الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / من تاريخ الباجي قائد السبسي

من تاريخ الباجي قائد السبسي

رئيس الحكومة التونسية المؤقتة الباجي السبسي يو بي إي

من تاريخ الباجي قائد السبسي

الناصر خشيني – تونس

لست في حاجة الى التذكير بأعمال السيد الباجي قائد السبسي سواء في ادارته لدفة الأمن الوطني أو وزارة الداخلية أو الدفاع على المستوى الوطني، حيث ساهم في تعذيب وقتل الكثير من اليوسفيين باعتبارهم الشريحة التي رفعت السلاح في وجه النظام المرتمي في أحضان الغرب، وفي طلاق بائن مع هوية البلاد العربية الاسلامية، حيث كان مديرا للأمن في سنة 1962 أثناءالعمل الثوري الذي كان يعتزم القيام به الشهيد لزهر الشرايطي ومجموعته.

كما ساهم عندما كان وزيرا للداخلية في قمع مظاهرات المساندة لمصر عبد الناصر في عدوان 1967، كما له دور مشبوه في قمع انتفاضة الوردانين عام 1969 ولم يكن بعيدا عن الصورة في انتفاضة الخبز عام 1984 حيث كان وزيرا للخارجية ويلمع صورة النظام ويسوقه خارجيا.

كما كانت له اسهامات سلبية في اخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان وهو الوحيد الذي سمحت له دولة العصابات الصهيونية التي كانت تحاصر بيروت بالدخول اليها واقناع عرفات بضرورة الخروج اضافة الى دوره في تلطيف ادانة مجلس الأمن للكيان الصهيوني اثر غارته على تونس عام 1985.

وهكذا كان الباجي قائد السبسي في كل مراحل حياته في الصورة السيئة عند أحداث من شأنها قلب الصورة لصالح المشاريع العربية والتي كان يمكن ان تحدث تغييرا نوعيا لصالح الامة العربية. لكن الذي سأثيره اليوم مما أعرفه عنه بشكل مباشر حيث كان الباجي قائد السبسي عام 1978 خارج حكومة بورقيبة، بل اكثر من ذلك كان ضمن المعارضة الاصلاحية.

وفي تلك السنة حدثت أحداث جانفي الشهيرة وخاصة ذلك الخميس الأسود الذي سقط فيه العديد من الشهداء يوم الاضراب العام الذي قرره الاتحاد العام التونسي للشغل، وكان الحبيب عاشور وقتها ضمن الديوان السياسي للحزب الحاكم، فاستقال منه وانحاز لجماهير العمال في الاتحاد وكان سجنه ومحاكمته مع قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل.

وتركزت الحياة السياسية في تونس وقتها في أروقة قصر العدالة حيث كان للمحامين وقتها موقف مشرف من النقابيين الذين دافع الكثير منهم عنهم بدون مقابل. وكنت وقتها أعمل كاتبا بالمحكمة الابتدائية بتونس وأحضر جلسات احدى الدوائر، وقد أمكن لي ذلك الوضع التعرف على العديد من المحامين منهم السيد الباجي قائد السبسي والذي لفت انتباهي له في ذلك الوقت عدة أشياء، منها كثرة كلامه ومزاحه الذي يصل حد الثقل أحيانا، وكان كثير التنكيت خاصة على بورقيبة. ومن ذلك حسبما أذكر نكتته الشهيرة: “كي سيدي كي جوادو” وكذلك كتاباته في جريدة الرأي التي كانت في ذلك الوقت اضافة الى الشعب هي المتنفس الوحيد للجماهير المعارضة لنظام بورقيبة. وكان الباجي قائد السبسي يكتب فيها باستمرار وكانت كتاباته لاذعة وحارة جدا في نقدها لسياسة بورقيبة وطلب مني ذات يوم أن اكتب في جريدة الرأي وأنه مستعد لينشر لي لانه يعلم جيدا أني كنت ناشطا في الحركة الطلابية ولكني امتنعت عن الكتابة فيها وقتها لعدة أسباب منها أنها جريدة اصلاحية وليست ثورية، هذا في المقام الأول، وثانيا لانشغالي بالدراسة والعمل والنشاط الطلابي فليس لي أي متنفس من الوقت لاكتب مقالا واحدا. وكان في ذلك الوقت المرحوم الدالي الجازي صديقا مقربا جدا منه وكانا دائما معا وكنت أعتقد أنهما لن يدخلا في حكومة بورقيبة مهما كان الثمن من فرط ما كانا يكيلان له من نقد لاذع على مرأى ومسمع من الجميع.

