جنبلاط مستقبلاً فيلتمان وليبرمان وكونيللي في كليمنصو 3 أيار 2012
من أهداف مكتب التنسيق الأمني في الخليج:
سوريا الآن وإيران والأردن ولبنان لاحقاً!
المحامي محمد احمد الروسان*
حتّى السذّج في المجتمعات والذين تمطى رقابهم كالعوام، وعبر جلّ الوقائع الميدانية كمؤشرات، صاروا يعرفون أنّ ما يجري في سورية هو في الحقيقة، عملية أخرى من العمليات السرية الأستخباراتية الدموية، المدعومة أمريكيا وبريطانيّاً وإسرائيليا، بالتحالف مع البعض العربي للإطاحة بالسلطة في الفيحاء، نظراً لحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي بحكم الواقع إمبراطورية الشر العالمية، بلبوس ديمقراطي ليبرالي إنساني بشعار الحاكمية الرشيدة، مع كل ما تملك من قوّة، بنى تحتية ونفوذ، هل من الصعب عليها أن تقوم بتصنيع “ثورة” في أي بلد؟ وسورية أنموذجاً؟.
تساوق جوهر الأنف ذكره، مع ما صرّح به جيفري فيلتمان مؤخراً بقوله: الولايات المتحدة الأمريكية ستعيد بعض مفاهيمها الإستراتيجية، لكي تتلائم مع مرحلة ما يسمّى بالربيع العربي، مع تحذيراته الخبيثة على شاكلة: أنّه أي إخفاقات هنا أو هناك، في المراحل الانتقالية سيؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة العربية “جسد” الشرق الأوسط، وسورية قلبها وعقلها.
قد يكون الجواب مفاجئا، القيام بذلك ليس أمر سهلا، لكنه قابل للتنفيذ طالما أن الإمبراطورية مستعدة لقتل مدنيين أبرياء، بهدف خلق انطباع أن السلطة في البلد المستهدف هي سلطة وحشية ويجب التخلص منها، وتاريخ واشنطن العاصمة الأمريكية دي سي، يثبت أنها لم تأنف يوما عن قتل بضع مئات من المدنيين، أو بضعة آلاف، وحتى بضعة ملايين لضمان تطبيق سياستها الجيوسياسية، ولإسعاد المختلين نفسيا المتعطشين للسلطة في كل مكان.
التفجيرات الدموية الإرهابية الأخيرة في العاصمة السورية، تثبت رعب وخوف حكام البعض العربي من فشل المؤامرة على سوريا، وتأتي رداً على خطوات الإصلاح الحقيقية التي تقوم بها القيادة السورية.
هذه التفجيرات الدموية، هي باكورة التنسيق بين البعض العربي المتآمر حتّى على ذاته، ودمج الإرهابيين التكفيريين التابعين له، حيث أشرفت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، وعبر المجمّع الأمني الفدرالي الأستخباراتي، والذي يضم أكثر من سبعة عشر وكالة استخبار بقيادة جيمس كلابر، وبالتنسيق مع روبرت ميلر مدير الأف بي أي ومدير السي أي ايه الجنرال ديفيد بترايوس ورئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي ، على توحيدهما في إطار تنظيم دموي عنيف هو: مكتب التنسيق الأمني في الخليج، بإشراف جيفري فيلتمان، بعد اشتداد التنافس بين البعض العربي هذا المتآمر على الشام بل على أمّته ونفسه، فعملوا على تجنيد فلول التكفيريين المنتشرين في المنطقة لاستخدامهم ضد سوريا، ولاحقا وكما يخطط البعض العربي هذا ضد ساحات سياسية أخرى وفي مقدمتها الأردن ولبنان، كذلك إزاء الدولة الإسلامية ايران لاحقاً، مع تشكيل ائتلاف وزاري إسرائيلي – صهيوني جديد، تحت مسمّى حكومة الوحدة الوطنية في الكيان الصهيوني، حيث الأخير مؤشر قوي لقرع طبول الحرب في المنطقة، وأنّه تاريخياً تعتبر حكومات ما تسمّى بالوحدة الوطنية في الكيان الصهيوني، إما لدخول حرب و أو التعامل مع نتائج حرب.
