تشافيز يلقي خطاباً خلال زيارته السويداء في أيلول 2009
نائب فنزويلي لـ«السفير»:
مؤامرة إمبريالية ضد سوريا
ربى الحسيني
شهدت العلاقات السورية الفنزويلية تطوراً ملحوظاً على المستويين السياسي والاقتصادي منذ وصول الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز إلى الحكم في العام 1999، أي قبل عام من تولي الرئيس السوري بشار الأسد رئاسة سوريا.
واتخذت العلاقات السورية الفنزويلية تطوراً على مستويين، الأول سياسي، تمثل في الزيارات التي قام بها تشافيز إلى دمشق في الأعوام 2006، و2009، و2010. أما الثاني فاقتصادي، وقد تبدّى في مجموعة من الاتفاقيات التي تراوحت بين المجالات التجارية والمصرفية والنفطية والبيئية والديبلوماسية، وقد انعكست زيادة في حجم التبادل التجاري الذي ارتفع من 1,1 مليون دولار في العام 2002 إلى 10,3 ملايين دولار في العام 2010. كما انعكست في انضمام سوريا كعضو مراقب إلى «التحالف البوليفاري لشعوب أميركا اللاتينية» («ألبا»).
ومع بدء الحراك الشعبي في سوريا، وجنوح الوضع نحو سيناريوهات كارثية نتيجة لأخطاء ارتكبها النظام والبعض في المعارضة على حد سواء، وفتحت المجال أمام التدخلات الخارجية، اتخذت فنزويلا موقفاً مؤيداً للأسد، باعتبار أنه «جزء من الحلف المواجه للهيمنة الإمبريالية».
يقارب رئيس لجنة العلاقات السورية – الفنزويلية في البرلمان الفنزويلي جول جبور الأزمة الحالية في سوريا انطلاقاً من «نظرية المؤامرة الخارجية»، معبراً بذلك عن الموقف الرسمي لحكومة بلاده، التي ترى أن «القوى الامبريالية تستغل المشاكل الداخلية السورية عبر تمويل وتسليح المجموعات المقاتلة لتنفيذ مشاريعها في المنطقة».
ويرى جبور، الذي التقت به «السفير» إثر عودته من زيارة إلى سوريا في إطار وفد دولي بهدف الإطلاع على حقيقة الموقف هناك، أنه «ليس سراً على أحد أن الدول الامبريالية تسيطر على غالبية الدول في المنطقة باستثناء سوريا وإيران والعراق حالياً، وبعض الأطراف اللبنانية»، ولذلك فإنه يرى أنه يجب النظر إلى الأزمة في سوريا حالياً انطلاقاً من هذه الحقيقة.
ويوضح جبور، وهو قيادي في الحزب الشيوعي الفنزويلي، أن «السياسة الخارجية السورية اتخذت دائماً موقف النقيض في وجه المشروع الأميركي في الشرق الأوسط، وذلك منذ أن دخلت سوريا في تحالف مع الاتحاد السوفياتي، ومن ثم مع إيران وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين»، معتبراً أنه «في حال أبدى الأسد اليوم استعداده للتخلي عن علاقته مع إيران، وعن دعمه لحزب الله، فإن هذه الحملة ضده ستتوقف فوراً».
وباختصار، يحدد جبور الموقف الرسمي الفنزويلي بأنه داعم للأسد، وأنه بإمكان الشعب السوري أن يقرر مستقبله عبر المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة.
ويحذر جبور من أن «سقوط النظام السوري سيؤثر سلباً على الدول التي تواجه مشاريع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، لأن ما هو مطروح كبديل هو حكومة سلفية» مهادِنة لتلك المشاريع.
وفيما يقر جبور، وهو ينحدر من بلدة ساعين في محافظة طرطوس، أن السنوات الماضية في سوريا تخللها فساد وقمع، إلا انه يشدد على أن «الوضع الحالي لا يسمح بعدم دعم النظام في مواجهة السياسة الأميركية الامبريالية في المنطقة… ومنها إلى العالم».
ويستطرد جبور في شرحه لموقف بلاده تجاه النظام في سوريا، ضارباً مثالاً حول العلاقات بين فنزويلا ودول أخرى. ويوضح: «فنزويلا لا تتفق مع إيران حول سياستها الداخلية، ولكن بالرغم من ذلك، فإن الوقت الحالي لا يسمح لنا بأن نأخذ موقفاً ضدها، خاصة أن إيران تقف في وجه سياسات الإمبريالية العالمية، وبالتالي فإن علاقتنا مع إيران مرحلية لأن عدونا واحد وأساسي». ويضيف أن «فنزويلا لم تكن على علاقة وثيقة مع نظام القذافي، ولا مع نظام صدام حسين، لكنها في الوقت ذاته لا تقبل بأي تدخل خارجي للتحكم في سياسيات الدول واستغلال ثرواتها».
ويشير جبور إلى أن فنزويلا لن تعترف بالمعارضة السورية في الخارج «لأن ما تطلبه هو التدخل العسكري الخارجي»، وقد «رأينا ما حدث في أفغانستان والعراق وليبيا»، جراء تدخلات كهذه.
يذكر ان الحكومة الفنزويلية أسهمت خلال الشهرين الماضيين في كسر العقوبات المفروضة من قبل المجتمع الدولي على سوريا، حيث قامت بإرسال ناقلتي نفط إلى سوريا، في ما يذكر بمحاولات ناجحة قامت بها في السابق لكسر الحصار الأميركي المفروض على كوبا. وفي هذا الإطار يقول جبور إن «فنزويلا هي من تقرر علاقاتها السياسية والتجارية، ولذلك سنستمر بإرسال النفط إلى سوريا».
ومن المعروف أن سوريا وفنزويلا ترتبطان بالعديد من اتفاقيات التعاون وبروتوكولات ومذكرات التفاهم في مجالات التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري، ومن بينها اتفاقية أبرمت في العام 2009، وتعهدت فيها فنزويلا بتزويد سوريا بالمازوت سنوياً.
«المؤامرة» التي تواجهها سوريا اليوم، تبدو مشابهة لمؤامرات أخرى تحاك في غرف الاستخبارات الغربية، وقد تكون فنزويلا من بين الدول المستهدفة بها، خصوصاً أن الدولة اللاتينية ستشهد استحقاقاً انتخابياً مهماً حين يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في تشرين الأول المقبل للاختيار بين تشافيز ومرشح المعارضة انريكي كابريليس.
وفي هذا الإطار، يرى جبور أن المعارضة الفنزويلية، وعلى رأسها كابريليس، تتلقى دعماً مباشراً من «الصهيونية العالمية والدول الامبريالية»، وخصوصاً الولايات المتحدة، ولذلك فقد كتبت الصحف الإسرائيلية والموالية لإسرائيل في أوروبا بعد فوز كابريليس في انتخابات المعارضة أن «فنزويلا على طريق الديموقراطية»… ويتساءل جبور: «الديموقراطية على طريقة من؟ ولمصلحة من؟».