الرئيسية / ثقافة شعر وفنون / عن توافه الحرب اللغوية عندنا…

عن توافه الحرب اللغوية عندنا…

ادريس هاني

طيب، إذا هي جمجمة تعود إلى ما قبل آدم ، فالمفروض داروينيا أن تكون جمجمة شامبانزي مثلا..من حرب اللغة إلى حرب الجماجم..والوطن بات على كفّ أسطورة….يا ويلي على التاريخ الطبيعي المبني على الحقد والخّفة الفيلولوجية…هل نحتاج إلى مزيد من الأساطير من أجل خاووس مستقبلي….إن كانت الهيستريوغرافيا مترنّحة في توثيق مائة عام فكيف بمؤرخي خروب بلادي الذين يزعمون أنهم وثّقوا تاريخ ملايين السنين؟…ربما بعد سنوات قليلة سنكتشف قرب سوق لاربعا جمجمة تعود إلى ما قبل الجمجمة الفتّانة..هل سندخل المزاد العلني للجماجم..كل شيء ممكن حين ننسى الإنسان ونتحدث لغة سلالة الجماجم..يا لروعة الغباء….

الأهم في هذه المعركة اللّهجية هو أن البغرير لم يعد تجارة على الرّصيف بل دخل المقرر الدراسي..في زمن السبرنتيك سنعيد إنتاج البغرير في مخيّلة الطفل تحت ذريعة تطوير اللغة العربية…اللغة العربية هي الأكثر تطورا لأنّه لم يكن للعرب سوى البلاغة والشعر، ألم يقولوا إنهم ظاهرة صوتية؟ بلى..فلم يسعى من لم يقرأ سيبويه وابن جنّي والمبرد والزمخشري والراغب الأصفهاني وابن هشام الأنصاري وحتى الأمازيغي ابن آجروم أن يحسّن لغة المعلّقات من سكرة الافتتان بلهجة مبغررة؟..الظاهر أنّ المشكل سيكولوجي..فإما اجعلوه تعليما بالعربية أو الأمازيغية أو أي لغة أخرى لكن لا للهجة لأنها مغرية في بساطتها لكنها لم تكن يوما لغة التعليم إلاّ لمن كانت لغتهم هي لهجتهم..لكن المهم هنا هو دور سراق الله وسراق اللغة في التدبير الحكومي..لهم في المعارضة لغة وفي الحكومة لهجة..الهدف واضح: سيأتي يوم نتحول فيه إلى مجتمع يخاطب نفسه فقط ولا يفهمه العالم…..

المسألة في نظري تتعلّق بحقوق الطفل..سيحاكمكم يوما وبأثر رجعي حين يجد نفسه في عزلة عن العالم بسبب السياسة اللغوية البغريرية..المتطرفون في كل نحلة هم مصيبة: عربا كانوا أم أمازيغ أم برطقيز..بعضهم يريد قطع المغرب عن جذوره العربية والأمازيغية المركبة وكأنّ حكاية الأوطان هي إثبات أوّل من علّق الجرس سلاليا..ثم يطلبون التمكين ضدّ العرب من أمريكا التي فرضت لغة الأنغلوساكسون على ملايين من الحمر والسود والصفر – إذا علمنا أنّ الجنس الأصفر سبق والله أعلم الغزو الأوربي لأمريكا -، كما يطلبون التمكين من إسرائيل التي فرضت العبرية على شعب الجبّارين الذي كان يتحدث الآرامية، وبأستراليا التي جعلت الملاوي يتحدث الإنجليزية، وبفرنسا التي اغتصبت وحدتهم اللغوية…بل بعضهم يريد فصل الأمازيغ الأحرار ليس عن العرب فقط تمهيدا لحرب أهلية لن تكون إلا في خيال الإمبريالية وجرذانها منذ حملة اللطيف على الظهير البربري، بل يريدون فصل الأمازيغ عن آدم والآدمية وفق أساطير تجد القابلية للتمثّل كيقينيات كونية من خلال جمجمة أنا من زرعها هناك ليلا(!!!!!!!!!!!!)..إنّ المسألة تبدو تحرّشا بسيطا، لكنها لن تنتج أي هدف من تلك الأهداف المسطّحة..إنّ الحرب اللغوية هي بكل بساطة حرب الإمبريالية على الهويات..البحث عن الهشاشة..البحث عن ثغرات لتسلل الفوضى الخلاّقة..أحيانا تنظر إلى البعيد ولكن يعبث بذهنك السّراب..

سيحاكمهم الطفل بأثر رجعي حين يجد أنّ اللهجة تعلمه ما هو معلوم وتوقف العقل عن اكتساب لغة العلم ليبقى يترنح في قاعة انتظار استنبات معحم مفاهيم فوضوي، لحلّ مائة سنة من العزلة عن لهجات خارج العلم في ستّة أيّام مما يعدّه طابور الاستعمار اللغوي الذي يسلك منهجية التدرج في سحق الهوية اللغوية: يا واش يا واش يتم إعداد السيكولوجيا الحاضنة للبلقنة اللغوية في مغرب يحتاج إلى سياسة حكومية تمكّنه من أكل البغرير لا تهجّيه في المقرر الدراسي..

ادريس هاني:

عن prizm

شاهد أيضاً

مكتبة تعيد التاريخ الفلسطيني مخطوطة واحدة في كل مرة

22 تشرين الأول 2023 هبة اصلان تقدم مكتبة في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل لمحة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *