جامعة جوهانسبرغ تصنع التاريخ بقطع علاقاتها مع الأبارتهايد الإسرائيلي
” نتيجة لنقاش مستفيض و فائض بالحماسة، صوت اليوم مجلس جامعة جوهانسبرغ على أن يدع العلاقات الرسمية مع جامعة بن غوريون تنتهي بالأول من نيسان 2011.”[1]
من الجدير بالذكر في هذا السياق أن أحد شروط عدم إنهاء العلاقة بين الجامعتين تمثل في إقناع جامعة فلسطينية بالانضمام إلى الاتفاقية المشتركة بينهما لتصبح ثلاثية، أي إيجاد “ورقة توت” فلسطينية تغطي العلاقة الثنائية المثيرة لجدل واسع في جنوب أفريقيا. إلا أن موقف الإجماع في المؤسسة الأكاديمية الفلسطينية، والذي عبر عنه بقوة ومبدئية اتحاد نقابات أساتذة وموظفي الجامعات الفلسطينية، المؤيد لقرار مجلس التعليم العالي القاضي بعدم التعاون مع الجامعات الإسرائيلية حتى إنهاء الاحتلال والداعم لنداء المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، أفشل تلك المحاولة وأظهر المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية كجسم موحد في مواجهة التطبيع مع الجامعات الإسرائيلية. تتوجه الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل بأحر التحية لجميع الجامعات الفلسطينية التي رفضت الانضمام إلى هذه الإتفاقية، وبالذات جامعات بيرزيت والنجاح الوطنية وبيت لحم والأقصى.
يستحق قرار جامعة جوهانسبرغ غير المسبوق أعظم الثناء لما يمثله من خطوة هامة نحو قطع العلاقات مع جميع المؤسسات المتورطة في دعم الإحتلال وتدعيم سياسات الأبارتهايد الإسرائيلي ونموذج يحتذى به في الجامعات حول العالم. وهو انتصار حق للفعل المثابر للأكاديميين والناشطين الجنوب أفريقيين على حشد الرأي العام والتعبئة المنظمة انطلاقا من التأييد الواسع والمتنامي للحق الفلسطيني في جنوب أفريقيا . فقد وقّع ما يزيد عن 400 أكاديمياً، بمن في ذلك بعض الشخصيات البارزة من كافة المؤسسات الأكاديمية في جنوب أفريقيا وأهم النقابات الفاعلة، على عريضة تحثّ جامعة جوهانسبرغ على قطع كافة علاقاتها مع جامعة بن غوريون. كما كان تركيز وسائل الإعلام الرئيسية، في الغرب وجنوب أفريقيا، غير مسبوق في تغطية هذا الخبر التاريخي، فقد كشفت مقالات عدة حقائق تواطؤ جامعة بن غوريون وأشارت إلى المسؤولية الأخلاقية الثقيلة الملقاة على كاهليّ المؤسسات الجنوب أفريقية على وجه الخصوص تجاه إنهاء كافة اشكال التعاون مع المؤسسات الإسرائيلية التي تمارس نظام الفصل العنصري. كما أفردت مساحة واسعة في الإعلام لتغطية الآراء المؤيدة للعدالة والقانون الدولي، مما ساهم بقوة في تبني هذا القرار.
إن الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل تقدر كل من ساهم و أيد الحملة الهادفة لقطع العلاقات مع جامعة بن غوريون، فقد شكلت هذه المبادرة التي تبنتها شخصيات بارزة مثل رئيس أساقفة جنوب أفريقيا السابق دزموند توتو وخبير القانون الدولي جون دوغارد والكاتب المرموق بريتن بريتيباخ تجربة مضيئة وسابقة هامة للنضال من أجل مقاطعة كافة أشكال العمل والتعاون والمشاريع الأكاديمية والثقافية المشتركة مع الجهات الإسرائيلية المختلفة بشكل عام.
