الرئيسية / الملف السياسي / فلسطين المحتلة / كنيست ب94 عضواً، و….لا حرب! بل حروب التابعين

كنيست ب94 عضواً، و….لا حرب! بل حروب التابعين

إيهود بارك يدعو أوباما لمزيد من الضغوط للإطاحة بنظام الأسد

كنيست ب94 عضواً، و….لا حرب!
بل حروب التابعين

عادل سمارة
من الدارج دولياً أن تشكيل حكومة وحدة وطنية في بلد ما هو للمهام الصعبة، وأما في الكيان الصهيوني فهي للحرب. فلماذا حفلت الأيام الماضية بنقاشات انتهى معظمها إلى الاستنتاج أن الكيان وورائه الإمبريالية ليسوا في وارد حرب قريبة ضد ايٍّ من قوى المقاومة والممانعة. وقد اعتمدت معظم التحليلات على التطور الجديد في جانب المقاومة والممانعة وهو وصول هذا المعسكر إلى وضعية التوازن الاستراتيجي أي: صواريخ حزب الله وسوريا وإيران وحماس مقابل سلاح الجو الصهيوني والتركي. وهو التوازن الذي اشتغل عليه محور المقاومة والممانعة لعقود، ويبدو أن بوتين منذ رئاسته الأولى قد دعم ذلك وواصله ميدفيدف.
ولا شك ان كثيرين اقاموا تحليلاتهم باستبعاد الحرب على مصدرين أساسيين:
الأول: تصريحات مزدوجة من القيادة الصهيونية بأنها لا تفضل تغيير النظام السوري من جهة، ومن جهة ثانية، تصريح بعض قادتها بأنهم تعبوا من تلكؤ الولايات المتحدة في إسقاط النظام السوري كما قال إيهود باراك قبل بضعة ايام. ويبدو أن المضادين للمقاومة والممانعة من هؤلاء قد تجاهلوا التصريحات التضليلية لقيادات الكيان وأخذوا منها الجانب الذي يشكك في سوريا تحديداً. وهذا يبين ثلاثة أمور:
إن كثيرين لا يقرأون سوى ما يعجبهم
والأخطر انهم اسرى للعقل الصهيوني بحيث يعتبرون الكيان مرجعيتهم، فيصبحون صهاينة دون وعي [1] وجود علاقة قوية وخفية بين الكيان وقوى الثورة المضادة المحلية: ثوار الناتو من ليبيا إلى سوريا ومن السعودية إلى قطر وصولا إلى قيادات أحزاب تزعم المعارضة وتشتغل لجانب الناتو والحريري…الخ. إن محاولات تبيان أن الكيان يفضل بقاء النظام السوري شبيهة بالزعم أن الولايات المتحدة 1991 حين العدوان على العراق بعد استعادته الكويت قد ارغمت الكيان ان لا يشارك في ذلك العدوان، واعتقد كثيرون أنه لم يشارك! أو زعم تركيا أنها في عدوان 2003 على العراق قد منعت امريكا من استخدام قاعدة انجرليك!
والثاني: الحديث الأخير لسماحة السيد حسن نصر الله مع أنه ترك الباب موارباً بقوله أن مقابل كل بيت هناك بيوتاً سوف تُهدم في اي مكان في الكيان. فقد تحدث عن الجاهزية لدى المقاومة وعن انتهاء حرب النزهة الصهيونية، لكنه لم يجزم بأن : لا حرباً قريبة، بل ركز على توازن الردع وانتهاء فترة العدوان الصهيوني غير المُكْلف.
هل هناك فارق بين إعلان الحرب وبين حرب بلا إعلان، وهو ما يعني أن هناك حرباً بلا جدال فالحديث عن لا حرب، يفترض أن هناك سلاماً، حتى ولو مؤقتاً. فهل هناك سلام؟ يمكننا القول أن لا حرب واقعة الآن بمعنى قيام الكيان بعدوان كما حصل خلال ستين عاماً وآخرها 2006 و 2008-09.
ولكن، لماذا لا يقوم الكيان بعدوان قريب وتجريبي. بمعنى العدوان على غزة ليرى احتمالات مساندة غزة من حزب الله أو إيران، أو سوريا. لماذا لا يكون عدواناً “بروفة” للاستفادة منها في حرب أوسع وخاصة ضد حزب الله؟ وما الذي يمنع الاحتلال من تصفية قطاع غزة إذا ما رأى ذلك ممكناً؟ الا يعني ذلك إزالة جزء من معسكر المقاومة من جهة، وتحقيق نصر ما لرفع معنويات عساكره ومدنييه من جهة ثانية؟
قد لا ابالغ بالقول إن أخطر ما مر على الكيان وعلى الإمبريالية في هذه المنطقة هو وجود حزب الله ودوره. بأكثر من معنى:
فهو هزم الكيان على الأقل بمعنى توقف الكيان عن العدوان بعد 33 يوماً
واثبت أن التدمير الجوي لا يحقق نصراً
وأثبت أن حرب الغوار لا تزال ممكنة هي والبندقية
والأهم أن حزب الله على حافة الوطن المحتل بعكس إيران البعيدة. وظاهرة حزب الله هي العمود الفقري لمعسكر المقاومة الذي لن يطيق الكيان ولا الإمبريالية بقائه، ولا يُخفون ذلك. الا يعني هذا الحقد على حزب الله أنه دافع حرب؟
يفتح هذا الحديث بالطبع على سؤال آخر هو: لماذا لم يقم الكيان والولايات المتحدة والغرب بضرب إيران سابقاً أو حالياً؟ ربما لأن بوسع إيران إيذاء الكيان بعمق، وإيذاء لصوص النفط في الخليج وبالتالي إشعال أكثر للأزمة الاقتصادية العالمية. ومع ذلك قد يجوز لنا الاعتقاد أن الهدف الأول والمفضل للكيان ليس إيران بل حزب الله وسوريا لأن مقتل حزب الله كامن في قتل سوريا أكثر مما هو كامن في ضرب إيران على الأقل حالياً ومرحلياً.

الحرب بالإنابة هي مقدمة وحرب أخطر
ولكن، هل يمكن الزعم بأن لا حرب قائمة الآن؟
طبعاً هذا السؤال يُزعج بُغاث العقول بل وبغاث الموقف الوطني. فالعدوان على سوريا، من الولايات المتحدة وتركيا وفرنسا وقطر والسعودية وبلجيكا ونصف لبنان وليبيا، والعدوان غير المعلن من أكثر الدول العربية، ربما باستثناء الجزائر وحدها وسلسلة أطول من التنظيمات وخاصة الإخوان المسلمين وأجنحة شيوعية وتروتسكية ومثقفين هو عدوان على الوطن وليس على النظام. ألا يمكن لنا فهم هذا العدوان لإنهاك سوريا ومن ثم تسهيل ضربة سريعة من الكيان ضدها؟ أو ضربة عربية تبدأ من لبنان وتتسع، أو ضربة “تعاونية بين الكيان والعربان كما كان ولو معنوياً عام 2006! أما وقد اصبح اللعب على المكشوف جداً، فكل خيانة تنتقل من المحتمل إلى الممكن فالواقع. ولعل المعيار هنا هو ما كتبته في مقالة في نشرة “كنعان” قبل ايام (سوريا: الأصل لأن تبدا وطنياً) بمعنى أن الوطنية إلزاماً، والإيديولوجيا والعقيدة وحتى الدين إختياراً. فمن لا يقلق على الوطن هو خائن بلا مواربة سواء كان فردا أو طبقة أو نظام حكم.
الحرب الحالية بالإنابة اشد من مختلف تلك الحروب، وهي تدور على جبهات عدة. أليست تخمة لبنان بالسلاح وخاصة الشمال هي حرب، وإقامة قواعد للإرهاب في ذلك الشمال هي حرباً؟ ماذا تعني زيارة فلتمان وليبرمان لشمال لبنان غير رفع معنويات حلفاء امريكا هناك وكأنهما إقطاعيان يتفقدان اقنانهم في مكان بلا دولة، وهل لبنان في وضعها هذا دولة!؟ وما معنى زيارتهما للشمال اللبناني بعد اكتشاف باخرة السلاح لطف الله 2 ، ولا شك أن ألطافاً كثيرة سبقتها؟ ولماذا انفجرت الإشتباكات بعد زيارتهما للشمال؟ لا مبالغة في القول ان شمال لبنان هو ثغرة دفرسوار.

حرب الهيمنة الثالثة
كما كتبت غير مرة، أن تجربة العراق وأفغانستان دفعت الولايات المتحدة والمركز عموماً إلى ضرب بلدٍ بأهله وعلى حساب دمائهم كما حصل في ليبيا، حيث يُقتل الليبيون على الأرض بسلاح الليبيين ويبقى المركز ، الناتو في الجو، في تعالٍ إلهي (مع المعذرة) وهو التعالي الذي يهيم به ثوار الناتو هياماً صوفياً وحكام الريع النفطي وحتى من لم تسنح لهم الفرصة بذلك بعد! هكذا تكون الهيمنة الثالثة وهكذا يخطط لسوريا. ورغم أنني لا اقلل من دور روسيا والصين، ولكن لو كان الناتو في قوته وعنفوانه لذبح سوريا، واشفى غليل وغِلَّ مثقفي الناتو العرب والفلسطينيين، بدواً وأوسلويين، وكمبرادور ولبراليين. سامحك الله يا ناتو، (لماذا تخليت عنهم)؟ (نستذكر قول السيد المسيح: إيلوي إيلوي، لما شبشتني؟)
لماذا لا تكون الحرب الدائرة في سوريا هي حرب الهدف منها إسقاط سوريا من الداخل ومن تدفق العصابات إلى سوريا بهدف إرهاق الجيش والدولة والمجتمع كي تسقط من داخلها؟ أو كي تترنح فيأتي الناتو المترنح اقتصاديا ليضرب الضربة الأخيرة وينسب لنفسه “النصر”. طبعاً بعدها سيتم الفتك بسوريا وخاصة بالنساء ، وبعدها بأيام او اشهر او سنوات سيبدأ المثقفون بتدبيج مراثي عن سوريا وعن حق المرأة والأقليات…الخ، في تجديد للنواح على الأندلس أو كما كتب محمود درويش: “يدعو لأندلسٍ إن حوصرت حلبُ”، وهم أنفسهم الذين ينادون الناتو بالتدخل اليوم! ولكن يبدو أن الشعب السوري والجيش والقيادة قد حسموا امرهم بالمقاومة حتى الرمق الأخير، ربما لأنهم لا يدافعون عن وطنهم فقط، ولا يدافع النظام عن وطنه وفقط، بل حتى لو كان يدافع عن مصلحته الطبقية، ولأن الجيش يدافع عن وطنه وأهله، المهم أن الجيش والشعب والقيادة لا يريدون أن يتحولوا الى شهداء يتم البكاء عليهم من أوغاد المرحلة ليسوا مرضى نفسياً يعشقون الموت ظلماً ليكسبوا شعور الضحية وتمثيل دور الشهيد.
وفي هذا السياق، ما معنى مناورات 19 دولة في الأردن وعلى الحدود السورية، وجميع المشاركين أعداء لسوريا؟
وما معنى إعتذار الأردن عن عدم المشاركة ضد سوريا لأنه لا يستطيع تحمل تكاليف الحرب؟ هل يعني انه سيفعل لو كان بوسعه تحمل التكاليف؟
ما معنى تدفق آلاف من المسلحين على سوريا بتنوعاتهم؟ وبتنوعات مصادر تجنيدهم وتدريبهم وتسليحهم وتمويلهم؟
وما معنى ما يقومون به من أعمال قتل وتفجير ؟
اليست هذه حرباً مفتوحة؟

ثم ماذا عن الحرب الفكرية والثقافية والإعلامية
وايضاً، أليست السياسة والثقافة والإعلام والتبعية الإيديولوجية للدين السياسي أو تسييس الدين على شكل إسلامات من تصنيع الوهابية والسلجوقية هي في مستوى من الحرب؟ ما معنى توظيف “الشيعة والسنة” وهذيان الغنوشي والقرضاوي ومُرسي مصر سواء للحفاظ على الكيان او للعدوان على سوريا؟ اليست هذه حروباً؟ أليست ممارسات التطبيع من القصور إلى المخادع، ومن قرض الشعر إلى منح الأكاديميا ومن الاعتراف الإيديولوجي اليساري بالكيان، ومن الكمبرادور المحلي إلى المقاطعة الاقتصادية، اليست حروب في حدها الأدنى تثبيط الهمم؟
هل هناك أدنى أخلاقية من مقارنة حكام السعودية وقطر بل وفخامته وجلالته بقيادة إيران؟ ولنستخدم نفس المعيار: اليست قيادة إيران وطنية؟ أليس هذا من حقها؟ هل تستخدم الدين؟ نعم؟ هل لها أطماع في العراق؟ نعم؟ ولكن من الذي بارك وشارك عام 2003 احتلال العراق ؟ اليس عرب الخليج ومثقفي التصهين المستورين؟ وهؤلاء شيعا ومِللاً ونِحَلاً: قُطريون وإقليميون، ولبرالين وأجنحة ناصرية وتروتسكية وأجنحة ستالينية…الخ .
ماذا تعني كتابات مثقفين وبرامج وإعلاميين تستدعي الناتو لاحتلال سوريا؟
وماذا يعني انشغال مثقفين/ات في الأرض المحتلة بسوريا وهم تحت احتلال ينوي البقاء إلى يوم الله.
أليس هؤلاء مقاتلين مع الناتو وجيش الدفاع الإسرائيلي؟
إن ما يجري هي حرب استنزاف بالسلاح والمال والثقافة والإعلام. هي حرب كونية بلا مواربة. صحيح انها تأخذ شكل الاستنزاف والهيمنة الثالثة، ولذا هي حرب ككل الحروب.

[1]من يقرأ كتابات كثير من المثقفين الفلسطينيين والعرب الذين يعتبرون الكيان الصهيوني احتلالاً ديمقراطياً يعرف ماذا نقصد هنا.

20 أيار 2012
جريدة كنعان الألكترونية

عن prizm

شاهد أيضاً

الحرب على قطاع غزة أمام لحظة فارقة…

21 شباط 2024 أنطوان شلحت ليس من المبالغة القول إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *