الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / ادلب أكبر خلية نائمة للارهاب في العالم .. الأصفار التركية الجديدة

ادلب أكبر خلية نائمة للارهاب في العالم .. الأصفار التركية الجديدة

 
نارام سرجون
مشكلة الأمم التي تصاب بالعصبية والتشنج بسبب تحرك النوستالجيا الحالمة للمشاريع الامبراطورية التي ماتت انها تنحدر الى مستويات من الغباء الشامل وتصبح منتجة للأفكار الغبية والثقافة الغبية .. ولكن الغباء الشامل يدمر كل مكونات الأمة ويصبح الشعر غبيا والعلم غبيا والسياسة غبية والاقتصاد غبيا .. فلا تنتج الا الغباء الذي يأكل من يد الغباء .. وهذه سنة من السنن التاريخية التي لاينجو منها شعب مصر على ان “يحي العظام التاريخية وهي رميم” .. فاليهود مصرون على اعادة عجلة الزمن رغما عن مسننات الكون الى خمسة آلاف سنة ليعيشوا نوستالجيا داود وسليمان والهيكل .. والاسلاميون العرب يريدون ايضا اعادة مسننات الزمن بالدقائق والثواني الى لحظة كان فيها الخلفاء الراشدون يتجولون على البغال يبحثون عن الفاسدين وعن شاة عثرت وأصابها ظلم الخلافة .. فنجد بسبب ذلك ان المشاريع الاسلامية خيالية وفارغة من اي قدرة على التأقلم مع الوقائع والحقائق العصرية والعلمية .. ولاتقفز الا في الفراغ .. وكذلك العروبيون والقوميون العرب يريدون ان يعود زمن هارون الرشيد وغيمته التي لاحدود لها واينما أمطرت كان خراجها لهارون الرشيد .. فلم يتم أخذ منطق العصر والتطورات السكانية والاختلاطات الهائلة في خرائط هارون الرشيد وتشتت غيومه .. واجتراح بدائل مثل الاتحادات والكونفدراليات او الفيدراليات .. بل كل حالة قومية تعتبر ان ذوبان الكل في الجزء هو التعريف الوحيد لاعادة القومية .. حالة حاولها قوميو مصر وقوميو البعث ..

الآفة التركية تعبر عن حال متطورة جدا من الغباء القومي والطوراني لاتختلف عن غيرها من الاحلام ولكنها تعبر عن نفسها بعصبية فائقة في سورية الى حد الهستيريا والانفصال عن الوجود .. فرغم الصعود الطوراني للعثمانية السريع التي استثمرت كل مكرها في صفقة القرن الأولى التي كانت في الربيع العربي حيث قايض الاتراك كل شيء من أجل عودة بني عثمان .. فان العاقل يستطيع ان يدرك ان الصفقة فشلت .. وانها دفنت في سورية .. وان سورية اتخذت مع حلفائها قرارا لارجعة فيه لاسترداد كل شبر احتلته تركيا وعملاؤها .. وليس هناك اي سبب وجيه أو أمل يبرر العناد والمماطلة من قبل تركيا .. وحتى هذه اللحظة فان امل تركيا في البقاء في اي بقعة في سورية لايزيد عن الصفر .. وهو الصفر الحقيقي الذي يجب ان تكتشف تركيا انه حقيقة بعد وهم صفر مشاكل .. والعقل يقتضي من الاتراك ان يقوموا بعملية سباق مع الزمن للخروج من سورية بكرامة قبل ان يتم حملهم على الخروج على طريقة خروج اسرائيل من جنوب لبنان وخروج الامريكان من العراق .. أي هروب جماعي وبدل قاطرات النفط التي كانت تحمل النفط السوري الى موانئ تركيا فان شاحنات النعوش هي التي ستعود محملة من سورية .. ويجب على الأغبياء الأتراك عدم الرهان على ان التقارب الروسي التركي قد يغير من نظرة روسيا الى الوجود التركي في الشمال السوري وأن المعادلات الدولية وانتصار السي أي ايه على معسكر ترامب قد يعيد اميريكا الى احياء الصفقة مع تركيا بشأن سورية ضد رغبة روسيا .. ويخلق نوعا من التوازن تلجأ اليه تركيا لتجنب الحرج مع روسيا وتتذرع بتشدد واشنطن في تطبيق اتفاقات الشمال السوري ..

الذكاء ليس في خلق المشاكل والمراوغة بل الذكاء هو عدم اطالة المراوغة عندما تكون المعارك خاسرة .. الغباء التركي الطوراني يأبى الا ان يقود تركيا الى هزيمة سياسية ثقيلة وتوكيد الغباء السياسي الثقيل في الملف السوري .. لأن الروس ليسوا على هذه الدرجة من الغباء ليتركوا ادلب في حضن تركيا طويلا .. لأن بقاء ادلب كخزان كبير لأشرس المتطرفين وعائلاتهم سيعني ان هذه البؤرة الخطرة جدا تتكثف فيها كل عناصر التطرف والعنف وهي بيئة منتجة للارهاب وكل سلالاته وقومياته وستبقى كمشروع للجهادية النائمة بيد تركيا .. وبمعنى آخر فانها ستكون ادلب أكبر خلية نائمة عملاقة للارهاب في العالم .. وفيها احصائيا مايفوق عدد الارهابيين في افغانستان بضع مرات .. كما ان قرب ادلب من قاعدة حميميم سيبقى هذه القاعدة الهامة جدا لروسيا دوما في حالة تهديد ارهابية لأن هذه المجموعات الارهابية المدربة والمجهزة والمؤدلجة بشكل قاس نحو فكرة الجهاد حتى الموت .. ستتحرك أو سيتم تحريكها بشكل انتهازي أمام اي خلل في المعادلة السياسية والعسكرية .. وستترك في يد الاتراك سيفا مغمدا يمكن ان تستله تركيا وترسل به الى اي معركة .. وحسب رأي روسي موثوق فان اثنين لايمكن ان يتجاورا وان يبقيا معا وهما ادلب وحميميم .. واحدهما فقط يمكن ان يبقى .. وطبعا لن ترحل حميميم .. وهي لاتستطيع ان تتحمل ادلب الارهابية بجوارها .. وسيكون قبول الامر يعني القبول بقاعدة للناتو خفية في ادلب على كتف قاعدة حميميم وأسطول السوخوي الروسي ..

