11 تشرين الاول 2023
ماجدة الحاج
ماذا بعد “طوفان” 7 اكتوبر؟- عمليّة “القسّام” التي هزّت “اسرائيل” او كما وصفته وسائل اعلام عبريّة ب “نكبة اسرائيل”.. هل يصحّ توقّع انزلاق المنطقة الى حرب شاملة بين لحظة وأخرى؟ حال الاستنفار والجهوزيّة القصوى تلفّ كل اركان ودُوَل محور المقاومة مجتمعة، من لبنان، مرورا بسورية والعراق وصولا الى اليمن، أعين الجميع تراقب التطورات المتسارعة في فلسطبن المحتلّة، ترقّبا لأي عملية عسكرية بريّة كبرى قد يُطلقها نتنياهو في ايّ لحظة صوب غزّة، وانتظار تحديد “شارة صفر” بدء الحرب الموعودة..
اتصالات ووسطاء غربيّون بالجملة في بيروت لتبيان ما اذا كان حزبُ الله سيدخل فعليّا في معركة غزّة دون الحصول على جواب شافِ، وتبادر السفيرة الاميركية للقاء رئيس مجلس النّواب اللبناني صباح اليوم وتبعث إشارات ساخنة الى الضاحية الجنوبية من مغبّة فتح الجبهة اللبنانية، ووصل الأمر الى تمرير رسالة تهديد الى قيادة الحزب أمس الاثنين عبر فرنسا- وهو ما ذكرته صحيفة ” يديعوت احرونوت” حيث بيّنت ” انّ اسرائيل ستقوم بتوجيه ضربات لدمشق مثل الضربات التي وجهتها للضاحية الجنوبية، وستُعرّض الرئيس السوري بشّار الاسد للخطر، في حال دخل حزبُ الله بالنّزاع الدّائر في غزّة”!.. لا عجب فما شهده الكيان في ذاك السبت” الأسود” اكبر وأضخم من ان تستوعبه عقول قادته ومستوطنيه..
كيف فعلت “القسّام” كلّ ذلك؟ سؤال لا زال يقضّ مضاجعهم على مدار الساعة.. وكيف لمقاتليها ان يُبدعوا بكلّ هذا التخطيط والتكتيكات التي ابهرت الجميع- حلفاء ومعادين على السواء؟ من اين كل تلك التقنيات؟ كيف اخترقوا السياج المكهرب؟ وتجاوزوا كاميرات المراقبة والحراريّة؟ وهذه القدرة الهائلة على إدارة العمليّة منذ اطلاق شارة تنفيذها؟ من دون ايّ ثغرات؟ احتلال مستعمرات في اقلّ من ساعتين؟ والنجاح في أسر هذا العدد غير المسبوق من الجنود وضبّاط كبار ؟ وهذا الكمّ من القتلى “الإسرائيليين” الذي تجاوز الألف قتيل؟ في اقلّ من يومين! والإنزال الجوّي الذي نفّذه المقاومون داخل المستعمرات عبر طائرات شراعيّة في سابقة هي الاولى- وهي بالمناسبة رخيصة الكلفة وذات صنع يدوي.. اين تمّ تدريبهم؟….والاهم-وهو ما يُحيّر الاروقة الأمنية والاستخبارية والمحللين العسكريين في الكيان..” هذا الكمّ الضخم من الصواريخ الذي لا زال يدكّ المستوطنات دون هوادة لليوم الرابع وصولا الى تل ابيب، كم هي ترسانة “القسّام”؟ وكيف ومن اين يتمّ رفدها الان؟..
المؤكد انّ “اسرائيل” ليست وحدها المعنيّة برسالة ” طوفان” 7 اكتوبر، بل الولايات المتحدة ايضا- وهو ما لم يتردّد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيّد هاشم صفيّ الدين بالإعلان عنه على الملأ وقوله” إنّها رسالة موجّهة الى “اسرائيل” والولايات المتحدة معا”.. والأخيرة لم تسلم من الاهانة التي لحقت ايضا بأجهزة استخباراتها- “والتي لم ترصد اي اشارة او خيط يشي بأنّ حدثا مدوّيا من هذا النوع سيحصل في “اسرائيل”، والتي لم تتوقّع ان ينقل المحور المعركة الى قلب “الملعب الإسرائيلي” في سابقة هي الاولى منذ تأسيس الكيان!..
والاهم انّ هذه الرسالة المدوّية في التوقيت جاءت في أّوج الحِراك الأميركي الذي بدا لافتا جدا في الشهور الاخيرة، والتهديد ب”قطع” شريان محور المقاومة عند الحدود السوريّة-العراقيّة، تزامنا مع التلويح الجدّي بإقامة “حزام امني” يتبع لإسرائيل في الجنوب السوري عبر “إشعال” احتجاجات مريبة في السويداء دخلت واشنطن على خطّها بشكل مباشر ومُعلّن، وصولا الى التطوُّر الأخطر الذي تجاوزت فيه بمعيّة “اسرائيل” كلّ الخطوط الحمر،عبر تنسيق وادارة الهجوم الارهابي على الكليّة الحربية في حمص وما تعنيه من رمزيّة لسورية “بتوقيت” نصر تشرين، والذي افضى الى اكثر من 200 شهيد، ومثّل رسالة اميركية- “اسرائيلية” واضحة بعزم “اعادة سورية الى المربّع الأوّل”.. وبالطبع الرسالة لا تتعلّق بسورية وحدها، بل “من يهمّهم الامر” في محور المقاومة!
نقلا عن دبلوماسي ألماني سابق، فإنّ واشنطن ألمحت امام “شخصيّتَين خليجيّتَين”-دون ذكر اسميهما يوم الخميس الماضي، الى عمليّة “خلط اوراق” جذريّة مرتقبة في المنطقة تحديدا في سورية ولبنان وغزّة، وذكر انّ “الإطاحة بالرئيس السوري هذه المرّة سيكون جدّيا” ما لم يتغيّر “سلوك” وسياسة والتحالفات السوريّة” خصوصا بعد إنجاز عملية التطبيع بين السعوديّة و”اسرائيل”.
ولم يُغفل الكشف عن ” حدث امني بالغ الخطورة” مُرتقب في لبنان، احد خيوطه يتعلّق بمطار بيروت الدولي، وعمليّة “مركّبة” اسرائيلية –اميركية مرتقبة جُهّز لها بإتقان في الضاحية الجنوبية، من دون اغفال اشارة الدبلوماسي الى “قرب عمليّة عسكرية برّية” ستُطلقها “اسرائيل” في قطاع غزّة “بشكل مباغت” تمهّد لها بعمليّة اغتيال تطال شخصيّة قياديّة كبرى في “حماس”!..
وعليه، هل جاء قرار “القسّام” ببدء تنفيذ “طوفان الأقسى ” المفاجئ إلتفافا على العمليّة العسكريّة” الاسرائيلية” المُزمعة؟-ثمّة معلومات لبنانية كشفت انّ قيادة”حماس” رصدت خيوط اقتراب “عمل عسكري ما” ستقوم به “اسرائيل”، صوب غزّة قبيل يوم واحد من بدئه. ام انّ الامر ابعد من ذلك؟ ويتعلّق بسيناريو خطير يهزّ ساحات في محور المقاومة؟.. وجاءت هذه الرسالة “الصادمة” من المحور لتحمل تحذيرا ناريّا غير مسبوق لإسرائيل والولايات المتحدة معا، ولدُوِل التطبيع في المنطقة على وقع التجهيز لإعلان التطبيع بين السعودية و”اسرائيل”؟.. ولعلّ الأهم من كل ذلك انّ “طوفان 7 اكتوبر” مثّل “بروفا” للحرب الكبرى المنتظرة!
امّا وانّ الولايات المتحدة و”اسرائيل” تلقّفت الرسالة الصّادمة جيدا.. ويعرف “الثنائي”-كما الجميع، انّ عمليّة “طوفان الأقسى” بكل تفاصيلها تمّ التحضير لها على مدى شهور على الأقل، وساهمت فيها “ادمغة” من كل اركان المحور والأمر كان فقط ينتظر شارة صفر التنفيذ.. وأما وانّ “اسرائيل” أعلنت انها في حالة حرب- مع ما يعني ذلك بأنّ اي عمل عسكري كبير أصبح مُتاحا “حتى لو خارج حدود فلسطين المحتلّة”- مع التشديد على انّ ما اعلنه نتنياهو وتوعّد به قد يكون خارج ما يخطّط له، وانّ ما يُضمره لم يُظهره الى العلن.. يبقى السؤال الكبير.. ” كيف سيردّ؟ صوب غزّة بعملية عسكرية برّية ضخمة؟ وهو يعلم انّ دونها مخاطر جمّة،وقد تجرّ سريعا حربا اقليمية شاملة تنخرط فيها كل فصائل وساحات محور المقاومة؟ – صحيفة “هآرتس” نقلت اليوم الثلاثاء عن الجنرال “الإسرائيلي” السابق ديفيد عيري تحذيره من “انّ شنّ هذه العمليّة في غزّة سيكون “فخّا استراتيجيّا” لإسرائيل”، وانّ ذلك هو ما تريده ايران بالظبط”.. نتنياهو اعلن “انّ ردّ اسرائيل سيُغيّر الشرق الأوسط”.. هل تكون ايران هي هدف انتقام “اسرائيل” بمعيّة الولايات المتحدة- التي ارسلت حاملة طائراتها “جيرالد فورد” الى المنطقة لمؤازرة “اسرائيل” في حربها؟ ام انّ الأمر لا يعدو كونه بغرض “الاستعراض” فقط وإعطاء دعم نفسي ومعنوي للكيان ومستوطنيه؟.. وبالأصل يصحّ السؤال” هل الولايات المتحدة قادرة على الانخراط في حربَين، احداها لا زالت مفتوحة ومستمرّة في اوكرانيا؟
مجريات المعركة في فلسطين تتغيّر وتتطوّر بسرعة قياسية حتى كتابة هذه السطور، لتبدو المنطقة كلها بانتظار عود ثقاب واحد لاشتعالها، كلّ الاحتمالات واردة بقوّة- خصوصا بعد ظهور طائرة الاستخبارات “الاسرائيليّة” G550 “نحشون اورون” لمدة 4 ساعات اليوم قرب القطاع، ما فُهم انها اشارة انطلاق العمليّة العسكرية البرّية في ايّ لحظة.. الا انّ ثمّة ما يستوجب انتظاره من ” مفاجآت مدوّية” مرتقبة اخرى جهّزتها “القسّام” – وفق ما كشفت معلومات صحفيّة لبنانية في الساعات الأخيرة، المحت ايضا الى “حدث غير مسبوق” يلي إطلالة مفاجئة للسيّد حسن نصرالله!