الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / انتفاضة الحرية في تونس

انتفاضة الحرية في تونس

انتفاضة الحرية في تونس

عادل الجوجري

مرة أخرى يثبت النظام الحاكم في تونس انه يحكم البلاد بالحديد والنار ويمارس أقصى أنواع الديكتاتورية وهو الذي يحكم منذ عام 1987بانتخابات مزورة يتفرد فيها بدور البطل مع وجود كومبارس في حين يئن الشعب تحت وطأة البطالة وما يترتب عليها من فقر ومرض وجهل بعد أن ارتفعت معدلات تسرب الطلاب من المدارس ،وبعد أن تزايدت معدلات البطالة بشكل مخيف وهو ماأدى إلى تفجر انتفاضة الحرية في مدينة سيدي بوزيد واستمرارها للأسبوع الثاني على التوالي وانتقالها إلى مناطق أخرى مجاورة حيث شارك الأهالي من كل الفئات في الانتفاضة الشعبية .

لقد فشل النظام في إقناع المواطنين بجديته في توفير مشروعات جديدة توفر فرص عمل للعاطلين ولم يصدقها احد ، واستمرت الانتفاضة في وقت أقدمت فيه قوات الشرطة على اقتراف جريمة نكراء في حق الأهالي العزّل وخاصة في بلدة منزل بوزيان التي خرج سكانها في مسيرة سلمية احتجاجا على الواقع الاجتماعي المأساوي فجوبهوا بوابل من الرّصاص الحيّ مما أدّى إلى استشهاد المعطّل عن العمل محمد عمّاري وإصابة العديد من المحتجين بجروح متفاوتة الخطورة منهم التلميذان محمد أمين سليماني ورامي نصري والمعلم نوفل عباسي إصاباتهم بليغة على مستوى الصدر والبطن،حسبما جاء في بيان لرابطة الوحدويين الناصريين في تونس ،التي رصدت الأحداث أولا بأول وقد شارك عدد من الشباب الناصري في قيادة انتفاضة الحرية في تونس ،ونحن نؤازرهم ونشد على أياديهم ونحيّي صمود أهالي سيدي بوزيد المدافعين عن حقّهم في عيش كريم ونرى أن التّصرّف الهمجي و غير المسؤول لقوّات البوليس ومليشيات الحزب الحاكم واستخفافها بأرواح الأبرياء لن يزيد الوضع إلا توتّرا.

ونشير إلى الحقائق التالية:

أولا:أن النظام الحاكم الذي يعدل الدستور على هواه لكي يستمر في الحكم بدون إعطاء المجتمع أي فرصة لاختيار حاكم جديد وبرلمان جديد منتخبين هذا النظام أصبح من مخلفات الماضي ومن حق شعب تونس الأبي أن يتطلع إلى حكم رشيد ونظيف ليس فيه زيف إعلامي مدفوع للمحطات الفضائية والصحف والمجلات التي تنشر أخبارا ملونة عن تونس غير الوضع المر الذي يعيشه أبناء تونس الخضراء.

ومن حق شعب تونس أن يحصل على فرصة عمل كريمة توفر دخلا للأسرة تنفق منه على تربية الأبناء وتعليمهم وإعدادهم لمهام جديدة في المستقبل وذلك في مواجهة أساليب الإنفاق البذخي التي تلجأ إليها السلطة لتحسين صورتها في الداخل والخارج وقد فشلت تماما حيث انطلقت التظاهرات من الشباب التونسي في فرنسا وايطاليا واسبانيا تندد بالقمع والإرهاب وتطالب بحماية الشعب من فساد رجال الأعمال المرتبطين بالسلطة ويشكلون أهم مراكز القوى المهيمنة على الثروة والقرار.

ثانيا:إن لجوء النظام إلى القبضة الأمنية في مواجهة التحركات الشعبية يثبت فشل النظام من جهة وعجزه عن مواجهة الجماهير لاسيما العاطلين من الحاصلين على أعلى الشهادات العلمية والذين لايجدون فرص العمل فيضطرون إلى الهجرة إلى الخارج أو العمل في أي قطاع ليس له علاقة بخبراتهم المعرفية والعملية.

ومن جهة أخرى فان لجوء الشرطة إلى الرصاص الحي لقتل المتظاهرين وإرهابهم هو أسلوب فاسد وفاشل وننصح أخوتنا في جهاز الشرطة أن ينحازوا إلى الشعب والى الأهالي في مواجهة سلطة القمع وعلى الاقل أن لايتورطوا في الاعتداء على أخوتهم وأمهاتهم وأولياء أمورهم بسبب تعليمات تصدر عن سلطة باطلة.

إن الطوق الامنى المفروض على مدينة سيدي بوزيد و المكناسي ومنزل بوزيّان و سيدي علي بن عون و الرقاب و المزونة وسوق الجديد لن يزيد المواطنين إلا صلابة في مواجهة الاستبداد والتبعية والقهر،فهذه السلطة التي كانت تسوق وتروج في الغرب أنها تعمل ضد الإرهاب وتقتلع جذور الإسلاميين هاهي تكذب مجددا وترهب المواطنين العزل وتمنعهم من ممارسة ابسط حقوقهم في التظاهر السلمي تعبيرا عن الإحباط الاجتماعي والاحتقان الاقتصادي المترتبين على البطالة المتنامية والعجز المستمر.

ثالثا:إن جريمة النظام في سيدي بوزيد لن تمر عربيا ودوليا فثمة منظمات أهلية عالمية تطالب اليوم بمحاكمة النظام وجلاديه،وكشف كل الحقائق أمام الشعب،وأولى الحقائق هي تزوير الانتخابات وشرعنة استمرار الرئيس الحالي في السلطة وتزوير برلمان يمرر التشريعات المعادية لمصالح المواطنين،وهي نفس الآفات العربية القبيحة الموجودة في النظام الحاكم في مصر واليمن وغير بلد عربي حيث الحكام الأبديين الذين لايغيرون ولايتغيرون الأمر الذي أدى إلى ركود سياسي وعزوف جماهيري عن المشاركة الشعبية ولم يبق إلا لقمة الخبز التي عجزت حكومات القهر والتبعية عن توفيرها للمواطنين فكانت الانتفاضات الشعبية هي الرد العملي على أنظمة فاسدة ومستبدة.

التحية كل التحية لشعب تونس العظيم ولكل الشعب العربي الحر الأبي،

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.

* رئيس تحرير مجلة الغد العربي-القاهرة

27 كانون أول 2010

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *