حقيقة تحرك، او عدمه، لبعض القوى المصرية التي تدعي مناهضة حكم مبارك، ومنها عمرو موسى على سبيل المثال. ويبقى السؤال برسم صناع الثورة الحقيقيين: ماذا انتم فاعلين بحركات وتجمعات مرتبطة بالولايات المتحدة بوضوح.

وعليه، لا يمكن استبعاد الدور الاميركي في ما يجري في ليبيا وارسال اشارات مؤيدة لـ “الثوار” هناك، خاصة وان بعضها طالب علنا بتدخل عسكري اميركي وأطلسي مباشر لاسقاط نظام القذافي (وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل.) كما لا يجوز اغفال حقيقة الهدف من وراء رفع العلم الليبي منذ 14 شباط / فبراير وهو الذي يمثل العهد الملكي البائد. اما العلم الليبي الحقيقي فقد مر بثلاث مراحل منذ اسقاط الملكية هناك: علم الجمهورية العربية الليبية بالوانه الثلاثة (الاحمر والابيض والاسود) وتم التعامل معه منذ عام 1969 الى 1971. وفي عام 1972، ابان فورة المطالبة بالوحدة مع مصر، اضيف النسر العربي ليتوسط العلم بالوانه الثلاثة المذكورة، وظل العمل ساريا به لحين 1977، حينما اعلن القذافي عن قيام “الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية” واضيفت العظمى لاحقا، والتي كان اللون الاخضر وحده رمزا لها. اذن، فان علم الجمهورية العربية الليبية (1969-1971) هو علم الاستقلال الحقيقي الذي تم تحت رايته تأميم النفط. ولعله ليس صدفة ان ينشط نجل ولي العهد الليبي المقيم في لندن والادلاء بدلوه في بداية الاحداث، وكأن المخابرات البريطانية تلوّح بخيار عودة الملكية التي ثار ضدها الشعب الليبي بكامل مكوناته.

ان الموقف من احداث ليبيا يتطلب ادراكا عميقا لكافة القوى العاملة، والوقوف بحزم ضد اي تدخل اجنبي مهما سوّغ له، عربيا ام دوليا، وان مصير ليبيا يبنيه ابناؤها بانفسهم. وعلى ثوار تونس ومصر اتخاذ زمام المبادرة، بحكم الموقع والتأثير، لمنع اي تدخل اجنبي هناك، لا سيما وان الولايات المتحدة طلبت من السعودية تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. كما وان المجلس العسكري الاعلى تقاعس عن انقاذ العمال المصريين الهاربين من شبح الحرب وترك الامر لسفن اجنبية وطائرات النقل الاميركية العملاقة، C-130، لترحيلهم من ميناء جزيرة جربه في تونس. فهل يعقل ان مصر لا تملك الامكانيات لانقاذ رعاياها، بينما تسخر القوى الغربية قواتها الجوية والبحرية لدخول الاراضي الليبية دون اذن منتهكة سيادتها بذلك.

*عربي مقيم في الولايات المتحدةبداية، هذا العنوان ليس من عندنا، وان كنا سنرشحه كعنوان لمقالتنا هذه، بل جاء على لسان مجلة “نيوزويك” الاميركية الرصينة، عدد 1 شباط / فبراير 2011، لتلقي الضوء عن حقيقة الترتيبات الاميركية لـ “القيام بثورة” في المنطقة العربية منذ عدة اعوام. ولا نهدف من وراء المعلومات المتضمنة الى النيل من الثورات الشعبية التي اطاحت بأحد أهم الدكتاتوريات العربية، نظام مبارك، بل للوقوف عند بعض الحقائق وتفحص المعلن عنه من مخططات اميركية تعد لوطننا.

وفي عدد “نيوزويك” المذكور، اميط اللثام عن لقاء عقد في جامعة كولومبيا بنيويورك في شهر ديسمبر 2007، استضاف عدد من الافراد الذين تعوّل عليهم الولايات المتحدة لتنفيذ اجندتها، ومن بينهم مسؤول “حركة 6 أبريل،” احمد ماهر، الى جانب شباب آخرين من بلدان اسيوية واميركا اللاتينية. وجاء في بيان الدعوة المعلن آنذاك، والذي لم يحظى باهتمام اعلامي ملموس، ان احد الاهداف الاساسية لعقده هو البحث في وسائل “القيام بالثورة” (هكذا) باستخدام ما توفره الشبكات الاعلامية الاجتماعية المتعددة.

ومن المفيد ان الجهة الداعية للمؤتمر “تحالف حركة الشباب” تعترف علنا بانها تتلقى مساعدات مالية مباشرة من وزارة الخارجية الاميركية. وقالت رئيسة “التحالف،” ستيفاني رودات، ان الهدف من النقاش هو تحديد عناصر القوة الكامنة في الشبكات الاعلامية الاجتماعية والرسائل النصية SMS والذهاب الى ما هو ابعد من اجندة سياسية محددة لاستخدامها في “التصدي للقمع والظلم والعنف الصادر عن المتشددين.”

وجدير بالذكر ان المؤتمر عقد بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أتت بباراك اوباما رئيسا، لكن اللافت انه اوعز لثلاثة من مساعديه الرئيسيين في حملته الانتخابية لحضور المؤتمر والتحدث فيه. كما حضره مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش من اجل البحث في “القيام بثورة” بالاعتماد على خصائص الشبكات الاعلامية الاجتماعية. وهنا بيت القصيد، اذ تمت دعوة مسؤول “حركة 6 أبريل” للمشاركة في المؤتمر وهو الذي كان مصنفا بانه ممنوع من السفر خارج مصر سابقا. وسيأتي على لسانه لاحقا طبيعة تحركاته والجهات التي اتصل بها واعدته للمهمة.

وقبل هذا التاريخ ببضعة اسابيع، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الشهيرة في عددها الصادر يوم 19 تشرين 2/نوفمبر2007، اعلان الخارجية الاميركية عن “تشكيل طاقم مهني اعلامي من ثلاثة افراد للتواصل الالكتروني مع العالم العربي وكتابة تعليقات على المواقع العربية المؤثرة” لنشر اهداف السياسة الاميركية ومن اجل “تعزيز الاراء المعتدلة بين الشباب المسلم ودفعه لنبذ الارهاب.” واوضح المسؤول عن البرنامج المذكور في وزارة الخارجية، وفق تقرير الصحيفة، دنكان ماك إينيس، ان المدير المسؤول عن حملة التدوين “هو شخصية رفيعة في وزارة الخارجية، وخدم سابقا في العراق، ووظيفته هي ادارة عملية التدوين والاشراف عليها ومناقشة كل المواد المعدة للنشر قبل الموافقة عليها.”

واسعفنا التقرير عن تحليل الدوافع لاهتمام وزارة الخارجية الاميركية بما “يدردش” به العرب بين بعضهم البعض، اذ ان وزارة الخارجية تولي اهمية عالية لجهد الانضمام لتلك النقاشات ودخول غرف الدردشة الخاصة منها والعامة، والتحلي باساليب جذابة لاضفاء صبغة الصدقية عليها، ومنها استخدام الشعر العربي في التواصل لمعرفتهم بولع العرب بالشعر. فهل يدرك شبابنا اهمية نقاشاتهم البريئة وامكانية استخدامها في “تجنيد” او ترشيح بعضهم للعمل في هذا الاطار.

لكن الأمر لا يقتصر على اهتمام وزارة الخارجية بالمدونات والتدوين فحسب، بل تشاركها وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، في حملة موازية للتأثير على سقف النقاشات المطروحة على الشبكات الاعلامية – وبالطبع يأتي الفيس بوك وتويتر في المقدمة.

وتورد صحيفة “واشنطن بوست،” في عددها المذكور، ان لدى القيادة المركزية للبنتاغون طاقم من المدونين الاخصائيين يتخذون من وزارة الدفاع مقرا لهم. ومن بين نشاطاتهم نشر “دليل للمدونين” حول الآليات والتوجهات المطلوب اتباعها. وقال مسؤول الاعلام المشترك، هال بيتمان، حسب الصحيفة، ان البنتاغون يستعين بعدد من الاختصاصيين في اللغة العربية خاصة ويتم التعاقد معهم كمستشارين حتى لا تستزنف موارد البنتاغون البشرية المحدودة في تلك المهمة. واضاف بيتمان ان “رسالتنا هي تحديد عناصر مستقبل واعد بديلا عن مسقبل كئيب ينادي به الارهابيون.”

اذن، نحن امام حملة منظمة ومدروسة تقوم بها اهم وزارتين في الحكومة الاميركية تستهدف الجيل المتعلم من العرب للتأثير على بلورة اراء مؤيدة، او على الاقل ايجابية، للسياسة الاميركية الخارجية.

وعودة الى ندوة جامعة كولومبيا، التي عقدت في كلية الحقوق هناك، لخص صاحب فكرة اللقاء، جيمس غلاسمان – نائب وزير الخارجية لشؤون الديبلوماسية العامة ابان ادارة جورج بوش – الاهداف المنوي تحقيقها بانها في “ابتداع آلية تتحكم بحركة التغيير وتوجهها للعزوف عن استخدام العنف عبر العالم.” واضاف غلاسمان ان ما دفعه لتوجيه الدعوة لمسؤولي “حركة 6 ابريل” المصرية هو موقفها المعلن المناهض للحكومة المصرية والتي تدعمها الادارة الاميركية بقوة. مستطردا ان “التناقض الظاهري” في هذه المعادلة (دعم النظام ومناوئية في آن واحد) ما هو الا ليتم توظيفه في خدمة الاستراتيجة الاميركية الشاملة فيما يخص مصر وتشجيع الشعب لارساء الديموقراطية.

اما مسؤول الحركة، احمد ماهر، فعلق على مشاركته في المؤتمر بالقول ان اهميته تكمن ليس في طبيعة المادة المطروحة للنقاش فحسب، بل بمركزية اقامة شبكة من العلاقات مع الآخرين والوافدين من الدول الاخرى. وحتى لا يترك ماهر اي مجال للاستنتاج، التقى مع مسؤولين في الخارجية الاميركية وبعض معاوني النواب في الكونغرس، بعد انفضاض المؤتمر، وفور عودته للقاهرة التقى مع السفارة الاميركية هناك.

وفيما يخص الثورة المصرية، تم طرح بعض الملاحظات والتي لا زالت قائمة حول بطء المجلس العسكري الاعلى في تلبية اهداف الثورة، كما وزج الولايات المتحدة بالبرادعي واحمد زويل في الحراك الشعبي وهما لا يملكون منه شيئا. ومن شأن هذه المعلومات اعلاه ان تلقي الضوء حول حقيقة تحرك، او عدمه، لبعض القوى المصرية التي تدعي مناهضة حكم مبارك، ومنها عمرو موسى على سبيل المثال. ويبقى السؤال برسم صناع الثورة الحقيقيين: ماذا انتم فاعلين بحركات وتجمعات مرتبطة بالولايات المتحدة بوضوح.

وعليه، لا يمكن استبعاد الدور الاميركي في ما يجري في ليبيا وارسال اشارات مؤيدة لـ “الثوار” هناك، خاصة وان بعضها طالب علنا بتدخل عسكري اميركي وأطلسي مباشر لاسقاط نظام القذافي (وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل.) كما لا يجوز اغفال حقيقة الهدف من وراء رفع العلم الليبي منذ 14 شباط / فبراير وهو الذي يمثل العهد الملكي البائد. اما العلم الليبي الحقيقي فقد مر بثلاث مراحل منذ اسقاط الملكية هناك: علم الجمهورية العربية الليبية بالوانه الثلاثة (الاحمر والابيض والاسود) وتم التعامل معه منذ عام 1969 الى 1971. وفي عام 1972، ابان فورة المطالبة بالوحدة مع مصر، اضيف النسر العربي ليتوسط العلم بالوانه الثلاثة المذكورة، وظل العمل ساريا به لحين 1977، حينما اعلن القذافي عن قيام “الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية” واضيفت العظمى لاحقا، والتي كان اللون الاخضر وحده رمزا لها. اذن، فان علم الجمهورية العربية الليبية (1969-1971) هو علم الاستقلال الحقيقي الذي تم تحت رايته تأميم النفط. ولعله ليس صدفة ان ينشط نجل ولي العهد الليبي المقيم في لندن والادلاء بدلوه في بداية الاحداث، وكأن المخابرات البريطانية تلوّح بخيار عودة الملكية التي ثار ضدها الشعب الليبي بكامل مكوناته.

ان الموقف من احداث ليبيا يتطلب ادراكا عميقا لكافة القوى العاملة، والوقوف بحزم ضد اي تدخل اجنبي مهما سوّغ له، عربيا ام دوليا، وان مصير ليبيا يبنيه ابناؤها بانفسهم. وعلى ثوار تونس ومصر اتخاذ زمام المبادرة، بحكم الموقع والتأثير، لمنع اي تدخل اجنبي هناك، لا سيما وان الولايات المتحدة طلبت من السعودية تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. كما وان المجلس العسكري الاعلى تقاعس عن انقاذ العمال المصريين الهاربين من شبح الحرب وترك الامر لسفن اجنبية وطائرات النقل الاميركية العملاقة، C-130، لترحيلهم من ميناء جزيرة جربه في تونس. فهل يعقل ان مصر لا تملك الامكانيات لانقاذ رعاياها، بينما تسخر القوى الغربية قواتها الجوية والبحرية لدخول الاراضي الليبية دون اذن منتهكة سيادتها بذلك.

*عربي مقيم في الولايات المتحدةبداية، هذا العنوان ليس من عندنا، وان كنا سنرشحه كعنوان لمقالتنا هذه، بل جاء على لسان مجلة “نيوزويك” الاميركية الرصينة، عدد 1 شباط / فبراير 2011، لتلقي الضوء عن حقيقة الترتيبات الاميركية لـ “القيام بثورة” في المنطقة العربية منذ عدة اعوام. ولا نهدف من وراء المعلومات المتضمنة الى النيل من الثورات الشعبية التي اطاحت بأحد أهم الدكتاتوريات العربية، نظام مبارك، بل للوقوف عند بعض الحقائق وتفحص المعلن عنه من مخططات اميركية تعد لوطننا.