والبعض العربي هذا اعتقد، أن الانتخابات النيابية لن تجري في سوريا كما وعد رئيسها، وكان غضبهم مريراً عندما توجه السوريون إلى صناديق الاقتراع.. فجاءت هذه العمليات التفجيرية الدموية لإرهاب السوريين، وتخويفهم وفك تلاحمهم مع جيشهم وقيادتهم، مع أن كل الدلائل والوقائع تؤكد أن السوريين يتمتعون بوعي عال، وتلاحمهم مع القيادة والجيش عضوي لا تنفصم عراه، لكنه الرعب الذي ينخر مفاصل حكام البعض العربي هذا، الذين بدأ منذ فترة بتجنيد الإرهابيين من كل جنس لتدمير الشعب السوري.
تاريخ السي أي ايه حافل بالدموية، ففي الستينات والسبعينات، قامت السي آي إيه بتمويل وتدريب وتسليح ما يدعى “بالثوار المناهضين للشيوعية” في لاوس، تلك الإستراتيجية أدت لاحقا إلى قيام الجيش الأمريكي بقصف المدنيين في لاوس، بقنابل يزيد عددها عن إجمالي القنابل التي تم إسقاطها في الحرب العالمية الثانية بأكملها.
من عام 1964 وحتى 1973، تم تنفيذ 580 ألف غارة على لاوس بمعدل غارة كل 9 دقائق لمدة عشرة أعوام، فيما تم تهريب كميات ضخمة من الهيروين من لاوس على متن طائرات السي آي إيه.
منذ ما قبل تلك العملية، وحتى يومنا هذا، قامت المخابرات الأمريكية بتنسيق وترتيب عشرات الانقلابات المسلحة، والتمردات المسلحة في عشرات البلدان حول العالم، وتسليح جماعات من المرتزقة وفرق الموت، بهدف دعم الاقتصاد الأمريكي وتوسيع دائرة الهيمنة الأمريكية فوق أركان الأرض الأربعة.
منذ تأسيسها عام 1947، نفذت المخابرات المركزية الأمريكية حوالي 3000 عملية كبرى و 11 ألف عملية صغيرة من هذا النوع، وكل واحدة منها غير شرعية والعديد منها “اتسمت بدموية ووحشية تفوق التصور” كما وصفها عميل السي آي إيه السابق جون ستوكويل (الذي شارك في العديد منها)، وبحلول عام 1988، وصلت حصيلة القتلى نتيجة تلك العمليات إلى أكثر من 6 مليون قتيل.
في مقابلة أجرتها إيمي غودمان في 2 آذار 2007، صرح الجنرال ويسلي كلارك أن إدارة بوش خططت للقضاء على 7 بلدان خلال فترة 5 سنوات وهي: العراق، سوريا، لبنان، الصومال، السودان وإيران. تم لاحقا إعادة ترتيب تسلسل الغزو إلا أن الخطة تسير كما يشتهي لوردات الإمبراطورية المتعطشين للدماء. لكن إدارة بوش انتهت أيامها، وأوباما في السلطة الآن، فكيف يمكن لإدارة أوباما أن تنتهج سياسة خارجية تتبنى القتل الجماعي والدمار، وهي ذات السياسة التي ابتدعتها إدارة رئيس آخر؟
كما حدث في أفغانستان، العراق وليبيا، فإن سورية هي التالية ضمن مخطط تغيير الأنظمة بالنسبة للناتو (الأمريكي/ الإسرائيلي)، وبصمات المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية، والموساد واضحة في تكتيكات التغطية الإعلامية لما يجري في سوريا، التخلص من سوريا أمر موجود في الأجندة الإسرائيلية منذ سنوات طويلة، السبب الرئيسي كونها آخر بلد عربي مستقل علماني متعدد الأعراق في الشرق الأوسط، وداعمة لإيران وهي بالتالي تشكل عائقا أمام هيمنة إسرائيل على كامل الشرق الأوسط.
جذور الصراع العربي الإسرائيلي كما يعلم الجميع أساسها حقيقة، أن الصهيونية قررت أن اليهود بحاجة لوطن في أرض العرب، بمساعدة بريطانيا وجرعة التطهير العرقي في أواخر الثلاثينات والأربعينات، ضمن مؤسسوا إسرائيل عبر أفعالهم منذ ذلك الحين وحتى الآن بقاء إسرائيل في حالة من النزاع المتعاقب مع جيرانها، أما النخبة الحاكمة في أمريكا، فدوافعها لاستهداف سوريا هي الطمع، شهوة السلطة، وحب التسبب بأذى الآخرين، وهو ما شهدناه في تلذذ وسعادة هيلاري كلينتون بمشهد القتل الدموي لمعمر القذافي، كما توجد بالطبع دوافع وأسباب أخرى لاستهداف سوريا، منها قيام الحكومة السورية عام 2006 باعتماد اليورو بدلا من الدولار الأمريكي في كافة التعاملات المالية الحكومية، وقيام الرئيس الأسد بالتصريح علنا بأن الاسرائيلين هم من قام باغتيال ياسر عرفات.
حتى هذه اللحظة، “الثورة” السورية هي نسخة طبق الأصل عن عمليات “تغيير الأنظمة” التي نفذتها المخابرات المركزية الأمريكية طيلة العقود الست الماضية: يتم ارسال المرتزقة وفرق الموت إلى الداخل لتحريك الوضع، بانتظار حملة القصف عندما يكون الوضع مؤاتيا، هذا بالضبط ما حدث في ليبيا حيث قامت أمريكا، بريطانيا وإسرائيل باستخدام مواردها ونشر كل مقاتلي القاعدة الذين قاموا بتجنيدهم على مدى أعوام.
*الأدوات الجديدة للسي أي ايه في عملياتها القذرة هم إرهابيون إسلاميون جدد! كيف ذلك؟
عزيزي القارئ اقرأ التالي ولا تقل لي ما أنا بقارئ:- يجب أن نتذكر حقيقة أن أحد قادة الهجوم المسلح على طرابلس والحاكم العسكري لطرابلس عبد الحكيم بلحاج، يتمتع بماض مثير للاهتمام، بداية كان من الأفغان العرب الذين تدربوا وحصلوا على التمويل من أمريكا للقتال في الحرب السوفيتية الأفغانية، بعد ذلك تنقل بلحاج في الشرق الأوسط قبل أن يعود إلى ليبيا في أوائل التسعينات، حيث انضم إلى الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة وحاول الإطاحة بالعقيد القذافي، قبل أن يضطر إلى الهرب عام 1998، انتقل بعدها إلى أفغانستان وانضم إلى طالبان، عام 2002 وبعد هجمات 11 أيلول وتصالح القذافي مع الغرب، قامت السلطات الليبية بإصدار مذكرة اعتقال باسم بلحاج، ذكرت المذكرة أن بلحاج تربطه علاقة قوية بزعماء تنظيم القاعدة وخاصة الملا عمر زعيم طالبان، من المعروف أن بلحاج تولى إدارة وتمويل معسكرات تدريب المجاهدين العرب في جلال أباد، وبحسب رئيس وزراء أسبانيا السابق أثنار، يشتبه بوجود علاقة بين بلحاج وبين تفجيرات مدريد عام 2004، وبما أنه من مجندي المخابرات الأمريكية ولو بشكل خفي، كانت المخابرات المركزية ترصد تحركاته وتم اعتقال بلحاج في بانكوك، وترحيله إلى سجن سري في ليبيا عام 2004، وبقي في السجن إلى أن قام بالهرب وأصبح قائد الثورة الليبية بتمويل من المخابرات المركزية.
ومن الجدير ذكره عزيزي القارئ، المخابرات المركزية الأمريكية تستخدم إرهابيين إسلاميين، أي ذات الأشخاص الذين تشن أمريكا الحرب عليهم، ضمن ما يسمى “الحرب على الإرهاب” من أجل “إدخال الحرية والديمقراطية” إلى البلدان التي تؤوي “الإرهابيين الإسلاميين”.
أيرلندي من أصل ليبي اسمه مهدي الحارّاتي، وهو الرجل الثاني بعد بلحاج في المجلس العسكري في طرابلس حتى تاريخ استقالته في تشرين الأول 2001، ومتزوج من أيرلندية جميلة، اعترف مهدي بتلقيه المال من المخابرات المركزية الأمريكية من أجل تنظيم مقاتلين معارضين للقذافي عام 2011، وفق مقال صادر عن صاندي ورلد أرتيكل في 6 تشرين الثاني 2011، تمت سرقة مبلغ 200 ألف يورو وعدد من المجوهرات القيمة من منزله في دبلن، يقول التقرير أن عصابة إجرامية في تلك المنطقة عثرت على مظروفين يحتويان على رزم من فئة 500 يورو أثناء السطو على منزل عائلة الحاراتي في 6 تشرين الأول، قالت الصحيفة في وقته، التي يبدو أنها استقت معلوماتها من مصادر في الشرطة أن الحارّاتي الذي كان مقيما في دبلن وعمل كمدرس للغة العربية لمدة 20 عاما، قال للشرطة الأيرلندية أنه “تلقى الأموال التي سرقت من وكالة مخابرات أمريكية”.
صعق ضباط الشرطة الأيرلندية عندما أخبرهم مهدي الحارّاتي بأنه كان قد “سافر إلى فرنسا، أمريكا وقطر، وأن عملاء لوكالة المخابرات الأمريكية سلموه كميات كبيرة من المال لدعم جهود إسقاط القذافي، وأنه ترك المظروفين المذكورين مع زوجته، تحسبا لأي طارىء وعاد مع الأموال الباقية إلى ليبيا”.
والجدير بالملاحظة أن مهدي الحارّاتي، استقال من المجلس العسكري في طرابلس بعد بضعة أيام على حادثة سرقة الأموال تلك آواخر عام 2011 م، بعد إسقاط نظام العقيد البدوي القذّافي ومقتله.
بتاريخ 17 كانون الأول 2011، كتبت صحيفة أيه بي سي الأسبانية تقريرا صحفيا بقلم دانيل إيريارتي بعنوان: إسلاميون ليبيون يتوجهون إلى سوريا لدعم الثورة، أثناء زيارة السيد إيريارتي الثوار الليبيين في سوريا التقى ثلاثة منهم: آدم كيكلي الذي قال أنه يعمل تحت إمرة بلحاج، فؤاد وهو حارس شخصي، ومهدي الحارّاتي شخصيا، أخبر الحارّاتي المراسل الأسباني أنه مع أصدقائه في سوريا لدراسة احتياجات “الثوار السوريين وليس للقتال”، لكن ما الذي يفعله عميل للسي آي إيه في سوريا، والجواب الذي أخبره للمراسل هو تماما الجواب الذي ستناله من أي عميل للسي آي إيه في سوريا إن وقع بقبضة السلطات، لكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو اعترافه للمراسل الأسباني، بأنه أصيب أثناء اقتحام سفينة مرمرة (أسطول الحرية) وأنه سجن 9 أيام في سجن في تل أبيب، من العجيب فعلا أن هذا المرتزقة عميل السي آي إيه المسلم والرفيع المستوى مستعد دائما لمقارعة زعماء البلدان الإسلامية (سواء كانت علمانية أم لا) نيابة عن الناتو، كما أنه ناشط مؤيد للقضية الفلسطينية (ومعاد للسامية)! إلا إن كان بالطبع على متن مرمرة كجاسوس لحساب الموساد، ويبدو أن الإرهابيين الإسلاميين السابقين الذين تحولوا إلى مقاتلي حرية تابعين للناتو هم مجرد مرتزقة يعملون في خدمة من يدفع لهم مئات آلاف الدولارات.
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*