نارام سرجون
كم يعز علي أن نغادر هذا العام من دون أن أداعب شنبات عزمي بشارة .. لكن الواجب يقضي أن نمرّ عليه ونسلم عليه ونداعبه من شاربيه الكبيرين لنعبث بهما قليلا ولنشدهما قليلا نحو الأمام .. والى اليمين .. والشمال .. والى أعلى ..والى أسفل ولنمشطهما أو نتركهما منفوشين .. ولا غنى لنا عن مداعبة كرشه الذي يتقدم ويتوسع من كثرة ما شرب من الدم العربي ولم يشبع .. الرجل قل كلامه بعد ان كان ينتج الكلام بغزارة كما لو كان يبيعه بالبراميل والشاحنات وناقلات النفط لأنه طاقة للأمة .. فلا فرق بين كلامه والنفط .. سلعة تباع وتخضع لقيم السوق .. وتقيم في بلاد ملوك الرمال وأمرائها مثله مثل أي بئر زيت أسود .. لم يبخل علينا عزمي بدقيقة واحدة من وقته وكنا نراه في مرحلة تسويقه وتوزيعه وصناعة نجوميته مثل دعايات المأكولات ومعاجين الحلاقة بل في مرحلة تسويقه ظهر على الشاشات أكثر من أي أمير وأكثر من الملك عبد الله الثاني الذي له محطة فضائية تبث 24 ساعة كاملة صورا له ومشاهد من بطولاته .. كان عزمي يطل علينا في كل المناسبات السياسية والنضالية والاقتصادية والفلسفية والدينية ويتحدث عن مصر واليمن والسودان ووو.. أي على حسب لغة اهل الكار في سورية (مسبّع الكارات) .. في الآونة الأخيرة قلل من ظهوره وصار يميل الى البيات الشتوي وكأنه أصيب بالاكتئاب .. لكنه كثّف من وحيه الكتابي وتنزيلاته الثورية .. أو أنه أحب أن يلعب معنا لعبة التشويق ليحدثنا عن البوذية الاسلامية بعد فترة .. وربما غاب عني لأنني لم أعد أجدّ في أثره رغم أنه لا يزال يسعى كالأفعى ..
مشكلة عزمي أن مصيبته كبيرة لأنه تحول في اللاوعي من مفكر عربي له جمهور من المحيط الى الخليج الى جاسوس ثم بشكل غير متوقع الى شخص ظريف ممتع وخفيف الدم .. تناقضات شخصية لا تجتمع الا لتخلق شخصا طريفا يستمتع الجالسون اليه بدغدغته ومشاكسته ومناكفته .. ووجد عزمي نفسه فجأة أنه لا يزال ينادى عليه بالمفكر العربي لكن اللقب بحد ذاته صار ظريفا وفيه دعابة وتدل على النهاية المفجعة لمغامرة التفكير العربي وللمفكرين العرب .. فاذا كان الدخول في مغامرة التفكير العربي ينتهي الى مصير عزمي بشارة (اي الى بئر نفط أو جاسوس) فكيف اذا لم يفكر العربي؟؟ لا شك انه سينتهي الى مشفى الأمراض العقلية ..أو عضوا في المعارضة السورية ..
صار عزمي مجمعا للطرائف ومنجما للنوادر والقصص المسلية .. فكل مافيه طريف وظريف .. وثوريته طريفة وظريفة وفيها فكاهة .. واظرف مافيها هي قيادته الأحرار من عند قاعدة العيديد ومن شرفة قصر أمير ويدا بيد مع القرضاوي الذي يلتهم الصغيرات ويمضغهن تحت أضراسه النخرة دون رحمة .. ولا يتردد عزمي بشارة مع هذا في أن يتسلل بين الفينة والفينة الى بلده اسرائيل سرا معتقدا انه لا أحد يراه عند دخوله وخروجه وخاصة عند لقائه بعض ضباط الموساد في تل أبيب بعد أيام من الاتفاق الكيماوي السوري عندما حدثت صدمة في الخليج وبين الثوار وتولى بنفسه استطلاع الأمر من قلب غرفة العمليات في اسرائيل وايصال رسائل “عربية” شديدة التوتر ..
والأكثر طرافة أن أعتى الثوار صار يستمع اليه على أنه مفكر عربي ظريف .. فليس منطقه طريفا فقط بل وشكله ايضا .. والرجل بسبب فشل توقعاته ورهاناته ونظرياته الثورية صار محلا للتندر وللدعابة وقد فشلت كل محاولات الجزيرة ومحاولات معجبيه من الروبوتات العربية التي تعمل على البطاريات الدينية والزيوت الاسلامية لجعله مرجعا ثوريا عالميا ومفكرا لا يقهر .. فاذا به ودون أن يدري يصبح أحد الظرفاء الذين يدغدغون خواصرنا بلطف خاصة عندما يتحدث واعظا وشاحنا الثوار بالأمل والأكاذيب .. ولن تتخيلوا مثلا أن احدى الدعابات التي سمعتها عنه أنه قال للثوار السوريين الذين زاروه محبطين غاضبين بعد الاتفاق الكيماوي بأن عليهم عدم اليأس والتعلم من تجربة اليهود الذين حققوا حلمهم بعد شتات آلاف السنين ولم يفقدوا الأمل كالثوار السوريين بعد 3 سنوات فقط من عمر ثورتهم .. الدعابة هنا والتي أضحكتني كثيرا وسيضحك لها من يسمعها وقد نقلت لي بأمانة أنه قال بانفعال توبيخي من ترهل معنويات المجتمعين بأن “الاستمرار في الثورة هو الوحيد الكفيل بتحقيق حلم اسقاط النظام السوري وبناء دولة المستكبل (أي المستقبل) .. وعلى الثورة أن تستمر ولو لخمسة آلاف سنة أخرى” !! .. وبالطبع لن أصاب بالجنون لأقول له بانفعال أنه حتى بعد خمسة آلاف سنة لن تصلوا .. بل لا بأس من وصولكم بعد خمسة آلاف سنة .. وعلى الرحب والسعة لكن ليس قبل ذلك رجاء فنحن مشغولون ..
الغريب أنه في علم النفس يقال ان البشر يصابون بعدوى السلوك ومن هنا يبدو ان المثل الشعبي الذي يقول: “ان كنت في مدينة العوران فضع يدك علي عينك لترى مثلهم وتظهر مثلهم” ..مثل دقيق ومصيب وله جذره السيكولوجي .. ومثاله الفاقع الذي لا يرد هو ما اصاب عزمي بشارة من عدوى السلوك والعنتريات والبلاهة الخليجية .. الرجل الذي اقتبس شيئا من دهاء الصهاينة ومن شكيمة الفلسطينيين صار يفكر ببلادة ولزوجة واتكالية مثل أمراء الخليج ويمتص ثقافتهم الهشة ومنطقهم وقيم رعاة الأبل وعناد الابل وحقدها بعد ان كان يفكر للخلايجة ويتصرف مثل بوذا في معبده ..وبدل أن تصيبهم عدوى السلوك اصابته الحمى الصحراوية .. لأن سلوكهم اقوى من أن يصاب بالعدوى ..
وقد تذكرت أقواله منذ بداية مهمته في اطلاق الفوضى في العالم العربي .. وجلساته وهو متكئ على الكرسي ويتحدث كالنبي ويقول بأن النظام يتهاوي وان النصف الثاني من عام 2012 سيشهد عملية الانهيار الكامل .. ودخول سيارات الدوشكا الى سوق الحميدية في دمشق .. لكنه الآن لا يجرؤ على الاطلاق على مجرد التنويه الى مثل هذه النبوءة في كتاباته وتصريحاته..ويدور ويناور ولا يقترب من عبارة “نهاية النظام” بل حولها الى عبارة “صمود الثورة” .. وأكثر ما يستطيع فعله هو اعطاء مهلة خمسة آلاف سنة للثوار ..
