12 تموز 2023
د. مصطفى العمراني الخالدي
ما حاجة المغرب، الذي يبتعد بموقعه الجغرافي عن الكيان الإسرائيلي، إلى دولة الصهاينة التي تغتصب مقدسات المسلمين وحقوق الفلسطينيين و العرب جميعهم؟ ولماذا ينتظر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة زيارات مهمة لمسؤولين إسرائيليين، بينهم وزير الحرب الصهيوني ؟ هل الشعب المغربي الذي يعيش في أقصى شمال القارة الإفريقية، بحاجة إلى زيارة الوزراء والمسؤولين الصهاينة؟ وماذا سيقدم هؤلاء الأعداء للمغرب الذي يبتعد بموقعه الجغرافي عن كيان العدو الصهيوني آلاف الكيلومترات ، وفي موقع تاريخي وإنساني يتناقض مع وجود الدولة الصهيونية ذاتها؟
أسئلة يطرحها كل مغربي قح وعربي ومسلم يسمع عن تقرب المغرب لأعداء الأمة العربية والإسلامية. كيف تسمح مكانة المغرب التاريخية والحضارية والإنسانية أن تلتقي مع الأكاذيب الصهيونية؟ الشعوب العظيمة، والمغرب من طينة هاته الشعوب ترفض أن تكون جزءاً من الدسائس الدنيئة.
ان بلاد المغرب التي يسكنها أكثر من 40 مليون إنسان، أصحاب عقيدة وكرامة ونخوة، كيف بهم يتقربون لمن هم أقل منهم شأنا ومكانة؟ فسكان المغرب يمثلون اكثر من خمسة أضعاف الصهاينة الذين اغتصبوا فلسطين، ويحملون في صدورهم وفي معاشهم ومماتهم الظلم التاريخي الواقع على اخواننا الفلسطينيين..
ويبقى السؤال بدون جواب مقنع وحقيقي …مطروحا على أصحاب التطبيع في المغرب: لماذا تتقربون من عدو الأمة؟ ألستم عربا وتمثلون قلب الأمة النابض وفاءً لعقيدتكم بل ومتى رضي الشعب بالتطبيع اصلا؟ وهل مثل هؤلاء القتلة كوزير الحرب الصهيوني و …جديرون
باللقاء؟ وهل يستحقون هؤلاء منكم الاستقبال والتعاون وتبادل الخبرات والثروات؟
ماذا جنى المغرب من تسريع خطوات التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي رفض الاعتراف رسميا بسيادة المغرب على صحرائه لحد الساعة. أن انحياز المغرب كليا إلى الحلف الأمريكي الإسرائيلي الغير الموثوق فيه ، عكس الدول الاخرى التي حافظت على مسافات متوازنة في شراكاتها الإقتصادية بين الشرق والغرب، يشكل مصدر تهديد حقيقي للمغرب وقضايا ه المصيرية…
الشعوب الأصيلة كالشعب المغربي الذي استشهد شبابه دفاعا عن فلسطين سنة 1948 يرفض هذه الزيارات المزيفة، فهؤلاء الاعداء مادخلوا قرية الا افسدوها وما أقاموا في بلاد الا وزرعوا الفتنة والبغضاء بين الشعوب ، وما تصريحات وزير خارجية الكيان الصهيوني ضد الجزائر من قلب الرباط الا مثالا لادوارهم الدنيئة لزرع الكراهية بين الدول والشعوب.، بل ان العدو الذي يستعد لذبح الجزائر والتامر على شعبها، هو نفسه الذي يخطط لتدمير المغرب والاستلاء على مقدرات شعبها والعكس صحيح….
الصهاينة يخدمون سيدهم الغربي بكل قدراتهم و يتفانون في إرضائه بالمبالغة في جرائمهم ضد العرب (وهذا لا يخفى على أحد) حتى أن أسيادهم في الغرب الصهيوني يضيقون ذرعا في بعض الأحيان من قذارة جرائمهم، و يهمسون لبعضهم لقد صنعنا وحشا (We Created a Monster ).
