ترى معظم التحليلات الغربية – الأميركية أن انضمام ست دول جديدة من بينها أربع دول إقليمية في الشرق الأوسط مثل إيران والسعودية والإمارات ومصر سيشكل ضربة سياسية موجعة وليس اقتصادية فقط في هذه الظروف بعد أن أصبح هدف دول «بريكس» الإحدى عشرة مع بداية العام الجديد هو تأسيس أول بنية لنظام عالمي جديد ينهي هيمنة النظام العالمي الأميركي- الغربي الذي سيطر استعماره للشعوب واحتكاره لأكثر من قرن. فكل ما صدر عن مداولات قاد دول «بريكس» وأهدافهم المعلنة اقتصادياً وسياسياً هو تحقيق هذا الهدف الذي يؤسس لعدالة لن تكون إلا على حساب الامبريالية وصنيعتها إسرائيل في المنطقة، وكان وزير المالية البريطاني السابق جيم أونويل قد اعترف في تحليل نشره في مجلة «بروجيكت سانديكيت» في الـ25 من شهر آب الجاري تعليقاً على انضمام الدول الست إلى كتلة «بريكس» بأنه «من الواضح أن القوة الرمزية التي شكلتها «بريكس» سوف تزداد قوة الآن وستتحول هذه المجموعة إلى مناكفة النظام العالمي الغربي الذي ساد منذ الحرب العالمية الثانية وسوف تقدم هذه الكتلة نفسها كناطقة باسم دول العالم النامية وستفرض «بريكس» نفسها كصيغة قادرة على منافسة الاقتصاد الأميركي واقتصادات أخرى وإزاحتها، ومن الصواب القول إنه من ناحية المقارنة بالقوة الشرائية تعد «بريكس» أكبر من تجمع دول السبع الكبار «جي -7» لأنها لن تعتمد على الدولار».
ودعا أونويل الغرب إلى العمل على مواجهة كتلة «بريكس» بكتلة «الدول العشرين الكبار» وزيادة حلفائها وقدراتها.
وبهذا الشكل يصبح كل قلق غربي – أميركي من توسع كتلة «بريكس» وزيادة عدد دولها في المستقبل هو بمنزلة قلق للكيان الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، ولاشك بأن مسيرة كتلة «بريكس» ستجعلها مستعدة لضم دول عربية أخرى في المنطقة، وبهذا الشكل تكون الصين قد وجهت ضربتين مؤلمتين متتاليتين للولايات المتحدة والكيان: الأولى حين أعلنت من بكين عودة العلاقات بين الرياض وطهران قبل شهرين، ثم جاءت الضربة الثانية بضم السعودية وإيران ومصر والإمارات إلى دول «بريكس» بدءاً من عام 2024.
وليس من المستبعد أن يشق هذا التسارع في الدور الصيني على الساحتين العالمية والإقليمية في الشرق الأوسط والدور الروسي المترافق معه في المنطقة وفي كتلة «بريكس» طريقاً جديداً وفعالاً لبناء شرق أوسط قادر على إضعاف الكيان الإسرائيلي وإحباط خططه التوسعية وخاصة لأن التطور في ظروف انضمام هذه الدول الإقليمية إلى كتلة «بريكس» يتزامن مع تصاعد المقاومة داخل الأراضي المحتلة وما تسببه من نتائج مدمرة على المستوطنين الذين اعترفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قبل أيام بتزايد عدد الذين قرروا منهم مغادرة الكيان والعودة إلى الأوطان التي جيء بهم منها في أوروبا وغيرها من الدول.
فالكيان يواجه في داخله تفاقماً في أزماته الحزبية والسياسية من جهة وتزايداً في المقاومة التي تستهدف جيشه والمستوطنين المسلحين منذ أكثر من سنتين، وها هو على المستوى الإقليمي يجد أن مشاركة دول مثل إيران ومعها السعودية ومصر والإمارات في كتلة عالمية مثل دول «بريكس» ستؤدي دونما شك إلى تمتين العلاقات فيما بينها واستعداد دول عربية أخرى للانضمام إلى هذه الكتلة من أجل بناء نظام إقليمي وعالمي قادر على إنهاء هيمنة النظام الإمبريالي الاستعماري التاريخي وصنيعته المجسدة بالكيان الإسرائيلي الغاصب للأراضي العربية.
وهذا ما توقعه وزير مالية بريطانيا السابق في مقاله حين قال: إن «كتلة «بريكس» ستشكل منبراً للدول النامية وأهدافها في العالم» والكيان الإسرائيلي هو عدو هذه الدول وما ستدفعه الولايات المتحدة والغرب في المستقبل من ثمن سيدفعه الكيان معها أيضاً.
*مختص في الشؤون الاسرائيلية