وفي عدد “نيوزويك” المذكور، اميط اللثام عن لقاء عقد في جامعة كولومبيا بنيويورك في شهر ديسمبر 2007، استضاف عدد من الافراد الذين تعوّل عليهم الولايات المتحدة لتنفيذ اجندتها، ومن بينهم مسؤول “حركة 6 أبريل،” احمد ماهر، الى جانب شباب آخرين من بلدان اسيوية واميركا اللاتينية. وجاء في بيان الدعوة المعلن آنذاك، والذي لم يحظى باهتمام اعلامي ملموس، ان احد الاهداف الاساسية لعقده هو البحث في وسائل “القيام بالثورة” (هكذا) باستخدام ما توفره الشبكات الاعلامية الاجتماعية المتعددة.

ومن المفيد ان الجهة الداعية للمؤتمر “تحالف حركة الشباب” تعترف علنا بانها تتلقى مساعدات مالية مباشرة من وزارة الخارجية الاميركية. وقالت رئيسة “التحالف،” ستيفاني رودات، ان الهدف من النقاش هو تحديد عناصر القوة الكامنة في الشبكات الاعلامية الاجتماعية والرسائل النصية SMS والذهاب الى ما هو ابعد من اجندة سياسية محددة لاستخدامها في “التصدي للقمع والظلم والعنف الصادر عن المتشددين.”

وجدير بالذكر ان المؤتمر عقد بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أتت بباراك اوباما رئيسا، لكن اللافت انه اوعز لثلاثة من مساعديه الرئيسيين في حملته الانتخابية لحضور المؤتمر والتحدث فيه. كما حضره مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش من اجل البحث في “القيام بثورة” بالاعتماد على خصائص الشبكات الاعلامية الاجتماعية. وهنا بيت القصيد، اذ تمت دعوة مسؤول “حركة 6 أبريل” للمشاركة في المؤتمر وهو الذي كان مصنفا بانه ممنوع من السفر خارج مصر سابقا. وسيأتي على لسانه لاحقا طبيعة تحركاته والجهات التي اتصل بها واعدته للمهمة.

وقبل هذا التاريخ ببضعة اسابيع، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الشهيرة في عددها الصادر يوم 19 تشرين 2/نوفمبر2007، اعلان الخارجية الاميركية عن “تشكيل طاقم مهني اعلامي من ثلاثة افراد للتواصل الالكتروني مع العالم العربي وكتابة تعليقات على المواقع العربية المؤثرة” لنشر اهداف السياسة الاميركية ومن اجل “تعزيز الاراء المعتدلة بين الشباب المسلم ودفعه لنبذ الارهاب.” واوضح المسؤول عن البرنامج المذكور في وزارة الخارجية، وفق تقرير الصحيفة، دنكان ماك إينيس، ان المدير المسؤول عن حملة التدوين “هو شخصية رفيعة في وزارة الخارجية، وخدم سابقا في العراق، ووظيفته هي ادارة عملية التدوين والاشراف عليها ومناقشة كل المواد المعدة للنشر قبل الموافقة عليها.”

واسعفنا التقرير عن تحليل الدوافع لاهتمام وزارة الخارجية الاميركية بما “يدردش” به العرب بين بعضهم البعض، اذ ان وزارة الخارجية تولي اهمية عالية لجهد الانضمام لتلك النقاشات ودخول غرف الدردشة الخاصة منها والعامة، والتحلي باساليب جذابة لاضفاء صبغة الصدقية عليها، ومنها استخدام الشعر العربي في التواصل لمعرفتهم بولع العرب بالشعر. فهل يدرك شبابنا اهمية نقاشاتهم البريئة وامكانية استخدامها في “تجنيد” او ترشيح بعضهم للعمل في هذا الاطار.

لكن الأمر لا يقتصر على اهتمام وزارة الخارجية بالمدونات والتدوين فحسب، بل تشاركها وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، في حملة موازية للتأثير على سقف النقاشات المطروحة على الشبكات الاعلامية – وبالطبع يأتي الفيس بوك وتويتر في المقدمة.

وتورد صحيفة “واشنطن بوست،” في عددها المذكور، ان لدى القيادة المركزية للبنتاغون طاقم من المدونين الاخصائيين يتخذون من وزارة الدفاع مقرا لهم. ومن بين نشاطاتهم نشر “دليل للمدونين” حول الآليات والتوجهات المطلوب اتباعها. وقال مسؤول الاعلام المشترك، هال بيتمان، حسب الصحيفة، ان البنتاغون يستعين بعدد من الاختصاصيين في اللغة العربية خاصة ويتم التعاقد معهم كمستشارين حتى لا تستزنف موارد البنتاغون البشرية المحدودة في تلك المهمة. واضاف بيتمان ان “رسالتنا هي تحديد عناصر مستقبل واعد بديلا عن مسقبل كئيب ينادي به الارهابيون.”

اذن، نحن امام حملة منظمة ومدروسة تقوم بها اهم وزارتين في الحكومة الاميركية تستهدف الجيل المتعلم من العرب للتأثير على بلورة اراء مؤيدة، او على الاقل ايجابية، للسياسة الاميركية الخارجية.

وعودة الى ندوة جامعة كولومبيا، التي عقدت في كلية الحقوق هناك، لخص صاحب فكرة اللقاء، جيمس غلاسمان – نائب وزير الخارجية لشؤون الديبلوماسية العامة ابان ادارة جورج بوش – الاهداف المنوي تحقيقها بانها في “ابتداع آلية تتحكم بحركة التغيير وتوجهها للعزوف عن استخدام العنف عبر العالم.” واضاف غلاسمان ان ما دفعه لتوجيه الدعوة لمسؤولي “حركة 6 ابريل” المصرية هو موقفها المعلن المناهض للحكومة المصرية والتي تدعمها الادارة الاميركية بقوة. مستطردا ان “التناقض الظاهري” في هذه المعادلة (دعم النظام ومناوئية في آن واحد) ما هو الا ليتم توظيفه في خدمة الاستراتيجة الاميركية الشاملة فيما يخص مصر وتشجيع الشعب لارساء الديموقراطية.

اما مسؤول الحركة، احمد ماهر، فعلق على مشاركته في المؤتمر بالقول ان اهميته تكمن ليس في طبيعة المادة المطروحة للنقاش فحسب، بل بمركزية اقامة شبكة من العلاقات مع الآخرين والوافدين من الدول الاخرى. وحتى لا يترك ماهر اي مجال للاستنتاج، التقى مع مسؤولين في الخارجية الاميركية وبعض معاوني النواب في الكونغرس، بعد انفضاض المؤتمر، وفور عودته للقاهرة التقى مع السفارة الاميركية هناك.

وفيما يخص الثورة المصرية، تم طرح بعض الملاحظات والتي لا زالت قائمة حول بطء المجلس العسكري الاعلى في تلبية اهداف الثورة، كما وزج الولايات المتحدة بالبرادعي واحمد زويل في الحراك الشعبي وهما لا يملكون منه شيئا. ومن شأن هذه المعلومات اعلاه ان تلقي الضوء حول حقيقة تحرك، او عدمه، لبعض القوى المصرية التي تدعي مناهضة حكم مبارك، ومنها عمرو موسى على سبيل المثال. ويبقى السؤال برسم صناع الثورة الحقيقيين: ماذا انتم فاعلين بحركات وتجمعات مرتبطة بالولايات المتحدة بوضوح.

وعليه، لا يمكن استبعاد الدور الاميركي في ما يجري في ليبيا وارسال اشارات مؤيدة لـ “الثوار” هناك، خاصة وان بعضها طالب علنا بتدخل عسكري اميركي وأطلسي مباشر لاسقاط نظام القذافي (وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل.) كما لا يجوز اغفال حقيقة الهدف من وراء رفع العلم الليبي منذ 14 شباط / فبراير وهو الذي يمثل العهد الملكي البائد. اما العلم الليبي الحقيقي فقد مر بثلاث مراحل منذ اسقاط الملكية هناك: علم الجمهورية العربية الليبية بالوانه الثلاثة (الاحمر والابيض والاسود) وتم التعامل معه منذ عام 1969 الى 1971. وفي عام 1972، ابان فورة المطالبة بالوحدة مع مصر، اضيف النسر العربي ليتوسط العلم بالوانه الثلاثة المذكورة، وظل العمل ساريا به لحين 1977، حينما اعلن القذافي عن قيام “الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية” واضيفت العظمى لاحقا، والتي كان اللون الاخضر وحده رمزا لها. اذن، فان علم الجمهورية العربية الليبية (1969-1971) هو علم الاستقلال الحقيقي الذي تم تحت رايته تأميم النفط. ولعله ليس صدفة ان ينشط نجل ولي العهد الليبي المقيم في لندن والادلاء بدلوه في بداية الاحداث، وكأن المخابرات البريطانية تلوّح بخيار عودة الملكية التي ثار ضدها الشعب الليبي بكامل مكوناته.

ان الموقف من احداث ليبيا يتطلب ادراكا عميقا لكافة القوى العاملة، والوقوف بحزم ضد اي تدخل اجنبي مهما سوّغ له، عربيا ام دوليا، وان مصير ليبيا يبنيه ابناؤها بانفسهم. وعلى ثوار تونس ومصر اتخاذ زمام المبادرة، بحكم الموقع والتأثير، لمنع اي تدخل اجنبي هناك، لا سيما وان الولايات المتحدة طلبت من السعودية تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. كما وان المجلس العسكري الاعلى تقاعس عن انقاذ العمال المصريين الهاربين من شبح الحرب وترك الامر لسفن اجنبية وطائرات النقل الاميركية العملاقة، C-130، لترحيلهم من ميناء جزيرة جربه في تونس. فهل يعقل ان مصر لا تملك الامكانيات لانقاذ رعاياها، بينما تسخر القوى الغربية قواتها الجوية والبحرية لدخول الاراضي الليبية دون اذن منتهكة سيادتها بذلك.

*عربي مقيم في الولايات المتحدةبداية، هذا العنوان ليس من عندنا، وان كنا سنرشحه كعنوان لمقالتنا هذه، بل جاء على لسان مجلة “نيوزويك” الاميركية الرصينة، عدد 1 شباط / فبراير 2011، لتلقي الضوء عن حقيقة الترتيبات الاميركية لـ “القيام بثورة” في المنطقة العربية منذ عدة اعوام. ولا نهدف من وراء المعلومات المتضمنة الى النيل من الثورات الشعبية التي اطاحت بأحد أهم الدكتاتوريات العربية، نظام مبارك، بل للوقوف عند بعض الحقائق وتفحص المعلن عنه من مخططات اميركية تعد لوطننا.

وفي عدد “نيوزويك” المذكور، اميط اللثام عن لقاء عقد في جامعة كولومبيا بنيويورك في شهر ديسمبر 2007، استضاف عدد من الافراد الذين تعوّل عليهم الولايات المتحدة لتنفيذ اجندتها، ومن بينهم مسؤول “حركة 6 أبريل،” احمد ماهر، الى جانب شباب آخرين من بلدان اسيوية واميركا اللاتينية. وجاء في بيان الدعوة المعلن آنذاك، والذي لم يحظى باهتمام اعلامي ملموس، ان احد الاهداف الاساسية لعقده هو البحث في وسائل “القيام بالثورة” (هكذا) باستخدام ما توفره الشبكات الاعلامية الاجتماعية المتعددة.

ومن المفيد ان الجهة الداعية للمؤتمر “تحالف حركة الشباب” تعترف علنا بانها تتلقى مساعدات مالية مباشرة من وزارة الخارجية الاميركية. وقالت رئيسة “التحالف،” ستيفاني رودات، ان الهدف من النقاش هو تحديد عناصر القوة الكامنة في الشبكات الاعلامية الاجتماعية والرسائل النصية SMS والذهاب الى ما هو ابعد من اجندة سياسية محددة لاستخدامها في “التصدي للقمع والظلم والعنف الصادر عن المتشددين.”

وجدير بالذكر ان المؤتمر عقد بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أتت بباراك اوباما رئيسا، لكن اللافت انه اوعز لثلاثة من مساعديه الرئيسيين في حملته الانتخابية لحضور المؤتمر والتحدث فيه. كما حضره مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش من اجل البحث في “القيام بثورة” بالاعتماد على خصائص الشبكات الاعلامية الاجتماعية. وهنا بيت القصيد، اذ تمت دعوة مسؤول “حركة 6 أبريل” للمشاركة في المؤتمر وهو الذي كان مصنفا بانه ممنوع من السفر خارج مصر سابقا. وسيأتي على لسانه لاحقا طبيعة تحركاته والجهات التي اتصل بها واعدته للمهمة.

وقبل هذا التاريخ ببضعة اسابيع، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الشهيرة في عددها الصادر يوم 19 تشرين 2/نوفمبر2007، اعلان الخارجية الاميركية عن “تشكيل طاقم مهني اعلامي من ثلاثة افراد للتواصل الالكتروني مع العالم العربي وكتابة تعليقات على المواقع العربية المؤثرة” لنشر اهداف السياسة الاميركية ومن اجل “تعزيز الاراء المعتدلة بين الشباب المسلم ودفعه لنبذ الارهاب.” واوضح المسؤول عن البرنامج المذكور في وزارة الخارجية، وفق تقرير الصحيفة، دنكان ماك إينيس، ان المدير المسؤول عن حملة التدوين “هو شخصية رفيعة في وزارة الخارجية، وخدم سابقا في العراق، ووظيفته هي ادارة عملية التدوين والاشراف عليها ومناقشة كل المواد المعدة للنشر قبل الموافقة عليها.”

واسعفنا التقرير عن تحليل الدوافع لاهتمام وزارة الخارجية الاميركية بما “يدردش” به العرب بين بعضهم البعض، اذ ان وزارة الخارجية تولي اهمية عالية لجهد الانضمام لتلك النقاشات ودخول غرف الدردشة الخاصة منها والعامة، والتحلي باساليب جذابة لاضفاء صبغة الصدقية عليها، ومنها استخدام الشعر العربي في التواصل لمعرفتهم بولع العرب بالشعر. فهل يدرك شبابنا اهمية نقاشاتهم البريئة وامكانية استخدامها في “تجنيد” او ترشيح بعضهم للعمل في هذا الاطار.