وهنا يتساءل المرء عن سبب اطلاق تركيا هجمات متعددة في الشمال السوري لخرق سوتشي بذريعة انها من تنظيمات غير منضبطة كان آخرها الهجوم بالغازات السامة على أحياء في حلب .. والاتهام لتركيا بأنها غضت النظر او شجعت على هذه الاعمال لايحتاج الى قدر كبير من الذكاء لأن كل الارهابيين في الشمال السوري يتنفسون من الرئة التركية وكل ذرة اوكسجين تأتيهم من تركيا وهي التي حمتهم برموش العين ولذلك فلايوجد اي احتمال لعناصر غير منضبطة لاتستجيب للقرارات التركية .. وهذه المنظمات مرتبطة بالرحم التركي بمشيمة المخابرات التركية التي تغذيها بكل اسباب الحياة والبقاء .. ولايحتاج ضبطها أكثر من برقية من مكتب حقان فيدان .. فهل تحاول تركيا اختبار صبر روسيا او ارغامها على كسر الاتفاق لتنتقل الى منصة أخرى؟؟ لأن الاستفزاز قد يستدعي استعجال معركة ادلب التي قد تنتظر تركيا فيها دورا اميريكيا معطلا للتحرك الروسي السوري بعد الصفقات الجديدة التركية الامريكية واللقاءات في قضية الخاشقجي .. لأن اميريكا قد تفكر بتثبيت تركيا لتثبت نفسها في الشرق السوري .. أم انها تصعد في الموقف من أجل تسريع المفاوضات التي تريد من خلالها التزامات سورية روسية بالشأن الكردي والتي يبدو انه الشغل الشاغل لتركيا ومصدر قلقها والتي تبدو مرتابة جدا في مايجري تحت الطاولة بين الاكراد السوريين والدولة السورية والروس .. وهي في نفس الوقت تخشى أن تشم رائحة تحرك سعودي اماراتي حثيث نحو سورية انتقاما من قضية الخاشقجي .. وكأنها تذكر الجميع انها قد تقلب الطاولة على الجميع اذا لم تتم أخذ الاعتبارات التركية والتوجس التركي من انقلاب المعادلات والعداوات ..

وان كان من قول يقال في هذه المناسبة فهو ان تحرير ادلب بالذات ضرورة روسية وسورية وايرانية لأن الابقاء على أي جذر من جذور مايسمى الجهادية الاسلامية في سورية وقاعدة للاخوان المسلمين قد يعيد انتاج المرحلة السوداء ويضخ دماء في المشروع الناتوي أو العثماني في اي اتجاه .. طالما ان الاسلاميين سيعتبرون انهم في استراحة المحارب .. ناهيك عن القول ان اميريكا واسرائيل قد تجدان طريقة لتحويلهم الى خزان احتياط لمشروع قادم ضد الوجود الروسي في المنطقة ..

لذلك لانعرف على وجه الدقة الى متى سيستمر الغباء التركي في الظن ان التعب قد ينال منا وأن اللعب على خطوط الزمن قد يبقيهم في ادلب وأن محاولة المقايضة على الهاجس الكردي ستجعلنا نعطي تركيا اي شيء .. على الاتراك ان يفهموا شيئا واحدا .. هو أنهم سيخرجون من سورية قريبا ويقفون خلف حدود 2011 مثل التلاميذ العقلاء وان يفكروا بأن هاجسهم بعد ذلك يجب ان يكون في عودة الروح الى قضية لواء اسكندرون التي عادت ولن تغيب .. ولن يحصلوا على اي ثمن مقابل اي شيء .. ولا اي ثمن ..

تستطيع تركيا ان تفكر بمعادلة صفرية جديدة هي “صفر ثمن” .. اي ان الزمن الذي كانت تركيا ترفع شعار “صفر مشاكل” كانت تقايضه بـ “ثمن صداقة” .. واليوم فان غباء السياسة التركية هو أن عليها ان تضع منذ اليوم ان معادلة “صفر ثمن” هي معادلة رابحة جدا ويجب العمل عليها .. لأن المعادلة البديلة الوحيدة المتاحة هي “الأثمان الباهظة” .. ومكاسب “تحت الصفر” .. هذه هي المعادلة التي يخرج بها الاغبياء الحالمون الذين لايتعلمون خاصة اذا كان لهم .. عقل تركي .. الذي سنلتقيه في ادلب ونعلمه أصفارا لم يألفها في معادلاته .. المجنونة.

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *