الرئيسية / الملف السياسي / المشروع الإسرائيلي- الأميركي: تغيير المعادلة اللبنانية داخلياً وإقليمياً

المشروع الإسرائيلي- الأميركي: تغيير المعادلة اللبنانية داخلياً وإقليمياً

12 تشرين أول 2024

*هدى رزق

تتبنى بعض القوى السياسية اللبنانية الطرح الأميركي -الفرنسي، وتعتمد على رواية الأميركيين بأن حزب الله فقد 70% من قواته. وتتوقع أن يمهد هذا الطريق لمرشحيهم الذين سيعلنون عنهم.

إقدام “إسرائيل” على اغتيال القيادات العسكرية والسياسية لحزب الله انطلق كخطوة لتفكيك الحزب ونزع سلاحه، ومحاولة لتغيير المعادلة اللبنانية الداخلية والإقليمية، وهو ما أشار إليه نتنياهو، لناحية إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط. كان الرد الإيراني واضحاً عبر التصعيد لاستعادة الردع والتوازن، واعتبار ضرب حزب الله بحدّ ذاته إضعافاً لها يؤثر بشكل كبير على القضية الفلسطينية ومحاولة إنهائها، وعلى حركة حماس وكل المقاومة الفلسطينية من غزة إلى القدس، تمهيداً لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط برعاية أميركية.

هل نحن أمام خلق واقع جديد بالقوة الإسرائيلية

لا يبدو أن “إسرائيل” بوارد وقف العدوان أو عقد أي اتفاق، خصوصاً أن نتنياهو واليمين الصهيوني يعدّان وقف إطلاق النار هزيمة، ولا يبدو أن هناك أي محاولة لإنهاء العدوان على غزة أو إيقاف الحرب على حزب الله، فالمشروع الأميركي أصبح أوضح بعد بدء العدوان على لبنان، فالغاية هي خلق واقع جديد بالقوة الإسرائيلية، إذ تراجعت الإدارة الأميركية عن مقترح وقف إطلاق النار، وهي تدعم “إسرائيل” بشكل كامل، وتسعى أيضاً إلى تحقيق انقلاب سياسي، أي إخراج حزب الله من المعادلة وملء المقعد الرئاسي الشاغر منذ عام 2022.

يحلم الأميركيون بإعادة تأسيس لبنان على قاعدة جيش قادر على السيطرة على الداخل، ولكنه لا يعادي “إسرائيل”، رئيس ملتزم بتعليمات محور واشنطن – الرياض، مع رئيس وزراء متوافق معه، ورئيس برلمان لا يقوم بالاعتراض. وهي خطة لإعادة تصميم النظام الطائفي بأسماء جديدة، معادلة تعزل حزب الله وبيئته. وتعود هذه الخطة إلى آموس هوكستين، ومنسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك، وهما اللذان لهما تأثير في هذا التغيير الذي يقوم على اعتبار أن حزب الله يفقد بسرعة كل أوراقه، ولن يتمكّن بعد الآن من فرض شروطه.

ترى الولايات المتحدة الفرصة سانحة لانتخاب رئيس جديد ليس حليفاً لحزب الله. وهم يريدون إسناد الأدوار الرئيسية إلى الجيش اللبناني، وكان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي قد التقى مديري فريق العمل الأميركي من أجل لبنان ومعهد كارنيغي ومعهد الشرق الأوسط الذين ناقشوا معه الخطط الأميركية، أي الانتخابات الرئاسية وإعادة ضبط حزب الله وتصميم الدور الشيعي. اعتبر ميقاتي أن لبنان في حالة حرب، وأنه لا بد من انتخاب رئيس للجمهورية لا يقف إلى جانب فريق ضد آخر وأنه، رغم كل ما حدث، لا يمكن تجاوز حزب الله.

لا يمكن للمحور الذي تقوده الولايات المتحدة وفرنسا وإنكلترا والسعودية فرض رئيس، وهم لا يطرحون تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 فحسب، بل أيضاً القرار رقم 1559، أي انسحاب الحزب إلى شمال الليطاني وتسليم سلاحه. جميع القرارات مصممة لحماية “إسرائيل”.

