الشباب المعتصمون في دوار المنارة
خواطر شاب فلسطيني ثائر
شباب 15 آذار مصرون على الحرية والكرامة والانتصار
بعد ثلاث أيام من المتتالية من النوم في العراء ارتأيت أن أعود إلى البيت لاستحم وأعود. حين وصلت، لم أجد نفسي إلا و أنا جالس أمام جهازي لأكتب عن أيام الاضراب والاعتصام. هنالك الكثير مما يجب أن يقال ولكني سأختصر لأعود إلى رفاقي في الميدان عاجلاً. حين وصلت مساء الأحد لبدء الاضراب عن الطعام، لم أكن أعرف إلا اثنين من أصدقائي المضربين. وكان لي الفخر أن تعرفت على شبابٍ مازالت تعيش القضية في قلوبهم. أرى انعكاس جبال وسهول فلسطين في أعين الشباب والشابات. كادت دموعي تفيض في مرات كثيرة. كادت تفيض حين كنا نغني “موطني”. أدمعت حين رفضت الشابات أي محاولة للتقليل بدورهم النضالي. كدت أذرف دمعاً حين طلبت من إحدى الشابات الابتعاد إلى الخارج في احدى الاشتباكات جمايةً لهم. كدت أذرفه بعد أن ردت قتول: “لأ مش طالعين”. شابات فلسطين جعلوني أهيم عشقاً بكل ما هو أنثوي في فلسطين… الزيتونة، القضية، الحرية…حينها فقط عرفت لماذا الحرية أنثى. كانوا يدافعون عن قضيتهم كما تدافع اللبؤة عن أشبالها. كانت أصواتهم تهتف بالحرية. تهتف بالنضال. أنا الذي لم أحني رأسي أمام أحدٍ، لا أملك إلا أن أحنيه الآن أمامهن. أمام كبريائهن. أمام حريتهن. من قال أن كل شابة منهن هي بمئة رجل فهو مخطئ. الحقيقة هي، إن أردت أن تكون رجلاً فتشرب منهن جزءاً مما يختزنون من حرية، من كبرياء، من إباء، من كرامة.
رغم كل محاولات سلب التحرك الشبابي فقد صمدنا. بقيت المنارة منارة بهتافات الحرية وتصدح بأغاني النضال. بقيت محاولات المغرضين لتفريق اعتصامنا مستمرةً حتى آخر الليل. ولكننا صمدنا وبقينا. هذا هو يوم جديد من التحرك الشبابي. سوف نسعى لاستيعاب ما فشلنا في استيعابه لكي لا يحاول أحد سلب تحرك الشباب. الكثير من الشباب ولو عن حسن نية حاولوا التحدث باسم الشباب. ولكن ليكن واضحاً للجميع أن الوحيد المخول بالتحدث باسمهم هو هم بتكتلهم ووحدتهم. هذا تحرك بلا قيادة بلا ألقاب. هذا تحرك شعب وليست أحزاب.
كانت ومازلت قلوبنا وصلواتنا ترحل إلى غزة وشبابها الأبي. رغم كل محاولات قمع وسلب التحرك الشبابي في غزة، مازلوا مواصلين. هم يعلمون جيداً أنهم إذا ناموا الآن قد لايقوموا مجدداً قبل سنين طويلة. خاطب فيديل كاسترو الصهاينة قائلاً: “أنتم أغبياء لأنكم تحتلون شعباً لا يكل ولا يمل”. و أنا أخاطب السياسيين الفلسطينيين اليوم وأقول لهم: “هذا الشعب قام الآن ولن ينم.” الشباب الفلسطيني لن ينام حتى ولو انهي الانقسام، فالهدف الأسمى هو الحرية بكل ما تحويه من معاني. فابن عكا المهجر لن ينام حتى يصيد من بحرها. وبنت يافا المهجرة لن تنام حتى تقطف البرتقال من بياراتها. وكل شباب وشابات فلسطين لن يناموا حتى يصلوا في أقصاهم وقيامتهم.
أيها الشباب نحن نزلنا إلى الشارع لإنهاء الانقسام. انزلوا جميعكم. لنكن يداً واحدة. لا يهم من هو الغلطان المهم أن ننهي الانقسام الآن. نريد أن يوحد كل الشعب الفلسطيني هنا وفي الشتات. والمجلس الوطني الجديد سيوحدنا ويمثلنا. ومن يعتقد أن الانتخابات في الخارج غير ممكنة فليعلم أن الشباب سوف يقوم لتذليل العقبات وجعله ممكناً. دعونا لا نتفرق. دعونا ننزل معاُ لنقول “لا للانقسام”. سنودع ممارساتنا الصبيانية. لن نلوث شوارعنا سنبقيها نظيفة. لن نقبل أن تهمش أخواتنا، سنبقيهن على رؤوسنا. لن نقبل بمضايقتهن ومعاكستهن. فهم لم يطلبوا الاحترام بل نالوه عن جدارة. دم الفلسطيني حامٍ ولكن قلب الفلسطيني سيكون دافئاً على ابن جلدته. من اليوم دعونا نودع “الولدنة” ونلج إلى الرجولة.
أدعو بصفتي الشخصية الفلسطينية كل أبناء جلدتي للنهوض. لا يهم من المخطأ فنحن نريد انهاء الانقسام الآن. وفي القريب العاجل ملتقانا على شطآن فلسطين الساحرة وأسوار مدنها الصامدة وبياراتها المثمرة وتراب أرضنا الغالية. وتصبحون على وطن