بالتزامُنِ مع جولة تصعيد جديدة ينفّــذها الغزاةُ وَمرتزِقتهم في محور الساحل الغربي، زارت صحيفةُ “نيويورك تايمز” الأمريكية خطوطَهم الأماميةَ وتنقلت بين عدد من أماكن سيطرتهم هناك؛ لتكشفَ في تقرير مزوَّد بالصوت والصورة، عن جانب من الخسائر الضخمة التي تكبّدوها خلال محاولاتهم الفاشلة في السيطرة على الساحل الغربي، بالإضافة إلى العشوائية والفوضى التي يعيشون فيها، والكارثة الإنسانية التي تسبّبوا بها، لتخلص الصحيفة من ذلك إلى نتيجة واضحة هي أن تحالفَ العدوان لن يجنيَ أيَّ مكسب من معركة الساحل الغربي حتى ولو تقدّماً ميدانياً هناك.
أرتالٌ عسكريّة مدمّــرة على الطريق
في طريقه إلى المخاء، أخرج أحد أفراد صحيفة “نيويورك تايمز” الكاميرا الخَاصَّـة به؛ ليسجلَ مقطعَ فيديو نشرته الصحيفة ضمن تقريرها، ووثّق المقطعُ أرتال من آليات الغزاة المدمّــرة وقد تم إيقافها في طابور طويل على جانبَي الطريق، كشواهدَ حيةٍ تخبر كُـلَّ من يراها بالفشل الذريع الذي مني به تحالف العدوان في الساحل الغربي، وتَعِدُ بالمزيد من الفشل.
عشراتٌ من الآليات المتنوعة وثقها الفيديو، مدرعات، أطقم، وعربات وسيارات مصفحة، جميعها تم تدميرها وإعطابها بنيران الجيش واللجان. كان تحالف العدوان يعتمد على تلك الآليات في حسم المعركة التي ظن أنه ستكون “خاطفة” لكن تلك الآليات تقفُ الآن بائسةً وممتلئة بالهزيمة والخراب كتحالف العدوان تماماً.
اعترافٌ بنجاح الهجمات الجوية والبحرية للجيش واللجان
عند وصول فريق الصحيفة الأمريكية إلى أحد مقرّات الغزاة والمرتزِقة أخبرهم أحد المرتزِقة ويُدعى “هزاع عبد الله” بأن “طائرة حوثية بدون طيار” كانت قد نفّــذت قبل ساعات عمليةً “فوق غرفهم”، ما يمثل دليلاً واضحاً على نجاح الهجمات الجوية التي ينفّــذها سلاحُ الجوّ المسيّر للجيش واللجان الشعبيَّة، وهي الهجمات التي يحاول تحالف العدوان جاهداً أن ينكرها ويتجاهلها.
فمن جهة، يشكِّلُ هذا الاعترافُ إثباتاً جديداً على تمكّن سلاح الجوّ المسيّر من الوصول إلى مقرّات العدو واستهدافها بدقة، ومن جهة أخرى، يثبت صحةَ التقارير الميدانية حول الأثر الكبير الذي تحقّقه هجماتُ سلاح الجوّ المسيّر، حيثُ يمكن النظرُ إلى ذلك الأثر في الفيديو الذي وثّقته الصحيفة.
المرتزِقُ أخبر فريقَ الصحيفة أَيْضاً أنه واجه “لغماً بحرياً” عندما أراد الذهابَ إلى السباحة، وذلك يشكل أَيْضاً اعترافاً بوصول ألغام الجيش واللجان الشعبيَّة إلى المياهَ البحرية التي يسيطر عليها الغزاة، وبالتالي يؤكّــدُ نجاحَ الهجمات التي تنفّــذها القُــوَّات البحرية للجيش واللجان في البحر الأحمر.
وكانت قُــوَّات البحرية قد كشفت قبل أسابيع عن “ألغام” بحرية محلية الصنع باسم “مرصاد” وعرضت مشاهدُ مصورة لجانب من عمليات بحرية تم فيها وضعُ تلك الألغام لأهداف معادية.
ويبدو أن فريقَ الصحيفة قد سأل المرتزِقة عن سر نجاح تلك العمليات، فتم إخبارهم بأن هناك “جواسيسَ حوثيين” في كُـلّ مكان؛ لأنَّ التقرير أورد هذه العبارة في سياق عرضه للتواجد البشري داخل سوق المخاء، وهو ما يثبت نجاح استخبارات الجيش واللجان في اختراق خطوط العدو، وعجز الأخير عن مواجهة ذلك.