لكن الأمر لا يقتصر على اهتمام وزارة الخارجية بالمدونات والتدوين فحسب، بل تشاركها وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، في حملة موازية للتأثير على سقف النقاشات المطروحة على الشبكات الاعلامية – وبالطبع يأتي الفيس بوك وتويتر في المقدمة.

وتورد صحيفة “واشنطن بوست،” في عددها المذكور، ان لدى القيادة المركزية للبنتاغون طاقم من المدونين الاخصائيين يتخذون من وزارة الدفاع مقرا لهم. ومن بين نشاطاتهم نشر “دليل للمدونين” حول الآليات والتوجهات المطلوب اتباعها. وقال مسؤول الاعلام المشترك، هال بيتمان، حسب الصحيفة، ان البنتاغون يستعين بعدد من الاختصاصيين في اللغة العربية خاصة ويتم التعاقد معهم كمستشارين حتى لا تستزنف موارد البنتاغون البشرية المحدودة في تلك المهمة. واضاف بيتمان ان “رسالتنا هي تحديد عناصر مستقبل واعد بديلا عن مسقبل كئيب ينادي به الارهابيون.”

اذن، نحن امام حملة منظمة ومدروسة تقوم بها اهم وزارتين في الحكومة الاميركية تستهدف الجيل المتعلم من العرب للتأثير على بلورة اراء مؤيدة، او على الاقل ايجابية، للسياسة الاميركية الخارجية.

وعودة الى ندوة جامعة كولومبيا، التي عقدت في كلية الحقوق هناك، لخص صاحب فكرة اللقاء، جيمس غلاسمان – نائب وزير الخارجية لشؤون الديبلوماسية العامة ابان ادارة جورج بوش – الاهداف المنوي تحقيقها بانها في “ابتداع آلية تتحكم بحركة التغيير وتوجهها للعزوف عن استخدام العنف عبر العالم.” واضاف غلاسمان ان ما دفعه لتوجيه الدعوة لمسؤولي “حركة 6 ابريل” المصرية هو موقفها المعلن المناهض للحكومة المصرية والتي تدعمها الادارة الاميركية بقوة. مستطردا ان “التناقض الظاهري” في هذه المعادلة (دعم النظام ومناوئية في آن واحد) ما هو الا ليتم توظيفه في خدمة الاستراتيجة الاميركية الشاملة فيما يخص مصر وتشجيع الشعب لارساء الديموقراطية.

اما مسؤول الحركة، احمد ماهر، فعلق على مشاركته في المؤتمر بالقول ان اهميته تكمن ليس في طبيعة المادة المطروحة للنقاش فحسب، بل بمركزية اقامة شبكة من العلاقات مع الآخرين والوافدين من الدول الاخرى. وحتى لا يترك ماهر اي مجال للاستنتاج، التقى مع مسؤولين في الخارجية الاميركية وبعض معاوني النواب في الكونغرس، بعد انفضاض المؤتمر، وفور عودته للقاهرة التقى مع السفارة الاميركية هناك.

وفيما يخص الثورة المصرية، تم طرح بعض الملاحظات والتي لا زالت قائمة حول بطء المجلس العسكري الاعلى في تلبية اهداف الثورة، كما وزج الولايات المتحدة بالبرادعي واحمد زويل في الحراك الشعبي وهما لا يملكون منه شيئا. ومن شأن هذه المعلومات اعلاه ان تلقي الضوء حول حقيقة تحرك، او عدمه، لبعض القوى المصرية التي تدعي مناهضة حكم مبارك، ومنها عمرو موسى على سبيل المثال. ويبقى السؤال برسم صناع الثورة الحقيقيين: ماذا انتم فاعلين بحركات وتجمعات مرتبطة بالولايات المتحدة بوضوح.

وعليه، لا يمكن استبعاد الدور الاميركي في ما يجري في ليبيا وارسال اشارات مؤيدة لـ “الثوار” هناك، خاصة وان بعضها طالب علنا بتدخل عسكري اميركي وأطلسي مباشر لاسقاط نظام القذافي (وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل.) كما لا يجوز اغفال حقيقة الهدف من وراء رفع العلم الليبي منذ 14 شباط / فبراير وهو الذي يمثل العهد الملكي البائد. اما العلم الليبي الحقيقي فقد مر بثلاث مراحل منذ اسقاط الملكية هناك: علم الجمهورية العربية الليبية بالوانه الثلاثة (الاحمر والابيض والاسود) وتم التعامل معه منذ عام 1969 الى 1971. وفي عام 1972، ابان فورة المطالبة بالوحدة مع مصر، اضيف النسر العربي ليتوسط العلم بالوانه الثلاثة المذكورة، وظل العمل ساريا به لحين 1977، حينما اعلن القذافي عن قيام “الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية” واضيفت العظمى لاحقا، والتي كان اللون الاخضر وحده رمزا لها. اذن، فان علم الجمهورية العربية الليبية (1969-1971) هو علم الاستقلال الحقيقي الذي تم تحت رايته تأميم النفط. ولعله ليس صدفة ان ينشط نجل ولي العهد الليبي المقيم في لندن والادلاء بدلوه في بداية الاحداث، وكأن المخابرات البريطانية تلوّح بخيار عودة الملكية التي ثار ضدها الشعب الليبي بكامل مكوناته.

ان الموقف من احداث ليبيا يتطلب ادراكا عميقا لكافة القوى العاملة، والوقوف بحزم ضد اي تدخل اجنبي مهما سوّغ له، عربيا ام دوليا، وان مصير ليبيا يبنيه ابناؤها بانفسهم. وعلى ثوار تونس ومصر اتخاذ زمام المبادرة، بحكم الموقع والتأثير، لمنع اي تدخل اجنبي هناك، لا سيما وان الولايات المتحدة طلبت من السعودية تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. كما وان المجلس العسكري الاعلى تقاعس عن انقاذ العمال المصريين الهاربين من شبح الحرب وترك الامر لسفن اجنبية وطائرات النقل الاميركية العملاقة، C-130، لترحيلهم من ميناء جزيرة جربه في تونس. فهل يعقل ان مصر لا تملك الامكانيات لانقاذ رعاياها، بينما تسخر القوى الغربية قواتها الجوية والبحرية لدخول الاراضي الليبية دون اذن منتهكة سيادتها بذلك.

*عربي مقيم في الولايات المتحدةبداية، هذا العنوان ليس من عندنا، وان كنا سنرشحه كعنوان لمقالتنا هذه، بل جاء على لسان مجلة “نيوزويك” الاميركية الرصينة، عدد 1 شباط / فبراير 2011، لتلقي الضوء عن حقيقة الترتيبات الاميركية لـ “القيام بثورة” في المنطقة العربية منذ عدة اعوام. ولا نهدف من وراء المعلومات المتضمنة الى النيل من الثورات الشعبية التي اطاحت بأحد أهم الدكتاتوريات العربية، نظام مبارك، بل للوقوف عند بعض الحقائق وتفحص المعلن عنه من مخططات اميركية تعد لوطننا.

وفي عدد “نيوزويك” المذكور، اميط اللثام عن لقاء عقد في جامعة كولومبيا بنيويورك في شهر ديسمبر 2007، استضاف عدد من الافراد الذين تعوّل عليهم الولايات المتحدة لتنفيذ اجندتها، ومن بينهم مسؤول “حركة 6 أبريل،” احمد ماهر، الى جانب شباب آخرين من بلدان اسيوية واميركا اللاتينية. وجاء في بيان الدعوة المعلن آنذاك، والذي لم يحظى باهتمام اعلامي ملموس، ان احد الاهداف الاساسية لعقده هو البحث في وسائل “القيام بالثورة” (هكذا) باستخدام ما توفره الشبكات الاعلامية الاجتماعية المتعددة.

ومن المفيد ان الجهة الداعية للمؤتمر “تحالف حركة الشباب” تعترف علنا بانها تتلقى مساعدات مالية مباشرة من وزارة الخارجية الاميركية. وقالت رئيسة “التحالف،” ستيفاني رودات، ان الهدف من النقاش هو تحديد عناصر القوة الكامنة في الشبكات الاعلامية الاجتماعية والرسائل النصية SMS والذهاب الى ما هو ابعد من اجندة سياسية محددة لاستخدامها في “التصدي للقمع والظلم والعنف الصادر عن المتشددين.”

وجدير بالذكر ان المؤتمر عقد بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أتت بباراك اوباما رئيسا، لكن اللافت انه اوعز لثلاثة من مساعديه الرئيسيين في حملته الانتخابية لحضور المؤتمر والتحدث فيه. كما حضره مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش من اجل البحث في “القيام بثورة” بالاعتماد على خصائص الشبكات الاعلامية الاجتماعية. وهنا بيت القصيد، اذ تمت دعوة مسؤول “حركة 6 أبريل” للمشاركة في المؤتمر وهو الذي كان مصنفا بانه ممنوع من السفر خارج مصر سابقا. وسيأتي على لسانه لاحقا طبيعة تحركاته والجهات التي اتصل بها واعدته للمهمة.

وقبل هذا التاريخ ببضعة اسابيع، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الشهيرة في عددها الصادر يوم 19 تشرين 2/نوفمبر2007، اعلان الخارجية الاميركية عن “تشكيل طاقم مهني اعلامي من ثلاثة افراد للتواصل الالكتروني مع العالم العربي وكتابة تعليقات على المواقع العربية المؤثرة” لنشر اهداف السياسة الاميركية ومن اجل “تعزيز الاراء المعتدلة بين الشباب المسلم ودفعه لنبذ الارهاب.” واوضح المسؤول عن البرنامج المذكور في وزارة الخارجية، وفق تقرير الصحيفة، دنكان ماك إينيس، ان المدير المسؤول عن حملة التدوين “هو شخصية رفيعة في وزارة الخارجية، وخدم سابقا في العراق، ووظيفته هي ادارة عملية التدوين والاشراف عليها ومناقشة كل المواد المعدة للنشر قبل الموافقة عليها.”

واسعفنا التقرير عن تحليل الدوافع لاهتمام وزارة الخارجية الاميركية بما “يدردش” به العرب بين بعضهم البعض، اذ ان وزارة الخارجية تولي اهمية عالية لجهد الانضمام لتلك النقاشات ودخول غرف الدردشة الخاصة منها والعامة، والتحلي باساليب جذابة لاضفاء صبغة الصدقية عليها، ومنها استخدام الشعر العربي في التواصل لمعرفتهم بولع العرب بالشعر. فهل يدرك شبابنا اهمية نقاشاتهم البريئة وامكانية استخدامها في “تجنيد” او ترشيح بعضهم للعمل في هذا الاطار.

لكن الأمر لا يقتصر على اهتمام وزارة الخارجية بالمدونات والتدوين فحسب، بل تشاركها وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، في حملة موازية للتأثير على سقف النقاشات المطروحة على الشبكات الاعلامية – وبالطبع يأتي الفيس بوك وتويتر في المقدمة.

وتورد صحيفة “واشنطن بوست،” في عددها المذكور، ان لدى القيادة المركزية للبنتاغون طاقم من المدونين الاخصائيين يتخذون من وزارة الدفاع مقرا لهم. ومن بين نشاطاتهم نشر “دليل للمدونين” حول الآليات والتوجهات المطلوب اتباعها. وقال مسؤول الاعلام المشترك، هال بيتمان، حسب الصحيفة، ان البنتاغون يستعين بعدد من الاختصاصيين في اللغة العربية خاصة ويتم التعاقد معهم كمستشارين حتى لا تستزنف موارد البنتاغون البشرية المحدودة في تلك المهمة. واضاف بيتمان ان “رسالتنا هي تحديد عناصر مستقبل واعد بديلا عن مسقبل كئيب ينادي به الارهابيون.”

اذن، نحن امام حملة منظمة ومدروسة تقوم بها اهم وزارتين في الحكومة الاميركية تستهدف الجيل المتعلم من العرب للتأثير على بلورة اراء مؤيدة، او على الاقل ايجابية، للسياسة الاميركية الخارجية.

وعودة الى ندوة جامعة كولومبيا، التي عقدت في كلية الحقوق هناك، لخص صاحب فكرة اللقاء، جيمس غلاسمان – نائب وزير الخارجية لشؤون الديبلوماسية العامة ابان ادارة جورج بوش – الاهداف المنوي تحقيقها بانها في “ابتداع آلية تتحكم بحركة التغيير وتوجهها للعزوف عن استخدام العنف عبر العالم.” واضاف غلاسمان ان ما دفعه لتوجيه الدعوة لمسؤولي “حركة 6 ابريل” المصرية هو موقفها المعلن المناهض للحكومة المصرية والتي تدعمها الادارة الاميركية بقوة. مستطردا ان “التناقض الظاهري” في هذه المعادلة (دعم النظام ومناوئية في آن واحد) ما هو الا ليتم توظيفه في خدمة الاستراتيجة الاميركية الشاملة فيما يخص مصر وتشجيع الشعب لارساء الديموقراطية.

اما مسؤول الحركة، احمد ماهر، فعلق على مشاركته في المؤتمر بالقول ان اهميته تكمن ليس في طبيعة المادة المطروحة للنقاش فحسب، بل بمركزية اقامة شبكة من العلاقات مع الآخرين والوافدين من الدول الاخرى. وحتى لا يترك ماهر اي مجال للاستنتاج، التقى مع مسؤولين في الخارجية الاميركية وبعض معاوني النواب في الكونغرس، بعد انفضاض المؤتمر، وفور عودته للقاهرة التقى مع السفارة الاميركية هناك.

