قراءة في كتاب فؤاد بطابنة الجديد:
السياسة الخارجية الأردنية وتطورها
ناهض حتر
كتاب جديد بعنوان السياسة الخارجية الأردنية وتطورها للكاتب والباحث، السفير سابقا، فؤاد البطاينه، في طريقه للصدور .
ويتناول الكتاب مما يتناوله محددات السياسة الخارجية لدى انشاء الدولة ومكوناتها وطبعتها وملامحها والمؤثرات الخارجية والداخلية على تشكيل هذه السياسة.
وكذلك تحديد وصياغة أهداف السياسة الخارجية من قبل القيادة بالتزاوج مع محدداتها ومستلزمات تنفيذها في الخارج والداخل. كما يتناول كيفية اتخاذ القرار بأنواعه ومسئولية اتخاذه.
ويبحث الكتاب في تطور السياسة الخارجية الاردنية وأدوات تطويرها ومناقشتها في ضوء تطور السياسة الخارجية الأمريكية في بداية التسعينيات من القرن الفائت في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط.
أرسل لي الصديق فؤاد، فقرة اختارها بعناية من كتابه، أرى من المهم أن أنشرها وأوزعها كما هي لأهميتها.. ولأنها تأتي من رجل عاش وعارك السياسة الخارجية بنفسه، وإن كنت لاحقا سأعلق عليها..
قول فؤاد: “…..ومن الأهمية بمكان أن نعرف بأنه رغم مرور أكثر من تسعين عاما على إنشاء الأردن فإن المفهوم التآمري البريطاني الصهيوني باستخدام الأردن محلا لتصفية مكونات القضية الفلسطينية تم توارثه وما زال حاضرا في العقلية السياسية الغربية والصهيونية ممثلة باسرائيل حيث يستمر حكامها وأحزابها ومفكروها على طرحهم أمام العالم الغربي وفي كتبهم ووثائقهم بأن الأردن هو فلسطين الشرقية وعلى رأسهم نتنياهو الذي يذكر بكتابه مكان تحت الشمس ما يجب على كل حاكم عربي معرفته ، ونصه هو “إن المساحة التي تقوم عليها إسرائيل حاليا + الضفة الغربية + الضفة الشرقية (الأردن) هي بمجموعها تشكل فلسطين التاريخية والتي كانت كلها تحت الإنتداب البريطاني حيث تمثل المنطقة من البحر إلى النهر فلسطين الغربية ، وتمثل المنطقة من النهر لعمق الصحراء فلسطين الشرقية ومساحتها 80 % وأن بريطانيا أخرجتها عام 1922 من وعد بلفور أي من الوطن القومي لليهود “. ويضيف نتنياهو إن الوضع الحالي يتمثل بوجود دولتين قائمتين في فلسطين الأولى إسرائيل أو فلسطين الغربية وهي من البحر الى النهر لليهود . والثانية هي الاردن او فلسطين الشرقية للعرب …..” ويضيف نتنياهو إن إنشاء دولة في الضفة الغربية يعني إنشاء دولة فلسطينية ثانية للعرب على حساب دولة إسرائيل انتهى كلام نتنياهو.
ويواصل فؤاد: “وكما تؤكد ملهاة الغرب وحلم العرب والأردن بالذات المسماة بحل الدولتين المرفوض من اسرائيل علنا من حيث المبدأ والاستراتيجية من خلال طبيعة تحفظاتها المكتوبة على حل الدولتين، وعمليا على الأرض من خلال ممارساتها لا سيما الاستيطانية والاصرار على وجود الجيش الاسرائيلي في الأغوار والجدار العازل الذي يقضي على أدنى امكانيه عمليه لقيام دوله متصلة وقابلة للحياه في الضفة الغربية ، أقول تؤكد على استمرار حضور وتكريس مادي لذات المفهوم الرافض الى اليوم لاقامة دولة أو كيان سياسي فلسطيني على أي بقعة ما بين النهر والبحر يكون متصلا جغرافيا وقابلا للحياة وذي سيادة على الارض والسكان وعلى الحدود البرية والبحرية والجوية ، والذي في حالة تخلي اسرائيل عن هذا الرفض قولا وعملا على الأرض وقبولها بدولة فلسطينية على هذا النحو سنقول عندها فقط أن فكرة الوطن البديل أصبحت منتهية . حيث ينجو الاردن ككيان سياسي مستقل ويتحقق بنفس الوقت الحق الفلسطيني على الارض الفلسطينيه بحده المقبول بالتوافق الفلسطيني العربي .ويبقى ما دون ذلك تفاصيلا يمكن معالجتها ولو مرحليا حتى مسألة العودة على أن يتم الاعتراف به كحق قانوني وأخلاقي وتاريخي لا يصح اطلاقا التنازل عنه. حتى لو بقي لحين الاتفاق على الية العودة والتعويض أو بقي ارثا للأجيال القادمة في حالة عدم التمكن من تفعيل هذا الحق أو ممارسته .
اما ما هو علينا في الأردن فهو أن نأخذ الممارسات الاسرائيلية على الارض الفلسطينية التي يستحيل معها قيام الدولة الفلسطينية على محمل الجد ومواجهتها بها من ناحية، ومن ناحية ثانية أن نمارس نحن على الأرض الأردنية ونقنن ما يصعب عليها مشروعها ونبتعد عما يسهله عليها اسهاما في اقناعها بأن خيارها في الوطن البديل بات وهما تحقيقه. انها اسرائيل من يتحدث عن الوطن البديل ومن يهيئ له عمليا بمفهوم الوطن الأصيل وليس نحن. وهو خيارها السياسي الوحيد للآن كآلية لتصفية القضية الفلسطينية وتعمل على الأرض لجعله الخيار الوحيد أمام المجتمع الدولي بما فيه العرب وليس خيارنا، ولو كان هناك قانون في الأردن يمنع الحديث عن ما تقوله اسرائيل وتفعله وعن ما لا نقوم به نحن لفكرت قبل الكتابة.
وحيث أن كتابتي هذه تزامنت مع اللغط الدائر في الأردن بشأن ما يسمى بخطة كيري فاني أقول بأنها كغيرها ليست أكثر من ملهاة تشغل الأمة وتعطي اسرائيل المزيد من الوقت لاتمام اجراءاتها على الارض الفلسطينية في خضم اشغال العامة والخاصة وايهام الحكام العرب وكل متسائل بأن الولايات المتحدة واسرائيل مهتمتان ويعملان على ايجاد تسوية مقبولة للطرفين. وان خرج عن هذه الملهاة شيء فلن يكون أكثر مما يساعد اسرائيل في تذليل عقبة ما أمام تحقيق مشروعها.فتصفية القضية الفلسطينية ومكوناتها لا يستوفى بهكذا خطه ولا على يد أمريكا وغيرها. بل يكون من خلال الطريقة والمنظور الاسرائيلي الذي لا يصلح أن يتم باللقاءات والمؤتمرات والمفاوضات، وانما يتم على الأرض فقط خطوة تلو الأخرى على يد الاسرائيليين وهذا هو الواقع الذي نشهده منذ سبعة عقود يقابله واقعنا اللاهث مع ملهاة التفاوض التي تحولت الى مغناة يتكرر عرضها مع كل مطلب عربي أو اسرائيلي أو تطوير أو مستجد عليها لتنتهي بلا شيء أو بتحقيق مطلب اسرائيلي.
وأتمنى على العامة والخاصة أن يتأكدوا من أن أي خطة سياسية غربية أو عربية وأخرها ما يشاع عن خطة كيري لن تلبي طموحات وأطماع وأهداف اسرائيل الخفية والنهائية وأن ما يقبل به العرب مهما توهموا بتنازلاتهم لن يكفي اسرائيل في ظل الواقع العربي والدولي القائم من واقع رفضها وانكارها أي اسرائيل للحق العربي في فلسطين. ومن واقع معرفتها بعجز عدوها وغريمها الذي بات صديقا رغم أنفه ومجردا تماما من ناب أو مخلب يطالها. وان الخطأ التاريخي القاتل الذي ارتكبه العرب والفلسطينيون بالذات هو تركهم خيار المقاومه المسلحه.” 25
شباط 2014