ولكن في ربيع 1978 على ما أذكر وقع تعيين الدالي الجازي وزيرا للصحة وقتها فانبرى الباجي القائد السبسي يشن الحملات الشعواء ضد صديق عمره وكيف يقبل بمنصب وزير في حكومة قمعية وفرضت الطوارىء بالبلاد الى الخ من عبارات الاستهجان والاستنكار. وكنت أظن ان ذلك اعلان القطيعة بين الرجلين ولكن في المساء وفي مكتب رئيس المحكمة وجدت الباجي قائد السبسي بصدد الحديث مع الرئيس حول كيفية الذهاب الى تهنئة السيد الدالي الجازي بهذا المنصب فأصبت بدهشة كبيرة من هذا التحول المفاجىء بين موقفه في الصباح وموقفه الحالي. ولكن بدد حيرتي رئيس المحكمة بعد ذلك عندما قال لي انه يتمنى لو كان هو الذي عين وزيرا، فقلت بم تفسر موقفه قال لي انه مجرد كلام لا غير.

وهكذا عرفت انه انسان متقلب وقد كان في تلك الليلة هو أول المهنئين لصديقه وقد لامني من الغد لم لم تذهب لتهنئة السيد الدالي الجازي فرددت عليه وقتها بكوني لا اعرف منزله . وتمر الايام سريعة والسيد الباجي قائد السبسي تارة يتزلف للحبيب بورقيبة واخرى ينقده نقدا خفيفا لعل وعسى ان تعود عقارب الساعة الى الوراء قليلا ويعود الى الوزارة مجددا، وهو ما تحقق له سنة 1980 بعد ثورة قفصة المسلحة وبالتحديد في ديسمبر عندما دعي الى وزارة في حكومة مزالي فانطلق سريعا لا يلوي على شيء سوى الحصول على الكرسي لانه يعرف فوائده فكيف لانسان متقلب بهذا الشكل نمنحه رقابنا يتحكم فيها. انه شخص ليس له من المبادىء والقيم سوى القدرة على تنميق الكلام والمزاح وليس له اكثر من هذا.

فعسى ان اكون قدمت لشعبنا في تونس ما اعرفه عن هذا الرجل وتاريخه الحافل بالالتفاف على الثورة والمزايدة عليها وتوظيفها خدمة لمآربه فهل نبقى كتونسيين نثق بهذا الرجل؟ خاصة وأن الكثير من الأحداث والوقائع الأخيرة تشير الى تناقضاته الصارخة وتدجينه لثورة شعبنا عند انكاره لوجود القناصة، او دفاعه عن المتصهين اول رئيس لبعثة تونس لدى الكيان الصهيوني، او عمله على اغراق البلاد في الديون وذهابه الى قمة الثمانية والقبول بكل اشتراطات الغرب وبنوكه المشبوهة في تدجين الشعوب واستغفالها، واخيرا عمله على قمع شبابنا في اعتصام القصبة 3 الذي من شانه ان يذهب به بعيدا ويحقق لشعبنا كل اهدافه من ثورته المجيدة.

لذا نطلب منه بكل لطف المغادرة والابتعاد عن كرسي السلطة خاصة وقد تقدمت به السن ولم يعد قادرا على اداء مهمته كوزير اول وقد راينا جزء يسيرا من تصرفاته على الشاشات.

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *