الرئيسية / الملف السياسي / تكتيك أنقرة واستراتيجية دمشق…

تكتيك أنقرة واستراتيجية دمشق…

15-نيسان-2023

منذر عيد*

أسئلة كثيرة خلفتها تصريحات وزير خارجية الإدارة التركية مولود جاويش أوغلو بالأمس، وحديثه بأن «خريطة الطريق» الخاصة بسورية، تتضمن عقد لقاء بين قادة روسيا وسورية وإيران وتركيا، وأن «اللقاء المحتمل بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس بشار الأسد، سيجرى التحضير له خلال الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية في موسكو»، أسئلة حول ذهاب الإدارة التركية إلى خطوات متقدمة في طريق التقارب مع دمشق، من دون الانتهاء من إشكاليات الخطوة الأولى، المتمثلة بإعلان أنقرة عن جدول زمني لسحب قواتها المحتلة من سورية، ومحاربة الإرهاب.

استعجال الإدارة التركية في السير على طريق دمشق، وفق رؤية أحادية تمثل المصالح التركية، وتتجاهل الثوابت السورية، يعكس اعتماد تلك الإدارة على مبدأ التكتيك بهدف حصد مكاسب شكلية ووهمية، في مواجهة إستراتيجية دمشق لجهة تسويق جلوسها على طاولة سياسية مع المسؤولين السوريين في صناديق الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، فتعمل من خلال ذاك التكتيك على ترويج عناوين سياسية مسبقة لاجتماعات «الرباعية» من دون الإجابة عن طروحات دمشق في اجتماع نواب وزراء الخارجية الرباعي السابق في الثالث والرابع من الشهر الجاري لجهة إنهاء الوجود العسكري على أراضيها ووقف دعم الإرهاب.

جملة من المزاعم ساقها جاويش أوغلو في تصريحاته، تهدف في رمتها إلى خلق صورة جديدة بخلاف ما تمت لأجله الدعوة لاجتماعات سياسية سورية- تركية، وبهدف تشكيل مزاج عام مضلل أساسه أن تلك الاجتماعات بعيدة كل البعد عن أي مساع تركية للحصول على مكاسب سياسية، بل هي لبحث وضع اللاجئين، فيقول: «هذا الاجتماع سيبحث ضمان العودة الطوعية للاجئين السوريين من تركيا ودول الجوار»، ناسفاً بذلك جوهر موافقة الحكومة السورية للجلوس على طاولة واحدة مع الإدارة التركية، وقد وصل إلى مسامع وزير خارجية تركيا وجميع مسؤوليها تأكيد رئيس وفد الجمهورية العربية السورية إلى الاجتماع الرباعي معاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان أن إعلان تركيا رسمياً وبشكل لا لبس فيه أنها ستسحب قواتها من الأراضي السورية كافة، والبدء بشكل فعلي بالانسحاب من هذه الأراضي هو «المدخل لإعادة التواصل بين البلدين».

دمشق التي أعلنت انفتاحها على الجميع مراراً وتكراراً، تعي جيداً أن عودة العلاقات مع تركيا إلى ما كانت عليه قبل 2011 لن تتم بجلسة حوار وأخرى، وخاصة أن التفاصيل التي خلفها التدخل التركي في سورية منذ بدء الحرب الإرهابية الكونية عليها، كثيرة ومعقدة، وعليه فإنها تدعو إلى أن تكون أولى خطوات التقارب، والبدء بحوار جدي وشامل وواسع، إعلان أنقرة خطة واضحة وعلنية لسحب قواتها الموجودة على الأراضي السورية، والشروع بخطوة أولى، إضافة إلى إعلانها موقفاً واضحاً وصريحاً تجاه التنظيمات الإرهابية التي تدعمها في إدلب وعلى رأسها تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي، وتنفيذ جميع مخرجات اتفاقات «سوتشي»، ومن ثم التعاطي وفق مقتضيات ومتطلبات السيادة السورية، وبما يضمن أمن تركيا أيضاً.

تؤكد المعطيات وتصريحات المسؤولين في الإدارة التركية، ذهابهم إلى مربعات متقدمة في موضوع التقارب مع دمشق، فيما جميع الشركاء في المربع الأول، لحين الانتهاء من فكفكة القضايا العالقة، والتي تعتبر بالنسبة لدمشق أولويات، فيما تراها أنقرة جزئيات وتفاصيل لا يستوجب التوقف عندها كثيراً أو أبدا؟

*كاتب سوري
الوطن السورية

عن Amal

شاهد أيضاً

إعلام إسرائيلي: كيف شارك كبار ضباط الجيش في إخفاق 7 أكتوبر؟

شباط 23 2024 صحيفة “معاريف” تتطرق إلى دور ضباط خدموا في مناصب عليا في الجهازين …