سقوط مشروع الإخوان المسلمين الأمريكي في المنطقة
الشعب العربي المصري يخلع مرسي ومشروعه وينتصر لسورية
أمال وهدان
انتصار ملايين المصريين في ثورة 30 يونيو في مصر بخلع محمد مرسي من سدة الحكم ليس حدثاً مصرياً فقط بل حدثاً قومياً وعربياً بامتياز ينهي حقبة الإخوان المسلمين الأمريكية ومشروع الخلافة في مصر ويحدث ارتداداً هائلاً في تونس وليبيا كما باقي الدول العربية.
وهنا لا يفوتنا أن نقر بترابط مشهدان لا يمكن فصمهما بين ثورة 30 يونيو لخلع حكم الإخوان المسلمين بعد عام من الاستئثار بالسلطة وبين عملية التطهير المتسارع التي ينفذها الجيش العربي السوري في البلاد ضد العصابات الإرهابية المسلحة التي يرعاها الإخوان المسلمين سياسياً وعسكرياً ومالياً بدعم مباشر من قطر والسعودية لتنفيذ أجندة صهيوأمريكية في المنطقة ويستعيد سيطرة الدولة على مفاصل الجغرافيا السورية. هكذا كانت العلاقة الجدلية تاريخياً بين سورية ومصر منذ أيام الوحدة وها هي تتوحد إرادات الشعبين، السوري والمصري، للقضاء على أي إمكانية لسيطرة الإخوان على مقدرات ومستقبل البلدين.
سوف يذكر التاريخ يوم 30 حزيران 2013 كثورة تصحيحية لثورة 25 يناير 2011 وكعلامة فارقة ليس فقط في تاريخ مصر بل في تاريخ البشرية جمعاء. هذه الثورة العارمة التي بدأت فعلياً قبل موعدها بيومين فتدفقت الحشود المليونية إلى الميادين الرئيسية في العاصمة المصرية وباقي المدن مثل موج البحر تهتف بصوت هادر: أنا مش كافر، أنا مش ملحد .. يسقط .. يسقط حكم المرشد. حتى أهالي الأحياء الفقيرة في القاهرة وبقية المدن الرئيسية الأخرى، والتي كان يعتبرها الإخوان المسلمون حتى صباح الأحد من مؤازريهم، انضموا للمظاهرات الحاشدة ينددون ب محمد مرسي وحزبه ويهتفون: إرحل، بعدما اكتشفوا زيف ونفاق الخطاب الإخواني.
هذا الفيضان البشري على ضفاف النيل وفي كل أنحاء مصر العروبة شكل لوحة بشرية غاية في التنظيم والروعة والدقة والعظمة في يوم تاريخي أممي بامتياز لقنوا خلاله ديكتاتورية الإخوان ورؤسائهم في البيت الأبيض درساً من دروس الشعوب الثائرة بوجه طغاتها في مشهد فاق الخيال بأن الشعوب هي التي تقرر مستقبلها وشكل النظام السياسي فيها وتحالفاتها الداخلية والخارجية وأجبر الصحافة الغربية على الاعتراف أن هذه المظاهرات هي الأضخم ليس فقط في تاريخ الشعب المصري بل في التاريخ الأممي وأجبرت ساكن البيت الأبيض أن يرفع الغطاء السياسي عن عميله الإخواني مرسي بعد ثورة 30 يونيو كما رفعه عن سلفه مبارك بعد ثورة 25 يناير.
لقد اثبت الشعب العربي في مصر أنه شعب حي وجزء أصيل ورائد في محيطه العربي وأنه وإن فقد توازنه بعد ثورة 25 يناير واهتزت بوصلته فهو سرعان ما يلتقط اللحظة المواتية لتصحيح وجهته. وإنه لن يسمح لأي فئة أن تفرض عليه بعد الآن أجندات هجينة مستوردة تأخذه بعيداً عن تحقيق طموحه في الحرية والسيادة الوطنية والكرامة الانسانية.
