شارون مجرم حرب بامتياز
جنود الإسلام ويهوه إله الجنود
محمد علي الشيخ*
كثيراً، عندما كنت أدرس تأريخ الأديان، ما كنت أتسائل من منطلق توحيدي، هل الإله الذي ندعو باسمه ( من أي شريعة كانت ) وضعية أو سماوية كرحمن رحيم، رؤوف، حليم، كريم، هو نفسه الذي يؤمن به ثلة من البشر فيرتكبون أبشع المجازر باسمه، يتجاوزون كلامه ليفسرونه وفق أهوائهم فيصورونه ذاك الرب الدموي المتعطش للدم سواء أكان هذا الدم حيواني (الأضاحي) أو بشري.
كانت الإجابة تصلني حاسمة قاطعة عندما كنت أتصفح العهد القديم مبحراً معه وبه لأنطق بحقيقة واقعة ومتوقعة أن الإنسان أساء لخالقه وانتصر للملائكة بتوقعهم (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء). من استعراض بسيط لنصوص العهد القديم نلاحظ إن من الأمور الثابتة عند اليهود الإحساس بحتمية الحروب. فالحروب هي بمنزلة أسطورة تدخل في إطار البنية العامة للعقيدة عندهم شأنها في ذلك شأن سائر الأساطير التي يتعامل معها الفكر التلمودي مثل الأسطورة النرجسيّة وأعني (أرض الميعاد وشعب الله المختار).
لقد أصبحت الحروب بمنزلة متنفس حتمي وضروري للروح العدوانية لدى الشخصية اليهودية مهما حاولت العقيدة الصهيونية أو الإمبريالية الإسرائيلية أن تلبسها من أردية الشرعية المختلفة.
والروح العدوانية متأصلة في جوانب متعددة من العقيدة اليهودية، والنصوص الدالة عليها مبثوثة في كتبهم المقدسة بشكل كبير، وفي هذا البحث المختصر محاولة لإبراز الجوانب العدوانية في العقيدة اليهودية وذكر أمثلة من نصوصهم التي تبين هذه الطبيعة المتأصلة في الشخصية الإسرائيلية.
الجانب العدواني في تصور الإله (الأسماء).
لعله من المعروف لدينا أن له أسماء وردت في العهد القديم، منها:
ألوهيم:
هذا الاسم يظهر الله في كمال قدرته ولاهوته الذي لا يحد ولا يدرك (الله لم يره أحد قط) نسمع صوته ونرى أعماله في الخليقة، أما شخصه فلم يره أحد قط ولا يقدر أن يراه لأنه ساكن في نور لا يدني منه. وهذا الاسم، كما سبق الكلام في فصول سابقة يرد في صيغة الجمع أي الله في أقانيمه (تكوين 1:1) (في البدء خلق (ألوهيم) السموات والأرض)
يهوه :
ويرد هذا الاسم في (تكوين 2) لأن الإنسان ظهر على المسرح فيبين هذا الاسم علاقته كالرب مع الإنسان. وفي (تكوين 16:7) نرى الاسمين معا في القول (والداخلات دخلت ذكرا وأنثى من كل ذي جسد كما أمره الله (ألوهيم). وأغلق الرب (يهوه) عليه ) فالله في قضائه كان مزمعا أن يهلك كل المخلوقات الحية، وهذا مرتبط بالاسم (ألوهيم). ولكن في نعمته الغنية أغلق على نوح باب الفلك قبل نزول الدينونة، وهذا مرتبط بالاسم ( يهوه ).
وأيضا في (1صم 46:17, 47) قال داود (حتى تعلم كل الأرض أنه يوجد إله (ألوهيم) لإسرائيل، وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب (يهوه) لأن الحرب للرب وهو يدفعهم ليدنا) وفي (2 أخ 31:18)) فلما رأي رؤساء المركبات يهوشافاط قالوا إنه ملك إسرائيل فحاوطوه للقتال فصرخ يهوشافاط وساعده الرب (يهوه) وحولهم الله (ألوهيم) عنه).
أدوناي :
وهذا الاسم يعني «السيد». في (مزمور 2:16) ( قلت للرب ( يهوه) أنت سيدي (أدوناي)
أيليون :
وهذا الاسم يعني )الإله العلي(. وجاء هذا الاسم في (تكوين 22:14) ( فقال أبرام لملك سدوم رفعت يدي إلى الرب الإله العلي (يهوه أيليون) مالك السموات والأرض)
شدأي :
وتعني «القدير» في (تكوين 1:17) (وظهر الرب لأبرام وقال له أنا الله القدير (شداي) سر أمامي وكن كاملا) ولقد جاءت هذه الأسماء مجملة في (مزمور 1:91, 2) (الساكن في ستر العلي (أيليون) في ظل القدير (شداي) يبيت. وأقول للرب (يهوه) ملجأي حصن إلهي (ألوهيم) فأتكل عليه)
يهوه صباءوت
وهذا الاسم مدخل بحثنا إذ نسي كل الأسماء وجرى التركيز على هذا الاسم خاصّة دون غيره لما فيه من نزعة نحو العنف والقتل والإبادة : وهى تعني (رب الجنود). في (1صم 3:1) (وكان هذا الرجل (ألقانة) يصعد من مدينته من سنة إلى سنة ليسجد ويذبح لرب الجنود (يهوه صباءوت) في شيلوه)
ونميز أن أبرز ما يطبع العقيدة اليهودية في جوانبها العدوانية هو ذلك الرباط الوثيق بين (الرب) و (الحرب)، فالحربفي ايدولجيتهم عمل مقدس، قائدها -في زعمهم- هو الرب (إله الجنود)، وجنودها هم جنود الرب؛ وهو ما يضفي على هذه الحروب قداسة وشرعية.
إنه إله الحروب يحارب فيها، ويقود الجيوش، جاء في سفر التثنية: (الرب … يطرد من أمامك شعوبا أكبر وأعظم منك)، وجاء في سفر زكريا:( فيخرج الرب ويحارب تلك الأمم في يوم حربه يوم القتال).
على ضوء ما سبق نستطيع أن نفسر ونفهم قول الحاخام أيوجين بوروفيتز حين يتحدث عن حرب 1967 أنها لم تكن تهدد دولة “إسرائيل” فحسب، وإنما تهدد الإله نفسه. وكذا قول بن جوريون :(إن يهوه إله إسرائيل هو أيضاً إله الجنود).
ياله من إله قاس يأمر شعبه المختار بقتل جميع الذكور في المدن البعيدة عن أرض الميعاد. أما سكان هذه الأرض نفسها فمصيرهم الإبادة ذكوراً كانوا أم إناثاً أم أطفالاً. كما جاء في سفر التثنية: (حين تقترب من مدينة لكي تحاربها … فلا تستبق منهم نسمة واحدة).
وهذا الإله لا يكتفي بأمرهم بقتال أعدائهم، بل يخوفهم إن لم يتبعوا أمره فيقول: (فإن لم تتبعوا أوامري بالقتل والإبسال فيكون أني كما نويت أن أصنع بهم أصنع بكم).
وهو يأمر بعدم الشفقة على غير اليهود فيقول: (وتأكل كل الشعوب الذين الرب إلهك يدفع إليك لا تشفق عيناك عنهم).
وهذا الرب هو رب لا يعرف الرحمة بالإنسان أو الحيوان. جاء في سفر الخروج: ( فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل بكر في أرض مصر، من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الأسير الذي في السجن، وكل بكر بهيمة).
ويدعي التلمود أن روح الإله من روح الشعب كما أن الابن جزء من أمه، ولذا فمن يعتدي على يهودي فهو كمن يعتدي على العزة الإلهية، ومن يعادي جماعة “إسرائيل” أو يكرهها فإنه يعادي الإله ويكرهه.
ولا يقل الأنبياء ـ كل الأنبياء ـ دموية عن الإله (رب الجنود) فإذا كان الإله بتلك الصورة القاسية العدوانية؛ فلا عجب أن يكون الأنبياء كذلك، وهذا ما جاءت به كتب اليهود المقدسة. وفي حكايات الكتاب المقدس اليهودي ما لا يحصى من أمثلة على ذلك، فحينما انتصر جند موسى على المديانيين وجاءوا بالسبايا والغنائم، سخط عليهم موسى؛ لأنهم لم يبيدوا الأطفال والنساء وقال لهم: (فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال. وكل امرأة عَرَفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها. لكن جميع الأطفال من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم حيات). ويشوع بن نون بعد أن تمكن من دخول أريحا، وضع أسس التعامل مع أهل المدينة: (وحرّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير، بحد السيف). والتحريم في المعنى اليهودي هو إبادة كل شيء في مدينة مهزومة، أو إهلاكها، أو تخريبها تخريباً تاماً.