وقد دافع الأسقف دزموند توتو عن المطالبة بقطع العلاقات مع المؤسسات الإسرائيلية المتواطئة قائلاً: “لا يمكن أن تستمر هكذا علاقة كالمعتاد، فالجامعات الإسرائيلية تشكل جزءاً أساسياً من النظام الإسرائيلي، وهي اختارت بإرادتها أن تكون كذلك.” [2] وأضاف مؤكداً دعمه الثابت للحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS):
جنباً إلى جنب مع الشعوب المحبة للسلام على هذه الأرض، أدين أي شكل من أشكال العنف – لكننا بالتأكيد يجب أن ندرك أن المسجونين في قفص، الجياع والمجرّدين من حقوقهم المادية والسياسية الجوهرية، يجب أن يقاوموا فرعونهم، أليس كذلك؟ إن المقاومة أيضاً تؤنسننا، بالتأكيد. إن الفلسطينيين قد اختاروا، كما اخترنا نحن سابقاً، أدوات المقاومة السلمية المتمثلة في المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.[3]
يشكل هذا القرار نصراً لمنطق المقاطعة الأكاديمية للمؤسسات الإسرائيلية المتواطئة مع الاحتلال. وهو جاء كمحصلة لأشهر طويلة من الجهود الحثيثة والشراكة الحقيقية بين اتحاد نقابات أساتذة وموظفي الجامعات الفلسطينية والحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل وحلفائنا حول العالم، وبشكل خاص في جنوب أفريقيا. كما يعتبر خطوة ذات أهمية في السعي إلى تحميل المؤسسات الإسرائيلية مسؤولية تواطئها في إستمرار الإحتلال الإسرائيلي والاستعمار الاستيطاني ونظام الأبارتهايد العنصري ضد الشعب الفلسطيني.
تتحمل جامعة بن غوريون، كغيرها من الجامعات الإسرائيلية، ذنب التغطية على بشاعة الاحتلال الإسرائيلي وسياسة الفصل العنصري بسبب تواطؤها مع الإحتلال، ولهذا السبب لايمكن لأي مشروع مشترك مع جامعة بن غوريون، حتي وإن وصف بالـ “علمي البحت” أو “البيئي”، أن يكون مقبولاً أخلاقياً طالما استمر تواطؤها الموثق بدقة مع الاحتلال واستمرت ممارستها للتمييز العنصري.
لا يمكن للعلم أن يستخدم كغطاء للمخالفات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي التي تمارسها دولة الاحتلال ومؤسساتها، فهو إن فعل، فقدَ أصل حرمته بل وسبب وجوده. لذا، لا يمكن “تبييض” التواطؤ مع الاحتلال تحت مسمى العلم.
إن جامعة تعيش حقبة ما بعد الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، كجامعة جوهانسبرغ، ولا تزال في طور التحول إلى مؤسسة ديموقراطية، لا يمكنها أن تنجز عملية التحول الضرورية هذه بشكل تامّ في ظل استمرار شراكتها مع مؤسسة أبارتهايد في مكان آخر.
نكرر التحية لجامعة جوهانسبرغ و كل من ساهم في اتخاذ هذا القرار بقطع كافة علاقاتها مع جامعة بن غوريون، ونتطلع إلى أن يستوحي أصحاب الضمائر الحية من الأكاديميين والعاملين في الجامعات حول العالم هذه السابقة الملهمة بتبني العمل على مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الإستثمارات منها كوسيلة فاعلة للنضال من أجل الحق الفلسطيني وإعلاء شأن احترام القانون الدولي من أجل إنفاذ العدالة وتمكيننا من ممارسة حقنا كشعب في تقرير المصير.
[1] http://www.uj.ac.za/EN/Newsroom/News/Pages/UJSenatevotesonBenGurionpartnership.aspx [2] http://www.timeslive.co.za/world/article675369.ece/Israeli-ties–a-chance-to-do-the-right-thing [3] المرجع نفسه.PACBI@PACBI.ORG
www.PACBI.org