عندما ينهزم الكيان الصهيوني في فلسطين فستنهزم آليا إحدى أهم قلاع الإمبريالية الغربية في المنطقة والعالم .كل حر من أحرار العالم تخصه هذه المعركة لأن الفلسطنيون الأحرار يخوضون ملحمة تاريخية و إستراتيجة نيابة عنه لأنهم في مواجهة مباشرة ضد رأس هذه القلعة المتهاوية لكسر أسوارها …
المقاومة الفلسطينية تقاتل وحدها نيابة عن العرب….وبينما غزة على خط النار..هنالك قاعات مؤتمرات مظلمة.. تحاك بها مؤامرات…يجتمع بها دبابير السياسة لإلتهام عسل تضحيات الشعوب …لكن ستنتصر المقاومة في غزة ،رغم أنوف المتآمرين وأمريكا وأوروبا المخادعة، أما الكيان الصهيوني فقد اقترب زواله باعتراف الصهاينة انفسهم…
في السنوات الثلاثين المنصرمة، الضربات العسكرية المتتالية على العراق وسوريا واليمن وليبيا أفقدت المواطن العربي توازنه وفقد الثقة بكل ما حوله. لقد أصبح لا يسمع الا اخبار الدمار والذبح وأزيز الطائرات والانفجارات من حوله ،وصناعة كيانات غريبة وغير مفهومة كداعش وغيرها بالإضافة إلى اخبار زيارات نتنياهو التطبيعيه لزعماء عرب وإبرام اتفاقيات بشكل متسارع معهم، مما اذهل هذا المواطن العربي وأفقده صوابه، حتى أن هذه السرعة، اذهلت نتنياهو وبقية عصابة الصهاينة. فهذا المواطن العربي، بعد كل هذه الهزائم والإحباط، لم يصدق ما فعله اخوانهم من ابناء فلسطين الحبيبة بهؤلاء الصهاينة، بعد أن كان المخطط الغربي في المنطقة يسير بخطوات ثابتة بمساعدة حكام المنطقة… فخرجت الجموع الغفيرة الى الشوارع لابداء فرحتها وتأييدها، طالبة المزيد والاستمرار بتلقين هؤلاء القتلة الدروس المناسبة، والزئير في وجوههم: لا هزائم بعد اليوم..
في هذا الاطار رسم الشعب المغربي اكثر من مرة لوحة من العداء للصهاينة عبر تظاهرات جابت شوارع المملكة لتعلن أن العدو الصهيوني عدو الجميع وأن توقيع إبراهام لا يهمه من قريب أو من بعيد، بل لا يعنيه بتاتا، ولا يلتزم به لأنه ببساطة يعارض عقيدتَه وفطرتَه التي تقول إن القدس بشرقها وغربها عاصمة لفلسطين الأبية بل عاصمة للعالم الإسلامي …
اما حل الدولتين فقد.اضحى مثل مسمار جحا كلما تحرك الشعب الفلسطيني او اوغلت الصهيونية بهجومها عليه يخرج علينا كذابو العالم باسطوانة حل الدولتين المشروخة . الكيان الصهيوني لا يقبلها وقضى على بنية اي دولة فلسطينية بالمستوطنات والجدار .والقلسطينيون لا يقبلون بأقل من تحرير وطنهم من البحر للنهر . وسوف ينتصر الشعب الفلسطيني وستقف الحرب على غزه عندما يتأكدون من قدرة المقاومة وصمودها .
المقاومة الفلسطينية حققت إنتصاراً إستراتيجياً على الكيان الصهيوني رغم ان كل فصائل المقاومة في فلسطين لا يملكون ما تملكه الجيوش العربية من اسلحة متطورة وتقنيات.. ومع ذلك قاوموا ولا يزالوا.. وللحق انتصروا باعتراف الصهاينة انفسهم.. ويكفي انهم افشلوا قبب الكذب والاهم انهم عروا وفضحوا كل المتآمرين والخونة…
محامي مغربي بانجلترا
رأي اليوم