عدنان علامة
من طبيعتي متابعة الأحداث السياسية بشكل دائم وتجذبني التفاصيل الدقيقة جدا عندما تكون الأحداث ساخنة.
فالحديث عن استعمال سوريا للأسلحة الكيماوية أسطوانة استمرت طيلة سبع سنوات وللأسف ونتيجة للإنحياز الكلي لمجلس الأمن لمصلحة أمريكا وحلفائها فكان المجلس يعتمد على تقارير ليست بذات مصداقية بحجة أن مراقبي المجلس والامم المتحدة لا يستطيعون الوصول إلى مناطق الإشتباكات .
ونظرا لدقة الموضوع وخطورته وفي خطوة متواضعة لسحب الذرائع من ترامب وحلفائه من المباشرة بعدوان واسع على سوريا سيتم معالجة الموضوع بشكل تحليلي من ثلاثة محاور لنصل إلى الحقيقة :-
1- إمكانية إرتكاب الفبركة .
2- أسباب التركيز على الأطفال
3- الثغرات القاتلةوالتي كشفت الفبركة.
ففي المحور الأول كلنا نتذكر كيف كان يتم تسجيل عمليات الإعدام الجماعي . فكان التصوير هوليووديا وبتقنية HD وكان التركيز على اللون البرتقالي الموحد لأن لهذا اللون مميزات خاصة؛ فإنه يتم رؤيته وبوضوح من.مسافات بعيدة ويبقى في الذهن لمدة أطول من غيره من الألوان ولهذا يستعمل للتنبيه في إشارات السير وفي السيارات ٠
وتم سابقا تسريب فيديو عن فبركة إحدى عمليات الأعدام التي لم تتم.
فكلنا يتذكر فتى حلب المغطى بالدماء والرمال وكأنه نجا من قصف و وللأسف إنطلت هذه الفبركة حتى على كبيرة المراسلين الخبيرة الإعلامية المخضرمة في الCNN كريستيان أمان بور واكثر من 400 وسيلة إعلامية عالمية . ولولا تسريب الفيديو لاحقا عن عملية الفبركة لما شك اي إنسان في ذلك .
فالمفبركين خبراء في عملهم .
ولمن خانته الذاكرة فقد فتحت اوروبا حدودها بعد توزيع تركيا صورة طفل ملقى على أحد الشواطيء. والبعض يقول أن وضعية الطفل تؤكد وضعه بواسطة شخص آخر ولم يلفظه البحر .
وأما في المحور الثاني ومن ناحية مهنية بحتة فإن الأخبار التي تتعلق بالأطفال تأسر القلب وذلك لبراءتهم وعندما تكون الصورة متعلقة بمعاناة طفل فيدعى مهنيا
HEARTBREAKING
أي صورة مفجعة او محطمة للقلب وبالتالي يتم التأثر بها لا شعوريا. وبناء عليه كان التركيز على إحضار الأطفال في مشهد تمثيلي كونهم مصابين وكأن الكيماوي لا يصيب سوى الأطفال في الفيديو المفبرك عن الكيماوي . والإرباك واضح وآلية إجراءات الرعاية الصحية لا علاقة لها نهائيا بالإجراءات الوقائية لإمكانية الإصابة بالكيماوي . وكان هناك إصرار على المبالغة في إظهار الأطفال بدون ألبسة . فإذا لاحظنا المسعفين فهم غير تابعين لأي جهاز طبي ولا يلبسون ثياب طبية أو حتى كفوف واقية تمنع الإحتكاك مع المصابين . واستعمال بخاخ واحد لكافة المصابين . وإذا دققنا في الصورة جيدا نلاحظ شخا واحدا يلبس قناعا واقيا من الروائح فقط على الأنف والفم في القاعة الكبيرة .
ومن ناحية مهنية وإنسانية ، ألفت عنايتكم بأن الفيديو يحتوي على مشاهد صادمة وقاسية. لذا لا ينصح اصحاب القلوب الرقيقة بمشاهدته .
https://youtu.be/BV2rHo3roSM
ونتيجة لخبرتي الطويلة في المجال الإعلامي فقد أيقنت بأن الفيديو قد أنتج على عجل لإتهام سوريا بأستعمال الكيماوي بعد خسارة آخر بلدة في الغوطة الشرقية وهي دوما. وبالتالي خسر المشغلون آخر موقع يهدد الآمنين في العاصمة دمشق .لذا تم عرقلة تنفيذ إتفاق إنسحاب المسلحين مع عوائلهم من دوما إلى جرابلس . وطلب منهم تنفيذ هجوم كيماوي مفبرك . وإذا لاحظنا بأن المسلحين عادوا والتزموا ببنود الإتفاق بعد تنفيذهم المهمة ولكن الثغرات القاتلة كشفت فبركتهم للهجوم المزعوم .