فهذا النبي داود عليه السلام يرتكب، كما يصورونه، أفظع الجرائم: (وأخرج الشعب الذي فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد، وفؤوس من حديد، وأمرّهم في أتون الآجر. وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون. ثم رجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم) ليتشابه الحديث المكذوب عن الرسول الأعظم عند الجنود الجدد إذا ينسبون إليه حديث (جئتكم بالذبح) لم يسلم الأنبياء من عدوان أتباعهم على مر السنين، والذي تمثل بقتل عدد منهم، وقد أخبر الله عنهم بذلك في آيات منها قوله تعالى: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ). ومن النصوص في ذلك ما جاء في النبي إرميا من ذكر محاولات عديدة لقتله منها ما جاء في سفر إرميا: (وكان لما فرغ إرميا من التكلم بما أوصاه الرب أن يكلم كل الشعب به أن الكهنة والأنبياء أمسكوه قائلين تموت موتاً).ولعل قيامهم بصلب السيد المسيح خير دليل عمّا نقول.
أن في إكثار ( المجاهدين ) من صفات المدح والتعظيم لأنفسهم، من خلال النزعة النرجسية والشوفونية العقيدية التي يتمتعون بها مقتربين من أمثالهم الذين دعوا أنفسهم بشعب الله المختار، والشعب المقدس والثلة المقدسة حيث لا يقف أمر قداستهم عند طاعة الله وعبادته، بل يتعدى ذلك إلى إهدار دم الأديان والمذاهب الأخرى، واستباحة أموالها وأعراضها وأوطانها، جاء في سفر التثنية: (لا تقطع لهم عهداً، ولا تشفق عليهم، ولا تصاهرهم، ولا تعطي بنتك لابنه، ولا تأخذ بنته لابنك، لأنه يرد ابنك عني، فيعبد آلهة أخرى، فيحمي غضب الرب عليكم، ويهلككم سريعاً، ولكن هكذا تفعلون بهم: تهدمون مذابحهم، وتحطمون أنصابهم، وتقطعون سواريهم، وتحرقون أصنامهم بالنار، لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك، إياك اصطفى الرب إلهك لتكون له شعباً أخص من جميع الشعوب التي على وجه الأرض، ليس من سجونكم أكثر عدداً من سائر الشعوب التحم الرب بكم، بل هو اختاركم لأنكم أقل من سائر الشعوب، من محبة الرب بكم، وحفظه القسم الذي أقسم لآبائكم).
جاء في سفر المكابيين الثاني عن موسى قوله: (يا رب، لماذا خلقت شعبا سوى شعبك المختار؟! فقال: لتركبوا ظهورهم، وتمتصوا دماءهم، وتحرقوا أخضرهم، وتلوثوا طاهرهم، وتهدموا عامرهم).
وقد جُمعت قوانين الحرب في “العهد القديم” في سفر التثنية، وهي تحدد لهم أسلوب الاستيلاء على المدن، وأسلوب التعامل مع أهل البلاد. ففي الحرب الهجومية أباحت الشرائع اليهودية قتل الذكور البالغين فقط من العدو وسلب أموالهم، وفي الحرب الدفاعية أباحت لهم إبادة العدو كله أي قتل جميع النفوس المعادية، والاستيلاء على جميع الممتلكات.
ولك أن تنظر إلى هذه الوصية التي تصف أخلاقيات الحرب لديهم: ( حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح. فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك. وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربا، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك. هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هذه. وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبعد منها نسمة ما).
وحياة المخالف معدومة القيمة بالنسبة لهم، فقد جاء في التلمود: (اقتل الصالح من غير الإسرائيليين، وحرم على اليهودي أن ينجي أحداً من باقي الأمم من هلاك، أو يخرجه من حفرة يقع فيها، لأنه بذلك يكون حفظ حياة أحد الوثنيين)؛ لذا من المفروض على (الجهادي) قتل كل من يخالفه إذا تمكن منه، وإذا لم يتمكن فيجب عليه أن يتسبب في هلاكه في أي وقت، أو على أي وجه كان، لأن التسلط (على التكفيريين) سيدوم ما دام واحد من الكفار على قيد الحياة. ولذلك جاء من يقتل أجنبيا يكافأ بالخلود في الفردوس والجلوس هناك في السراي الرابعة (حوريات المجاهدين).
ووفقًا لأحكام شريعتهم المستقاة من اليهودية (لأنهم لا يعملون بالقرآن، أو يجتزئون النصوص للي عنقها وتفسيرها بالهوى، لما يحملون من زيغ، إذ يتبعون المتشابه) فهي تستبيح حياة المخالف لهم بالرأي وكذا ماله وعرضه ودمه فقد جاء في كتاب وزعته قيادة الجيش الإسرائيلي على الجنود في مطلع السبعينات من القرن الماضي فتوى حاخامية مستوحاة من تلك الشريعة تجعل من قتل العرب رجالاً كانوا أو نساءً ليس مسموحاً به فقط ولكنه واجب ديني. (لنتذكر فتوى القرضاوي بإباحة دماء ثلث الشعب السوري).
أما موقفهم من النصارى فكتابهم التلمود مليء بالنصوص التي تبرز العداء الشديد والحقد الكبير الذي يكنه اليهود للنصارى.
ومن أبرز من قام بإبراز هذا الموقف ثم دفع حياته ثمناً لذلك الأب الكاهن (آي . بي. برانايتس) العالم الكاثوليكي اللاهوتي المتمكن في العبرية والذي كان عضوًا في هيئة تدريس جامعة الروم الكاثوليك للأكاديمية الإمبراطورية في مدينة (سان بطرسبرج) عاصمة روسيا القيصرية. في دراسته التي بعنوان (فضح التلمود – تعاليم الحاخامين السرية) والتي كانت باللغتين العبرية واللاتينية.
فمما ذكره عن التلمود اعتبار الكنائس المسيحية بمثابة بيوت للباطل, وأماكن للقاذورات, لذلك يجب هدمها وتخريبها (ما جرى بكنائس معلولا والرقة وغيرها من المناطق التي سيطر عليها الجنود باسم ربهم يهوى).
ويأمر التلمود أتباعه بقتل جميع المسيحيين دون رحمة حتى أفضلهم؛ لأنهم إذا استمروا في الحياة فالأمل في التحرير يصبح عقيماً. وهذا نراه جليا في خطابات مقبوره أسامة بن لادن (حرروا جزيرة العرب من رجس النصارى).
ومن الأمور البشعة التي تبين مدى وحشيتهم مع غيرهم تلك العادة الدينية المتعلقة باستنزاف دم غير اليهود لمزجه بالعجين الذي يصنع منه الفطير الذي يأكلونه في عيد فصحهم، ففي بعض نسخ التلمود: «عندنا مناسبتان دمويتان ترضيان إلهنا يهوه: إحداهما عيد الفطائر الممزوجة بالدماء البشرية، والأخرى مراسيم ختان أطفالنا»، وقد قام البريطاني أرنولد ليز بجمع أهم حوادث الذبح البشري المنسوبة لهذه الطريقة ونشر ذلك في كتاب في عام 1938م.
لقد استلهموا أعمالهم ودمويتهم وسياستهم في البطش والعنف من التوراة والتلمود، ومنها استقوا القوانين التي يتسلمها قادتهم الوهابيون كمصدر وحي، وكشريعة مقدسة؛ فتتحول كل جريمة يقترفونها لتصبح شرعية وقانونية من أجل تحقيق وعد الرب (دولة الخلافة)، ولا مجال لأي كلام يقال بعد عمليات التقتيل الوحشية والجماعية التي يقومون بها في الأراضي التي يحتلونها، ولن تجدي معهم نصوص المعاهدات والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، فهم يفعلون ما يفعلونه بوازع من دينهم لإرضاء ربهم.
وليس تدميرهم معلميهم لأريحا في قديم الزمان وقضائهم على جميع سكانها وحتى البهائم إلا مثالاً يحتذيه
(الجنود)، وهذا ما نلاحظه بارتكابهم سلسة بشعة من المجازر الإرهابية على الأرض السوريّة، كمجازر عدرا العماليّة وغيرها.
واستناداً إلى هذا التراث الديني يبررون ما تتسمون به من العنف والقسوة والجريمة، تماما كأسلافهم اليهود مثال جابوتنسكي فيلسوف العنف والإرهاب في الحركة الصهيونية، حيث كان واضحاً مع نفسه حينما قال لمستشار الطلبة اليهودي في فيينا: تستطيع أن تلقي كل شيء.. القبعات والأحزمة الملوثة والإفراط في الشباب والأغاني، أما السيف فلا يمكن إلقاؤه.. عليكم أن تحتفظوا بالسيف؛ لأن الاقتتال بالسيف ليس ابتكار ألمانيا، بل هو ملك لأجدادنا الأوائل. إن السيف والتوراة قد نزلا علينا من السماء.
وجاء بعده مناحم بيجين ليقول: إن قوة التقدم في تاريخ العالم للسيف.. ويعارض بيجين فلسفة ديكارت بفلسفة أخرى تقول: عندما قال ديكارت: أنا أفكر إذن أنا موجود. قال فكرة عميقة جداً غير أن هناك أحياناً في تاريخ الشعوب لا يكفي التفكير لإثبات الوجود. فقد يفكر شعب ثم يتحول أبناؤه بأفكارهم إلى قطيع من العبيد.. هنا يصرخ كل ما فيك قائلاً: إن عزتك ككائن حي رهن بحبك للشر.. نحن نحارب فنحن إذن نكون.
ولم تكن تلك مجرد آراء وأفكار نظرية بل انتقلت وتحققت في الواقع، فقد قام الباحث الأميركي باري بليخمان بدراسة حول الآثار المترتبة على الانتقامات الإسرائيلية واعتمد على عمليات الانتقام الإسرائيلية والاحصائيات وردود الفعل على الجانبين العربي والإسرائيلي، وانتهى إلى أن الانتقام سلوك قومي إسرائيلي وأن “إسرائيل” تعتبر الانتقام صورة شرعية من صور السلوك القومي ولاحظ بليخمان أن التصريحات الإسرائيلية المصاحبة للاعتداءات تتضمن مفردات مشتركة وهي تأكيد على أن تلك الاعتداءات واجب والتزام وأن جيش الدفاع كان مجبراً على التحرك وأنه لم يكن ثمة اختيار ولا توجد بدائل أخرى).
ويقول روجيه جارودي معلقاً على نصوص التوراة التي تطالب بتوسيع أرض إسرائيل، وطرد أهلها، بل وإبادتهم: (لهذا يظهر الحاخامات في إسرائيل حماساً جنونياً لتوسيع حدود إسرائيل باستمرار، ويبررون كل المغامرات العسكرية الدموية، ومجازر صبرا وشاتيلا).
وفي الختام لا بد لن أن نشير إلى هذا التناغم بين الجهاديين (الإسلاميين) والنصوص الواردة في التوراة والتلمود وذاك التنفيذ الدقيق لم ورد فيهما وتلك العبادة المطلقة لم يعرف بـ يهوه صباءوت أو إله الجنود يجعلني أصل إلى حد اليقين في الإجابة عن السؤال الذي أرقني كثيرا: ربنا يختلف عن ربهم، الرحمن الرحيم يختلف عمن يريد أن يبديد البشر والحجر والشجر والمطر، ربنا الرؤف الحليم الكريم يختلف عن رب يعتقدون أنه يرضى بجز الرؤس وسمل الأعين وصلم الآذان ودلع الألسنة وجدع الأنوف لو أردنا الاستفاضة في مقارنة أعمال (الجنود الجهاديون) واستقصاء النصوص الدالة على الجوانب العدوانية التي يتبعونها في الكتب المقدسة لوجدنا الكثير الكثير من ذلك، ولو أردنا ذكر الأدلة على تأثير هذه النصوص في العقلية الإسلامية (حسب عقيدتهم) الإسرائلية لوجدنا الكثير من الاعترافات من رجال الدين الفتنوين وساسة الأنخاب وعسكريي التخاذل والانشقاق مما يؤيد ذلك، وما خفي أعظم.
وإذن فلا عجب إذا رأينا هذه الوحشية التي تصدر عن هؤلاء التكفيرين؛ فهم ينطلقون في ذلك من نصوص مقدسة، وعليه فأعمالهم الإرهابية مبررة من قبل دينهم المحرف سواء أكان هذا الدين إسلاما أو نصرانيّة أو يهودية.
28 آذار 2014
* د. محمد الشيخ باحث سوري متخصص في تأريخ الأديان