مظاهرة شعبية في دمشق تأييداً للأسد
سوريا….قائد مع الشعب، وطن ينتصر
د. امين محمد حطيط
ارادت اميركا بعدما فوجئت بثورتي تونس ومصر ان ترد على نسقين، حماية لمصالحها: الاول استيعاب مفاعيل الثورتين ومنع اندفاعهما الى جوهر الامور بتغيير السياسة الخارجية للانظمة التابعة لها وحصر التغيير في المجال الداخلي الذي لا يؤثر على الموقع الاستراتيجي للدولة، اما الثاني وهو الاخطر فكان عبر نقل ظاهرة ” الثورة ” الى البلدان التي تتمسك بحقوقها الوطنية والقومية وتجد نفسها بمواجهة مع المشروع الذي تقوده اميركا في المنطقة. وفي طليعة هذه اليلدان عربيا سوريا.
لقد وضعت الخطط لزعزعة الامن والاستقرار في سوريا ودفع الامور الى تهديد النظام الوطني القومي القائم فيها والذي اسمته اميركا بانه عضو في محور االشر” ( اي شر على المصالح الاميركية لانه يعمل لخير شعبه وامته) والذي رات فيه اميركا واسرائيل خطرا على المشروع الغربي الصهيوني انطلاقا من احتضانه للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، والذي ترى فيه اميركا والغرب عقبة امام نجاح المشروع الاستعماري المسمى الشرق الاوسط الجديد (المستعمرة الاميركية ) من خلال تحالفه الاستراتيجي المتين مع ايران وانشائه معها
ومع المقاومة في لبنان وفي فلسطين جبهة المقاومة والممانعة التي اعتمدت استراتيجية الحرب الشاملة واعدت لقوة الردع المتبادل والاهداف المتكافئة.. لن تنسى اسرائيل واميركا ان الدعم السوري للمقاومة ساهم في انتصار ال 2000 ودحر اسرائيل من الجنوب، ولن تنسى اي منهما ان رفض الرئيس الاسد للطلب الاميركي في العام 2003 بتفكيك المقاومة في لبنان تسبب بكبح ونسف مفاعيل احتلال العراق، ولن يكون نسيان منهما للدور السوري في حرب 2006 والانتصار فيها.. لن يكون نسيان لوصف واحد ان امتناع سوريا عن التنازل عن الحق القومي عطل عملية الاستسلام التي تفرضها اسرائيل واميركا على العرب ووقع في فخها معظمهم. لهذا كانت ومنذ 2003 المحاولة تلو المحاولة للتخلص من النظام الوطني السوري وباي طريقة ووسيلة.. لكن تجذر النظام واحتماؤه بالشعب السوري العريق في قوميته اجهض كل المحاولات في مرحلة اولى وتنامى موسعا فضاءه الاستراتيجي في مرحلة ثانية مبلورا مجموعة اقليمية استراتيجية ذات وزن وثقل تمنع تميرير المشاريع الغربية على حساب حقوق شعوب المنطقة، مجموعة تشكلت وارتقت في قوتها في الوقت الذي تآكلت قدرات من اسمي يوما “بالمعتدلين العرب ” والتي جاءت الثورات الشعبية لتسقطهم الواحد تلو الاخر.
وفي هذه الثورات بالذات لاح للغرب والصهيونية مع عملائهم من الانظمة الرسمية العربية فرصة عولوا عليها للانتقام من سوريا وادخالها في مشروع جهنمي طائفي يؤدي الى تآكل طاقاتها ومن ثم تقسيمها لقصم ظهر جبهة المقاومة والمواجهة، المانعة لنجاح المشروع الاستعماري، وقد استغل دهاقنة المشروع الظروف المتشكلة اقليميا، وبعض الثغرات في الداخل السوري، ووجود فئة من الحاقدين الانتهازيين الذين لم يجدوا لهم في النظام الوطني القومي القائم في سوريا موقعاً يمنحهم سلطة، وعطف ذلك على ما هو في لبنان من وجود طائفة المخبرين والعملاء لاميركا – الخونة لوطنهم، والممتلكين للمؤهلات ليكونوا فريقا ميدانيا جاهزا للاستعمال ضد استقرار سوريا وامنها، كل هؤلاء تحشدوا و خططوا للنفاذ الى سوريا من باب بعض العناوين المطلبية الاصلاحية، ليطوروا الامر بعدها الى اجرام وزرع فتنة تسهل للمشروع التفتيتي التآكلي النجاح.
وهنا وقفة مع الاصلاح قبل ان اكمل، حيث يهمنا القول انه ما من نظام في العالم يمكن ان يقف ولا يواكب المتغيرات، حيث ان لكل ظرف حكمه ولكل حالة قوانينها، ولكن الاصلاح شيء والاجرام شيء آخر، ونحن مع كل المخلصين ندعم الاصلاح وعلى كل الصعد ونرفض الاجرام وعلى كل المستويات وتحت كل العناوين. وبعد هذا نعود الى الحالة السورية فنجد ان النظام لم يتنكر لمطالب شعبية رفعت في درعا، وسارع كما في كل البلدان المتقدمة الى الاستجابة الفورية للمطالب الممكن ان تكون فيها الفورية في الرد ممكنة ومطلوبة، (واعفى المحافظ والمسؤول الامني في درعا من وظائفهم) وفي هذه الاستجابة شجاعة لا تنكر لان فيها اقرار بالمسؤولية ومحاسبة فورية، لكن الاهم كان القرار بمنع اللجوء الى الذخيرة الحية واطلاق الرصاص على المحتجين – وهنا و كعسكري محترف اقول – لا يوجد مكان في العالم حصلت فيه اعمال شغب واحتجاج و قتل فيها رجال الامن و لم يمس من هاجمهم ( في اللاذقية قتل 10 رجال امن، مقابل مسلحين اثنين من القناصة على سطوح الابنية ). وفي حمص وفي نادي الضباط اعتدي على حرم المكان وصور قادة فيه ولم يمس المعتدي برشقة ورد، هذا السلوك اكد حقائق اساسية، كان من شأنها ان تجهض المخطط الجهنمي الرامي الى اشعال النار الطائفية ( ومن اجل ذلك كان استهداف المدنيين في اللاذقية حيث لم يكن هناك تظاهر واحتجاج بل كان فيها شغب واخلال بالامن واعتداء مسلح على المدنيين ) واستدراج للجيش والقوات المسلحة والامن من اجل قتل الناس ( والا كيف نفسر انتقاء نادي الضباط في حمص وللمكان رمزية وخصوصية، من اجل اتخاذه هدفا للاعتداء والاستفزاز )، ويكون القتل والطائفية طريقا لهدر الطاقات وتقسيم البلاد. وهنا كان تضافر القوى بين الشعب والقائد، امتنعت السلطة عن استعمال السلاح حرصا على المواطن، فهب المواطنون لحماية بلدهم ورئيسيهم ورسمت الصورة النقيضة للانظمة التي استعملت البلطجية او الطائرات لقتل شعبها.
ان المخطط، الذي استغل بعض النفوس البريئة الطيبة من السوريين الذين يريدون مصلحة بلدهم ويطلبون الاصلاح ويرفضون الانتحار (القتال الطائفي والتقسيم هو انتحار لسوريا وللقضية العربية كلها) هذا المخطط اخطأ في الحساب والتقدير او نسي او تناسى ان في سوريا :
– شعب عربي مثقف وواعي وعريق التزم القضية العربية، واتخذها رسالة وقضية شخصية ندب نفسه لخدمتها منذ ان وجدت.
– جيش عربي وطني قومي عقائدي مسيس يفهم ما يجري ويحلل ويميز الخبيث من الطيب ويعرف كيف يحمي المصلحة القومية والوطنية.
– نظام وطني علماني ينظر للفرد كمواطن والمواطنة لديه درجة واحدة وليست درجات تعتمد على اساس الانتماء الطائفي او العرقي كما هو الحال في دول الجوار (لبنان او العراق أو دول الخليج).
– وعي شعبي وجماهيري سوري للخطط الاجنبية والسياسات الاستعمارية التي اغتصبت فلسطين ودمرت العراق و تدمر الان ليبيا. والهادفة الى افراغ المنطقة من طاقاتها وتهجير بعض طوائفها (كان عدد مسيحيي العراق قبل الاحتلال الاميركي في العام 2003، مليون وثمانمئة الف 1.800.000 واصبح العدد اليوم مئتي وثمانون الف 280.000).
– عنفوان قومي وتمسك بالسيادة الوطنية ودعم شعبي لمواقف القيادة السياسية القومية.
– امتلاك سوريا لاوراق استراتيجية كبرى يؤدي استعمال بعضها فقط الى اجهاض المخطط في اي مرحلة كان والى اي مستوى وصل.
لم يأخذ المخطط الاجنبي بهذه الحقائق، التي سرعان ما اعاد اظهارها الشعب السوري عندما هب هبة الرجل الواحد تمسكا بحقه وكرامته، وبهذه الهبة الشعبية اجهض المخطط الان، لكن يبقى الحذر مطلوبا وبشكل متواصل، فالنظام لا يخشى شعبه كما راهن الاجنبي، بل احتمى النظام بالشعب وهذا ما اذهل العالم، لكن سوريا ستبقى يقظة حذرة من سلوكيات الخصوم عربهم وفرنجتهم الذين تزداد قلوبهم غيضا وحنقا كلما نجحت سوريا في تحقيق انتصار جديد لمصلحة شعبها وامتها واقليميها، سواء في اصلاح داخلي أو تنامي استراتيجي، وفي انتصار سوريا اليوم تراكم للانتصارت الاستراتيجية الكبرى للامة.
عن موقع “البناء”، http://www.al-binaa.com