الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / “حزب الله” يفكّك رسالة بئر العبد

“حزب الله” يفكّك رسالة بئر العبد

“حزب الله” يفكّك رسالة بئر العبد
علي ضاحي

ربما تكون من باب المصادفة ان يخرج نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم بأول موقف رسمي بارز من الحزب حول سيارة بئر العبد المفخخة، مع تمكن جهاز امن المقاومة من توقيف احد المتورطين امس وتسليمه الى مديرية المخابرات بعدما كانت القوى الامنية كافة كثفت تحرياتها بعد وقوع الحادثة واثمر الجهد الامني عن بعض الخيوط التي تساهم في فك لغز الجهة التي تقف وراء التفجير.
رغم التكتم على سير التحقيقات الا ان الاولية منها اشارت الى ان الجهة المنفذة ترصد منذ مدة طويلة المكان المستهدف وهذا يعني ان احداً ما عاونها من داخل المنطقة ومحيطها، وتحولت الانظار مباشرة الى بعض السوريين الموجودين في المنطقة ممن تغيرت توجّهاتهم السياسية مباشرة بعد اعلان الحزب خوضه رسمياً القتال في سورية مع عدم استبعاد مجموعة من الفرضيات الاخرى. فالمستفيدون من ارباك المقاومة في عرينها كثر وليس فقط المعارضة السورية او الجهات التكفيرية والارهابية. اللطف الالهي كان حاضراً في عملية التنفيذ فعدم سقوط شهداء خفف من وهج تأثير الصدمة العاطفية والانفعالية والغريزية، ولو سقط الـ53 جريحاً شهداء لكانت الرسالة ستكون دموية اكثر منها معنوية.

كثر تحدثوا عن نجاح الجهات المنفذة في تأكيد انها قادرة على الوصول الى اي مكان حتى الى الدائرة الضيقة في حزب الله وهذا يعني ان لا اهداف من بشر او حجر عصية على المنفذين فكان اختيار المكان للدلالة على قدرة الاختراق رغم الاجراءات الامنية المشددة التي كان باشر امن المقاومة تنفيذها وهو ما ساهم في تضييق حركة الارهابيين ومنعهم من التحكم بالهدف والاستفادة من وقت كبير لتنفيذ العملية.

وكان سبق اعلان الحزب بأشهر القيام بمسح شامل لجميع القاطنين السوريين في الضاحية والقرى الجنوبية والبقاعية فتم التأكد من هوياتهم واماكن سكنهم والتدقيق فيها وعدد القاطنين في المنزل الواحد واعمارهم وعدد الاطفال وطريقة معيشتهم وكان الهدف من هذا الاحصاء قيام الجهات الانسانية والاغاثية بتقديم المساعدات الى اللاجئين من حصص تموينية ومأكل ومشرب وأدوية وارتكز حجم المساعدات على الكشوفات التي اجريت وتمت مساعدة بعض العائلات بعينات مادية نظراً لحالة الفقر الشديدة. بعدما كثرت تهديدات المعارضة السورية بنقل الحرب الى لبنان واستهداف المناطق الشيعية ومراكز ومؤسسات وافراد “حزب الله” توقعت قيادة الحزب اسوأ السيناريوهات ووضعت لكل سيناريو مخططاً وطريقاً للمعالجة، استهداف الشياح ومار مخايل بصاروخي عيتات جعل اولويات الحزب الامنية تتغير فتقدم سيناريو “تنظيف الساحة” او البيئة الحاضنة وتم استجواب بعض “المتعاطفين” السوريين مع المعارضة السورية في الضاحية وفي بعض القرى الشيعية الجنوبية وخصوصاً بعض الشباب الذين عبروا عن رغبتهم في الانتقام بعد سقوط اقرباء لهم قتلى في القصير وحمص فتم ترحيل بعض المشبوهين والمتورطين في بعض الاعمال التحريضية ضد المقاومة وجمهورها خارج هذه البيئة من دون ان يتم التعرض لهم او لاقربائهم بأي سوء فمنهم من يتواجد في هذه البيئة منذ سنوات وليس وافداً حديثاً اليها.

في الشق المحلي من القراءة السياسية والامنية لحادثة تفجير بئر العبد وكما جرت العادة بادرت القوى المتخاصمة مع “حزب الله” وجهاده في سورية الى تحميله مسؤولية استجلاب رد الفعل السوري المعارض والمعاكس بعد تدخله في ازمتهم الداخلية ومناصرته النظام على حسابهم، لكن الحزب لم يعر اهتماماً لسجالات من نوع كهذا لان من شأنها صرف نظره عن المحرك والباعث والممول والمساهم في نجاح عمليات مماثلة يصعب ضبطها او حصرها او التنبؤ بمكان وتوقيت وقوعها فلا يمكن التيقظ المتواصل والحرص الامني في اماكن جغرافية متباعدة ومترامية، الاطراف لذلك فإن نظرية الخرق واردة في اي لحظة وفي اي مكان لكن الهم الاساسي لقيادة الحزب هو البيئة الحاضنة او جمهوره الآمن في حياته اليومية وتوفير ظروفه المعيشية فمن شأن هذه التفجيرات ان تحد من حركته وان تبقيه تحت وطأة القلق والحذر والترقب والخوف على المصير ومصير العائلة. ما زال الحزب مقتنعاً ان الارهابيين والتكفيريين سيستهدفونه ولن يتركوه وشأنه حتى ولو لم يذهب لقتالهم على ارض سورية لانهم صنيعة اميركا واسرائيل وعشرات الاجهزة الغربية التي تريد القضاء على الحزب ومنظومته المقاومة.

الحديث عن الاثمان التي دفعها حزب الله خلال مسيرته النضالية الطويلة ضد الاحتلال الاسرائيلي طويل وحاضر في ثقافة وادبيات الحزب وجمهوره وهو مهيأ اليوم لخوض اي معركة تدبر ضده للحفاظ على وجوده مهما كانت وجوه هذه الحرب او الجهات التي تقف وراءها مواربة او صراحة وهو لم يعد في حاجة الى وسائل لاقناع معارضية او مهاجميه فلم يكن يوماً مشروع المقاومة او سلاحها مشروعاً جاذباً او مربحاً او يمكن الاستثمار فيه فهو طريق لا يمكن لسالكه العودة الى الوراء مهما كان الثمن وهكذا حزب الله وجمهوره لن يعودا الى الوراء.

13 تموز 2013

موقع بانوراما الشرق الأوسط

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *