منذ الحرب العالمية الاولى تم اسقاط عدد لا يحصى من الطائرات المقاتلة. طائرات لجيوش بريطانيا والمانيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي واليابان ودول اخرى كثيرة، تم اسقاطها فوق اوروبا وفيتنام وافغانستان والمحيط الهادئ في كل ساحة من ساحات القتال المحتملة وفي كل القارات. وهي لم تهبط على الارض في اعقاب خلل تقني، بل تم اعتراضها من قبل طائرات قتالية اخرى أو بنيران مضادة للطائرات، رغم أنها كانت طائرات قتالية مميزة في عصرها، وتمت قيادتها من قبل أفضل الطيارين الذين أنتجتهم البشرية، طيارين لا يقلون عن طياري سلاح الجو الاسرائيلي.
ولكن يبدو أنه لم يتم تلقي النبأ بشأن سقوط طائرة مقاتلة بهذه الدرجة من الصدمة والدهشة مثلما تم تلقي نبأ العدو عن اسقاط الطائرة القتالية الاسرائيلية بواسطة نيران سورية مضادة للطائرات قبل نحو اسبوع. اليهود في “اسرائيل” لم يصدقوا أنفسهم. لقد تعاملوا مع اجزاء الطائرة القتالية المحترقة الخاصة بهم وكأنها طوطم قبلي تم تحطيمه واحراقه، تدنيس المقدس تماما وكأنه انتزع فخرهم الوطني.
أي طقوس عبادة جرت حول هذه الطائرة. مشكوك فيه اذا كان طوال تاريخ القتال الجوي كانت هناك طائرة حظيت بتعامل ديني مثل هذا، وكأن الامر يتعلق باله خيب الآمال، الذي تبين أنه يموت، سوبرمان سقط من السماء خلافا لكل التوقعات. بالنسبة لليهود في “اسرائيل” فان سلاح الجو هو الهي والتفوق الجوي الذي يجب عليه ضمانه هو تفوق الهي يمنح قوات الهية قادرة على كل شيء. الطائرة كان يجب ان تكون غير قابلة للمس، والطيارون الذين قادوها كان يجب أن يكونوا ملائكة، والملائكة لا يرتكبون الاخطاء الانسانية.
كيف، كيف يمكن أن يتحطم طوطمنا الى شظايا؟ أي اهانة. أي اهانة وطنية تملكت اليهود في “اسرائيل”، أي ذعر ساد عند سماع النبأ المروع بشأن الكارثة التي حدثت. الشعب يرفض أن يصدق…
.