والمصريون أيضاً كفروا بقطر وبغلها، يا أبو زهري
أبو زهري، نحن كافرون بقطر وأميرها
أيمن أنور
عندما قرأت اليوم تصريحات المتحدث باسم حركة حماس ” سامي أبو زهري” ودعوته لاعتقال ” المسيئين” لدولة قطر وأميرها على حد وصفه، تذكرت فجأة قصة عالمية شهيرة للكاتب الفرنسي ” شارل بيرو” بعنوان ” اللحية الزرقاء”، تتحدث عن أسطورة خرافية بطلها رجل شديد الثراء، يمتلك قصوراً مليئة بالتحف والقطع النادرة، إلا أنه ذو لحية زرقاء تثير اشمئزاز الجميع. ولكن طمع فتاة في أموال هذا الرجل ذميم الوجه أجبرها على الزواج منه، وفي يوم من الأيام قرر هذا الرجل الذهاب لرحلة لوحده، وطلب من زوجته عدم الدخول لغرفة في آخر القصر، وبعد أن غادر القصر لم تتمكن الزوجة من هزيمة فضولها طويلاً ففتحت الغرفة، فوجدت داخلها جثث سابقاتها من النساء قُتلن بطريقة بشعة وعلقن في الغرفة.
فحاولت الزوجة المصدومة والمرعوبة أن تهرب من هذه الورطة، لكنها تفاجئت بقدوم ذي اللحية الزرقاء الذي أمسكها وربطها وحاول قتلها بسكين، فأخذت هي سكيناً مغروساً في عنق فتاة مقتولة وغرزته في عنقه، وقام هو بالمقابل برميها بالسكين فقتلا الاثنين.
سر التشابه بين هذه الأسطورة القديمة، ومواقف حركة حماس السيريالية الأخيرة من قطر، يدعونا لمحاولة استحضار هذه القصة، لتحذير الحركة وتذكيرها من مغبة استمرار هذا التقارب ومديح قطر وأميرها الذي يمثل من وجهة نظري الرجل الغادر القاتل ” ذو اللحية الزرقاء” ذميم الوجه واسع الثراء، وأن الطمع في هذه الأموال، لن يجر إلا القتل والعار لكليهما.
قد لا أستغرب من انقلاب حركة حماس الأخير على حلفائها السابقين، وتحالفها مع الرجعية العربية الممثلة بدول الخليج وعلى رأسها قطر، فمنذ تأسيس حركة الأخوان المسلمين على أيدي إمامها الأول حسن البنا عام 1928، والحركة في حالة انقلاب مستمرة على ذاتها وأفكارها وتحالفاتها، وأدى ذلك إلى حدوث خلافات وانقسامات وحتى اقتتال تخلله حوادث قتل داخلية لبعض رموزها الدينية على أيدي رموز دينية منافسة في الفصيل ذاته، إلا أنها وحتى الآن عاشت في حالة انفصام بين تطبيق التعاليم العشرين لمؤسسها البنا، وبين رؤيتها في التحالفات العلنية السرية مع الرجعية العربية الممثلة بأحفاد محمد عبد الوهاب من آل سعود، وبين التحالف السري الاستراتيجي التاريخي مع دول غربية مثل بريطانيا، ولذلك من الطبيعي ألا تخضع الحركة هذه التحالفات إلى الوصايا العشرة لتعاليم الإسلام الواجبة التنفيذ.
واستثماراً لهذا الموقف التاريخي القديم الجديد للأخوان، فأول الرقص حنجلة لحركة حماس تمثّل في تغليبها للسلطة على المقاومة، وتحويل أذرعها العسكرية إلى أجهزة أمن تابعة لهذه السلطة، ومن ثم وقعت في عثرات ومطبات وأفخاخ هذه السلطة، (نتحدث هنا بالواقع التكتيكي للحركة في إدارتها للمقاومة والذي حسمته في قبولها التهدئة الأخيرة، ولا نقصد ضرباتها العسكرية للاحتلال والتي تستغلها خدمة للواقع التكتيكي الآنفة الذكر، حفاظاً على السلطة، ورغبتها الحثيثة في فتح أبواب أمريكا وأوروبا على مصراعيها لها، ومن هنا جاءت بداية الانسحاب النهائي من التحالفات السابقة، والهرولة باتجاه قطر والآخرين).
نحن كافرون بقطر يا أبو زهري، لأن لنا عقل فلسطيني لا تغيبه الأوهام، ولا تؤثر عليه سحر الأموال، ولأن موقفنا من قطر ومعرفتنا بها وصل إلى درجة الكمال، لا نستطيع أن نقع ببساطة في أوحال شريعة الغاب، التي تحاول قطر عنوةً جركم إليها.
نحن كافرون بقطر يا أبو زهري، لأن لنا قلباً فلسطينياً عربياً ينبض بحب الوطن، والعروبة، والوحدة، لا يمكن أن يقع فريسة لأكاذيب قطر ومخططات أميرها وجرائمه لتفتيت المنطقة، فالدفاع عن قطر يحيلكم بشكل طبيعي إلى تقمص دور الراقص على ضحايا قطر، من أبناء أمتنا العربية، الذين قتلوا بفتاوى مفتي الناتو ” يوسف القرضاوي” وتقديمهم قرباناً للمستعمر الأمريكي، والبريطاني، والفرنسي، والإيطالي.
كافرون بقطر يا أبو زهري، لأننا ورثنا من أجدادنا الكنعانيين غضباً هائلاً يقف في وجه اللقيطة قطر وأحلامها الخبيثة وأميرها العاق، فهل يجب علينا يا أبو زهري أن نعلن الولاء لدولة فتحت أول سفارة للكيان الصهيوني، ثم تكذب علينا بدموع تماسيح ألماً على جرائم الاحتلال بحقنا!!!.
لقد كفرنا بقطر يا أبو زهري… ونحن نكفر بقطر يا أبو زهري.. وسوف نكفر بقطر يا أبو زهري. موقفنا هذا حاسم وثابت ولن نتراجع عنه، ولن يكون على الإطلاق مساحة إعلانية مدفوعة الأجر على مداخل طرقات غزة، فهو موقف لا يقبل القسمة على الوطن، ولا يمكن أن تؤثر عليه كل ملايين ودولارات قطر وأميرها.
ختاماً، لا أريد أن أسجل موقفاً على متحدث وناطق رسمي باسم ” حركة حماس”، من المفترض أنه يستطيع إدراك المواقف وتوصيفها وتحليلها وتمييزها، وليس الوقوع في شركها، كما أنني لا أريد أن أذكره بالآية الكريمة في سورة البقرة: ” وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون”، إلا إذا خرج علينا أمير قطر بأنه نبي جديد لهذا العصر ولكن بلحية زرقاء!!!.