مقالات مشابهة
25 تموز 2023
الدكتور السفير جواد الهنداوي*
يخطأ مَنْ يعتقد بأنَّ حرق المصحف الكريم وحرق راية البلد العظيم في تأريخه و تراثه و عطاءه الانساني الزاخر، هي ارادة ” سلوان موميكا ” اسم الشخص، الذي أقدمَ على حرق الكتاب المقدس والرمز الوطني لدولة، تنهضُ تواً ومن جديد، منتصرة على الارهاب، وعلى التحديات، وتحاول (و اقصد دولة العراق )، الخروج من شرنقة الازمات .
الاحداث و الظواهر التي تحدثُ في العراق و في المنطقة، او التي تستهدف العراق و المنطقة، برموزها الوطنية او بمقدساتها، لا تُولَدْ من رحم الصدفة ! لكل حدث او ظاهرة اسلاك مرتبطة بمولّدات تضّخُ وقود الفتنة و التفرقة، وديناميت اسقاط وتدمير المقدسات و المعتقدات ورموز السيادة والوحدة الوطنية .
مَنْ، حسب ما تعتقدون، له المصلحة في اسقاط و تدمير المقدسات و المعتقدات والثوابت الاخلاقية و القيميّة للمسلمين والعرب
مَنْ، برأيكم، له المصلحة، باستهداف رمز العراق و سيادة العراق و وحدته الوطنية ؟
مَنْ هولاء الذين ينتظرون الفرص لعرقلة مسيرة العراق الوعِرة نحو النهوض و حّلْ الازمات ؟
كثيرون هم مَنْ خلف ما حدثَ و يحدثْ، كبار وصغار، في الخارج وفي الداخل . وهل تحرّرَ العراق من الجهل و العصابات والعملاء، والذين يمتعضون من عراق ذو سيادة وذو قرار وذو مكانة دولية مرموقة .
لماذا القرآن و العراق ونحن قد مررنا ( عيد الاضحى )، ونحنُ
على اعتاب ايام و مناسبات دينية مقدّسة ؟ لماذا القرآن و العراق ونحن على اعتاب نهضة استثمارية و انفتاح دبلوماسي وتوقيع عقود استثمارية ضخمة و واعدة، ونحن في اجواء وعي وطني بحقوق العراق في مياهه وفي وحدة اراضيه، وفي حقولهِ النفطية المشتركة ؟
للاسف، اتوقّعُ تكرار ممارسة الاعتداء على قدسيّة القرآن الكريم، كي تصبح هذه الممارسة أداء مُبتذل و موضة جديدة، والهدف هو اسقاط وتدمير حرمة ومكانة وتأثير الكتاب المقدس على الوعي الجمعي للعرب وللمسلمين . مَنْ مِنّا كان يتوقع ان يتم حرق القرآن الكريم وبحماية دولية ؟ مِنْ مِنّا كان يتوقع أن يُحرق كتاب الله عزّ و جلْ، وتحت شعار حقوق الانسان و حرية التعبير ؟
لنعود بذاكرتنا الى الماضي القريب في احداثهِ و وقائعه،
سنجدُ جواباً لتساؤلاتنا، لماذا القرآن و العراق ؟ ونأخذُ الحيطة والحذر ازاء اجراءاتنا كدولة و ازاء ردود افعالنا كشعب .
كان توريط العراق في حربهِ مع ايران وفي احتلاله الكويت، ثّمَ احتلال العراق و حصاره ونهب ثرواته وتدمير بنيتّه التحتيّه مدخلاً للتعامل مع العرب، والمنطقة وفق الظواهر السلبية التالية : الارهاب، الشرق الاوسط الكبير، تصفية القضيّة الفلسطينية ؛ حصار، احتلال . و انقسمَ العرب وكذلك دول اقليمية اسلامية، ازاء هذه الظواهر المُبرمجة و المفتعلة، بين ممول و داعم وبذرائع مختلفة وبين ضحيّة و مقاوم، وفي مقدمتهم كان ايضاً العراق !
حتى تروم قوى الشّر والدمار بأنْ يدّبُ الداء و السّراء في جسم العرب والمنطقة، تبدأ قوى الشّر و الدمار بالعراق، مثلما بدأَ الارهاب في العراق و انتشر .
فشلوا في سلاح الارهاب، و استبدلوه بالقوى الناعمة، والتي تنشط و تؤدي اثرها باستخدام حقوق الانسان و حرية التعبير و الديمقراطية، للمرور من خلالها و بواسطتها نحو اسقاط المقدسّات و المُحرّمات، وها نحنُ الآن في بداية المحطات في طريق طويل ( محطة نشر الديمقراطية، محطة فرض المثلية، محطة حرق القرآن و المقدسات ) .
انتصرنا على سلاح الارهاب بسلاح المقاومة، ودعونا ننتصر على قوى الشّر و الدمار وسلاحهم الناعم بسلاح المقاومة الناعم ايضاً، بالتنديد و بالاستنكار، وبوسائل دبلوماسية وفقاً للقوانين و الاتفاقيات الدبلوماسية المعمول بها .
دعونا نبرهّن للعالم ديمقراطية نظامنا السياسي و أخلاقنا الاسلامية وسلوكنا الحضاري وجذور هذا السلوك .لطالما افتخرنا بحضارتنا و بتاريخنا الحضاري و بأخلاقنا الاسلامية، لنبرّهن للعالم اليوم ذلك، ونصمد ونصبر امام استدراجات قوى الشّر و الدمار، والتي تستهدف سيادتنا ونهضتنا وتنميّة العراق وعلاقاته الدولية و الدبلوماسية .
قوى الشّر والدمار تريد استدراج العراق، مرّة اخرى، نحو الفوضى، ولهم في ذلك مصالح و غايات سياسيّة، وفي مقدمة قوى الشّر و الدمار اسرائيل، ولا تستبعدوا علاقة بين جريمة ” سلوان موميكا ” و أختفاء ” أليزابيث تسوروكوف “في العراق، و مطالبة اسرائيل السلطات العراقية بالمسؤولية للحفاظ على حياتها .
ليكنْ ردّنا على مَنْ يحاول فكْ ارتباطنا بالقرآن بمزيداً من التمسك في آياته الكريمة، والتمسك بتعاليمه السمحاء، والامر بالمعروف والنهي عن المُنكر، ومن اقبح المُنكرات النفاق و الفساد وسرقة المال العام و قتل النفس، التي حرّم الله قتلها الاّ بالحق، وخيانة الوطن !
وفي حفرة خيانة الوطن، أبعدنا و اياكم الله عنها، تجدون ديدان الرشوة، وعدم الاخلاص في العمل، والكذب و الافتراء . ويحضرني قول الشاعر المرحوم عبد الرزاق عبد الواحد وهو يربط صيرورة العراق والكون حين يقول :
… فالتقى الفجر بالليل والنار بالسيل
كُلٌّ بإمرٍ يُساق وأتى الصوتُ كوني .. فكان العراق .
*كاتب عراقي
المصدر:رأي اليوم