التقيت الرفيق عبد الكريم الشرقي أول مرة في بيروت أثناء حضوري مؤتمر دعم المقاومة الوطنية. وبقينا على تواصل حتى التقيته مرة أخرى قبل سبعة أسابيع أثناء زيارتي التضامنية لسورية. حينها أخبرني أن شقيقه، الشهيد عبد الله قد خطف على يد العصابات الإخوانية القاعدية في مخيم سبينة جنوب دمشق وهو يؤدي واجبه الوطني في تأمين الخبز لأهالي المخيم وبعض الخدمات الضرورية. لم تشفع أوجاع أبناء الشهيد لوالدهم المخطوف ولم ترعوي قيادة هذه العصابات القابعة في الدوحة فتطلق سراحه، قبل أيام أبلغت العائلة بخبر تصفيته بدم بارد. ونحن من فلسطين المحتلة نسأل: بأي شريعة قتل عبد الله؟ وبأي دين يقتل السوريون يومياً؟ لعل خالد مشعل يستطيع الإجابة على هذا السؤال المصيري من قصره الذهبي في الدوحة بانتظار حكم الشعب عليه!! هيئة التحرير
هذه سوريانا وتلك سورياهم
خالد الأحمد
في سورية اليوم، سورية “الثورة” يحدث ما لم يكن يتوقعه المواطن السوري يوماً، بعد أن عاش السوري في”ظلمات الديكتاتورية” ينعم بالأمن والأمان والاستقرار، ومستوى المعيشة اللائق الذي جعل كل من يزور هذا البلد الجميل يقول عنه أنه “أم الدراويش”، بل أن العربي والأجنبي الذي كان يزور سورية لا يفتأ يعلن تعجبه لحياة هذا الشعب الذي يقضي نهاره في العمل، ويستمتع ليلاً بأجواء الربيع والصيف في المرابع، ويحول برد الشتاء إلى مبرر للنشاط الاجتماعي والثقافي، بل يعلن الزائر إعجابه بالمدن السورية التي لا تنام والتي تجعله أمناً مطمئناً في حله وترحاله، فلا لصوص.. ولا قطاع طرق…. ولا عصابات سلب ونهب، لأن “الديكتاتوريين السوريين” يوصلون الليل بالنهار من أجل تحقيق الأمان للناس…. هذا فعلاً ما كان يحصل في سورية “القمع”، سورية “الموت”!!.
سورية اليوم هي سورية “الثورة”….. سورية “الحرية”…. سورية “كرامة الإنسان”… سورية اليوم ثورة ويا سلام … حرية للجميع، ليرتاح الجميع في خياراتهم، ولكن كما يرتاح الثعلب في الانقضاض على قن الدجاج… أما كرامة الإنسان فحدث ولا حرج لأنها سورية “الثورة والحرية”.
في سورية هذه القتل وصل إلى حد أن الموت أضحى منظراً طبيعياً يجب أن نعتاد عليه… نعتاد على رؤية الجثث المرمية في الطرقات تنهشها الكلاب…لماذا؟….. لأنها سورية “الحرية”…. لأنها سورية “الثورة”.
في سورية هذi يُخطف الأطفال والرجال وتُغتصب النساء في وضح النهار… تُمنع الحركة بعد الساعة السادسة مساءً… تُطلق النار على المارة فمنهم من يموت قنصاً… ومنهم من يولي هماً.. طبعاً لأنها سورية “الثورة”… سورية “الحرية” و”كرامة الإنسان”.
في سورية تقف على حاجز في بلدة أو أطراف مدينة… في طريق فرعي… أو حتى أمام بيتك ليسألك عن طائفتك ومذهبك، وبناء على الإجابة يتحدد مصير رأسك فإما يبقى معلقاً على رقبتك ربما للحظات أخرى… أو تصبح رقبتك متحررة من وطأة الرأس الثقيلة… لماذا لأنه زمن “الحرية”… “الحرية” أولاً وأخيراً… وتعال يا شعب سورية وتنعم من هكذا حرية!!.
إذا كنت عسكرياً أو شرطياً أو موظفاً فإنك مطلوب وملاحق من أشباح يقتحمون بيتك في عتمة الليل أو عندما تصيرالشمس في منتصف النهار ليرموك في زنازين قذرة أو حاويات قمامة، أو في حفرة صرف صحي… لماذا لأنك تخدم الناس، وطبعاً في خدمة الناس “عبودية” و”ديكتاتورية”… يتوجب على “الثوار” القضاء عليها.
هذه هي سورية “الثورة” و”الحرية”…. سورية “الربيع” الذي يبشر بفجر جديد…. إنها سورية الحديثة… فليعبر الأحرار عن فرحتهم.. ونصرهم… ووصولهم إلى مرامي “الثورة”.
أما سورية “الديكتاتورية” فيجب أن تتنحى جانباً وإلى الأبد لأن السوريين لا يريدون حياة “الظلمات” حيث يسود الفرح، وتنتشي الحياة… وتطرب الأرض والسماء.
هذه سورياهم… سورية الموت والغياب التي يريدونها تحت عنوان “الثورة” و”الحرية”.
وتلك سوريانا ….. سورية الحياة والحضور المتألق التي نريدها … وهنا دعوني أخرج من تصنعي للهدوء لأصرخ بأعلى صوت لأقول: إذا كانت هذه هي الديكتاتورية فنعم الديكتاتورية… وبئس الحرية التي يدعون.
سوريانا لا تحتمل إلا خياراً واحداً لا ثان له…. وهو سورية الأمان والحب… بلد الإنسان وقبلة العالم… سورية التي كانت وستبقى الأم الحنون العطوف، ومهما طالت العتمة سيبزغ الفجر لامحالة… لا محالة.
4 نيسان 2013