28 كانون أول 2023
نشر د. حمود النوفلي*، عبر حسابه الشخصي على منصة إكس في أواخر كانون أول الماضي رسالة للأخوة في الخليج يشرح بها مطولاً موقفه من عدد من القضايا السياسية محل الخلاف مع الموقف الرسمي لدول مجلس التعاون الخليجي، والمعبرة عن الموقف الشعبي تجاهها! وقد آثرت جريدة العرب إعادة نشرهذه الرسالة على مستوى الوطن العربي لأهميتها ولأن جوهر القضايا المطروحة بها تستحق أن تدرس في مدارس وجامعات الوطن العربي! إنها محاولة جادة لقلب الطاولة على أنظمة التطبيع مع الاحتلال وعلى الشحن الطائفي!
نحن في السلطنة نحبكم ويعلم الله أنكم الأقرب إلى قلوبنا أكثر من أي أحد بالعالم، ونحن معكم سند وضد كل من يعتدي عليكم،ومعكم في كل مشاريع الخير والبناء والتي تزيد من رقي وسعادة وراحة شعوبنا الخليجية،
ولكن اعذرونا لسنا معكم في الخلافات المذهبية والشحن الطائفي،فنعيش بعمان كمسلمين ونادر جدا أحد يعرف أو يسأل عن مذهب الآخر، نعمل وندرس ونتزوج من بعض دون أي تفرقة، ونعيش كجسد واحد إباضية وسنة وشيعة، فلن نجاملكم وندخل معكم في تكفير أي مسلم.
لدينا علاقة جيرة وعلاقة دين مع جمهورية إيران الإسلامية، وهذه العلاقة استفاد منها الشعبين بالعلاج والسياحة والسلع الرخيصة لقرب وقلة كلفة شحنها، ولم نلمس من إيران أي تدخل أو كما تقولوا نشر لتشيع ولا تدخل في التأثير على أي مواطن عماني، وبالتالي لن نشارك معكم في أي صراع وخلاف مع إيران، لأن لا مصلحة لنا بذلك، ولا يحق لكم أن تقذفونا وتفرضوا علينا خلق مشكلة مع دولة إسلامية وجارة لم تضرنا بشيء.
في القضية الفلسطينية نحن ندعم الحق الفلسطيني سواء كمقاومة أو سلطة ضد الكيان الصهيوني، وهذا موقف شعبي ورسمي، وننطلق من مبادئ ديننا الإسلامي بأن من حق كل حركات المقاومة مقاومة المحتل، وواجب علينا مساندتهم، دون النظر إلى أي مذهب ينتمون، ولا إلى أي حركة ينتسبون، ولا من أي مكان يتسلحون، فنحن لا يوجد لدينا صراع مع الاخوان ولا أي مذهب ولا مع أي فلسطيني، فإذا لديكم فوبيا وتكفير للأخوان، وخلاف سياسي معهم، فنحن لا نتدخل فيكم، ولا نسمح لكم بإلزامنا أن تفرضوا علينا خلافكم ذلك، لنا قرارنا الشعبي والرسمي المستمد من ديننا الذي يجمع ولا يفرق، ولا لدينا أي مصلحة ولا خوف من انتصار أي مقاومة، ولا يهمنا لأي حركة تنتسب، والسبب ببساطة لأننا بعمان لا يوجد لدينا حركات ولا جماعات كالأخوان، ولا يوجد لدينا أحزاب سياسية، وكلنا نعيش في حزب واحد وهو حزب دين الله وعمان كوطن نعيش فيه سواسية دون أي تقسيم مناطقي أو طائفي.
في اليمن كذلك ننظر لليمنيين كلكم بمبدأ الأخوة في الدين أولا ثم الأخوة في العروبة ثانيا والاخوة في الجيرة ثالثا، فنتعامل معهم بسواسية ولا ندخل بينهم بالفتن وتأييد هذا على ذاك، ونحاول أن نصلح ونقرب بينهم ما أن سمحت لنا الظروف، وطوال 9 سنوات نحن لم نتدخل بالحرب ولزمنا الصمت، والنصيحة لمن يقبل منا، لذلك نرجوكم إذا لديكم مصالح بدعم أحد وتكفير آخر، وخوف من حكم أحدهم، سواء لاعتبارات سياسية أو مذهبية، فنحن اتركونا وشأننا، فلا نسمح لأحد يهجم علينا كوننا لم نكفر فصيل معين، لأننا لدينا مبدأ أن المشاركة في إراقة دم مسلم ولو بالقول يعتبر عند الله عظيم وأثمه كبير. ومن قال الشهادتين فقد عصم دمه وماله وعرضه ولا نتدخل في مذهبه ومن يوالي ومن يخاصم.
في لبنان كذلك لا يوجد لدينا أي مصلحة بمن يحكم ومن يستبعد، فننظر لحزب الله فصيل مقاومة مسلم وعربي استطاع أن يحرر جنوب لبنان، ومستمر حتى يحرر باقي الارض اللبنانية، والأخوة الآخرين بلبنان لا يحق لنا أن نتدخل بينهم، ونحب سنتهم وشيعتهم دون أي ميل لطرف عن آخر، لذلك إذا لديكم خلاف سياسي أو مذهبي مع حزب الله، فلا يعني أن تقذفوننا إذا أيدنا أو شكرنا الحزب في ضربه ومقاومته للصهاينة ودعمه لأخوته في غزة، فكلهم عرب ومسلمون كعينين في جبين واحد.
في سوريا حدثت فتنة وحرب داخلية بين الأخوة السوريين وتم دعم آخرين بالمال والافراد وتسببت في قتل مسلم لمسلم لأكثر من 8 سنوات، ونحن وقفنا بعيدا عن تلك الفتنة ولم نؤيد النظام ولا الأخوة الثائرين عليه، لأننا نعتبرهم جميعا ضحايا فتنة كانت تقف خلفها امريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، لذلك لا يحق لكم تجبروننا على مخاصمة طرف عن طرف، وسيبقى كل سوري عربي مسلم أياً كان مذهبه هو أخ لنا ودمه وعرضه حرام أن نناصر عليه أو نشعل الفتنة بينهما، فاتركونا على موقفنا وسيثبت لكم المستقبل من هو على حق ومن على باطل، كما تركناكم تشاركون في تلك الفتنة دون أن نعاتبكم أو نملي عليكم رأينا.
في العراق كذلك حدثت فتنة بعد سقوط النظام الذي شاركت كثير من دول الخليج في الإطاحة به، ولم نشارك كذلك في الفتنة التي اشعلها الموساد بين السنة والشيعة، لأنهم جميعا نراهم أخوة لنا لا فرق بينهم، وبالتالي لا يحق لكم أن تجبروننا على معاداة طرف أو تهاجموننا إذا اقمنا علاقة مع طرف آخر، فلا يوجد لدينا أي خصومة مع أي فصيل أو حزب وكلهم سواسية معنا.
وهكذا في مصر وليبيا وغيرها من الدول العربية الشقيقة التي حدثت بها فتن وحروب داخلية، فنحن نحب الخير للجميع ونصلح ما يفسده غيرنا،وإذا عجزنا عن الصلح بسبب الشياطين القوية الداخلة في تلك الفتنة نلزم الصمت والحياد. لذلك أتمنى منكم يا أحبتي بالخليج والدول العربية أن تتركوا لنا حرية القرار والخيار دون وصاية ولا خصومة.
أستاذ مشارك في جامعة السلطان قابوس*