وهذه الأجندة تحديداً تعيدنا لمشهد هزلي للرئيس المخلوع مرسي وهو يلقي خطاباً في استاد القاهرة قي 15 حزيران يعلن فيه فتح باب الجهاد في سورية وقطع العلاقة معها وسحب السفير المصري منها في ذات الوقت الذي أعلن فيه أوباما موافقته على تسليح العصابات المسلحة في سورية. أليس هذا مفارقة دامغة تشير لتبعية هذا النظام المصري الإخواني لسياسات الاستعمار العالمي؟ أليس من الخيانة الوطنية أن يبقي مرسي العلاقة مع مستعمرة الصهاينة ويبقي سفيرها في عاصمة المعز؟ ألا يشكل هذا السلوك خطراً محققاً على الأمن القومي المصري وخيانة وطنية للشعب العربي في مصر؟ ألا يدل هذا على تورط هذا النظام في الحرب الكونية الدائرة على سورية؟
إن كان الشعب العربي المصري اعتقد أن مظاهرات ثورة 25 يناير المليونية التي وضعت حداً لثلاثين عاماً من حكم مبارك المخلوع سوف تسير بالبلاد نحو بدايات جديدة داخلية وخارجية تستجيب من خلالها لمطالب الشعب المشروعة في وطن حر كريم سيد على ثرواته ومقدراته وتعيد مصر لحضن العروبة، فإن الإخوان المسلمين المتلهفين للسلطة سارعوا لاختطاف ثمار الثورة من بين أيدي ثوارها الشرعيين وقاموا بصياغة الدستور على مقاس مصالحهم والاستفتاء عليه بطريقة فهلوية اثارت حفيظة الكثير من الأحزاب والحركات السياسية التي ساهمت في صنع وقيادة ثورة 25 يناير وجاءت الانتخابات ليتبوأ بها الإخوان سدة الحكم في رئاسة البلاد وبدأوا باستئثار مراكز الحكم والقرار دون أن يلتفتوا لمطالب الملايين من فقراء مصر الذين ثاروا على الظلم والفقر والجوع في عهد النظام البائد ودون أن يسترجعوا سيادة البلاد من براثن الهيمنة والتبعية الاستعمارية الرأسمالية وسلاسل اتفاقية الذل والعار مع مستعمرة الصهاينة بل تمادوا وتماهوا أكثر في علاقتهم مع الصهاينة لدرجة بات فيها مجرم الحرب بيريز “الصديق”.
MsoListParagraphCxSpFirst” styletext-align: right;”>لقد وضعت ثورة 30 يونيو النهاية الحتمية لحقبة الإخوان المسلمين ومشروعهم السياسي التابع في الوطن العربي والمنطقة برمتها بسبب الثقل الرئيسي لهذه الجماعة في مصر وتأثيره على البيئة المحيطة عربياً وإقليمياً. وكما تأثر وضع الإخوان المسلمين في مصر بالضربات الموجعة والهزائم المتتالية التي طالت جماعتهم في الإقليم الشمالي على يد الجيش العربي السوري مما دعا الرئيس المخلوع مرسي للدعوة للجهاد في سورية فإن هزيمتهم المدوية بفعل ثورة الشعب العربي في مصر سيكون لها بالغ الأثر على مجريات الحرب الكونية على سورية.
كذلك سوف يكون لهزيمة مشروع الإخوان في ثورة 30 يونيو آثاراً مباشرة وحاسمة على جماعتهم الحاكمة في تونس الذين يواجهون معارضة متنامية من غالبية الشعب التونسي وأحزابه وحركاته الجماهيرية. وما الحراك الذي شهدته تونس على وقع هزيمة الإخوان في مصر من تشكيل لحركة “تمرد” وجمعها ما يزيد على مئة وثمانون ألف توقيع خلال أربعة أيام إلا دليل دامغ على نتائج عامل الدومينو.
ولن تكون حركة حماس في فلسطين المحتلة وقطاع غزة بالتحديد بمعزل عن آثار هذا السقوط المدوي للإخوان في مصر، خاصة وأنها تورطت بالدم المصري في سيناء وفي تهريب السلاح لعناصر الجماعة في مصر وفق تقارير إعلامية مصرية مما أدى إلى إحداث شرخ على المستوى الشعبي بين الشعبين الشقيقين. ونحن في فلسطين المحتلة إذ ندين ونستنكر هذا السلوك المشين لقيادة حركة حماس في مصر وسورية وانحيازها إلى مشروع الإخوان الإرهابي في هذين البلدين بينما يعاني شعبنا من الإرهاب الصهيوني الممنهج وبينما يستمر حصار غزة وتجويع وقتل أهلها، نطالب كوادر وقواعد هذه الحركة بإعادة تصويب بوصلتهم نحو المستعمر الصهيوني وإعادة تصحيح مسار المقاومة الفلسطينية وتحالفاتها الوطنية والعربية والإقليمية بما يخدم قضيتنا الوطنية وقضايا الأمة العربية.
أما إردوغان تركيا الذي حاول استنساخ تجربة العثماني في سطوته وسيطرته على الوطن العربي والذي فتح حدوده وموانئه ومطاراته وفنادقه للعصابات الإرهابية المدعومة قطرياً وسعودياً ومخابراتياً وعسكرياً من رأس هرم الاستعمار العالمي لقتل الشعب والجيش العربي السوري فإن حتمية التاريخ تشير إلى سقوطه مرتين: الأولى على يد شعبه الذي سحب منه الشرعية الوطنية في المظاهرات العارمة في المدن التركية الرئيسية، والثانية عندما سقط مشروع حلفائه من الإخوان المسلمين في مصر على يد الملايين من الشعب المصري.
ها هو المارد المصري انطلق من قمقمه وعرف من هم حلفائه ومن هم أعدائه وكيف يحمي أهداف ثورته بملايين الجماهير التي صنعتها ويحرسها من الانتهازيين والمتسلقين وفلول النظامين السابقين، والأهم حماية هذه الثورة بعيداً عن دوائر هيمنة الاستعمار الرأسمالي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها في مستعمرة الصهاينة.
5 تموز 2013
فلسطين المحتلة