وفيما يخص الثورة المصرية، تم طرح بعض الملاحظات والتي لا زالت قائمة حول بطء المجلس العسكري الاعلى في تلبية اهداف الثورة، كما وزج الولايات المتحدة بالبرادعي واحمد زويل في الحراك الشعبي وهما لا يملكون منه شيئا. ومن شأن هذه المعلومات اعلاه ان تلقي الضوء حول حقيقة تحرك، او عدمه، لبعض القوى المصرية التي تدعي مناهضة حكم مبارك، ومنها عمرو موسى على سبيل المثال. ويبقى السؤال برسم صناع الثورة الحقيقيين: ماذا انتم فاعلين بحركات وتجمعات مرتبطة بالولايات المتحدة بوضوح.

وعليه، لا يمكن استبعاد الدور الاميركي في ما يجري في ليبيا وارسال اشارات مؤيدة لـ “الثوار” هناك، خاصة وان بعضها طالب علنا بتدخل عسكري اميركي وأطلسي مباشر لاسقاط نظام القذافي (وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل.) كما لا يجوز اغفال حقيقة الهدف من وراء رفع العلم الليبي منذ 14 شباط / فبراير وهو الذي يمثل العهد الملكي البائد. اما العلم الليبي الحقيقي فقد مر بثلاث مراحل منذ اسقاط الملكية هناك: علم الجمهورية العربية الليبية بالوانه الثلاثة (الاحمر والابيض والاسود) وتم التعامل معه منذ عام 1969 الى 1971. وفي عام 1972، ابان فورة المطالبة بالوحدة مع مصر، اضيف النسر العربي ليتوسط العلم بالوانه الثلاثة المذكورة، وظل العمل ساريا به لحين 1977، حينما اعلن القذافي عن قيام “الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية” واضيفت العظمى لاحقا، والتي كان اللون الاخضر وحده رمزا لها. اذن، فان علم الجمهورية العربية الليبية (1969-1971) هو علم الاستقلال الحقيقي الذي تم تحت رايته تأميم النفط. ولعله ليس صدفة ان ينشط نجل ولي العهد الليبي المقيم في لندن والادلاء بدلوه في بداية الاحداث، وكأن المخابرات البريطانية تلوّح بخيار عودة الملكية التي ثار ضدها الشعب الليبي بكامل مكوناته.

ان الموقف من احداث ليبيا يتطلب ادراكا عميقا لكافة القوى العاملة، والوقوف بحزم ضد اي تدخل اجنبي مهما سوّغ له، عربيا ام دوليا، وان مصير ليبيا يبنيه ابناؤها بانفسهم. وعلى ثوار تونس ومصر اتخاذ زمام المبادرة، بحكم الموقع والتأثير، لمنع اي تدخل اجنبي هناك، لا سيما وان الولايات المتحدة طلبت من السعودية تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. كما وان المجلس العسكري الاعلى تقاعس عن انقاذ العمال المصريين الهاربين من شبح الحرب وترك الامر لسفن اجنبية وطائرات النقل الاميركية العملاقة، C-130، لترحيلهم من ميناء جزيرة جربه في تونس. فهل يعقل ان مصر لا تملك الامكانيات لانقاذ رعاياها، بينما تسخر القوى الغربية قواتها الجوية والبحرية لدخول الاراضي الليبية دون اذن منتهكة سيادتها بذلك.

*عربي مقيم في الولايات المتحدةبداية، هذا العنوان ليس من عندنا، وان كنا سنرشحه كعنوان لمقالتنا هذه، بل جاء على لسان مجلة “نيوزويك” الاميركية الرصينة، عدد 1 شباط / فبراير 2011، لتلقي الضوء عن حقيقة الترتيبات الاميركية لـ “القيام بثورة” في المنطقة العربية منذ عدة اعوام. ولا نهدف من وراء المعلومات المتضمنة الى النيل من الثورات الشعبية التي اطاحت بأحد أهم الدكتاتوريات العربية، نظام مبارك، بل للوقوف عند بعض الحقائق وتفحص المعلن عنه من مخططات اميركية تعد لوطننا.

وفي عدد “نيوزويك” المذكور، اميط اللثام عن لقاء عقد في جامعة كولومبيا بنيويورك في شهر ديسمبر 2007، استضاف عدد من الافراد الذين تعوّل عليهم الولايات المتحدة لتنفيذ اجندتها، ومن بينهم مسؤول “حركة 6 أبريل،” احمد ماهر، الى جانب شباب آخرين من بلدان اسيوية واميركا اللاتينية. وجاء في بيان الدعوة المعلن آنذاك، والذي لم يحظى باهتمام اعلامي ملموس، ان احد الاهداف الاساسية لعقده هو البحث في وسائل “القيام بالثورة” (هكذا) باستخدام ما توفره الشبكات الاعلامية الاجتماعية المتعددة.

ومن المفيد ان الجهة الداعية للمؤتمر “تحالف حركة الشباب” تعترف علنا بانها تتلقى مساعدات مالية مباشرة من وزارة الخارجية الاميركية. وقالت رئيسة “التحالف،” ستيفاني رودات، ان الهدف من النقاش هو تحديد عناصر القوة الكامنة في الشبكات الاعلامية الاجتماعية والرسائل النصية SMS والذهاب الى ما هو ابعد من اجندة سياسية محددة لاستخدامها في “التصدي للقمع والظلم والعنف الصادر عن المتشددين.”

وجدير بالذكر ان المؤتمر عقد بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية التي أتت بباراك اوباما رئيسا، لكن اللافت انه اوعز لثلاثة من مساعديه الرئيسيين في حملته الانتخابية لحضور المؤتمر والتحدث فيه. كما حضره مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية ومسؤول كبير في ادارة الرئيس بوش من اجل البحث في “القيام بثورة” بالاعتماد على خصائص الشبكات الاعلامية الاجتماعية. وهنا بيت القصيد، اذ تمت دعوة مسؤول “حركة 6 أبريل” للمشاركة في المؤتمر وهو الذي كان مصنفا بانه ممنوع من السفر خارج مصر سابقا. وسيأتي على لسانه لاحقا طبيعة تحركاته والجهات التي اتصل بها واعدته للمهمة.

وقبل هذا التاريخ ببضعة اسابيع، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الشهيرة في عددها الصادر يوم 19 تشرين 2/نوفمبر2007، اعلان الخارجية الاميركية عن “تشكيل طاقم مهني اعلامي من ثلاثة افراد للتواصل الالكتروني مع العالم العربي وكتابة تعليقات على المواقع العربية المؤثرة” لنشر اهداف السياسة الاميركية ومن اجل “تعزيز الاراء المعتدلة بين الشباب المسلم ودفعه لنبذ الارهاب.” واوضح المسؤول عن البرنامج المذكور في وزارة الخارجية، وفق تقرير الصحيفة، دنكان ماك إينيس، ان المدير المسؤول عن حملة التدوين “هو شخصية رفيعة في وزارة الخارجية، وخدم سابقا في العراق، ووظيفته هي ادارة عملية التدوين والاشراف عليها ومناقشة كل المواد المعدة للنشر قبل الموافقة عليها.”

واسعفنا التقرير عن تحليل الدوافع لاهتمام وزارة الخارجية الاميركية بما “يدردش” به العرب بين بعضهم البعض، اذ ان وزارة الخارجية تولي اهمية عالية لجهد الانضمام لتلك النقاشات ودخول غرف الدردشة الخاصة منها والعامة، والتحلي باساليب جذابة لاضفاء صبغة الصدقية عليها، ومنها استخدام الشعر العربي في التواصل لمعرفتهم بولع العرب بالشعر. فهل يدرك شبابنا اهمية نقاشاتهم البريئة وامكانية استخدامها في “تجنيد” او ترشيح بعضهم للعمل في هذا الاطار.

لكن الأمر لا يقتصر على اهتمام وزارة الخارجية بالمدونات والتدوين فحسب، بل تشاركها وزارة الدفاع الاميركية، البنتاغون، في حملة موازية للتأثير على سقف النقاشات المطروحة على الشبكات الاعلامية – وبالطبع يأتي الفيس بوك وتويتر في المقدمة.

وتورد صحيفة “واشنطن بوست،” في عددها المذكور، ان لدى القيادة المركزية للبنتاغون طاقم من المدونين الاخصائيين يتخذون من وزارة الدفاع مقرا لهم. ومن بين نشاطاتهم نشر “دليل للمدونين” حول الآليات والتوجهات المطلوب اتباعها. وقال مسؤول الاعلام المشترك، هال بيتمان، حسب الصحيفة، ان البنتاغون يستعين بعدد من الاختصاصيين في اللغة العربية خاصة ويتم التعاقد معهم كمستشارين حتى لا تستزنف موارد البنتاغون البشرية المحدودة في تلك المهمة. واضاف بيتمان ان “رسالتنا هي تحديد عناصر مستقبل واعد بديلا عن مسقبل كئيب ينادي به الارهابيون.”

اذن، نحن امام حملة منظمة ومدروسة تقوم بها اهم وزارتين في الحكومة الاميركية تستهدف الجيل المتعلم من العرب للتأثير على بلورة اراء مؤيدة، او على الاقل ايجابية، للسياسة الاميركية الخارجية.

وعودة الى ندوة جامعة كولومبيا، التي عقدت في كلية الحقوق هناك، لخص صاحب فكرة اللقاء، جيمس غلاسمان – نائب وزير الخارجية لشؤون الديبلوماسية العامة ابان ادارة جورج بوش – الاهداف المنوي تحقيقها بانها في “ابتداع آلية تتحكم بحركة التغيير وتوجهها للعزوف عن استخدام العنف عبر العالم.” واضاف غلاسمان ان ما دفعه لتوجيه الدعوة لمسؤولي “حركة 6 ابريل” المصرية هو موقفها المعلن المناهض للحكومة المصرية والتي تدعمها الادارة الاميركية بقوة. مستطردا ان “التناقض الظاهري” في هذه المعادلة (دعم النظام ومناوئية في آن واحد) ما هو الا ليتم توظيفه في خدمة الاستراتيجة الاميركية الشاملة فيما يخص مصر وتشجيع الشعب لارساء الديموقراطية.

اما مسؤول الحركة، احمد ماهر، فعلق على مشاركته في المؤتمر بالقول ان اهميته تكمن ليس في طبيعة المادة المطروحة للنقاش فحسب، بل بمركزية اقامة شبكة من العلاقات مع الآخرين والوافدين من الدول الاخرى. وحتى لا يترك ماهر اي مجال للاستنتاج، التقى مع مسؤولين في الخارجية الاميركية وبعض معاوني النواب في الكونغرس، بعد انفضاض المؤتمر، وفور عودته للقاهرة التقى مع السفارة الاميركية هناك.

وفيما يخص الثورة المصرية، تم طرح بعض الملاحظات والتي لا زالت قائمة حول بطء المجلس العسكري الاعلى في تلبية اهداف الثورة، كما وزج الولايات المتحدة بالبرادعي واحمد زويل في الحراك الشعبي وهما لا يملكون منه شيئا. ومن شأن هذه المعلومات اعلاه ان تلقي الضوء حول حقيقة تحرك، او عدمه، لبعض القوى المصرية التي تدعي مناهضة حكم مبارك، ومنها عمرو موسى على سبيل المثال. ويبقى السؤال برسم صناع الثورة الحقيقيين: ماذا انتم فاعلين بحركات وتجمعات مرتبطة بالولايات المتحدة بوضوح.

وعليه، لا يمكن استبعاد الدور الاميركي في ما يجري في ليبيا وارسال اشارات مؤيدة لـ “الثوار” هناك، خاصة وان بعضها طالب علنا بتدخل عسكري اميركي وأطلسي مباشر لاسقاط نظام القذافي (وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل.) كما لا يجوز اغفال حقيقة الهدف من وراء رفع العلم الليبي منذ 14 شباط / فبراير وهو الذي يمثل العهد الملكي البائد. اما العلم الليبي الحقيقي فقد مر بثلاث مراحل منذ اسقاط الملكية هناك: علم الجمهورية العربية الليبية بالوانه الثلاثة (الاحمر والابيض والاسود) وتم التعامل معه منذ عام 1969 الى 1971. وفي عام 1972، ابان فورة المطالبة بالوحدة مع مصر، اضيف النسر العربي ليتوسط العلم بالوانه الثلاثة المذكورة، وظل العمل ساريا به لحين 1977، حينما اعلن القذافي عن قيام “الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية” واضيفت العظمى لاحقا، والتي كان اللون الاخضر وحده رمزا لها. اذن، فان علم الجمهورية العربية الليبية (1969-1971) هو علم الاستقلال الحقيقي الذي تم تحت رايته تأميم النفط. ولعله ليس صدفة ان ينشط نجل ولي العهد الليبي المقيم في لندن والادلاء بدلوه في بداية الاحداث، وكأن المخابرات البريطانية تلوّح بخيار عودة الملكية التي ثار ضدها الشعب الليبي بكامل مكوناته.

ان الموقف من احداث ليبيا يتطلب ادراكا عميقا لكافة القوى العاملة، والوقوف بحزم ضد اي تدخل اجنبي مهما سوّغ له، عربيا ام دوليا، وان مصير ليبيا يبنيه ابناؤها بانفسهم. وعلى ثوار تونس ومصر اتخاذ زمام المبادرة، بحكم الموقع والتأثير، لمنع اي تدخل اجنبي هناك، لا سيما وان الولايات المتحدة طلبت من السعودية تزويد الثوار الليبيين بالسلاح. كما وان المجلس العسكري الاعلى تقاعس عن انقاذ العمال المصريين الهاربين من شبح الحرب وترك الامر لسفن اجنبية وطائرات النقل الاميركية العملاقة، C-130، لترحيلهم من ميناء جزيرة جربه في تونس. فهل يعقل ان مصر لا تملك الامكانيات لانقاذ رعاياها، بينما تسخر القوى الغربية قواتها الجوية والبحرية لدخول الاراضي الليبية دون اذن منتهكة سيادتها بذلك.

*عربي مقيم في الولايات المتحدة

عن prizm

شاهد أيضاً

إسرائيل تنفّذ أكبر عملية أمنية في تاريخ الصراع: هل فُتحت أبواب حرب بلا ضوابط ولا أسقف ولا حدود؟

18 أيلول 2024 إبراهيم الأمين خلال دقيقة واحدة، نجح العدو في توجيه أقسى ضرباته إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *