الرئيسية / الملف السياسي / فلسطين المحتلة / حذاء على السفير الأمريكي في رام الله ثأراً للعراق وليبيا والبحرين وخوفاً على سوريا

حذاء على السفير الأمريكي في رام الله ثأراً للعراق وليبيا والبحرين وخوفاً على سوريا

حذاء على السفير
ثأراً للعراق وليبيا والبحرين وخوفاً على سوريا
وبانتظار ويكيليكس المنح

عادل سمارة-رام الله المحتلة

قوم إذا صفع الحذاء وجوههم صرخ الحذاء باي ذنب أُصفعُ

إذن هو الذي ضُرب. هذا الراسمالي حامل كيس مال سرقته دولته من كل امم الأرض كخزائن روما، هل هو أبيض، نصف أبيض (وهذا اسهل لاختراقنا) أم أسود من ظاهره…لا فرق. كنت بسيارتي، وهي قميئة بحجم حمار المازني[1] رحمه الله، لا أجد مخرجاً من رام الله طريق الطيرة، حيث يتناثر رجال الشرطة الفلسطينية يغلقون الشوارع التي خلقها الله ضيقة على السيارات، واسعة للخيل ، وصفارت الإنذار تصرخ من قرن كبش داوود. وسيارات البلد تتقارب من بعضها مثل سردين يافا المستلب. من أجل السفير الأميركي الآتي من تل أبيب كان يجب أن تُسد طرق المدينة.

قبل عشرين عاما فقط، كانت النقطة الأولى في أجندة الاجتماع الأسبوعي في مؤسسة محلية ممولة من الولايات المتحدة: ما مدى تغلغلنا في المجتمع المحلي؟ هكذا قالت لي أنجوزة محلية كانت تعمل لديهم. كانت لحظة فضفضة عن نفس تضمخت بالعمل لدى العرق الراسمالي الأبيض. كانت تصر على الخلاص وليس الخلاص من جوهم المخملي بمقدور كل من ذاق/ت العسل هناك. بعضهن انتقل/ت من حضن إلى حضن، انتقل أو أُعير…سيان.!!
أما اليوم، في عصر المقاومة السلمية[2]! يلتقي السفير بالممنوحين مالاً واكاديميا، مؤسسات وخريجي دكتوراة وماجستير في حفل علني لم يلتقط جوهره الإهاني سوى بعض الشباب والشابات. فكان في مطعم الصنوبر نقيضين بلا منطقة عازلة. كان لا بد للمنوحين أن يُسبِّحوا بحمد المانح[3]؟ وإلا ما معنى الاحتفال بكل هذه العلانية والإشهار الإهاني. يذكرني هذا بإهانة المرأة في أول صباح بعد العرس[4]؟ ولكن هل ندري كم عدد الاحتفالات السرية بهذه المنح والعلاقات؟ احتفالات الخريجين والممنوحين من فرنسا، ألمانيا، بريطانيا ، النرويج والقامئة تزيد على الأربعين. يا الهي، وكأننا أمام جاليات صغيرة مزروعة في أحشاء هذا البلد الحزين!

تعثر الشعوب على وسائل المقاومة بالفطرة. فطالما الحياة مقاومة لا بد أن تستمر. لكنها تموت بالحياة مفاوضات. لكلّ أمة اجتهادها في طريق المقاومة. وقد لا يكون اللافت انتقال حذاء منتظر الزيدي إلى مطعم الصنوبر، ولكن اللافت ان المضروبين هم من الرسميين ألأمريكان. أليست هذه فهقة وعي عربي قومي ومن أبناء الطبقات الشعبية؟
كان المشهد في رام الله صراع قومي وطني طبقي بامتياز. قومي لأن صاحب الدعوة هو السفارة الأميركية التي تحمل في معدتها دماء ملايين العرب من بغداد إلى السودان ليبيا وتتحفز لدماء سوريا. وكان وطنياً لأن السفير كان يجب أن يكون محروساً بطائرات اف 16 الجاثمة على قلب الرملة وحيفا، وكان يجب أن يُحمل في كِتر بيلر الذي يزرع المستوطنات حول كل رام الله وليس في سيارة فارهة سوداء وإن كان تصفيحها من فوائض نفط قطر والإمارات. كان التناقض وطنياً لأن الولايات المتحدة تقف بعلانية ووقاحة ضد حقنا في العودة، وتسَّفهنا باحتفال علني أنفقت فيه على البعض ولا شك أن المال مال الخليج! آه يا هذا الخليج المتآكل بالحتَّ(عبد اللطيف عقل)، كان صراع وطني ولذا قوبل الرجل الناعم بالأحذية الممتلئة بالتشاريب[5].

وكان طبقياً، لأن من ضَربوا الأحذية لا يملكون غيرها، وبعضهم لا يملك، ولكنهم يرفضون الجلوس في غرف مغلقة في قنصليات الدول الغربية أو الجامعة الأميركية في القاهرة لتتم مساومتهم على وطنهم بالحصول على منحً موجهة لدراسة تركيبة الوطن العربي. من يدري حين يجلس البعض ولا اقول كل طالب/ةِ منحة في مكان مغلق مهيب بين جلاوزة غربيين من كوبنهاجن إلى ستوكهولم إلى باريس إلى واشنطن من يدري ماذا سيقول حين يُساوموه على عِرضه الوطني!