وعملا بالآية القرآنية :-
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ .}
( سورة الحجرات -آية 6) .
فقد راجعت أدق التفاصيل في وكالات الأنباء وشاهدت الفيديو عدة مرات وتعمدت مشاهدة كافة مواجز الأخبار والنشرات الرئيسية على قناتي الجزيرة والعربية . فلاحظت تطابقا في اللغة وما لفتني بشدة هو صياغة الخبر على قناة الجزيرة بما مضمونه :-
لقد القت طائرة قوات النظام برميلا متفجرا يحتوي على مواد كيماوية على دوما مما أدى إلى مقتل 150 شخصا كانوا مجتمعين في مبنى واحد .
وكون هذه الصياغة تتناقض كليا مع العلم والمنطق. فقد راجعت الفيديو أكثر من مرة . فلاحظت أن الجزيرة عرضت القتلى المفترضين قبل الرش بالماء ومن الطبيعي أي شخص أن لا يتابع المشهد . لدى متابعتي الدقيقة لكل لقطة من لقطات الفيديو فقد تم تركيز التصوير لمدة ثلاثة دقائق على عدد من القتلى بينهم أطفال في أوضاع مختلفة عدة مرات ومن زوايا مختلفة
وكان هناك
Voice over
يتهم الرئيس بشار الأسد بالقصف . وهذا الصوت ليس وليد ردة فعل وليس صدفة . بل عمل خبير مدروس ويعرف بنظرية التأطير فبعد تصوير عدة جثامين قال جملته للتأكيد على التفكير بشخص واحدفقط. وما لفت انتباهي هو إضافة جثتين خارج السياق كليا على الجثامين ويبدو أنه نظرا لضيق الوقت فإنهم نسوا الحمالة والحرام على الجثة المحتملة .الصور القاسية مرفقة .
وفي تحليل علمي لإستحالة وجود برميل متفجر فإن إنفجار البرميل وانتشار الغاز المتبخر نتيجة الأنفجار مرتبط بوزن المواد المتفجرة ولا يقل انتشار الغاز عن قطر 500 متر . والتحليل العلمي والمنطقي الوحيد لمقتل عدد من الأشخاص في مكان واحد حسب الفيديو هو قتلهم عمدا .
وتنوع الاشخاص ووجود أطفال يؤكد بأنهم ليسوا عائلة واحدة . وكون المجتمع السوري مجتمعا محافظا وكونهم موجودين تحت سيطرة الإرهابيين فمن المستحيل أن تعيش العائلات مع بعضها . والعبث بثياب بعض الجثث يؤكد ان تم نقلهم . أما الجثتين من خارج السياق فإحداها مصابة بجروح وحروق وأثار غبار ركام ناجم عن أنفجار والثانية احضرت على عجل على حمالة نسوا سحبها يزيد الإعتقاد بإنه تم تجميعهم وقتلهم ومن ثم إعادة توزيعهم لتصويرهم .
فالإحتمال الأكبر انه تم التضحية بعدد من الأسرى لديهم بقتلهم بغاز لا رائحة له لان قسمات وجوههم مرتاحة وماتوا بسرعة ودون اية عوارض وذلك لتنفيذ المهمة الإستراتيجة . وهذا ما يعرف بالضحاياالضرورية والكافية لتنفيذ المهمة.
The neccessary and sufficient victims to accomplish the mission .
أو ما يسمى باللغة الأمنية والعسكرية تلطيفا الأضرار الجانبية
the collateral damages.
ولقد لفت انتباهي عدم الحديث عن مراسم دفن الضحايا . مما يرفع الشك إلى إمكانية التخلص منهم حرقا خلال إحراق المسلحين لمقارهم .
وبناء عليه أقول أوقفوا قرع طبول الحرب فورا. فنيات شن العدوان وصلت إلى أوجها وأذكر بأن محور الشر المتمثل بأمريكا وحلفائها يستطيع في أية لحظة أن يبدأ العدوان . ولكن یقینا لن يكون بوسع هذا المحور تحمل تبعات الرد ولن يعرف مساحة الرد أو الأطراف التي ستشارك فيه والمدة التي سيستمر الرد المتوقع .
وإن غدا لناظره قريب
تبصرة: صورة مرفقة متعلق بالموضوع.