الأسير المحرر نزيه دعى لانهاء عهد العبودية !!!
مؤتمر الحركة الأسيرة الفلسطينية .. وضع النقاط على حروف المعاناة ..!!
أمال وهدان
لأول مرة في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية يعقد مؤتمر للأسرى المحررين من كل الوطن والشتات تعبيراً عن وحدة الأسرى كما الشعب ووحدة الوطن رغم سطوة المستعمر بقوة السلاح والتهجير ورغم الانقسام غير المشروع لحركات تدعي الشرعية ليل نهار بينما خسرت مشروعيتها الشعبية منذ ان رهنت قرارها السياسي لأعداء الوطن.
وقد يكون انعقاد المؤتمر الأول للأسرى المحررين في مدينة نابلس جبل النار أمس قد أرسى أول عوامل نجاحه السياسي والشعبي والإنساني، حيث وفرت هذه المدينة المقاومة البيئة الشعبية الحاضنة لمؤتمر الأسرى وقضاياهم المطلبية المحقة والعادلة قياساً بما قدمته لهم رام الله السياسية والشعبية من جحود ونكران حين أعلنوا إضراباً مفتوحاً وناموا بالعراء على أرصفة “رئاسة الوزراء” العتيدة من أجل تحقيق مطالب مكتسبة قانونياً اغتصبها منهم أصحاب الياقات والألقاب بغير وجه حق. وقد انقضت ستة أسابيع اليوم على وعود هؤلاء لهم وما زال الأسرى ينتظرون!
وإن كان مؤتمر الحركة الأسيرة بصفته التمثيلية لجموع الأسرى في فلسطين المحتلة، من بحرها إلى نهرها، ورفاقهم داخل سجون العدو الصهيوني وفي الشتات، وبصفتهم الشعبية التي يتناغم مع نبضها جموع شعبنا الفلسطيني في الوطن المحتل والشتات، قد أرسى حقائق دامغة على الأرض لا يمكن لعاقل أن يتجاهلها خاصة في ظل أجواء سياسية ووطنية قاتمة مع انسداد أفق الحل وفق أجندة أوسلو.
وأهم ما عكسه انعقاد هذا المؤتمر وبحضور المئات من الأسرى المحررين هو وحدة الحركة الأسيرة ووقوفها سداً منيعاً بوجه الانقسامات السياسية والتعصب الفئوي الضيق وإيمانها أن الوطن أكبر من المنظمة والسلطة وكل التنظيمات والفصائل، وأن المنظمة التي تخلت عن ميثاقها وثورتها الوطنية ومقاتليها وشهدائها وأسراها لا يمكن أن تكون أمينة على قضايا الوطن وتاريخه وانتمائه ومستقبله ولا يمكن أبداً أن تمثل مصالح الحركة الأسيرة مهما بالغت وضخمت من لهجة ووتيرة خطاباتها وشعاراتها في مهرجانات استعراضية لأنها سقطت في امتحان التمثيل منذ أن ارتضت ورهنت قرارها السياسي بالمفاوضات مع العدو الصهيوني وحلفائه في واشنطن والرياض والدوحة.
إن من المشين بل والمعيب أن يتداعى الأسرى لمؤتمر وطني من أجل المطالبة بحقوقهم المشروعة التي يكفلها لهم انتماؤهم إلى الحركة الوطنية الأسيرة والتي تشكل عمود الحركة الوطنية الفلسطينية ومثلت مع شهداء المقاومة جسراً عبر عليه من يدعون اليوم تمثيلهم لهذا الشعب زوراً وبهتاناً. ويحق لهؤلاء الأسرى، الذين ساروا على درب الحرية والاستقلال الناجز من الاستعمار الصهيوني الاحلالي الجاثم على صدورنا منذ عقود، وبكل سنين أسرهم التي تجاوزت المئات مجتمعة، وبشرعة عذاباتهم وتضحياتهم الجسيمة المضمخة بالدماء ودموع الأطفال والأمهات، أن يمنحوا فرص التعليم والعمل والطبابة ما حيوا هم وذووهم. وهذا الحق مشروع وتحصيل حاصل وليس منة ولا حسنة من أي فصيل أو منظمة أو سلطة أو وزير أو رئيس.