أما آخر الطرائف التي تستحق الوقوف عندها لمداعبتها ومشاكستها والعبث بثيابها فهي في كلامه الأخير عن شيء سمي سبعة ملاحظات هامة للمفكر العربي عن الثورة السورية .. والغريب أن الرجل والجاسوس الظريف مهووس بالرقم سبعة فقد كتب للمصريين ملاحظات سبعة في شباط الماضي على ما أذكر وها هو يعيد انتاح سباعيته للشعب السوري في الملاحظات السبعة .. والفارق بين السباعيتين أنه في السباعية المصرية بدا هادئا واعظا وان كان اخواني الهوى ولكنه في السباعية السورية لم يتمكن من ضبط نفسه .. وامتلأت السباعية السورية بعبارات البراميل المتفجرة والتجريم والادانة والابادة والتهجير ولكن طبعا غابت كل الذبائح وكل الاعدامات الميدانية التي يتفنن فيها الثوار وكل الهمجية والبدائية ونكاح اللاجئات وجهاد النكاح وداعش والنصرة ووو .. لكن الحقيقة هي أن المفكر الذي لا يقهر كان مقهورا .. مقهورا من الغيظ والهم والكمد .. ومقهورا مليئا بالهزيمة ..
ولا أدري سر ولع عزمي بشارة بالرقم سبعة والملاحظات السباعية .. لا أعتقد أن السبب هو ولعه بالضوء وأطيافه السبعة .. وليس حتما بسبب ولعه بالعلامات الموسيقية السبعة .. وبالتأكيد ليس لأن درجة حموضة المياه في الكيمياء هي سبعة .. وليس لأن السماوات سبع في القصص الدينية .. ولكن العارف بعزمي بشارة وتاريخه في معهد فان لير الاسرائيلي يحيلنا الى الشمعدان اليهودي الشهير (المينوراه) الذي يتميز بسبعة فروع أو أذرع والمستمد من كتاب (التناخ) العبري المقدس من كتاب زكريا ويرد فيه ما يلي: وقال لي ماذا ترى فقلت قد نظرت فاذا منارة كلها ذهب، وكوزها على رأسها، وسبعة سرج عليها، وسبعة أنابيب للسرج التي على رأسها..
ولا أريد بناء تصور اتهامي الى الاصرار على حشر الرقم سبعة في ملاحظاته لكن لا يمكن لتكرر اعتماد الرقم سبعة في ملاحظات شخص مثل عزمي بشارة اغفاله أو اعتباره مجرد مرور عابر للصدفة فهذا الرجل دقيق جدا في ولائه الايديولوجي لا شك .. وأعتقد أن تتمة عبارة كتاب التناخ يجب أن تضيف منذ اليوم الى المنارة التي عليها سبعة انابيب وسبعة سرج .. مايلي: .. وفوقها ملاحظات عزمي بشارة السبعة !!
على كل حال .. يمكنكم أن تضعوا كل الملاحظات الستة السورية في سلة القمامة لأنها مجرد بيانات لزهران علوش وابو محمد الجولاني ينشرها لهما الجاسوس الظريف .. أما الملاحظة الأهم والتي دسها عزمي وهي قلب الافعى التي انسلت الى بين سطور القمامة لزهران علوش والجولاني .. فهي هذه العبارة التي تقول:
أصبح واضحا أن اللوبي الإسرائيليي يشكل أحد أهم المدافعين عن النظام السوري في اوساط صنع القرار في الغرب.
طبعا هذه العبارة ليست جديدة على الاطلاق فهي خبز الثوار وزيتهم المقدس وهي الوجبة اليومية التي تتلو لقاءاتهم بكل الاسرائيليين والامريكيين وتستعمل كغطاء ونظارات شمسية كيلا نرى عيون الثوار وتقرأها .. وهي عبارة يحبون جدا تكرارها تحديدا بعد لقاء برنار هنري ليفي الصهيوني .. وتذكرنا بجهاد الجزيرة في ليبيا التي التقت مع ثوار ليبيين قالوا انهم تراجعوا أمام الجيش الليبي لأنه يستخدم قذائف اسرائيلية زودته بها اسرائيل .. وفي نفس اليوم قالت الجزيرة ان الثوار الليبيين أسقطوا طائرة فيها طيارون سوريون .. وهكذا جمعت الجزيرة الطيارين السوريين المزعومين بالذخيرة الاسرائيلية لحماية العقيد القذافي ..
وبالتأكيد لا تتوقعوا منا أن ندخل في مهاترات الجدال والنقاش والبرهان والانكار ولن نقول له مهللين “ينصر دينك يااستاذ .. زكيبة .. او الله أكبر .. لأنك قد اصبت كهرباء النظام السوري في الصميم حتى قطعت النور عن عيونه!! فهذا التكبير والتهليل تسمعونه يوميا.
لكن هذه العبارة بالتحديد هي العبارة التي تقتل الثوار قبل أن تصيب موقف الرئيس بشار الأسد والدولة الوطنية السورية .. وربما هي التي تجعل في منطق الثوار دعابة ومن عزمي جاسوسا ظريفا .. لأن مثل هذه العبارة لا تستطيع مناطحة كل شيء حولها دون أن تصاب بالجروج والرضوض والنزوف .. وهي التي عندما تدخل الرأس تتقاتل بشراسة مع كل عبارات الثوار وأطروحاتهم .. على طريقة قتال داعش والنصرة والجيش الحر .. فكيف يمكن لهذه العبارة أن تعيش بسلام وتستوي مع عبارات أخرى تناقضها وتسكن في نفس المخ ما لم تكن الكهرباء مقطوعة عن هذا المخ ؟؟ .. الا اذا اعتبرنا هذه العبارة من العبارات الظريفة التي فيها روح النكتة .. والعقول التي تهضمها تعتبر عقولا ظريفة وخفيفة الدم ولا تفرق بين الذكورة والأنوثة .. وهذه احدى أهم معضلات الثورات العربية التي تنتج عبارات مخنثة لا جنس لها مثل .. حرية مع ناتو!! .. بناء اسس الدولة الديمقراطية بدعم حكام الخليج!! .. الاسلام والتعايش مع اسرائيل لاحياء الخلافة الاسلامية ..!! الجهاد في كل مكان في المجرّة الا .. فلسطين!! ..
يعني حسب هذا المفكر العربي الظريف أن حسن نصر الله وحزب الله اللذين فلقنا الثوار وهم يقولون انهم يقتلون الشعب السوري من أجل الحفاظ على النظام السوري وقتل أهل السنة يشتركون مع الاسرائيليين في هذا الهدف ..ولكن بالمقابل فان الثوار يهددون حزب الله بأنهم سينقلون المعركة اليه لأنه يدعم النظام السوري ويرعدون ويزبدون كل يوم ويبعثون الانتحاريين الى الضاحية الجنوبية .. ولا تجد على صفحات الثورة سوى الشتائم للشيعة ولحزب الله ولحسن نصر الله المجوسي الصفوي .. ولكن بنفس الوقت فان الثوار الذين يقولون ان النظام صامد بسبب تأييد اسرائيل سرا له (وقد قالها عزمي بشارة علنا) لا يهددون اسرائيل بالعقاب لأنها تدعم النظام السوري .. فلماذا؟؟ ألا تستحق اسرائيل أن تعاقب من الثوار ولو بعملية انتحارية واحدة عقابا للوبي الاسرائيلي على دعمه للنظام السوري مثلا طالما أنه يدعم النظام السوري؟؟ ألا تستحق اسرائيل شتيمة واحدة ؟؟ بيانا ثوريا واحدا؟ رصاصة واحدة ؟؟ فتوى واحدة؟؟ دعاء واحدا على منابر قطر ومنابر القرني والعايض؟؟ هل يكفي أن نقول ببرود ان اللوبي الاسرائيلي يدعم بقاء النظام ؟؟ الثوار هددوا ايران والصين وروسيا ودعوا عليهم حتى في الحج واشتكوهم الى الله في عرفات؟؟ والعرب هددوا الروس والصينيين بقطع العلاقات الاقتصادية عقابا لهم على دعم النظام (قاسي القلب في سورية) .. ولكن اذا كانت اسرائيل تدعم النظام كما استنتج الجاسوس الظريف عزمي بشارة فلماذا لا تجرؤ جهة ثورية واحدة على رفع اصبعها الصغيرة لتهديد اسرائيل ؟؟ ولماذا لا يحدث عزمي أمير قطر بضرورة تحذير اسرائيل واعلان مقاطعتها؟؟ أو لماذا لا ينصح أردوغان بالضغط على اسرائيل ؟؟ ويطلب من بندر بن سلطان أن يوجه القبضايات الذين يذبحون في عدرا أن ينتقموا من مستوطنة واحدة اسرائيلية؟؟ بل ان كل التلميحات الثورية تشير الى صداقة وتفاهم بين الثوار واسرائيل وتفهم لحقيقة أن العدو المشترك هو الثلاثي الشرير ايران ـ سورية ـ حزب الله .. بل ان جرحاهم ينقلون للعلاج في الأرض المحتلة وفي مستشفيات اسرائيلية ودون خجل او مواربة .. والأنكى من هذا كله ان السعودية جاهرت بأنها ستتفق مع اسرائيل لاسقاط النظام السوري ومواجهة ايران .. بل وسيساعدهم في ذلك طبعا اللوبي الاسرائيلي .. فكيف يستوي ذلك مع ملاحظة عزمي بشارة؟؟ ..
