تشرح الأحداث على الأرض، إلى جانب المواقف والإصطفافات أن ما يُحاك ويُدار ويُنفَّذ على أرض العرب وخاصة في ليبيا وسوريا هو هجمة معولمة، تُبنى كما بُنيت الهجمة التي دمرت القطر العربي العراقي. هجمة تستظَّلُ زوراً بالثورات والانتفاضات العربية وتضع كافة الأنظمة في سلة واحدة بمعزل عن وطنية نظام وعمالة أنظمة أخرى. وبمعزل عن رؤية التطورات والتحولات والاصطفافات وكأن التاريخ يسير بشكل خطِّيْ. هجمة لا علاقة لها بالديمقراطية التي يحملها اليوم حكّامٌ حالوا دون سماع “محكوميهم” بهذا المصطلح. هجمة تشوه مناضلي المعارضة الشريفة في سوريا وتحول دون قيام النظام بالإصلاح، في محاولة لشلِّ الطرفين.
إن الهدف من إدارة هذا العدوان على ليبيا وبناء هذه الهجمة على سوريا هو إجهاض مسبَق وضرب للمشروع القومي العربي مخافة أن يتطور ببعديه الجديدين اليوم وهما قوى المقاومة المسلحة على الأرض والحراك الشعبي العربي من الأرض، إضافة لتمديد الاحتلال الأميركي للعراق. ولا علاقة لهذا العدوان بالمعركة الاجتماعية الحرياتية في هذين البلدين.
لقد استدعت هذه الهجمة وجدَّدت كلّاً من سايكس- بيكو والأنظمة التي تولدت عنها وقوى من الإسلام السياسي، وخاصة الإخوان المسلمين الذين تحالفوا على مدار القرن الماضي مع أنظمة سايكس- بيكو ضد القومية العربية، ومنها نستثني كافة المؤمنين المجاهدين في الماضي والحاضر. هذه الهجمة التي تقودها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بخططها وجيوشها التي تحتل الجزيرة والخليج العربيين ناهيك عن العراق ويخطط لها ميدانياً الكيان الصهيوني، وينفذها مرتزقة وجهلة وموتورون واحتياطيهم من الإسلام الأمريكي الطوراني التركي، ويُنظِّر لها رجال ونساء الأنجزة ومثقفون فلسطينيون وعرب، وخاصة من يستظلون تحت عباءة الأمير، وتُنفق عليها الأسرة الحاكمة السعودية وكيانات النفط الأخرى، وتضخَّ سمومها قناة الجزيرة والعربية وأخريات.
واضح لكي ذي بصيرة وبصر أن العرب المشاركين في هذه الهجمة هم ممن يتعطشون للسلطة والمال، وممن وصل بهم التطبيع إلى اعتبار الاستعمار الاستيطاني والعسكري والاقتصادي حالة طبيعية، وخاصة أولئك في الأرض المحتلة الذين يباركون الدور التآمري التابع لملك السعودية وملوك ومشايخ أخرين. بينما لا يرى هؤلاء أن كل التابعين/ات لم يجرؤوا على إدخال علبة حليب لأطفال غزة.
كعروبيين من الأرض المحتلة، نقف إلى جانب الوطن العربي في ليبيا وسوريا ونرفض بشكل واضح بيانات التملٌّق التي صيغت مديحاً لدور ملك السعودية في مشاركته ونظامه في هذه الهجمة. إن الوقوف إلى جانب ليبيا وسوريا كحق العودة لا يمثل فيه أحدٌ أحداً ولا ينطق أحد باسم غيره.
من هنا فإن على النظام في سوريا تنفيذ إصلاح وتغيير جذريين وحقن دماء الشعب العربي في سوريا والتخلص من قوى الفساد فيه ونناشد كل عروبي حقيقي أن يختار الوطن على السلطة والمال وأن يدرك أن هذه الأمة محط استهداف دائم، وأن يتموضع في مكانه الطبيعي في معركة التاريخ بتمظهراتها ضد الغُزاة الغربيين والمخربين وضد القمع والفساد والطائفية وتجزئة الوطن وتذريره. وأن يدعم الإصلاحات السورية في المستويات الحرياتية والاجتماعية/الاقتصادية ويدفع بها إلى مدى الفكاك مع السوق الإمبريالي العالمي.
صمودا وعماراً يا سوريا
وعاشت أمتنا العربية