علي حيدر
المكانة التي يحتلها البحر الأحمر في استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي تكفي كمؤشر صريح ومباشر للدلالة على حجم الدور والتورط الذي يقدَّر، بل من المسلَّم به، أن إسرائيل تؤديه في الحرب السعودية ــ الأميركية على اليمن. بل لا حاجة أيضاً إلى معلومات خاصة ومحدَّدة للتأكد من أن لإسرائيل دوراً أبعد بكثير مما يجري تظهيره في وسائل الاعلام للأسباب المعروفة، ومنها محاولة طمس جانب أساسي من خلفيات الحرب التي يتعرّض لها اليمن.
تتعدّد منابع اهتمام المؤسستين السياسية والأمنية في تل أبيب بتلك المنطقة، لجهة كون إسرائيل كيان مشاطئ للبحر الأحمر الذي تجول فيه سفنها العسكرية والمدنية، ولكون الأطراف المتصارعة في تلك المنطقة، منقسمة إلى حليف لإسرائيل ومعادٍ لها. أضف إلى أن البحر الأحمر يشكّل معبراً للوصول إلى الشواطئ الإيرانية وبالعكس، يشكّل بالنسبة إلى طهران ممراً مائياً إلى المنطقة. وما رفع من مستوى القلق الإسرائيلي في المرحلة الأخيرة، أن «أنصار الله» بتوجهاتهم العقائدية والاستراتيجية إزاء قضية فلسطين، باتوا حقيقة ثابتة من حاضر اليمن ومستقبله، ولم يعد بإمكان أي قوة إقليمية أو دولية القفز عنهم أو تجاهلهم، وتتعاظم قدراتهم الصاروخية المتنوعة، بما يهدد حركة الملاحة الإسرائيلية في تلك المنطقة التي تشكّل معبراً إلزامياً لإسرائيل من المحيط الهندي وإليه.
من الواضح أنه بعد فشل الحرب السعودية ــ الأميركية على اليمن، شعباً وكياناً، وقدرة الصمود المذهلة التي أظهرها مقاتلو اللجان الشعبية والجيش اليمني، واتضاح آفاق هذه الحرب لجهة عدم إمكانية الرهان على الحسم العسكري، بات على تل أبيب أن ترفع مستوى اهتمامها بواقع تلك المنطقة ومستقبلها، لجهة ما تنطوي عليه من تهديدات وفرص. في هذه الأجواء بالذات، دعا «معهد أبحاث الأمن القومي» في تل أبيب القيادة الإسرائيلية إلى تركيز جهودها على منطقة البحر الأحمر وزيادة معرفتهم بهذه الساحة ودراسة كيفية استثمار الموارد العسكرية والسياسية لمنع تحقق التهديدات المحتملة على إسرائيل في هذه المنطقة، التي مصدرها «إيران ووكلاؤها» في إشارة إلى «أنصار الله».
ورأى «المعهد» أيضاً في القراءة التي قدمها الباحثان يوآل غوجنسكي وعوديد عيران، أنه من زاوية إسرائيلية، «الخطر المحتمل والمقلق جداً هو إيران، التي زادت في العقد الأخير من وجود أسطولها في منطقة خليج عدن». ولفت أيضاً إلى أن الجمهورية الاسلامية «لا تزال تسعى إلى الوجود البحري في البحر الأحمر عبر زيادة المساعدة للحوثيين، وسفنها رفعت علمها في البحر المتوسط أيضاً».