وبمنطق بسيط فان من كان راغبا ببقاء النظام السوري مثل اللوبي الاسرائيلي عليه أن يقبل ببقاء صديق النظام السوري المتمثل بحزب الله .. ولكن اسرائيل تعيش ليل نهار هاجس المواجهة مع حزب الله وليس مع زهران علوش ..الا اذا كان المفكر الظريف يريد أن يمرر أن هناك تنسيقا بين نتنياهو وحسن نصر الله وأن علاقتهما كعلاقة عزمي بشارة بأمير قطر ..
ألا توافقون معي أن العقل لا يتحمل هذا الضغط الهائل من تنافر هذه الهذيانات الثورية والاختراعات الجاسوسية الغبية ..الا اذا أخذها بروح الدعابة والترويح عن النفس والنكت الظريفة ..
الحقيقة التي لا مفر منها أن عزمي لم يعد يساوي أكثر من موظف ناجح من موظفي الموساد .. رغم أن آخر وأخطر مهمة له على الاطلاق لم تكلل بالنجاح وهي القضاء نهائيا على آخر قطعة كبيرة في سورية التاريخية باسقاط النظام السوري والشعب السوري .. الا أنه يجب الاعتراف بأنه استنتسخ مقولة “الجيش الذي لا يقهر” الى عبارة (الجاسوس الذي لا يقهر) لأنه صار علنا يقود حركة التدمير الذاتي العربي ولا يزال طليقا ويحظى بالتكريم في دول الربيع العربي ودول النفط بدل أن يلحق بسلفه ايليا كوهين على حبل مشنقة..
الا أن الجاسوس الذي لا يقهر لا شك صار مقهورا .. مقهورا من الغيظ والهم والكمد .. ومقهورا بمعني المهزوم .. وقد قهره بسطاء الناس السوريون .. حتى الأميون السوريون الوطنيون قهروه وتحدوه ودفعوه لأن صار لا يتوقع تغييرا قبل خمسة آلاف عام ..ولا يملك الجرأة ليمر على ذكر نهاية النظام التي تحولت الى منتج تسويقي جديد اسمه “صمود الثورة” التي يمسك رجليها وكتفيها ورأسها دول الأطلسي ونفط العرب وكل اسلاميي الأرض.
بالطيع لن ينتحر عزمي بسبب فشله في المهمة السورية ليس لأنه لا يفكر بالانتحار بل لأن الانتحار للعظماء والمفكرين الذين تستيقظ عندهم الانسانية والمروءة والرجولة والكرامة والرجل ليس لديه كم كبير من الرجولة والبطولة .. واكاد اقول .. لو كان عزمي بشارة رجلا لقتلته .. علاوة على ذلك فلديه من حب الحياة الكثير .. واسألوا الحياة المرفهة الباذخة التي يعيشها في قطر عن ذلك ..
لكن الرجل ـ كمواطن اسرائيلي ـ بالتأكيد بطل من أبطال اسرائيل القوميين الذي خدم بلاده أكثر مما فعل كوهين وكثيرون غيره .. والزمن سيكشف أنه من الذين لا يقلون أهمية عن موشي دايان الذي احتل القدس مع اسحاق رابين .. وقد أدى أكبر خدمة جليلة لبلده الكيان الصهيوني (اسرائيل) في تفتيت العقل العربي المفتت أصلا وملئه بالرمال والقار .. ولا يزال يجول بين الخنادق الاعلامية ويتمترس في حصون آل ثاني ويرمي علينا السهام والنبال والملاحظات والشمعدانات التوراتية ..ولكن الجاسوس الذي لا يقهر يعرف ماذا تعني مواجهة بلد تعلم قهر الجواسيس .. وتعليقهم على المشانق ..
25 كانون اول 2013
الشام تايمز