خطاب الأسد يثير عاصفة من الرفض في عواصم الإرهاب
خطاب الرئيس الأسد: المقاومة والخيار الديمقراطي
غالب قنديل
يمثل الخطاب الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد محطة مهمة في سياق المقاومة السورية للعدوان الاستعماري الشرس وغير المسبوق الذي تتعرض له دولة عربية مركزية فاعلة في المنطقة وهي العمود الفقري لمنظومة المقاومة والاستقلال المشرقية بينما تبدو اليوم بوصفها خط الدفاع الأول عن محور مناهضة الهيمنة الأحادية في العالم.
اولا: لم يصدر في ردود الفعل على الخطاب الحدث أي كلام سياسي يستحق النقاش او الجدل فما تردد عبر العواصم الغربية كان تكرارا للرهان الفاشل المستمر منذ عامين على الإطاحة بقائد مشرقي مقاوم تصدى للغطرسة الاستعمارية بشجاعة وبجرأة نادرين وقاد مقاومة الحملة الاستعمارية الأميركية الإسرائيلية على الشرق منذ احتلال العراق بينما كرر خصوم الأسد الاخرون أسطواناتهم المشروخة.
جاءت المبادرة السياسية التي طرحها الرئيس الأسد محطة فاصلة في سياق التداول الجاري عالميا عبر مهمة الأخضر الإبراهيمي استنادا لمبادرة جنيف بوصفها إطار التفاهم الروسي الأميركي الذي ظل موضع تنازع في تأويلاته كالعادة وبالتالي يفترض المراقب البريء ان تأخذ مكانها في البحث الجدي والحوار المتصل بآليات الحل السياسي في سورية الذي رضخت قوى العدوان الدولية والإقليمية نظريا لضرورة السير في اتجاهه بعدما بلغت مشاريع تسعير الحرب وتصعيدها مازقا ظاهرا على جميع الصعد بفعل صمود سورية وقوتها وقد ازعج دوائر الحلف الاستعماري ان يقدم الرئيس الأسد رؤية سورية تفصيلية لآليات الحل السياسي ولعل المنغص الأبرز فيها هو البند الاول المتمثل بوقف تهريب السلاح والمال والإرهابيين إلى سورية كشرط لا بد منه لوقف العنف خصوصا بعد نجاح سورية السياسي والإعلامي في تظهير حقيقتي ان المعركة تدور بين الدولة وعصابات الإرهاب العالمي وان تورط الغرب والحلف التركي الخليجي وتنظيمات الأخوان المسلمين هو الحاضن لدوامة العنف والإرهاب.
ثانيا: لا قيمة عملية لاجترار الدعوة لتنحي الرئيس بشار الأسد فهذا الموضوع تجاوزته المداولات منذ فترة وبات محسوما تسليم الإدارة الأميركية الضمني على الأقل بحقيقة ان الحوار السوري سيكون تحت رعاية الأسد وبقيادته ويعلم الأميركيون ان حقيقة استمرار الأسد في منصبه حتى نهاية ولايته الدستورية ومشاركته في الانتخابات الرئاسية المقبلة باتت امرا محسوما وهي مشلكة بالفعل عند القادة الإقليميين المتورطين في الحرب على سورية بينما باشرت إدارة اوباما التكيف بإزاحة رؤوس الحرب الثلاثة: بيترايوس وبانيتا وكلينتون والبدائل جرى اختيارهم على لائحة أهلية التفاوض لاحتواء الفشل!
لقد سبق أن تهاوت جميع الصيغ التي مررت تحت عباءة جنيف ومضمون المرحلة الانتقالية للنيل من مكانة الأسد ومن الشروط السيادية التي جدد هذا القائد العربي المقاوم تمسكه بها كقاعدة في التعامل مع جميع الطروحات والأوراق التي أعقبت تفاهمات جنيف.
ثالثا: تميز خطاب القائد الأسد بالقوة والثبات والهدوء في وقت واحد وهذا أسلوب يميز الرئيس بشار الأسد منذ انتخابه رئيسا لسورية والصلابة المبدئية التي يوحي بها مضمون مواقفه لجهة خيار المقاومة وسيادة سورية واستقلالها جاورتها واقعية سياسية لافتة في المبادرة السياسية الهجومية التي طرحها الرئيس الأسد للخروج من الأزمة الراهنة وهي عمليا تتضمن خطوات عملية واضحة ومحددة لتوسيع نطاق الشراكة في الحياة الوطنية وتعيد وضع القرار بشان مسائل كالدستور وإعادة تشكيل المؤسسات الدستورية للدولة الوطنية في عهدة الحوار الوطني وآليات الاحتكام لصناديق الاقتراع وللإرادة الشعبية. خطاب القائد الأسد رسخ تجذره كقائد عربي مقاوم وتحرري وهو أيضا كرس حقيقة ان الأسد هو من يمثل راهنا الخيار الديمقراطي في سورية ومستقبلها فإذا كانت الديمقراطية هي الاحتكام للإرادة الشعبية ولصناديق الاقتراع كما تزعم الأدبيات الغربية فإن القائد الأسد هو من يتبنى هذا الخيار بينما يصر خصومه على تصعيد الإرهاب القاعدي الدموي لفرض خيارات انقلابية تعتمد على الدعم الاستعماري وما يمر عبره من عدوان شامل على السيادة السورية بواسطة فصائل القاعدة والجماعات التكفيرية والإرهابية الساعية لتمزيق سورية وتدمير قوتها.
لقد توقع البعض خطابا انتصاريا من الرئيس الأسد فجاء بواقعية و حزم القائد الذي يصارح شعبه بالحقائق ليعلن مشروعا سياسيا للحل مع تاكيده لخيار المقاومة و لمواصلة المجابهة ضد الإرهاب الذي يهدد سورية وشعبها فنجح بصورة نوعية في شحذ إرادة الصمود والتصميم على النصر مهما بلغت التضحيات .