إن من حق لجنة الأسرى بصفتها التمثيلية والاعتبارية والشخصية كمواطنين مع درجة الشرف أن يطلعوا على موازنة المنظمة والسلطة ورئيسها وحكومتها ومؤسساتها وموازنة هيئات الأسرى، المتعددة الأسماء والاتجاهات ومصادرها المالية العابرة للقارات والانتماءات والولاءات، وأن يحاكِموا ويحكموا في بنود الصرف الكثيرة الأوجه وآليتها ومستحقيها بدءاً من موازنة “رئيس” هذه “السلطة” و “رئيس وزرائه” الحالي والسابق و”وزرائه” وأعضاء “مجلسه التشريعي” خاصة ونحن نتحدث عن مئات الآلاف من الدولارات شهرياً تقبض من “المال السياسي” الذي تدفعه الدول المانحة ل”السلطة” كرشوة، باسم الشعب الفلسطيني وباسم الحركة الأسيرة تحديداً، بينما يتم تكديس العراقيل بوجه متطلبات الأسرى في الحياة الكريمة.
ان مسيرة الحركة الأسيرة النضالية والوطنية، والتي صقلتها مئات السنين خلف القضبان، قد أثمرت تراثاً وإرثاً هائلاً من الخبرات والتجارب والعلم والصلابة والصبر والصمود والقدرة على فرض شروطهم على السجان وتمكنوا من هزيمة العدو الصهيوني في أكثر من محطة وفي أحلك وأشد لحظات المواجهة قسوة وانتهاكاً لإنسانيتهم، مما يؤهلهم وبجدارة أن يحملوا على أكتافهم وبأمانة عبء ملف الأسرى الشائك والمعقد وهموم الشعب والوطن المحتل، خاصة في ظل التقاسم السياسي والجغرافي بين رام الله وغزة لما تبقى من وطن ما زال محتلاً ومستعمراً من قبل العدو ذاته الذي يحجز حرية خمسة آلاف أسيرٍ ويستخدمهم كرهائن وكمختبر لتجاربهم المميتة.
لقد آن الأوان للحركة الأسيرة الفلسطينية أن تتبوأ المركز والمكانة الوطنية التي تليق بها كحركة وطنية مناضلة دفعت فاتورة الوطن بينما فقدت عناصر المنظمة وسلطة أوسلو وفصائلها أية أهلية لقيادة نضال شعبنا الوطني طالما بقيت مكبلة باتفاقيات أوسلو الاستسلامية التي عفا عليها الزمن.
وعليه ومن منطلق الحرص الشديد على مسيرة شعبنا النضالية ووحدته في الوطن المحتل والشتات، خاصة في ظل اشتداد الهجمة الاستعمارية الاستيطانية الاحلالية على أرض الوطن المحتل من شمال جليله إلى جنوب نقبه وأغواره شرقاً، واستمرار الحصار المهين والمميت لشعبنا في قطاع غزة، ومع احتدام حالة الاحتقان والغضب الشعبي العارم ندعو كل الحريصين على وحدة هذا الشعب من القوى الحية والفاعلة والشريفة، وعلى رأسهم الحركة الأسيرة إلى مراجعة نقدية شاملة لما آلت إليه الأمور بعد عشرين عاماً من الارتهان لمهندسي اتفاقية أوسلو للحكم الذاتي، وإلى الاحتكام لصوت العقل والضمير الوطني وتطلعات الشعب الموحد على رفض اقتسام الوطن مع المستعمر والداعي لنبذ الانقسام السياسي على أساس الولاء لأجندات خارجية والمطالب بوقف استجداء المفاوضات إلى الأبد مع المستعمر الصهيوني.
24 تشرين ثاني 2013