تتبنى بعض القوى السياسية اللبنانية الطرح الأميركي -الفرنسي، وتعتمد على رواية الأميركيين بأن حزب الله فقد 70% من قواته. وتتوقع أن يمهد هذا الطريق لمرشحيهم الذين سيعلنون عنهم.

تشترك بعض الدول العربية المعادية لحزب الله في هدف الولايات المتحدة المتمثل في خلق واقع سياسي جديد. يريدون إعادة تصميم المعادلة الشيعية. ويذكر أن قطر ومصر تعدان الطريق من دون حزب الله طريقاً مسدوداً، وتدخلاً سافراً في السياسة الداخلية للبنان، خصوصاً أنه من المتوقع أن يكون هناك مزيد من الوحدة بين القاعدة الشيعية في ظل الحرب ضد حزب الله.

الصمود والدفاع عن الأرض هما الورقة التفاوضية الرابحة

خلال زيارته إلى بيروت، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقشي أن إيران لن تتوقف عن دعم حزب الله. واجتمع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري للتشاور، وكان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قد أكد الثقة في قيادة الأخ الأكبر بري، ودعم مبادرته السياسية وموضوعها الأساسي وقف إطلاق النار في البداية. أعطت هذه الخطوة بري سلطة التفاوض نيابة عن الحزب في دعم رئيس لا يتحدى أحداً.

لا يبدو وقف إطلاق النار على أجندة الولايات المتحدة و”إسرائيل”. وإذا تمكّنت “إسرائيل” من التقدم على الأرض، فيمكنها توسيع هدفها لتحديد نهر الليطاني باعتباره الحدود الجديدة، وليس الخط الأزرق. الدافع الرئيسي لسياسة الاحتلال الإسرائيلي هو المياه والأراضي الخصبة. وهو الحد الشمالي لخريطة “إسرائيل”، والذي حاول ديفيد بن غوريون وحاييم وايزمان، اللذين حضرا مؤتمر باريس للسلام عام 1919، إقناع القوى الدولية به. ولم يتخلوا عن هذا الحلم.

بعض اللبنانيين المقربين من الأميركيين يعتقدون أن “إسرائيل” تريحهم في التخلص من خصم قوي كحزب الله، ولم يلتفتوا إلى أن خطاب نتنياهو الموجّه إلى اللبنانيين هو دعوة صريحة إلى الحرب الأهلية، فهو يعتقد أنه يقوم بما عليه وعلى حلفائه في الداخل إكمال العمل، لكن الالتزام بشروط معينة غير مذكورة وهي أقسى من اتفاق 17 أيار من توطين وخرق للسيادة ومنع إعمار قرى الجنوب، ومنع التنقيب في الأماكن غير متنازع عليها ونقض اتفاقية الغاز.

لذلك، من مصلحة اللبنانيين الرهان على صمود المدافعين عن الأرض؛ لكونها الورقة التفاوضية الرابحة في يد لبنان في وجه “إسرائيل” وأطماعها. حزب الله ينفذ ما وعد به أمينه العام السيد حسن نصر الله.

وبتوسيع نطاق النيران واستهداف حيفا بشكل خاص، يقول لـ”تل أبيب”: “إذا لم تتوقف الهجمات، فسيتعين عليك إخلاء المزيد من المستوطنات”. جميع الخطط تعتمد على النتائج من الميدان. “مهما حدث، لا أحد يقع تحت أي وهم “لن يكون الاتفاق على الرئيس ممكناً من دون نعم من حزب الله”. وهو، رغم العدوان الجائر، لا يزال متماسكاً يصوّب ويقاتل حفظاً وصوناً للأرض والسيادة.

هل تعلّم اللبنانيون من تجاربهم منذ حرب العام 1975 إلى الحروب التي خاضوها مع العدو الإسرائيلي 1982 التي كانت سبب نشوء حزب الله أن لا خدمات إسرائيلية من دون ثمن، ويمكن لهذا الثمن أن يكون على حساب الاستقلال.

عن Amal

شاهد أيضاً

القومية العربية نهضت بنهج عبد الناصر وتلاشت بغيابه !!

11 تشرين أول 2024 نبيل عودة تطور القوميات في اوروبا هو نتاج تطور اقتصاد مشترك …