لا وجودَ للسعوديّين والإماراتيين في خطوط المواجهة
تقولُ الصحيفة إنه “من الصعب العثور على الجنود الإماراتيين والسعوديّين في الخطوط الأمامية”، وتوضح أن الضباط والجنود الإماراتيين “يوجهون المعركة من مناطق الأمان النسبي في مدينة عدن، حيثُ يتمركز هناك غالبية الجنود الإماراتيين المقدر عددهم بـ 5000 في اليمن”، فيما “تقوم زوارق البحرية السعوديّة بدوريات في المياه قبالة الحديدة”.
وتضيف الصحيفة أن “جميع القتلى والجرحى المتواجدين في المستشفيات الميدانية يمنيون”، فيما “يحرس المجندون السودانيون قواعدَ التحالف على طول الطريق السريع الساحلي والعديد منهم من دارفور”، وهو ما يثبت الحقائقَ التي تنشُرُها قُــوَّات الجيش واللجان دائماً حول استخدام العدوان للمرتزِقة ككباش فداء رخيصة يزج بهم إلى المحارق ليخوضوا المعارك التي يسعى لجني ثمارها من بعيد.
ولم يكتفِ تحالفُ العدوان بهذه الطريقة في التعامل مع المرتزِقة، إذ كشفت الصحيفة أن المرتزِقة يعيشون في وضع سيء جداً، فالمستشفياتُ الميدانية التي أعدها التحالف للمرتزِقة “ليس فيها طواقم طبية”، وبالتالي فإنهم يواجهون نيرانَ الجيش واللجان من أمامهم، وإهمال تحالف العدوان من خلفهم، ما يجعل مصيرَهم الوحيدَ هو الموت.
ورصدت الصحيفة نماذجَ من المرتزِقة الذين واجهوا هذا المصير السيء، والتقطت صوراً لجثثِ عددٍ من المرتزِقة الصرعى، وقد تم وضع تلك الجثث بشكل عبثي ومهين بدون أي اهتمام.
لا أملَ لـ “التحالف” في معركة الحديدة
من كُـلِّ ما سبق تخلُصُ الصحيفة إلى أن تحالفَ العدوان يواجه طريقاً مسدوداً في الساحل الغربي، وتقول إنه بالرغم من شنّ أكثرَ من 18000 ألف غارة جوية منذ 2015 فإن “الخطوطَ الأمامية تبقى إلى حدٍّ كبير، بدون تغيير”.
بل وتؤكّــد الصحيفة حتميةَ فشل التحالف في معركة الحديدة وتقول إنه “حتى لو استولى على المدينة فإن الخبراء يشكّكون في أن ذلك سيغير مسار المعركة”.. وهي نتيجة أكّــدها قائدُ الثورة مسبقاً، في أكثرَ من مرة، حيثُ كان قد أوضح في أحد خطاباته على أن “العدوّ لا يستطيعُ حسمَ المعركة في الحديدة”، كما أكّــد في مناسبة أخرى على أن “الساحل الغربي سيتحوّل إلى مستنقع كبير للغزاة”.
وبناءً على ذلك تؤكّــد الصحيفة أن معركةَ الحديدة “تعتبر بمثابة خطأ فادح لولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان” الذي تراكمت أخطاؤه الفادحة؛ بسببِ سياساته الخارجية المعادية للجميع.
“التحالفُ” تسبب بكارثة إنسانية في مناطق الساحل
الزيارةُ الميدانيةُ لصحيفة نيويورك تايمز، رصدت أَيْضاً الكارثةَ الإنسانية التي تسبب بها تحالفُ العدوان في مناطق الساحل الغربي، حيثُ أكّــدت الصحيفةُ على أن “أكثرَ من 500 ألف شخص فرّوا من ديارهم، فيما أُجبر العديدُ على اللجوء إلى مخيمات مزرية للاجئين في مناطقَ تقع على طول الساحل مثل المخاء”.
وكنموذج على هذه الكارثة، التقت الصحيفة بأحد المزارعين اليمنيين طردته عناصرُ العدوان من منزله في المخاء، ويعيش الآن على جمع “الزجاجات وعُلَب الصفيح”، وذكرت الصحيفة أن الرجل قد يكسب من تلك العلب ما يعادل “1.40 دولار” وعليه أن يُطعِمَ بهذا المبلغ البسيط أطفالَه الخمسة لبضعة أيام!
وتذكّر الصحيفةُ بتحذير منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ليزا غراندي، بأن 14 مليون يمني يواجهون خطر المجاعة في الأشهر المقبلة، مشيرةً إلى أن وباءَ الجوع بات حتى أسوأ من وباء الكوليرا.
وأكّــدت الصحيفةُ أن النظامَ السعوديّ “يمنعُ الصحفيين الأجانبَ من الوصول إلى شمال اليمن الذي يمثل مسرحاً لأكبر فظائع الهجمات الجوية والمجاعة”، في دليلٍ جديدٍ يُثبِتُ سعيَ تحالف العدوان لإخفاء حقائق جرائمه في اليمن.
.