لستُ مبالغاً. حتى اليوم اربعين سلاح جو غربي يقصف ليبيا. تهيأ لنا في البداية أن الطائرات هي أميركية وفرنسية وبريطانية، وإذا بها كذلك نرويجية ودنماركية وبالطبع قطرية وإماراتية! من يقصف بالطائرات حُفاة ليبيا وماجداتها لماذا لا يجند عملاء أكاديميا؟

يوماً ما سيظهر أوسانج لينشر ويكيليكس المنح والأكاديميا والأنجزة. ليس هذا الأوسانج ثورياً ولا إنسانياً. هو لا يؤمن بحرب الغُوار مثل تشي جيفارا لا سمح الله، ولا بحرب غوار المدن مثل كارلوس مارجيللا البرازيلي ولا بحرب اختطاف الطائرات على أيدي حفاة مثل وديع حداد وكارلوس الشاجال، ولا بالجهاد مثل الشيخ القسام، آه كنت ما أجملك!. ولا بتفكيك مفاصل الدولة القطرية[6]، ولا مفاصل الإمبريالية…الخ هو ببساطة ابن المركز الغربي الذي يرى كل شيىء مالاً. هو من السويد، الدولة التي ذهب رئيس وزرائها وهو فتىً للدراسة في الولايات المتحدة فعاد جاسوساً لل سي آي إيه! ماذا تريدون أكثر! لذا، ذات يوم سيفعلها أوسانج آخر، ويكشف لنا ملفات الممنوحين/ات وكيف توزعو/ن على دوائر الجامعات وماذا قالوا/ن للطلبة!

نفت الشرطة الفلسطينية حصول ضرب الأحذية، فكل منهم ما زال ينتعل حذائه. لكن بعض المدعووين من أهل المال والأنجزة أكدوا على غيظٍ ضرب الأحذية. ما الأدق؟ اليست إفادة المضروب أدق؟ هذا على الأقل يفهمه العلم الشُرطي اكثر منا وخاصة إذا تدرّب الشرطي في الغرب وليس في كوبا.

هذا أحمد بن الحسن المتنبي، كم كان شقياً ويرى عبر العصور حين قال:

ويطعن في عُلاي وإن شسعي[7]…ليأنف ان يكون له إهابا

هل كان المتنبي يعرف السفير الأميركي فضنّ عليه بحذائه؟ أجل، أليس هو المتنبي!
_________________________________

[1] عبد القادر المازني ناقد مصري كان هو والعقاد وشكري يسمون الثالوث المنحوس. هذا الاستذكار مهم لثقافتنا العربيوة، وبالتأكيد لا يدرس الممنوحين عن هذا في الجامعات التي تنسق لها المنح الجامعة الأميركية في القاهرة!
[2] ليعذرني السيد عمر برغوثي من حملة المقاطعة الأكاديمية فأنا لا أحترم المقاومة االسلمية كما تطرحها الأنجزة، فضرب الأحذية على السفير هي مقاومة سلمية وشعبية معاً لا تطرحها الأنجزة . كان ذلكم حين قدمت أنا مداخلة قبل عامين في قاعة بلدية البرية عن مسالة دولة أو دولتين، وتطرقت إلى الحق في الكفاح المسلح فانبرى السيد عمر برغوثي ليقاطعني ، مع انني لم اكن ارد عليه، قائلاً: أنا ضد الكفاح المسلح! قلت شكراً لم أعرض عليك التنظيم.
[3] اسمحوا لي بث دعاية لكتابي: البنك الدولي والحكم الذاتي: المانحون والمادحون 1997 منشورات دار العامل (طباعة سيئة)
[4] لأن المرأة متهمة دائماً ولأن الرجل مطالب بأن يكون ذا قدرة على الانتصاب، كان يلطخ الرجل منديلاً بدمها ليلة الدُخلة ويُريه في الصباح لمن جاؤوا للتهنئة ليثبت فحولته وضعفها وبرائتها!!
[5] قبل أن يتحول الإنتاج عالميا إلى Ma production اي بكميات هائلة نظرا لقدرة راس المال على تشغيل العمال بادنى أجر ممكن ، راسمالية الأجور المتدنية Capitalism of Law Wages، وهي مقولة للراحل ماركس، كان فقراء بلادي يرقعون الحذاء حين يلإخزق جانبه بقطعة مشابهة، واحياناً غير مشابهة ثم تُدفن بلونه، يسمونها تشريبة؟
[6] انظر عادل سمارة، في القُطرية والقومية والإشتراكية: مقدمات في تفكيك مفاصل الدولة القطرية منشورات مركز المشرق/العامل للدراسات الثقافية والتنموية، رام الل 2009 ، وخاصةص ص 136-38.
[7] والشسع عند العرب أحد اسماء الأحذية.

عن prizm

شاهد أيضاً

الحرب على قطاع غزة أمام لحظة فارقة…

21 شباط 2024 أنطوان شلحت ليس من المبالغة القول إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *