الرئيسية / الملف الاقتصادي / فلسطين المحتلة / أفهموني نجاحات فيّاض بالله عليكم

أفهموني نجاحات فيّاض بالله عليكم

أفهموني نجاحات فيّاض بالله عليكم

17/05/2011

د. إبراهيم حمّامي

ليس سراً أنني لست من المتفائلين اطلاقاً بالاتفاق الأخير المسمى اتفاق مصالحة بين الفصيلين الرئيسيين فتح وحماس، خاصة مع استمرار الممارسات والسياسات ذاتها دون تغيير أو تبديل، اللهم إلا من كلام معسول على طريقة يعطيك من طرف اللسان حلاوة، وهو ما كان السبب المباشر لإطلاق حملة ضد الاستدعاءات الجديدة في الضفة الغربية تحت عنوان ” لن أذهب، ولا كنتُ إن لم أعش بكرامة”.

لكن وتجاوزاً لعدم التفاؤل والتحفظ، وبالحديث عما يجري من “مشاورات” لاختيار أسماء وأعضاء ووزراء الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها من شخصيات لا علاقة لها بحماس أو فتح! يطرح دائماً وبقوة اسم سلام فياض كاختيار لا مثيل له أو أوحد من قبل الكثيرين.

لا نتحدث هنا عن كاتبي مقالات التمجيد والتلميع كرئيس تحرير وكالة معاً مثلاً الذي يسبح بحمد فياض ليل نهار ويجعله رجل الاقتصاد الأول في العالم ربما، ولا نتحدث عن كتابات في مدونات، لكن عن مواقف سياسية كان أبرزها مؤخراً لقاء عباس مع صحيفة لا ريبوبليكا الايطالية والتي أعلن فيها أن مرشحه الوحيد لمنصب رئيس الوزراء هو سلام فياض، وآزره في ذلك فصائل م.ت.ف لاحقاً، وعذرهم دائماً أنه الأفضل للحفاظ على الانجازات والنجاحات الاقتصادية في الضفة الغربية.

أعترف وأقر بأني لست اقتصادياً ولم أدرس الاقتصاد يوماً، لكني درست كغيري مباديء الرياضيات وبرعت فيها، وأتابع عن كثب الشأن الفلسطيني، إضافة أن لي عقلاً وهبني اياه المولى عز وجل يستطيع التمييز بين المنطقي والمعقول، وبين التلميع والتطبيل غير المفهوم، ورغم ذلك أكتب اليوم طالباً المساعدة في فهم نجاح فيّاض المفترض.

وعليه لن أخوض في أن الرجل هبط علينا من حيث لا ندري، وبقدرة قادر أمسك بزمام الأمور ولجم عرفات يوم كان حياً، ولن أعتبر أن ما يردده البعض أن الرجل لا تاريخ له ولا لون ولا طعم، ولن أدخل في تفاصيل الجرائم التي تمت وتتم في الضفة الغربية باسم الأمن والأمان، لكني سأتوجه ببعض الأسئلة والأرقام، علي أجد من يشفي غليلي ويجيب على سؤالي:

* يدعي فياض ومعه الألة الاعلامية المستقلة جداً بأنه أنجز ألفي مشروع في عامين – نحن الآن في الألفية الثالثة من المشاريع المفترضة – وبحساب بسيط لا يحتاج خبير قانوني نجد أنه يتحدث عن مشروعين إلى ثلاثة في اليوم الواحد – أنجدوني بالله عليكم – هل فيّاض وحكومته المبجلة رجال خارقون من نوع سوبرمان؟ هل هناك عاقل لديه ذرة فهم يقبل هذه الأرقام؟

* سنقبلها ونعترف بأنه خارق القوى ويستطيع أن يفعل أكثر، فهو يقول أن النمو السنوي في الضفة الغربية 9%، وبأنه أصبح جاهزاً مؤسساتياً لإقامة الدولة الفلسطينية، ثم نفاجأ بأنه يعجز عن دفع رواتب شهر واحد بعد أن حجب الاحتلال عنه العائدات الجمركية، يا ناس يا عالم أي نمو وأي مؤسسات تلك التي تتهاوى بسبب حجب 100 مليون دولار أو يزيد قليلاً؟

* هناك من كمية المنح والقروض التي أخذها فياض من البنوك المحلية و المؤسسات الدولية وبفوائد كبيرة جداً في بعض الأحيان، وما سمعناه هو أطباق المسخن والكنافة وموسوعة جينيس، لكن هل هذه الأطباق الشهية الزكية تحتاج لكل تلك المنح والهبات؟

* الغريب أن فياض ولسنوات كان يتحدث عن المشاريع الانتاجية والاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على الاحتلال، أي أن خطة فياض تركزت علي تقليل الاعتماد بشكل كبير علي التمويل الأجنبي، وعليه قام برفع الضرائب 15% لكي يسدد الالتزامات، وارتفعت تكاليف المعيشة في الضفة الغربية بشكل جنوني.

* ثم نكتشف أن الرجل الخارق صاحب آلاف المشاريع وحكومته وبعد أن زادوا الضرائب، “شنشلوا” شعبنا بملياري دولار ديون داخلية وخارجية، ثم يحدثوننا أنه الاقتصادي الوحيد الذي يستطيع الاستمرار في مسيرة النجاح، سايروني على قد عقلي، كيف يمكن أن يكون نجاحاً مع تلك الديون؟

* لكن فيّاض يتحدى الجميع فهو رجل الشفافية والنزاهة، وبثقة يذهب إلى مؤسسة أمان للنزاهة متحدثاً عن تقريره المالي وانجازاته، خطوة ممتازة لكنها سقطت عند أول سؤال، وكان السؤال “هل التقرير المالي منشور على موقع وزارة المالية؟” أعرف شخصياً من سأل وماذا كانت الاجابة، وأعرف أن فياض لم يعجبه السؤال وأن لم يقدم تفسيرا واضحاً لإجابته بأن التقرير غير منشور!

ثم يحدثونك عن الانجازات والنجاحات، وبأن فيّاض هو رجل المرحلة!

ثم تعلن حماس أنها ستدرس مقترح ترشيح فيّاض إذا عرض عليها الأمر!

ثم يكتب احمد يوسف المسؤول في حكومة غزة في مقال له بتاريخ 15/05/2011 ” إننا لا ننتظر أن تفاجئنا الحركتان – فتح وحماس – برئيس وزراء طارئ على العمل الحكومي، يكون انشغاله في معظم الوقت هو اكتشاف مهمات عمله، ومتطلبات البروتوكول، والتوفيق بين أولويات أجندته الداخلية والإقليمية من ناحية، والمجتمع الدولي والجهات المانحة من ناحية أخرى….. إذا سلمنا بأن المطلوب هو رئيس وزراء قادر على الانطلاق من حيث انتهينا، وليس البدء بمحاولة استكشاف المحيط العربي والأفق الدولي، فإن هذا يفرض علينا تقديم وجهٍ ليس غريباً على أحد، بل شخصٌ ألفناه وله انجازات وأثر على الأرض يشهد له أو عليه.”

حتى من كتب يوماً مادحاً فيّاض تحت عنوان “اللي ما بيعرف الصقر بيشويه”، لم يجد مفراً اليوم من الاقرار بالكارثة الاقتصايدة للسياسات الناجحة التي روّج ويروج لها في تناقض غريب مع الذات ليقول مؤخراً ” وهنا لا بد ان ننتقد السلطة حين تأسيسها لانها باعت لرجال الاعمال الاثرياء وللبنوك ممتلكات الشعب الفلسطيني بابخس الاثمان ، فالسلطة لا تملك شركة الكهرباء ولا المياه ولا شركة الاتصالات ولا البترول ولا شركات الاغذية ولا النفط ولا الحجر ولا الزيتون ولا الزيت ولا التصدير والاستيراد ولا اموال المنظمات غير الحكومية بل ان السلطة اغلقت الكازينو الذي كان يستجلب لنا 10 مليون شيكل يوميا من اموال غير الفلسطينيين ، فقد فتحوا الكازينو في اريحا دون ان نعرف لماذا وأغلقوه دون ان نعرف لماذا، السلطة باعت حصتها عند تأسيس السلطة والان تبكي على الاطلال … والذي يفقأ مرارتنا اكثر ان هذه الشركات الاحتكارية والبنوك لا تشبع ابدا . بل ان الاسعار ترتفع وترتفع اكثر واكثر وارباح الاغنياء صارت بالمليارات والسلطة تشحد المليارات وتستدين ، والسلطة تقف مشلولة لا تستطيع ان تدافع عن حقوق المستهلك وتكتفي بالشكوى مثلنا. وللمثال لا للحصر فان جميع فنادق مصر تعود الى ملكية الدولة ومثلها فناة السويس ، وان حكومة اسرائيل لها الحصة الاكبر في كل شركة احتكارية في الدولة العبرية اما سلطتنا – ورغم وجود خبراء الاقتصاد العين تحميهم وتحرسهم – فقد باعت كل شئ وتجلس الان تشحد من مشارق الارض ومغاربها …. وبدلا من التسوّل ، وبدلا من السنوات التي قضاها اعضاء المجلس التشريعي يحتسون الشاي والقهوة ويشتمون الفصيل الاخر ، كان الاجدار بهم ان يفكّروا ويدرسوا اوضاعنا ويقترحوا مسوّدات لاعادة حماية الوطن والمواطن”، ليقترح اسم فيّاض ثانية لأننا “صرنا عارفينو”.

لا أرى فيّاض إلا اسماً مفروضاً وبالقوة، فُرض على عرفات ورضخ، وفُرض على عبّاس ورضخ، ولم تستطع فتح أن تضيف وزيرين لحكومته في الضفة طوال سنوات، فهو يملك المال والرواتب وفهمك كفاية، لكن يبدو أنه اليوم سيُفرض من جديد على عباس وفتح والآخرين!

لا يُفرض لنجاح مزعوم أو اقتصاد مرسوم ومعلوم، لكن لأسباب أخرى لا تخفى على متابع كبير أو صغير.

أفهموني وردوني للصواب، وأفحموني بسرد نجاحاته الاقتصادية والمالية، وقد سامحتكم عن تاريخه ودوره وشأنه السياسي فهذا لم يعد يهمني.

أعذروني سيداتي سادتي فقد اختلط علي الأمر، وتداخلت الأمور في بعضها، وكما يقول الشاعر تميم البرغوثي “لقد لحنت”.

عن prizm

شاهد أيضاً

“إسرائيل” تلفظ أنفاسها الأخيرة..

14-آذار-2023 آري شبيت يبدو أننا إجتزنا نقطة اللا عودة، ويمكن أنه لم يعد بإمكان اسرائيل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *