تقرير..إبراهيم السراجي
عبَّــرَ الكيانُ الصهيوني صراحةً عن مخاوفه من تعرُّضِ تحالف العدوان في الساحل الغربي للهزيمة على يد أبطال الجيش واللجان الشعبية، معتبراً أن تلك الهزيمةَ في حال حدثت ستكون بدايةً لمتغيرات كبرى في المنطقة تمثلُ خطورةً كبيرةً على إسرائيلَ تتمثلُ في خروج البحر الأحمر وباب المندب عن السيطرة والهيمنة الأمريكية، وبالتالي أكّـد الكيان أن من مصلحة أمنه القومي العملَ على أن تكون يدُ تحالف العدوان هي العليا في الساحل الغربي.
وبينما كان تحالُفُ العدوان وخصوصاً منذ بدء التصعيد الأخير في الساحل الغربي يؤكّـدُ قدرتَه على تنفيذ عملية عسكرية خاطفة تنتهي بالسيطرة على الساحل وميناء الحديدة، كان الكيان الصهيوني يُمَني نفسه بنجاح تلك العملية الخاطفة لتبديد مخاوفه من حدوث العكس، لكن ومع التحول الكبير الذي حدث في الساحل الغربي لصالح الجيش واللجان الشعبية، تعاظمت المخاوف لدى الكيان الصهيوني مما تمثِّـلُه هزيمة العدوان من تداعيات هي الأخطر عليه منذ عقود، مخاوف يعبر عنها “معهد الأمن القومي الإسرائيلي” ومقره تل أبيب، في تقرير نشره أمس الاثنين ورصدته صحيفة المسيرة، للباحثين الإسرائيليين “يوآل غوجنسكي وعوديد عيران” تحت عنوان “البحر الأحمر: منطقة قديمة-جديدة ذات أهمية استراتيجية”.
ووضع التقريرُ توصياتٍ للحكومة الإسرائيلية منها أنه “يجب استثمار الموارد العسكرية والسياسية لمنع تحقيق التهديدات المحتملة ضد إسرائيل في البحر الأحمر والمنطقة” لمنع إيران ومن وصفهم بـ “حلفائها”، في إشارة للجيش واللجان الشعبية، من تهديد إسرائيل.
ولتحقيق ذلك يوصي التقرير بأنه على إسرائيل أن “تحدد الأطراف التي لها مصلحة في التعاون من بلدان البحر الأحمر (السعودية ومصر وأرتيريا وغيرها) والنظر في آليات للتعاون واقتراحها بشكل مباشر وغير مباشر للجهات الفاعلة ذات الصلة”، كما يرى التقرير أن على إسرائيل خلق التناقضات بين الدول من خلال إشراك دول إقليمية لا تقع على البحر الأحمر (الإمارات) في التعاون والذي بدوره سيخلق بينها وبين دول البحر الأحمر تضارباً في المصالح وبالتالي “ينتج بدوره أرضاً خصبة للتعاون الأمني والاقتصادي والسياسي الرسمي وغير الرسمي مع إسرائيل”، وفق ما نص عليه التقرير.
ثم يحدد التقرير مصادر الخطورة على إسرائيل في حال تعرضت دول العدوان للهزيمة في الساحل الغربي أولها أن اليمن المطل على البحر الأحمر سيصبح تحت سيطرة قوة مناهضة لإسرائيل وأمريكا وهي “الجيش واللجان الشعبية” وثانياً أن هزيمة العدوان ومرتزقته سيعني خسارة حلفاء (المرتزقة ودول العدوان) للسيطرة على البحر الأحمر، وثالثاً أن إسرائيل التي نجحت في تطويع النظام السوداني وجعلته يوقف تهريب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية ستجد في اليمن (أنصار الله) الذين -وفقاً للتقرير- سيقومون بتهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر للمقاومة الفلسطينية، ناهيك عن تهديد القواعد الإسرائيلية في أرتيريا وتهديد الملاحة الإسرائيلي في البحر الأحمر.
وفي هذا السياق يقول التقرير إنه “مصلحة إسرائيل واضحة في أن يكون التحالف في اليمن صاحبَ اليد العليا، حيث تشكل حركة (الحوثيون) في اليمن تهديدًا للمصالح الإسرائيلية ويمكن أن تشكل تهديدًا لحركة الملاحة البحرية من وإلى إسرائيل”.
ويضيف التقرير نقلاً عما وصفها مصادر أجنبية أن مصلحة إسرائيل بانتصار التحالف “كي لا يتحول اليمن لوسيط في التهريب إلى حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة بدلاً عن السودان”، كما يكشف التقرير أن وجودَ قاعدة إسرائيلية في أرتيريا مكّن الكيان الصهيوني في أن يكون له عملٌ استخباراتي في اليمن وأنه في حال هزيمة التحالف في الساحل الغربي سيعني خسارةَ ذلك، بالإضافة إلى أن التقرير يقول إن من وصفهم “الحوثيين” هددوا بقصف القواعد الإسرائيلية.
وضمن توصياته، يؤكّـد تقرير معهد الأمن القومي الإسرائيلي إنه “من المهم أن يبقى القرن الإفريقي والبحر الأحمر على جدول الأعمال في الحوار الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة وقد تساعد الولايات المتحدة في تسهيل الاتصالات بين إسرائيل ودول المنطقة”.
ويضيف التقرير أنه “يجب على إسرائيل تحديد مصالحها في البحر الأحمر ودراسة ما إذا كانت سياستها الحالية تخدم هذه المصالح، وأن تحدد الأطراف التي لها مصلحة في التعاون من بين دول البحر الأحمر، وكذلك الفرص والتهديدات التي يشكلها الحضور المتنامي لمختلف الجهات الفاعلة في الساحة واقتراحها بشكل مباشر وغير مباشر للجهات الفاعلة ذات الصلة”.
وبالنسبة للتوصية السابقة يؤكّـد التقرير أن “هناك تعاوناً كبيراً جارياً بالفعل حول قضايا أخرى بين إسرائيل وبعض الدول على ساحل البحر الأحمر”، معتبراً أن “أن إشراك اللاعبين غير الإقليميين يخلق تضارباً في المصالح بينهم وبين البلدان الواقعة على طول ساحل البحر الأحمر، الذي ينتج بدوره أرضاً خصبة للتعاون الأمني والاقتصادي والسياسي الرسمي وغير الرسمي مع إسرائيل”.