الخوف من الانهيار المالي الاقتصادي سيد الموقف ومقرر:
لم يبقى مسؤول عارف او خبير فاهم او مؤسسة ومجلة ودار خبرة عالمية واقليميه ومحلية الا وحذرت من ان الانهيار المالي والاقتصادي اللبناني بين يوم واخر، واجراءات المصارف والمصرف المركزي تنضبط في هذا الاتجاه والادلة كلها تفيد بانه واقع واقع لا محالة وليس باليد حيلة ولم تعد تنفع هندسات المصرف المركزي وتذاكي المسؤولين والطبقة السياسية..
اذا كان الامر على هذه الجدية، والمنطقي ان الطبقة السياسية ونافذيها في الحكم يعرفون الارقام والحقائق حق المعرفة يصبح تاخير تشكيل الحكومة وتعليق التشكيل على مسائل صغيرة وهامشية امر مفهوم ويفصح من ان قرارا ذكيا قد اتخذ بضرورة وقوع الانهيار بدون حكومة..
الانهيار في ضل الحكومة يصيب النظام بمقتل، ويصير للشارع هدف والهدف الحكومة بصفتها خلاصة النظام فقد نالت توقيع الرئيس وثقة المجلس فالنظام برمته يسقط وهو واجب السقوط وقد افلس وانتهت مفاعليه…
لبنان على عتبة تحولات نوعية فقد انتفت وظائف الكيان:
في واقع الحال، وبعد تحقيق قدرة عجيبة للبنان بالاستمرار منذ ال2000 حيث كان الانتصار الذهبي على اسرائيل واعوانها، وكانت التحذيرات من خطر الانهيار المالي والاقتصادي، نجح لبنان وطبقته السياسية في الحفاظ على الدولة والكيان، ولاسباب موضوعية، فامريكا واسرائيل وحلفها الخليجي قرر ان يصير ساحة المواجهة مع سورية لانهاء مفاعيل انتصار ال2000، وادارة بوش قررت ان يكون خاصرة سورية الرخوة بعد غزوها للعراق وتطويقها السوري من كل الجهات، وافتعلت عملية اغتيال الحريري واشعال الشارع فخرجت سورية، وتصادف ان سقوط النظام العراقي دفع بالاموال العراقية وبكميات هائلة الى لبنان ومصارفه فتامنت الاموال لاستدامة النظام المفلس، ثم جاء غزو ليبيا، واليمن واحداث مصر وتونس والحرب على سورية ومعها، وتمويل الارهاب بمليارات الدولارات، توجه الكثير منها الى السوق اللنباني، فتامن للنظام والكيان ديمومة لاسباب موضوعية خارج قدرات لبنان وذكاء اركانه…
اليوم يعاني لبنان من ذات الاسباب التي كانت خلف بقائه واستمراره:
تحويلات المغتربين تقلصت، وهروب الاموال للحماية به انتهت مفاعيلها، وكتلة المال الساخن العالمية تبحث عن ملاذات امنه غير لبنان وتركيا والاردن، ولم يعد من توظيفات او ودائع خليجية فالسعودية والمشيخات في ازمة مال واقتصادها معطوب ونفذت قدراتها على حماية ادواتها وعملائها..
الانسحاب الامركي من سورية وانتصارات سورية وهزيمة الارهابين الكبير الامريكي والاسرائيلي والصغير الارهاب ومنظماته سيكون له اثار نوعية في اعادة هيكلة الجغرافية والنظم في العرب والاقليم بعد ان اعادت الازمة السورية هيكلة العالم ونظامه وصعدت من روسيا الى دولة حاكمة عالمية وكذا اطلاق الصين ومشروعاتها العالمية وفي الحرب العالمية الاقتصادية وتوفير البدائل للصين بينما امريكا واوروبا في ازمات شاملة وبنيوية وعلى عتبة انسحابية وربما ازمات كيانية…
لم يعد للكيان دور وظيفي، والنظام افلس ولم يعد قادر على الاستمرار وليس من تمويل خارجي…
هنا تقع الاسباب العميقة للعجز عن تشكيل الحكومة والاتفاق بين اركان الطبقة السياسية، وهنا نعرف ان ازمة الحكومة مفتعلة وليست حقيقة فطالما نجحت الطبقة السياسية بمجاوزة الخلافات في نسبة التمثيل بتبادل المصالح والتعويض بالصفقات والنهب، سبق للكتلة الشيعية في حكومة ميقاتي ان قبلت التخلي عن وزير من حصتها لصالح الحصة السنية اي بدل ستة وزارء قبلت بخمسية واصبحتت حصة السنة 7 وزراء… هل يصدق احد ان الازمة على حقيبة وزير سني مسقتل؟؟؟
فازمة النظام ووظائف الكيان ترخي بثقلها وتحول دون الاتفاق ويضاف اليها، ان الخطأ الجسيم الذي ارتبكته الكتلة الشيعية لحسابات قاصرة او لحسابات طائفية ومذهبية تطابق بنيتها وحاجاتها ومشروعاتها، ومنها اعادة انتاج النظام والتقاسم الطائفي مع تامين احتكارها للتمثيل الشيعي في البرلمان والحكومات فاسهمت في تامين حصة كبيرة لسعد الحريري ولسمير جعجع وحمت عون وباسيل، فشاركت في دوزنت قانون انتخابي هجين ولعين وقاصر واغتصابي للارادة الشعبية التي عبرت عن نفسها بحراك المجتمع المدني والانتخابات البلدية وبلغت النقمة في الشارع الشيعي نفسه درجة عالية ما الزم السيد حسن نصرالله ان يضع مصداقيته وشخصه في الميزان وان يرمي بثقله ويطالب الناس بالتصويت للوائح الكتلة الشيعية لتامين نصاب يمكن الكتلة الشيعية من المؤسسات ويحرم اعدائها من استثنائها او استبعادها” كما جرى في حكومة السنيورة” فانتج القانون القاصر اعادة الطبقة السياسية ذاتها ولم تصير الانتخابات فرصة للتغير العميق تلبية لحاجات ازمنة الانتصارات…
هكذا تسببت سياسات خاطئة وحسابات في وضع لبنان في عين العاصفة.
استقرار لبنان لم يعد حاجة امريكية اسرائيلية خليجية بل صارت المصالح تستوجب تفخيخه وتفجيرة لتمكين القاعدة ومسلحي سورية الهاربين من الشمال وادلب، وخاصة ان لهم قواعد وخلايا وبيئات اجتماعية في بلدات عكار وطرابلس وعموم الشمال وبعض البقاع وصيدا والمخيمات الفلسطينية تسهل سيطرتهم ومنها يشكلون تهديد لقواعد روسية في طرطوس وحميم وقلب سورية في حمص وتتقاطع نيرانهم مع نيران داعش في البادية…. وهنا يصير تعطيل الحكومة وخطر الانفجار الاقتصادي الاجتماعي الفرصة الذهبية للارهاب والمشكلات اليومية الجارية في طرابلس عينة لا يجب ادارة الظهر او العين عنها فهناك يصار الى تاهيل البنية وترتيب الاوضاع وقد تصير الاحداث مفاجئة لهذه الجهة..
فانفجار لبنان وتامين موطيء قدم للمسلحين يفيد تركيا ويخلصها من اعبائهم، ويعطي اسرائيل فرصة استنزاف السوري وتدمير الجيش اللبناني وانهاك حزب الله ولم يعد لاسرائيل من بدائل بعد صواريخ ال اس300 وعجزها في غزة ورهابها من حرب مع لبنان او سورية..
في توازن ومصالح اطراف الطبقة السياسية:
الكتلة الشيعية- امل – حزب الله
امل تقود الكتلة الشيعية وحزب الله والسيد حسن مضطر للدفاع عنها وحمايتها وهذا يخسره في الشارع…
بري لايريد ان يغادر الحياة ” اطال الله عمره فقد كان ومازال مهندس اللحظات الصعبة ومفاتيح التسويات والحلول والمعالجات” الا رئيسا للمجلس النيابي وحزب الله معه في هذا ويقف على رأيه.
حزب الله اعلن الحرب على الفساد، بيد انه يعجز لكل الاسباب ولحاجته للوحدة الشيعية والوطنية لحماية المقاومة وكتلتها الشعبية …
فالكتلة الشيعية في حالة ارتباك تعرف عمق الازمة ولا تستطيع معالجتها وحريصة على تحالفاتها وفيما بينها…
عون وتياره رهينة طموحات الوزير جبران باسيل:
تتحكم في عقله ثلاث ثوابت لا يحيد عنها:
– انه بشير جميل الزمن الراهن وخطابه الطائفي والمذهبي دليل قاطع.
– انه راغب برئاسة الجمهورية ولا يرى سواها كهدف وليكن دونها الطوفان … وعلى هذا اقام مصالحاته مع جعجع واهداه عشرة مقاعد نيابية، واعاد هيكلة التيار الوطني وحصصه البرلمانية والحكومية.
– العداء الدفين لسورية، وقد افصح عنه بالعداء لفرنجية ومحاولات اسقاطه باي ثمن، وبوضع اللوحة على نهر الكلب” افتعال مشكلة بلا اي مبرر او سبب مقنع” وسبق ان شتت وفصل كل كوادر التيار العروبيين ومحبي سورية والمقاومة، والفاعلين في التيار وقاعدته الاجتماعية وخاطب اسرائيل ” ليس لنا عداء عقائدي معكم…. مع انهم صلبوا المسيح” ولا يخفي علاقته الودية بالسفيرة الامريكية و”هو وزير خارجية لبنان ومن صلب مهام وزارته” يقول معارضيه انه مهجوس بافكاره التي مازالت عند قديم الحياة مفترضا ان امريكا واسرائيل هي من يصنع الرؤساء في لبنان، فيتسبب بقصد او بغير قصد بمشكلات اعلامية وسياسية مع امل ومع حزب الله وينفلت عقال مناصريه في وسائط التواصل في التطاول على الكتلة الشيعية ولا يوفرون حزب الله والمقاومة ومقام السيد حسن نصرالله” مقدمة ال او تي في ” وانتج عن سبق تصميم وتصور وبقصد قاصد تفاهمات يلتزمها مع الرئيس سعد الحريري وفريق 14اذار.. تعالج بعض اثار سياساته والحملات الاعلامية خطاباته وخطب فخامة الرئيس في القمم والاعلام دفاعا عن المقاومة ولذلك اسباب في توازن القوى الداخلي في لبنان وتمكن المقاومة من الشارع والسلاح وصلابة الجيش …والتزامات فخامة الجنرال السيادية والكيانية…
لهذا تبدو اشتراطاته وسياساته معطلة لاقلاع العهد والدولة ومعيقة لتشكيل الحكومة ولاسباب غير منطقية” الثلث المعطل” علما ان قائد الجيش للتيار، والرئاسة للتيار، والحصص الوافرة في المؤسسات والقضاء،، وللتيار تحالف عميق مع حزب الله والكتلة الشيعية وقد تبنته مع سورية وعطلت الانتخابات الرئاسية سنتنان ونصف لتامين الجنرال عون وفاء لمواقفه وسياساته ولصدقيته، ورهانا على جرأته ووطنيته السيادية، ولا تخفى على المتابعين ما يتسرب عن تباينات في البيت وفي ادارة التيار ومواقعه وبعض التسريبات تتحدث عن من يطعن في ظهر العهد والرئيس عون وتقليص نفوذ التيار الوطني وقوته الاجتماعية بابعاد النشطاء بمقابل رجال الاموال والمستثمرين واصحاب المشاريع …
الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل:
يعيش حالة قلق ورهاب، فالزمن لم يعد له، وحصته في البرلمان مخترقة وفضل الكتلة الشيعية باينه للجميع، ولها فيه رغبة ان يكون زعيم سني ضعيف”اقوى الضعفاء” وطيع، والامير محمد بن سلمان يكرهه، والامريكي لم يعد له قدرة في القرار والاتحاد الاوربي مشغول بازماته، واسرائيل تعجز ويتقلص دورها، وفي كل الاحوال يدرك ان مستقبله على مقصلة التفاهمات السورية السعودية ويدرك ان بن سلمان سيضحي به في اول مفرق..
لهذا تجده عاجز عن انتاج حل للحكومة بل وليس براغب فهو متمسك بالنص الدستوري ويقاتل به ويستطعف دور الافتاء ورؤساء الحكومات السابقين ويحرك شبيبته في الشارع ويعبء طائفيا ومذهبيا، ورغبته ان يبقى مكلفا وان يصير رئيسا ليحتمي من غضبة بن سلمان او الشارع ولحماية مصالحه من الافلاس ومن ملاحقات قانونية في لبنان والسعودية وتركية جراء افلاس شركاته وهضم حقوق الموظفين والمتعاملين…
يبدو ويقدم نفسه مشلول الارادة وسيبقى حيث هو ويناور ويرفض ويعطل الى ان تاتيه اشارات من بن سلمان سلبية او ايجابيه او ان يخلق الله امرا كان مفعولا…
الدكتور جعجع والقوات:
لجهة نسبة تمثيلها النيابية هي في افضل حالاتها، وفي العقيدة والالتزام ما زال الدكتور جعجع يردد ويتبنى ما يقوله نتنياهو بلا تدقيق او تمحيص ولا يرى في العالم الا العداء للمقاومة ولسورية، ويحتمي بكتلته النيابية الصدفية والتي لا تدل قط على تصاعد نسبة حضور القوات في المسيحين او المجتمع اللبناني، فقد اهداه الحصة الكبيرة باسيل بعدائه لفرنجية وخطابه الطائفي ولتكتيكات القوات الدقيقة في احتساب الاصوات وحواصلها في الانتخابات النيابية والقانون الانتخابي …
تعيش القوات والدكتور جعج حالة قلق من تراجع الدور الاسرائيلي والانسحار الامريكي في الاقليم لكنها تراهن على جبران باسيل وكتلته وعلى الكتلة السنية وتستثمر في خوف الكتلة الشيعية من احداث نقلة نوعية لتغيير النظام وتشكيلاته، ومحاولة تابيد نظام المحاصة الطائفية والمذهبية، كما تراهن القوات على ان الشارع المسيحي بات سلبيا ومرتبكا من كل الجاري ومتعايش مع حالته …..
الوزير جنبلاط والحزب التقدمي:
يعيش الوزير جنبلاط ازمة ضمير” حالة التخلي” ولا يامل بحسابات المستقبل، ويرتهب لكل ما يجري فقد خسر الحروب التي تطوع لقيادتها ضد المقاومة وخسر سورية حلفه الاستراتيجي التي عومته وابقته وعائلته في الحياة السياسية نافذا وقادرا…
يتعزز رهاناته على الكتلة الشيعية وعلاقته بالرئيس بري وبحاجة حزب الله له لتغطيته في محاصة الطوائف والجبل والحروب، يحلم بان تحل ليلة القدر وتقبل سورية مصالحته..
علاقته بالمستقبل، مرتبكة، وبالتيار الوطني الحر مضطربة، وحاجته لمن يغفر له ويحميه ماسه فيعيش وتياره حالة ضياع تامة وتهيب من المستقبل فتراه منزو يغرد مرة هنا ومرة هناك وقد خسر رهانه على قتل او اعتقال وهاب بعد ان تورط علنا بتغريداته وبزيارته التضامنية لبيت الوسط ودفاعه عن فرع المعلومات وهجومه على الجاهلية، ما دفعه الى الاعتذار وطلب العفو من حزب الله بصورة شبه علنية..
مطمئن الى ان الحصة الدرزية الاساسية له بفعل توازن الحصص والانتخابات فكما فعلت الكتلة الشيعية باحتكار التمثيل والحصة الشيعية واسهمت بتجديد قدرة وحصة الحريري ووزنه فعلت بتامين كتلة جنبلاط وامنتها ووفرت لجنبلاط الشروط ليحتكر تمثيل الطائفة الدرزية وهي حصانته الاخيرة والوحيدة…
فمن غير المستبعد ان يركب موجه الحراك المدني والحراك الاجتماعي ضد الغلاء والفساد والافلاس في محاولة لتعزيز قاعدته الاجتماعية في الدروز وفي البيئات الوطنية والاجتماعية وينتظر ما سيكون ليبني على الشيء مقتضاه ….
فرنجية- ميقاتي- الكتلة السنية المستقلة- المسيحيون المستقلون:
مجاميع لا حول ولا قوة لها وليس لها مشروع ولا تملك رؤية او قوة حقيقة وجميعهم يعتاشون على تناتش وازمات وخلافات القوى السائدة في الطبقة السياسية ويراهنون على التبدلات وبكونهم وسطيون سيصيرون مصدر للتوافقات والحلول في زمن التحولات العاصفة والكبرى وسقوط القوى الراديكالية في عدائها للسوري والمقاومة ويراهنون على حاجة الكتلة الشيعية لهم في توازنات السلطة…
باختصار شديد هذه هي حالة القوى ولبنان وتوصيفها، وهذا ما يفسر المراوحة في المكان والعجز عن انتاج حكومة، والكل ينتظر ما سيكون في سورية وماذا تقرر سورية وكيف ستقبل عربها او تفرزهم وترفض عروبة المستعربين، وكيف ستتعامل مع لبنان وقواه التي تامرت عليها، وينتظرون حالة الازمة الاقتصادية الاجتماعية والكل يامل او فاقد للقدرة على الحؤل دون ان تنفجر ليعاد ترميم النظام دون ان يسقط…
ويزيد في حالات التوتر والتازيم ما صدر عن القضاء السوري بوضع شخصيات ورموز على لائحة ممولي الارهاب بينهم الحريري جنبلاط وجعجع …
ليصير السؤال لبنان الى الانهيار الاقتصادي والامني ام تكون معجزة لاخراجه سالما …
** مصدر مطلع